د. عبد الوهاب الروحاني - أن تتفق كل القوى الوطنية في الساحة اليمنية على أن الحوار الوطني "العام والشامل"، هو المخرج العملي من الأزمات التي تعيشها البلاد، تلك هي الخطوة الأولى في مسافة الألف ميل المطلوب تجاوزها، ولكن الأمر الذي لابد من التأكيد عليه، هو أنه لا يمكن الترتيب بداية، لإجراء حوار وطني جاد ومسؤول يفضي الى نتائج إيجابية بين أطراف العملية السياسية في البلاد، بمعزل عن مشاركة تكتل المعارضة في "اللقاء المشترك" .
ذلك لأن "المشترك" الذي يضم أحزابا فاعلة ومؤثرة في الساحة السياسية ، دخل في حوارات عملية وناجحة في فترات مختلفة مع المؤتمر الشعبي العام، حول قضايا وضوابط الحوار، وبالذات خلال الأعوام (2006،2007،2008م) ثم
إتفاق فبراير2009م، الاّ أن التنافر الحاد في المواقف تجاه مختلف القضايا (السياسية والأمنية والأقتصادية والدستورية) ظل هو سيد الموقف، بما في ذلك الموقف من قضية "الحراك السلمي" في المحافظات الجنوبية والشرقية، وأيضا
حرب تمرد الحوثيين التي كانت مواقف السلطة والمعارضة بشأنها شبه متقاربة حتى مجيء الحرب السادسة في اغسطس 2009م، التي افترقت عندها الأراء والتوجهات، ليس فقط بسبب تأخر عملية الحسم العسكري، وكثر الخسائر البشرية
من بين افراد الجيش والمواطنين وأعمال التخريب والدمار والكوارث الإنسانية التي سببتها الحرب، وإنما أيضا، لإعتقاد يسود في أوساط "اللقاء المشترك" أن هناك اجندة خاصة لدى قيادة الدولة في الحرب التي تذيكها وقتما تشاء وتوقفها وقتما تشاء.
وظل "المؤتمر" ينظر الى أحزاب اللقاء المشترك بكونها ضليعة في تأزيم الوضع السياسي والإقتصادي في البلاد، من خلال التحريض والتعبئة ضد السلطة عبر فعالياتها المختلفة، فيما ظلت أحزاب المعارضة تكيل التهم للسلطة، وتعتبرها المسؤولة عن هذا التأزيم ، وتشعر في نفس الوقت أنها مغيبة وبعيدة عن كل ما يجري في الساحة، وأن قيادة المؤتمر تسعى لتحويل كل أحزاب المعارضة الى "ديكور ديمقراطي"، يمكن تفكيكها بالحوارات الإنفرادية حينما تشاء وكيفما تشاء ، الأمر الذي اندفعت معه المعارضة الى وضع ضوابط محددة و(مُحصِّنة) للحوار مع الدولة والمؤتمر، كما وضعت آليات لأنشطتها،ولتدوير السلطة بداخلها، من رئاسة وممثلين وناطقين رسميين..الخ ، الأمر الذي اعتبرته قيادات في المؤتمر الشعبي العام تحديا صارخا لإرادة النظام،وتطورا مخيفا في نشاط المعارضة.
وقد استطاعت أحزاب "اللقاء المشترك" - فعلا- أن توحد نشاطها، وبإيقاع مثل حدا كبيرا من التماسك والثبات، وصل ذروته أثناء الإنتخابات الرئاسية الأخيرة 2006م، الأمر الذي صعب معه على المؤتمر الشعبي العام إختراق التكتل أو كسب وإحتواء ولاءآت بعض أعضائه - كما كان يحدث في السابق- وهو مالم يكن في توقع وحسبان قيادة المؤتمر، ما دفع الى مزيد من المكايدات السياسية والإعلامية والتخندق كل من موقعه، وكل بأدواته وبإمكاناته .
لم تقف الأزمة السياسية عند ذلك الحد بل أتخذت أبعادا جديدة من أوجهالصراع تمثلت باللعب بأوراق (أمنية، مناطقية، مذهبية، قبلية، عنصريةوسلالية)، شكلت منحدرا خطيرا في الأزمة، وأوصلتها حد الإنسداد الفعلي،رغم محاولة التقارب عبر توقيع إتفاقيات نمطية لم يلتزم بها أحد كما اشرناالى ذلك سلفا.
والمشكلة الرئسية التي تظهر مابين الوقت والآخر في علاقة المؤتمربـ"المشترك" هي تجاوزات مايتم الإتفاق عليه بين الطرفين، ولعل إتفاقفبراير2009م أبرز مثل على هذه التجاوزات أو الخروقات التي تمت ، وتمثلت-برأيي- في النقاط الأبرز التالية: