shopify site analytics
تسلحت بأحمر شفاه مسموم.. قصة أميرة مسلمة - إصابة 8 عسكريين في قصف إسرائيلي استهدف سوريا - المشروب الكحولي الأقل ضررا للكبد - بيان للسفير الأمريكي لدى اليمن - انتلجنس: الإمارات تجري مسحاً فضائياً لجزيرة سقطرى - لاخير في مجلسنا وبقيع إمامنا الصادق مُهدّم . - رئاسة مجلس الوزراء يكرم مدير عام مستشفى الامل العربي بالحديدة - سفرة إلى الماضي، بانوراما من وحي خيال الكاتب. - مسابقة أميركية تكرّم المصورين الصحفيين العالميين - الدشتي يكتب : خروج السفراء عن البروتوكولات الدولية "شذوذ" -
ابحث عن:



الأربعاء, 28-أكتوبر-2009
صنعاء نيوز - جرآة الأمل.. باراك أوباما صنعاء نيوز- محمد الكهالي: -
محمد الكهالي:
السنوات فعلت فعلها أيضاً. بعضها لا وظيفة لها سوى أن تحسب من أعمارنا، فكل سنة تجعلنا أكثر تعوداً على أخطائنا وألفةً مع عيوبنا، نقاطنا العمياء، وعادتنا في التفكير، الخلفية أو المكتسبة، التي تزداد سوءاً بمرور الزمن حتماً، مثلما تتحول الوخزة الخفيفة في الساق عند المشي إلى ألم ممض في الورك. لقد سبب أحد هذه العيوب والمثالب قلقاً مزمناً لي: عدم تقديري للنعم والآلاء التي أراها أمامي حتى لو كانت الأمور تسير على خير ما يرام. أعتقد أن هذه النقيصة تصيب بدائها الحياة الحديثة، وهي متوطنة أيضاً في الشخصية الأميركية، ولا تبدو أكثر وضوحاً منها في ميدان السياسة، لكن ليس من الواضح، هل تشجّع السياسة هذه النزعة فعلاً أو تكتفي بمجرد جذب أولئك المصابين بها؟
قال أحدهم ذات مرة: إن كل إنسان يحاول إما الارتقاء إلى مستوى توقعات أبيه أو تفادي أخطائه، وأفترض أن ذلك ربما يفسر العلة لديّ إضافة كل شيء آخر".
هذا القلق الذي يسجله باراك أوباما في كتابه "جرأة الأمل" وعمله في سلك المحاماة والتنظيم الاجتماعي، وقدرته على الاستماع لمن حوله كانت دوافعه لخوض غمار المنافسة السياسية في انتخابات مجلس الشيوخ والدخول إلى معترك الحياة السياسية الواسع الذي كان يرى الكثيرون ممن قابلهم في حملته أنه رجل صالح لا يصلح أن يدخل ذلك المعترك القذر والكريه.
هذه الصورة التي أثبتها في تمهيده لكتابه هذا الصادر عام 2006 وضع لها تفاصيل أخرى في نهاية الفصل الأول بقوله: "أحسب أن عامة الأميركيين في انتظار سياسة تتمتع بما يكفي من النضج للموازنة بين المثالية والواقعية، والتمييز بين ما يمكن وما لا يمكن التنازل عنه، والاعتراف باحتمال أن يكون الطرف الآخر على صواب في حجته".
من هنا ومن كون الكتاب سجلا حيا لتفاعله مع الجمهور والناس بشكل مباشر، تنبع في اعتقادي أهميته وخاصة أن الرجل أصبح رئيساً للولايات المتحدة الأميركية بعد أن كانت جرأة الأمل لا تتجاوز مجلسي الشيوخ والكونغرس.
يحتوي الكتاب على تمهيد للمؤلف يمكن وصفه بسيرة ذاتية وصورة حسيّة عن الذات والمشاعر والحياة والعمل والتجربة السياسية والموقف الشخصي والفكري من السياسة والأحزاب وآليات عملها وتعاملها مع المتغيِّرات وفلسفة العمل من أجل الآخر.
يلي هذا التمهيد تسعة فصول وخاتمة وكلمة شكر نسجت جميعها رؤية خاصة وفلسفة مغايرة للواقع والسائد في الولايات المتحدة، وخاصة لدى النّخبة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وقد بدأت هذه الرؤية التي ترسمها فصول الكتاب في إتيان ثمارها سريعاً في حقبة أوباما الرئيس.
أما لغة الكتاب فهي سلسة وأسلوب تحريره شيق وممتع إزاء القضايا الحساسة في الداخل الأميركي من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية إلى آليات العمل السياسية والأفكار المتطرفة والعنصرية.
بوصفه رئيساً، يتصدى باراك أوباما لإنجاز مشاريع هامة في الداخل الأميركي مثيرة للجدل وكثيرة الكلفة على رأسها إصلاح النظام الصحي والتعليمي، والسياسي وهي المواضيع التي تناولها في الفصل الأول من الكتاب بالنقد والتحليل وطرح الحلول إزاء التعللات الواهية في سبيل مواجهتها.
ويحمل هذا الفصل رؤية أوباما حلول الإرهاب الدولي، واصفاً إياه بالصراع المسلح وحرب الأفكار التي لا تتطلب الإفراط في استخدام وتوظيف القوة وجعلها الخيار الوحيد الممكن التعاطي معه بمعزل عن كل القوى الأخرى المحيطة بأميركا، كما أن على أميركا مسؤولية التصدي لمشكلات الفقر في العالم، والدول الفاشلة كأمر حيوي لمصالح الأمة الأميركية، وليس مسألة إحسان أو صدقة.


وفي إطار رؤيته الجديدة للأفكار والمعتقدات، يوجه أوباما نقداً للدين بوصفه أداة سياسية لزيادة الفرقة ويقول: "نعتقد أن الدين مصدر للراحة والفهم، لكننا نجد تعبيراتنا عن الدين تزرع بذور الانقسام؛ نظن أننا قوم نتصف بالتسامح، حتى حين تهيمن على المشهد التوترات العرقية والدينية والثقافية العاصفة. وبدلاً من حل هذه التوترات أو التوسط لتسوية هذه الصراعات، تعمل سياستنا على تأجيجها، واستغلالها، وزيادة الفرقة بيننا".
يأتي الفصل الثاني من الكتاب تحت عنوان "القيم"، وفيه يسجل أوباما موقفه الناقد بحدة دوماً لإدارة جورج بوش في ما يخص السياسة الداخلية والخارجية، مؤكداً على موقفه من غزو العراق بأنه خطيئة باهظة التكلفة.
ويعرض في هذا الفصل للتساؤلات الجوهرية حول القيم الأساسية التي يتقاسمها الأميركيون؟ معتبراً أن لغة القيم هي التي يستخدمها الناس لرسم خريطة عالمهم، فهي التي تلهمهم اتخاذ الخطوات العملية وتدفعهم إلى التحرك خارج عزلتهم.
ويقدّم في هذا السياق شرحاً للقيم المتأصلة في الحياة الأميركية والشخصية الأميركية القائمة على توليفة ثنائية –فردية وجماعية- واستقلالية وتضامنية، ووقوعها في دائرة التوتر المسيطر عليه بذات منظومة القيم المحمية بدور الدستور المجمع عليه، والقانون القادر وحده على إثبات صحة وصوابية القيم، وهنا يبرز كما يقول دور السياسي، والمثقف والمفكر والناقد لحث القيم وتحريكها وكشفها وإنعاشها، وتعزيز ثباتها إلى حد مذهل عبر الطبقات والأعراق والأديان والأجيال، يمكننا أن نطالب بحقوقنا باسمها، مادمنا نفهم أن من الواجب اختبارها إزاء الحقيقة والتجربة، ونتذكر أنها تتطلب الأفعال لا الأقوال فقط.
يقدم الفصل الثالث المعنون "دستورنا" عرضاً شيقاً للخلفية الدستورية والقانونية في الولايات المتحدة الأميركية والإشكاليات الناتجة عن إستراتيجية المماطلة والتسويق التي ينتهجها بعض الشيوخ في سبيل عرقلة أو إحباط بعض القوانين التي قد لا تروقهم على المستوى الشخصي أو عند ما تصبح هذه الوسيلة لعبة سياسية بين الأحزاب، كما يعرض لجوانب القصور التي شابت الدستور عند التأسيس فيما يخص بعض الأعراق.
أما الفصل الرابع المعنون "السياسة"، فيحدد نهج أوباما السياسي القائم على الاتصال المباشر بالأهالي والحوار مع مختلف الناس والفئات العمرية والمهنية وهو النهج الذي يلمسه القارئ في كل فصول الكتاب وفي كل أعمال أوباما.
ويوضح أوباما أن نتائج التصويت في الانتخابات تتم خارج الضمير تحت تأثير الحملات الانتخابية أو الاستطلاعات أو الولاء للحزب، إذ برأيه أن "معظم خطايا السياسة مشتق من هذه الخطيئة الكبرى الحاجة الماسة للفوز وضرورة عدم الخسارة"، ويأتي الإعلام ليصنع تأثيره بصور شتى وأشكال عديدة في السياسة، وخاصة الصحافة الحزبية التي ينتقدها أوباما واصفاً إياها بعدم معرفة الخجل أو التردد. ويقول: "يصعب إنكار حقيقة أن الغضب والصخب وتضخيمهما عبر التلفزيون والانترنت يزيدان خشونة وفظاظة وابتذال الثقافة السياسية، ويهيجان المشاعر ويساعدان على تنامي الشك والريبة، ويمكن للنقد اللاذع القارس المتواصل أن ينهك الروح ويرهق النفس". وبعد أن يورد أوباما في هذا الفصل العديد من الاستشهادات في المجال السياسي والعوامل المؤثرة فيه يخلص إلى سجية الشجاعة التي يعيد تحديدها إلى الرئيس جون كنيدي "كلما طالت مدة بقائك في معترك السياسة يجب أن يسهل عليك التمكن من هذه الشجاعة، لأن التحرر يأتي حتماً من إدراك حقيقة أنك لا بُد أن تغضب بعض الناس مهما فعلت، وأن الهجمات السياسية ستشن عليك مهما كنت حذراً في التصويت، وأن الحكم الحصيف المتروي قد يعد جبناً، وتعد الشجاعة نفسها خطة أنانية محسوبة للحصول على المكاسب والمغانم".
ويخصص أوباما الفصل الخامس للحديث عن الفرصة بلغة ذكية، فهو ينطلق من تطور عمليات النقل والسفر عبر الجو ليدخل فيما يؤمن به قوةً عظيمة تحدث التحول الحقيقي في العالم اليوم؛ قوة المعلومة والبحث والتواصل عبر شبكة الانترنت، ذات الشبكة التي مكنته من جمع أكبر رقم من التبرعات لصالح مرشح رئاسي أميركي بعد سنتين من تأليفه هذا الكتاب.
يتحدث في هذا الفصل عن زيارته لمركز غوغل، ويقول قرب نهاية الجولة شاهدته غرفة تدور فيها صورة ثلاثية الأبعاد للكرة الأرضية على شاشة مسطحة كبيرة وطلب من مهندس أميركي شاب هندي الأصل شرح الصورة، قال المهندس "تمثل هذه الأضواء جميع عمليات البحث التي تجري الآن في العالم، ويجسد كل لون لغةً مختلفة، فإذا حرك زر العرض لعملية أخرى نستطيع رؤية حركة المرور في نظام الإنترنت في كل أنحاء العالم".
الصورة أخاذة ومذهلة تستحوذ على الانتباه، إنها باعتقادي المراحل المبكرة لعملية ارتقاء متسارع حيث تختفي الحدود القائمة على الجنسية والعرق والدين والثروة بين البشر وتصبح غير ذات صلة".
كما يعرض لمشكلة خطيرة تواجه المجتمع الأميركي، وهي انخفاض الطلاب الأجانب بعد أحداث سبتمبر، مشيراً إلى أهمية الاستثمار في التعليم والعلم والتقنيات الحديثة والطاقة لتقوية القدرة الأميركية على المنافسة، وإقامة عقد اجتماعي أميركي جديد، وما يتطلبه ذلك من إجراءات وكلفة.
في خطاب القسم بعد انتخابه رئيساً للولايات المتحدة الأميركية كان أوباما أول رئيس أميركي يقول إن أميركا بلد تتعايش فيه الأديان الثلاثة؛ المسيحية واليهودية والإسلام.
في الفصل السادس من الكتاب الذي خصصه للحديث عن الدين يتحدث عن العلاقة الشخصية له به، وتعايشه في بيت والدته مع القرآن والإنجيل والتراتيل الهندوسية، ويقول عن والدته: "على الرغم من علمانيتها إلا أنها كانت أكثر امرأة روحانية عرفتها، فقد امتلكت دافعاً غريزياً لا يحيد عن الطيبة والخير والحب، وقضت معظم حياتها تتصرف وفقاً لتلك الغريزة حتى لو سببت الضرر لها، عملت بقوة ودأب على غرس القيم التي يتعلمها العديد من الأطفال في مدارس "الأحد" بداخلي، الصدق والأمانة والتعاطف مع الآخرين والانضباط وتأخير الإشباع والجد والاجتهاد، وكان يغضبها الفقر والذل، وتزدري كل أولئك الذين لا يبالون بهما".
كما يركز في هذا الفصل على طبيعة المجتمع الأميركي المتديّنة، وارتباط الدين بكل أنواع الحراك في المجتمع وثقته المطلقة بالقاعدة الذهبية التي تقول "عامل الآخرين كما تحب أن يعاملوك".
"أعتقد أن جزءاً من نبوغ وعبقرية أميركا تجسد دوماً في قدرتها على امتصاص وتمثل القادمين الجدد، وتشكل هويّة وطنية من المهاجرين اليائسين الذين يصلون إلى شواطئنا. ساعدنا على ذلك دستور تضمن في جوهره وصميمه على الرغم من خطيئة الرق التي لطخته –فكرة المواطنة المتساوية أمام القانون، ونظاماً اقتصادياً أتاح أكثر من أي نظام آخر الفرصة لجميع القادمين بغض النظر عن مكانتهم أو لقبهم أو رتبتهم".
يلخص هذا الاقتباس من الفصل السابع من الكتاب المعنون "العرق إيمان أوباما بروح أميركا القائم على التعددية العرقية"، مستخدماً ذلك منطلقاً لنقد التمييز العنصري الذي ما زالت أميركا تعاني منه في أشكال وصور مختلفة إزاء السود والمهاجرين اللاتينيين والآسيويين والتمييز في الأجور.
ويرسم أوباما في الفصل الثامن "العالم فيما وراء حدودنا" ملامح السياسة الخارجية الأميركية المطلوبة لإصلاح مسار العلاقات والأفعال الأميركية خارج الحدود لتجاوز القوة العسكرية، وتبني إجماع دولي لمواجهة كل المخاطر العابرة للحدود، ويؤكد على أن غزو العراق كان عملاً أخرقاً وطائشاً ومنتهكاً لسيادة بلد إسلامي زاد من الاحتقان ضد أميركا.
ويعتبر مفهوم الفوضى الخلاقة في سياسة بوش طريقاً لخلق مزيد من الفوضى، وأن الديمقراطية لا يمكن أن تنتج عبر فوهات المدافع.
ويمكن أن يدلنا الاقتباس التالي عن القناعة التي تألفت لدى أوباما حول القضية الفلسطينية: "نظرت من موقع مشرف على القدس إلى المدينة القديمة وقبة الصخرة، حائط المبكى وكنسية القيامة، وفكرت بألفي سنة من الحروب التي شُنت في هذه البقعة الصغيرة من الأرض وتأملت ملياً عبثية الاعتقاد بإمكانية حل هذا الصراع في عصر جيلنا الحالي، وقدرة أميركا على الرغم من قوتها الكاسحة على تحديد مسار الأحداث في العالم".
تنتهي فصول الكتاب نهاية عائلية، في بدايتها الكثير من الحميمية عن الأسرة والشخصية والكيان المتماسك للأسرة الأميركية، وكأنه يريد أن يعطي ملمحاً لما يجب أن تكون عليه هذه الأسرة التي يرصد فيما بعد جملةً من الأخطار والمشكلات التي تتهددها اليوم مثل: الموازنة بين العمل والعائلة بطريقة عادلة؛ كون 70 في المائة من الأسر، التي لديها أطفال يعيلها أبوان عاملان أو أب أو أم عاملة، بالإضافة إلى ارتفاع نسب الطلاق والأطفال غير الشرعيين وضرورة تعزيز قيم الزواج المستقر وحماية الأطفال من المخاطر، ومخاطر الإعلام على الأخلاق.
يقول أوباما في الخاتمة: "فكرت بأنها تجسد أفضل ما في الروح الأميركية- الجرأة على الإيمان بأن في مقدورنا استعادة حس الجماعة من أمةٍ مزقتها الصراعات؛ على الرغم من الأدلة التي تثبت العكس؛ التجرؤ على الاعتقاد أننا نمتلك بعض السيطرة – ومن ثم المسؤولية على مصيرنا على الرغم من النكسات الشخصية أو فقدان الوظيفة أو مرض أحد أفراد العائلة أو الطفولة الممرغة في وحل الفقر".

* المؤلف: باراك أوباما
* ترجمة: معين الإمام
* الناشر للنسخة العربية: مكتبة العبيكان، الرياض، 2009
* عدد الصفحات: 368


* السياسية
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد

ملخصات تغذية الموقع
جميع حقوق النشر محفوظة 2009 - (صنعاء نيوز)