shopify site analytics
اجهزة الامن في تعز تبحث عن مسلحين هددوا زيد النهاري بالقتل - حادث جديد يضرب طائرة من طراز "بوينغ" أثناء تحليقها في السماء (فيديوهات) - شاهد.. لحظة اصطدام سيارة الوزير الإسرائيلي المتطرف بن غفير وانقلابها - هوغربيتس يحذر من زلزال قوي خلال 48 ساعة - هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحال - مقتل 4 يمنيين وجرح آخرين في هجوم استهدف حقل غاز في العراق - تدشين إختبارات الثانوية العامة بمديرية عتمة بذمار - القحطاني يكتب: الوطن الذي نحلم به.. ليس انشودة وزامل أو شعار - إتلاف أكثر من طن ونصف من الأسماك الفاسدة في إب - مؤامرة استعمارية تهدف الي اشعال الحرب بين ليبيا وتونس -
ابحث عن:



السبت, 24-ديسمبر-2011
صنعاء نيوز - قرأتُ للتو آخر تقارير الأمم المتحدة الصادر قبل أسابيع عن التنمية البشرية المعنون بـ"الاستدامة والإنصاف من أجل مستقبل أفضل للجميع" صنعاء نيوز/سناء مبارك -

قرأتُ للتو آخر تقارير الأمم المتحدة الصادر قبل أسابيع عن التنمية البشرية المعنون بـ"الاستدامة والإنصاف من أجل مستقبل أفضل للجميع" وأعجبتُ جداً بالمعايير الدقيقة التي استخدمت في التقييم وكيف اعتمدت وبشكل صريح على الربط الوثيق بين مستقبل العيش في هذه الأرض وبين مستوى إدارة الموارد البشرية لتحقيق المساواة بين الجنسين أولاً ومن ثم بين الفئات الإجتماعية ككل من أجل تقليص الفوارق المختلفة.
يعني بعبارة "أشيك": فوارق أقل = مستقبل أفضل
154 هو ترتيبنا من بين 179 دولة أجريت عليها الدراسة حول العالم..في كل التقرير اسم اليمن موجود مع كل سطر ذُكرت فيه عبارة مُحبطة وتشير إلى الأسفل، أعلم أنه شيءٌ مؤسف وسيئ للكثيرين ولكني أظن أيضاً أنه جدّ متوقع للأغلبية.
دعكم من الفوارق الضخمة بين الشمال والجنوب والوسط، وبين الأفراد والمؤسسات في توزيع الموارد والفرص في اليمن، وركزوا إذا سمحتم على الفوارق المهولة وغير المبررة الواقفة دون المساواة بين الجنسين..سأركزُ عليها بدوري هنا، لأني أعتقد جازمة أن هذه النقطة بالتحديد نمتلك نحن كشعبٍ ومجتمعٍ كل خيوطها بعيداً عن خيوط أرجوزات السياسة والمال المتحكمين في باقي الفوارق أعلاه.
هالني بعد حفل توزيع جوائز نوبل والمينيرفا مباشرةَ كيف انفجرت "حنفية" من التعليقات الذكورية الصاعقة؛ اعتمدت بالتحديد على المقارنة بين الشكل الذي ظهرت به الثائرة الرائعة توكل كرمان واعتبره البعض أنه راعى "التراث"، والشكل الذي ظهرت به استاذتنا القديرة أروى عثمان واعتبره البعض تنصُّل من "العادات" و"التقاليد" و"التدين".
يعني حباً بالله؛ منذ متى أصبحت العباءة السوداء تراثاً؟ ومتى جعلتم من الشكل والمظهر مرجعية لتقييم الأشخاص؟ ولماذا معاييركم المشوهة هذه تسري على النساء دون الرجال؟
يا إخوان؛ إذا كان الله ـ وهو الأعلم والأحكم ـ لا ينظر إلى أشكالنا وهيئاتنا بل ينظر إلى قلوبنا وأفعالنا، فمن يعتقد هؤلاء الأوصياء على النساء أنفسهم حين يشوهون إنسانيتنا بهذه الطريفة المهينة لكل القيم التي نحتاج أن نضخّمها في عقول وأرواح السيدات الشابات في بلد يحتاج لكل قطرة همّة واستنهاض لأنه بالفعل بلد عقيم إلا من عقول صدئة وقليل من الأمل المُهاجم؛ في الغالب.
ليس المجتمع الذكوري المتصلب وحده السبب في عمليات السلب التام لحقوق النساء وحقهنّ في إدارة حياتهنّ، أفكارهنّ، نشاطاتهنّ، ودورهنّ التنموي والأسري، بل هنّ أنفسهنّ من سمحنّ وتهاونّ واتخذنّ موقعاً استراتيجياً للخنوع للإرادة الذكورية في كل شيء، حتى لم يتبق للغالبية الساحقة من اناثنا أي فرصة للتعبير عن رغباتهنّ، لممارسة حقهنّ الشرعي في الاختيار بين الخطأ والصواب، الحق في أن يضعنّ لأنفسهنّ ضوابط نابعة من داخلهنّ وبقناعاتهنّ الصرفة.
تولد الفتاة في مجتمعاتنا فيؤذن في أذنها بقائمة الممنوع والعيب، اللوازم والضوابط تحت شعارات العادات والتقاليد والدين الذي يراه كل رب عائلة بطريقته الفردية القاصرة، فبدلاً من أن نعلّم فتياتنا ان يبحثن عن الحقيقة التي ترضي ضمائرهن وإنسانيتهن، نحوّلهن إلى "ريبوتات" بشرية تنفذ وتطيع وتمشي في خريطة طريق مرسومة لها سلفاً.
في مجتمعاتنا قدرات نسائية مدهشة بكل ما تعنيه الكلمة، هناك مواهب، وإبداعات ورغبات في التميز والانطلاق والخدمة، كلها أسيرة الأدراج المغلقة فقط لآن صاحباتها آثرن الرضا الذكوري على حساب الرضا الذاتي.
أتذكر عندما بدأنا في العمل بمؤسسة رواق الثقافة والإبداع في القاهرة كنا نتسول المشاركات النسائية تسولاً، تحدثنا بطريقة ودية مع كثير من الطالبات اليمنيات في القاهرة، اصطدمنا بمخاوف كثيرة من أبرع فتياتنا كلها تدور حول أن الظهور البارز سيكون ثمنه خفوتاً مقابلاً في الإقبال على الارتباط بهن..أقسم أن هذا الجواب سمعناه "بالمفتشي" والأصدقاء في الرواق سيشهدون على القول إن أصابكم بعض الشك!
إذا كانت هذه الأفكار متداولة في مجتمع النُخب فما بالكم في مجتمعات السيادة الذكورية والخنوع الانوثي هناك في اليمن، حيث كانت صدمتي لا تضاهيها صدمة إثر عودتي من القاهرة إلى عدن بعد سنوات دراسة طويلة.
رأيتُ تبدّلاً كاملاً في الشكل والمضمون في مجتمع الشابات العدنيات وهو المجتمع الذي كان قبل عقود من أكثر المجتمعات العربية تصديراً للكفاءات والحريات والمبادئ الخلاّقة (طبعاً على كثر التشويه والتسفيه والإسفاف الذي تم تصديره لعقول اليمنيين في الشمال طيلة السنوات الفائتة عن هذا المجتمع الرائد)، أما الآن فقد توشح بالكثير من السواد الخارجي والداخلي.
قد لا يعنيني كثيراً السواد الخارجي ـ ولو أنه مأساة في حد ذاتها ـ ولكن يعنيني كثيراً السواد الداخلي والظلام الفكري والمعرفي وحتى الأخلاقي الذي جثم بكل ثقله على جزء أهم ما يكون من كفاءات المستقبل.
أصبحت موارد ضخمة من الطاقات النسائية مهدورة في اهتمامات سطحية وتوافه ونميمة وهواجس عاطفية..لم أكن لأصدق فعلاً أن حوالي 90 % من نسائنا لا يكدن يقرأن، ولا يواكبن ما يحدث في العالم، ولا يبالين بشيء تقريباً من العمل العام والتنموي حتى عدتُ ورأيتُ ذلك بنفسي.
نعم؛ في الثورة تحلّلت بعض هذه القيود ورأينا النساء يشاركن بشكل مقبول نسبياً في العمل الثوري، ليتكشّف لنا فيما بعد أن جزءاً كبيراً من هذه المشاركة كانت لصالح الحشد الحزبي المنظّم، الذي كان يناسبه تماماً أن تحرق النساء "مقارمهن" استثارةً للحمية الذكورية في عملية رجوع خلفية وبسرعة الضوء نحو القرون الجاهلية، وكان يناسبه جداً أيضاً أن تقبع الثائرات في ساحات التغيير خلف حواجز وعوازل رضين لأنفسهنّ بها قبل أن ترضى لهن بها الوصاية الحزبية "الذكورية" لثوريتهنّ.
في الفترة التي تكوّنت فيها الدولة المستقلّة في الجنوب بعد ثورة اكتوبر والجلاء، وعتْ النساء آنذاك دورهنّ المفصلي في بناء الدولة الوليدة، تعلّمن وزاحمن في كل المجالات، ساعدهنّ وقتها الرجال الذين تشبّعوا بالقيمة العالية للثورة والاستقلال والمدنية، رُفع شعار "احراق الشيذر واجب"، ـ الشيذر في اللهجة اليمنية يعني قطعة القماش الأسود الذي تلتف به المرأة فلا يظهر منها شيء، كان منتشراً في الجنوب اليمني، وظهرت حملات لحرقه بعد الاستقلال ـ حتى أن المناضل الكبير حسن باعوم كان يهتف به حينها في شوارع المكلا..حمل هذا الشعار الكثير من المفاهيم الأوسع من مفهوم الشيذر وتحريقه بالطبع، حمل معنى التحلل من قيود الواقع الصلف، والإقصاء الشاذ لحق المرأة في اختبار الحياة تماماً كما يختبرها الرجل لأنها في النهاية حياتها التي لن يكون مسؤولاً عنها غيرها.
أعتقد أننا اليوم ونحن في صدد بناء دولة مختلفة؛ أحوج ما نكون لأن نرفع شعار إحراق الشيذر هذا بمعناه المعنوي الرائع، لعله سيكون إحراقاً للقيود السوداء، إحراقاً للتدخل الذكوري في اختياراتنا وشؤوننا، إحراقاً للسماح بمحاصرتنا بمقايضات بذيئة تنص على أن "نختفي ونتكوّر" في مقابل أن يكف البعض عن جلدنا بالتشكيك والتشهير والخدش أو حتى التعرية في ميادين النضال كما يحدث اليوم في قاهرة المعز أو كما تم الاعتداء على ناشطات في ميادين التغيير في بلدي.
احرقوا هذا الشيذر "المعنوي" الآن، أرجوكم!
* [email protected]
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد

ملخصات تغذية الموقع
جميع حقوق النشر محفوظة 2009 - (صنعاء نيوز)