shopify site analytics
مالذي ينتظر اليمن؟ - ناصر خاتم في رحمة الله - الهجوم الإسرائيلي على أصفهان لم يكن بمسيرات أو صواريخ أرض جو - الاتحاد الأوروبي يحضر الحزمة الرابعة عشرة من العقوبات ضد روسيا - بيان مسيرة صنعاء: نؤكد موقفنا الثابت في مواجهة الظلم والوقوف مع اهلنا بغزة - نداء تحذير للمواطنين نتيجة التغييرات الجوية - الغراندي طوطو و ديزي دروس يشعلان حماس الجمهور بصورة غير متوقعة - الفنان غيث الهايم .. يهيم عشقاً في " روما " - القدوة يكتب: الموقف الأمريكي والاعتراف بالدولة الفلسطينية - معركتنا مستمرة حتى تنتصر غزة -
ابحث عن:



صنعاء نيوز - اسامة ساري

الثلاثاء, 03-نوفمبر-2009
صنعاء نيوز -
اسامة حسن ساري

الشهر الثالث من بدء الحرب السادسة هاهو يغادرنا حاملاً على كتفيه الحزينين ما تبقى من أمتعته ،.. لا عزاء له.. ولا حسد عليه.. فهو كسابقه – ونسأل الله ألّا يكون كتاليه – رحل مهزوماً ، موجوعاً ، متحسراً ، نادماً ، مكلوماً في كل جزء منه ،.. فلا حسد ولا عزاء لمن جاء مبتهجاً ، فغادر تكسوه المآسي ، سواء من رهانات خاسرة ، بها شحن المرتزقة والوحوش المتسلطين ، أجندة السلطة ، لتضخيم أرصدتهم ، أو من صفقات عسكرية مبتسرة ضحيتها ، ليس الآلاف ، ولا المئات ، ولا حتى العشرات ، من أنصار الحوثي ، بل العشرات في كل شهر من النساء والأطفال والمسنين ، والمدنيين النازحين ،.. فما نهاية رهانات السلطة على هذه الحرب البشعة والوحشية التي لا تراعي حرمة مواطن ، أو ترحم ضعف طفل ، ولا ترى أمامها إلا هدف واحد ، الانتصار،.. ولو بمذابح على قاعدة مكيافيللي ،..

السلطة اليمنية ، رأس الدولة ، وهرم الشعب وواجهته أمام الله تعالى ، ثم أمام العالم.. ومن يحتل هذه الواجهة ينبغي ألا يكون مجنوناً مستهتراً ، ولا عميلاً مرتزقاً ، ولا بلطجياً فاسداً،.. لأن العقل هو ميزان الحكم ، والضمير الحي هو ركيزة المسئولية ، والرحمة وسعة الصدر في التعامل مع الناس هما آلة الرئاسة..

للأسف ، ما يحدث في بلادنا ، أن النظام فقد رشده تماماً ، وانساق وراء النظرية السياسية القائلة ، بأن السلطة الحاكمة ينبغي أن تحقق هدفاً..، ولا أهمية للكيفية..

لا أظن الكيفيات انعدمت لدى النظام.. حتى يتمسك بخيار حرب فاشلة من أول يوم ،..من أجل ماذا؟!.. جواب عالق تماماً ، لو طرحته على مسامع مائة ألف جندي يمني لقرأت الحيرة في عينيه قبل أن ينطق " لا نعرف .. ننفذ أوامر فقط"..

ولن نسأل الجندي أو الضابط أو الحوثي ، هل أمرنا الله تعالى بتنفيذ أوامر وتوجيهات عمياء لا ندري لماذا وكيف وما الهدف.. لأن الكل يعلمون جيداً أن الله تعالى مالك رقنا ، وكل ما بين السماوات والأرض من بشر وحجر وشجر وغازات ومرئيات ولا مرئيات ، جميعها جنوده تأتمر بأمره ، لكنه جل جلاله عندما وعد المجاهد بالجنة وبصفة شهيد حي ، لم يجبر أحد على الالتحاق بمعسكرات الجهاد ، بل ألزمهم حجة العقل ، وخيار القبول بثقافة القرآن ووعي إيماني لما يفعلون ، أو الرفض حسب قناعاتهم ، وأجّل الثواب والعقاب..

المهم.. قتال بلا هدف.. لكن ما هي التداعيات ، والنتائج؟!.. في مقال الأسبوع الماضي على موقع التغيير طالبنا بوقف الحرب ، لأن الجيش لم يحقق تقدماً بعكس أنصار الحوثي الذين تمكنوا من تطويق تسعة ألوية عسكرية في الجبل الأسود ، ونقل المواجهات من شمال الجبل إلى جنوبه بشكل أربك النظام وأفقده توازنه..

لكن ما أكده لي عدد من المشائخ ومصادر أخرى تلتقي بالقيادة السياسية من وقت لآخر ، أن السلطة غيبت صوت العقل والضمير ، وتمسكت بخيار الجنون والانهيار الوشيك..

وأن شلةً غير مسئولة ولا إنسانية تلتف حول الرئيس وبعض القيادات العسكرية هي التي تكثف وتحشد أصوات الرهان على الدم ، وتنتزع قرارات عليا بذلك..

حقيقة .. أنا ضد الحرب بأي شكل من الأشكال ، لكنني مع الإنسان البريء ، النازحين والمدنيين ، وينبغي أن يكون الجميع كذلك.. لكن تظهر أصوات ذات روائح نتنة تشجع الجنون وسفك الدماء بل وتبرر وتصدر فتاواها المؤيدة للإبادات الجماعية.. شيء مؤسف ومزعج .. مع هذا ليت الإعلام الرسمي يتبع إستراتيجية عقلانية في البث والكتابة والتصريحات..بل يزيد الطين بلة ، ويؤكد أن السلطة لا تراعي الوضع الإنساني ، وأن الطيران بتوجيهات مسبقة يرتكب مجازر وحشية على مرأى ومسمع من الصامتين الخانعين خنوع الأباعر ، منظمات مجتمع مدني ، أحزاب سياسية ، منظمات حقوق إنسان ، وسائل إعلام .. وغيرها ..

كيف يساعد الإعلام الرسمي في تأكيد تلك التهم ؟!.. قبل أسبوع أعلن المكتب الإعلامي للحوثي عن سيطرتهم التامة على مديرية رازح ، والاستيلاء على العتاد العسكري من ستة عشر موقعاً عسكرياً ،هي (موقع الزّعلاء ـ موقع الذاري ـ موقع عَمد ـ نقطة عَمد العسكرية ـ موقع حُرم ـ معسكر شَوابة ـ موقع المشرقَة ـ موقع بُركان ـ موقع بين الحياف ـ موقع بسباس ـ موقع قهوة بسباس ـ نقطة بسباس العسكرية ـ موقع المطار ـ موقع الدامغ ـ معسكر القلعة مركز المديرية ).. ووصف البيان أن هذه السيطرة تمت من خلال ثورة شعبية ، وليس من قِبَل مقاتلي الحوثي ، بل أبناء المديرية انتفضوا وقاتلوا.. وقبل أن نتوقف عند موقف الإعلام الرسمي ثم مجزرة الطيران في قرية " النظير – رازح " لندرك نوعية العقليات التي تتحكم في مصير هذا الوطن ، لا بد – حتى تتضح الصورة أكثر – من قراءة مقطع من بيان مكتب الحوثي الذي قال : إن " مديرية واحدة من مديريات صعدة ( مديرية رازح ) بها هذه القائمة من المواقع العسكرية!!..ليست لممارسة مهام أمنية أو خدمية بل لممارسة (الابتزاز والقتل والتهديد والسجن) على المواطنين طيلة بقاء السلطة في المديرية، لا سيما بعد الحرب الأولى عندما حولت السلطة المحافظات الشمالية إلى ثكنة عسكرية بالكامل..وثورة المواطنين ضد هذا التواجد العسكري الكبير يدل حقيقة أن خلفها الكثير الكثير من المعاناة التي عاناها المواطنون في تلك المديرية وهي تمارس بحقهم أبشع أنواع الاستعباد والظلم والتمييز العنصري والعرقي والـطائفي.. وإذا كانت مديرية واحدة بها هذا المجموع من المواقع، فكم سيكون عدد المواقع والمعسكرات والجيش في بقية المناطق..؟ وهل سيكون تواجد هذا العدد له مبرر سوى تحويل المنطقة إلى ثكنة عسكرية بالكامل يعيش المواطنون فيها حياة غير كريمة وهم يتواجدون بين البيوت والمزارع.. إن حجم المعاناة التي عاناها المواطنون كانت واضحة وجلية عندما أخذوا على عاتقهم مسئولية مواجهتهم وهم بهذا الحجم والتواجد.. وعلى السلطة أن تفهم أن ممارسة السلطة المحلية ليس بتحويل المنطقة إلى معسكرات ومربعات أمنية، فمن يعيش في المديرية وغيرها هم أبناء الشعب ولو كانت تقدم خدمات إنسانية ومشاريع تنموية فلا يمكن أن يثور المواطنون أمامها فالعقل يرفض مثل هكذا أعمال. "..

بالتأكيد هذا المقطع من بيان الحوثي يعكس حجم الصورة المريعة التي وصلت إليها مديريات محافظات صعدة من تحولها إلى ثكنات عسكرية بدلاً عن المشاريع التنموية ، وإلى محطة لتنفيذ استراتيجيات عسكرية ضد جزء من أبناء الوطن بدلاً عن إتباع سياسات استقطاب للسكان وسحب البساط من تحت أقدام عبدالملك الحوثي بتنفيذ استراتيجيات تنموية والوصول إلى أعماق الناس لمعالجة همومهم وتلبية مطالبهم لتمكينهم من ممارسة حياة كريمة..

بالمقابل قدم الإعلام الرسمي للسلطة جملةً من المبررات لسقوط رازح في قبضة مقاتلي الحوثي ، أبرزها : " استياء واسع في أوساط أبناء مديرية رازح بسبب انسحاب الجيش دون مقاومة".. وهذا العنوان الذي بثته وسائل الإعلام ، يعكس مفهومان.. أولهما أن الجيش كان متعاطفأً مع السكان فقرر الانسحاب دون مقاومة لمقاتلي الحوثي حرصاً على عدم حدوث أضرار في أرواح وممتلكات المدنيين.. والمفهوم الثاني.. أن السلطة متأكدة وواثقة كل الثقة من صدق ولاء أبناء رازح للنظام وأنهم يقفون مع الجيش ضد أتباع الحوثي من أبناء مديريتهم.. بالتالي كانوا مستائين للانسحاب بدون مقاومة..

رغم هذه الربكة الإعلامية ، وعدم الاتزان ، وسؤ تقدير عواقب الكذب وتضليل الرأي العام.. شن الطيران في اليوم التالي "18" ثمانية عشر طلعة وحشية على عدد من قرى مديرية رازح الآهلة بالسكان.. طبعاً يدينون بالولاء للنظام ، ومستاءون من خروج الجيش ، ويطالبون بعودته ، فكافأهم النظام على ذلك في اليوم الرابع بطلعات عنيفة محت قرية النظير من الوجود ، وأسقطت عشرات المنازل على رؤوس قاطنيها من الأطفال والنساء ، وارتفعت حصيلة القتلى إلى أكثر من ثلاثين جثة ، والعشرات مازالوا بين الأنقاض.. وربما تصل الحصيلة إلى أكثر من ضحايا صاروخ الميج في جسر النازحين بمنطقة " العادي – حرف سفيان " – 90 قتيلاً معظمهم أطفال ونساء- ..

أليست تناولات الإعلام الرسمي وثيقة تاريخية تدين النظام ، وتقدمه لقمةً سائغة لمحاكمة دولية ، على شاكلة قضية البشير ومجازر دارفور ، واليوم " صعدة فور"..

بلا شك أن النظام حصل على ضوء أخضر من السعودية والبيت الأبيض " ولاة أمر الأمة الإسلامية ".. ومن دول الخليج ، لشن حرب إبادة شاملة.. لكنه للأسف لا يتعلم من دروس وعبر الأنظمة العربية الأخرى .. فمثلاً السودان.. ارتكبت مجازر وحشية بحق المواطنين في جنوبها في ظل ضوء أخضر من ولي أمر الأمة الإسلامية " البيت الأبيض " وربما أيضاً من تل أبيب.. لكن الغباء السياسي ، والإفلاس الذي تعانيه الأنظمة أعمى بصائرها ، فلم تدرك أن تلك الأضواء لارتكاب المجازر في حق الشعب ، هدفها إعداد ملفات دسمة من العيار الثقيل لإدانة رئيس الدولة ، ثم ابتزازه بها ، وطلبه للمحاكمة الدولية كـ " مجرم حرب " عندما يأبى تقديم تنازلات سيادية كبيرة للقوات العسكرية الأمريكية.. وهذا ما حدث فعلاً مع الرئيس البشير.. حينها انكشفت ملفات عمالة النظام السوداني ، إذ قام بفضح ملف مجازر الجنوب ، التي منها قيام طائرات أمريكية بهجمات إبادة ضد الشعب السوداني قبل سنوات..

أخشى أن يصبح في اليمن " بشير آخر".. ولن يكون جيداً حينها الإعلان عن مجازر بواسطة طائرات سعودية ..

يبدو أن النظام يرفض تماماً صوت العقل.. ولا يستفيد من تجارب الحرب ، إن لم نقل الخمس حروب السابقة ، فتربته في الحرب الحالية.. ومدعاة للعجب هذا الإصرار على تقديم المزيد المزيد من أبناء القوات المسلحة والأمن ضحايا بلا هدف سوى تنفيذ أوامر لتحقيق مصالح مجموعة من المرتزقة.. ولو تم احتساب مئات الجنود والضباط المقتولين يومياً إلى جانب أكثر من ثلاثمائة طفل وامرأة ومدني محايد ضعيف ، قضت عليهم مؤخرات الميج ، فبالتأكيد أن حساب أصحاب القرار – والصامتون من أبناء الشعب وممثليه السياسيين والمثقفين.. والإعلاميين-عند الله تعالى سيكون صعباً للغاية ، وعواقب هذه المجازر والضحايا والقرابين من أبناء الوطن بلا شك وخيمة وعاجلة.. ولربما نسمع خلال المستقبل القريب تداعيات هذه الأنهار من الدماء..

إنني فعلاً أشفق على هذا الوطن من سياسة الأزمات والحروب الداخلية.. وعلى ثقة أن القرار في كل الأحوال لتغيير الوضع ووقف النزيف هو بيد السلطة وليس بيد الحوثي ، ولا بيد أبناء الجنوب..

وعجباً أننا حتى اليوم لم نستوعب حقيقة عواقب الحروب من حيث عرقلة عجلة التنمية واستنزاف المال العام ورتابة النشاط التجاري ، وبشكل مجمل ضربة موجعة في كل مفاصل الإقتصاد الوطني ،.. فكيف ببلادنا التي تفتقر منذ عقدين من الزمن لأي تطور أو نمو اقتصادي ، أو أمانة في بناء المنشآت التنموية والخدمية.. ما يفضي بالمتأمل إلى حقيقة أهداف السلطة من توسيع رقعة الصراع وتطويله زمنياً ، واختلاق أزمات داخلية متعددة في الجنوب والمناطق الوسطى .. ذلك الهدف يتمثل في تغطية فشل الدولة اليمنية الحديثة واهتراء مشروع بنائها المؤسسي ، وإفراغ شحنات الفشل النفسي للحاكمين في مفاصل الدولة من خلال هذه الأزمات.. فضلاً عن مرامي الاستمرار في تقديم تضحيات مخيفة من قيادات الجيش ، حيث نتابع كل ثالث يوم أو أسبوع بالكثير تشييع جثامين قادة كبار.. وفي ظل هذا حريٌّ بالمواطن التساؤل عن غاية تمسك السلطة بخيار الحرب طالما النتائج سيئة جداً وغير مبشرة؟!!.. هل الهدف فعلاً كما تردد مؤخراً عملية تصفيات للقوى الاجتماعية والعسكرية حتى يخلو الجو لتوريث الحكم ، أم تصفيات بصفة وميدالية شهيد للتخلص من عناصر قيادية باتت مزعجة بشكل آخر أو لم يعد وجودها مجدياً ومرضياً لقوى خارجية مجاورة؟!..فلا مبرر آخر لهذه التضحيات.

وأخيراً .. كانت السلطة أعلنت في بدء الحرب السادسة عن أمر ضبط قهري لـ 55 قيادياً من أتباع الحوثي.. وأن الحرب لن تضع أوزارها إلا بعد ضبطهم وتقديمهم للعدالة..فلماذا لم تتوقف الحرب حتى اليوم طالما قد أعلنت السلطة منذ بداية الحرب عن قتل وأسر أكثر من (68) قيادي، فهل حان الوقت لتنتهي الحرب كونها قد أجهزت على الجميع وزيادة !!.. أما من رجل رشيد في هذا الوطن يقدر عواقب الحماقات، ويوقظ هذا الوطن والإنسان حتى يتعلم الجميع من الدرس قبل فوات الأوان.
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد

ملخصات تغذية الموقع
جميع حقوق النشر محفوظة 2009 - (صنعاء نيوز)