صنعاء نيوز /عبدالرحمن بجَّاش - -


ذات نهار كنت مع شوقي أحمد هائل، الذي يحمل الآن هموم، ليس مدينة - فقط - بل محافظة مترامية الأطراف، يسكنها كما يسكن البلاد حلم التغيير، وكنا في مصعد مبنى المجموعة، بين الطوابق ومن النوافذ المتلاحقة كان منظر صبر يأخذ الألباب، ثمة غمام تحتل القمم والشمس يومها غابت، هدوء يريح الأعصاب في المبنى، وتخيل ما كان عليه مبنى المحافظة، حيث المجلس المحلي، كان عائداً منه، سألته : كيف تهيّئ نفسك أو تجد نفسك بين عالمين؟ لم يرد، وواصلت أنا بـ «لَتَت» الصحفي أحدّث نفسي : هنا إدارة وهناك أي شيء إلاَّ أن تقول هناك إدارة تقود الفعل اليومي في البلاد كلها، ولأن الإدارة غائبة، فبالتالي كيف يمكننا الحديث عن مؤسسية؟
في تعز حوالي (10) وكلاء محافظة، حتى أن صديقاً عزيزاً قال لي ذات يوم : هل نراجع لك تكون وكيلاً في تعز؟ كأن الأمر تفصيل أماكن للمحتاجين!! هذا الكم الهائل مشكلة وليس حلاً، والإدارة الحديثة تقول بجيش صغير العدد بتسليح جيد، هل بإمكان شوقي أن ينقل مكتبه في المجموعة إلى مبنى المحافظة ليبدأ بتأسيس إدارة حديثة تقوم على أساليب الإدارة العلمية؟ ثم تتسع الدائرة لنجد يوماً وقد تحولت تعز إلى هونج كونج أخرى، ليس في كل التفاصيل، بل بحسن الأداء، هل يمكّنه الآخرون من ذلك؟ فهذه البلاد مشكلتها تخلّف إدارتها، وتخيّلوا رَجُلاً آتياً من مكتب يدار بكفاءة إدارية عالية ماذا يمكنه أن يفعل بجيش من الموظفين يأتون كل صباح يداومون في الشؤون المالية، والأمر هكذا تأتي بيدك جهاز الكمبيوتر وَمَنْ حولك يكتبون بأقلام البلسن بدون مسّاحات تراهم يبحثون عن مكتبة قريبة تبيعهم المسّاحات ليغيروا ما كتبوا.
أحسب أن شوقي سيتعب، لكنه لو أتى بمكتبة وركن إلى معهد الإدارة ليعيد تأهيل الجميع يمكنه أن يحقق النجاح بهم، إذ بدون الإدارة الحديثة ثم الانتقال إلى المؤسسية وتعاون الدولة لا يمكن لنا إلاَّ أن نعايش العبث إلى الأبد، شوقي بتعاون الحكومة بدون غيرة يمكنه أن يفعل أشياءً كثيرة، فتعز تستحق، والبلد كله أكثر استحقاقاً.