shopify site analytics
منيغ يكتب: ليبيا شَظَايَا نَوَايَا (1من5) - العفو الدولية تطالب بتنفيذ قرار مجلس الأمن لمنع “الإبادة” في غزة - ضبط متهمين بسرقة حقائب نسائية - بطولة لستم وحدكم الكروية تقترب من الحسم - بورة تنجس الاحذي!! - محافظ عدن يعزي القائم باعمال محافظ الضالع في وفاة والده - صوت الشباب - الجيش الإسرائيلي يُنفذ أبشع اقتحام لمجمع “الشفاء” - الجزائر تدعو إلى ربط “الحوكمة الانتقالية لغزة” بإقامة دولة فلسطين - العقبة الرئيسية التي تعرقل الاتفاق مع “حماس” -
ابحث عن:



الأحد, 06-مايو-2012
صنعاء نيوز - من العسير أن أتصور ثورة لا تكون خروجاً على الأدوار الاجتماعية النمطية التقليدية التي تمثل بجملة مُسَلَّمَاتها وأعرافها صنعاء نيوز/صلاح الدكاك -


من العسير أن أتصور ثورة لا تكون خروجاً على الأدوار الاجتماعية النمطية التقليدية التي تمثل بجملة مُسَلَّمَاتها وأعرافها الراسخة في ذهنية الأفراد، الكتلةَ غيرَ المرئية لجبل جليد السلطة الغائرة في قعر المجتمع.
الثورة كفعل راديكالي مغاير وجامح، لا يمكنها أن تنخرط داخل الأنساق التقليدية السائدة، كما لا يمكن لهذه الأنساق أن تكون رافعة حقيقية لها، إلا إذا كانت "الثورة" متلائمة معها كليّاً، وفي هذه الحالة فإنه يجدر بنا أن نسميها أي شيء عدا ثورة؛ فلا معنى لثورة بلا نقيض اجتماعي اقتصادي ثقافي سياسي، تخوض معه صراعاً واعياً وتطرح نفسها بِقِيَمِها وقواها الاجتماعية بديلاً جذرياً له.
في اليمن، لم تفلح حالة التذمّر العام في أن تتحول إلى ثورة رغم الضريبة الباهظة التي تكبدها الشارع اليمني، وكانت النتيجة الطبيعية لهذا الفشل المبكر أن ركبت القوى التقليدية من مشيخ وعسكر ورجال دين، موجة الاحتجاجات، التي عوضاً عن أن تثير مخاوفها، أثارت شبقها لمراكمة المزيد من المكاسب، ووضع اليد على نصيب الأسد في سلطة كانت حصة هذه القوى فيها قد بدأت تتضاءل لصالح توازنات جديدة محكومة برؤية "المُخرج العالمي" لطبيعة المعادلة السياسية في اليمن، والدور الذي يُريد لها أن تلعبه.
إن عجز ما يسمى "ثورة" عن أن تكون خروجاً على سلطة تنميط الأدوار بإرادة خارجية على مستوى الفرد والدولة، يعني وقوع المجتمع أسيراً للمزيد من التنميط وفقدان السيطرة على شروط التحوُّل ومقتضيات النهوض لعقود عديدة قادمة.
هذه القولبة تطال كل شيء: هناك دور اجتماعي للمرأة ينبغي ألا تتجاوزه في مقابل دور الرجل الذي ينهض هو الآخر بدور في تراتبية القيمة الاجتماعية غير المحتكمة لشروط ومزايا متاحة، ويمكن اكتسابها، والانتقال السلس في درجات سُلّمِها من الأدنى للأعلى، بل محددة سلفاً من قبل قلة مستبدة مهيمنة "أوليغارشيا" تحتكر السلطة، وتقسر شتى فئات وفعاليات المجتمع على الدوران حول مصالحها كمحور ارتكاز لا يتزحزح.
وكما تسرِي هذه القولبة والتنميط القسري للأدوار على الأفراد والجماعات في إطار البلد الواحد، فإن البلد ذاته يقع فريسة للتنميط في علاقاته بالبلدان الأخرى التي تحتل بمعيار الهيمنة مصافاتٍ عليا في تراتبية القيمة إقليمياً ودولياً؛ وتدور في نهاية المطاف؛ حول مصالح أمريكا كمحور ارتكاز عالمي يلغي كل شروط وخصوصيات خارج شروطه وخصوصياته، ويتربع سدَّة الهيمنة كقطب وحيد يرمي بكل ثِقَلِه للحيلولة دون نشوء عالم متنوع متعدد الأقطاب.
إن حركة الأفراد والدول خارج الأنساق المرسومة لها سلفاً، وكَسْر المعايير والشروط التي تُقَيّم الفرد والجماعة من زاوية ما ينبغي أن تفعله ويجب ألا تتجاوزه، لا ما يمكن أن تفعله وتتوق لأن تبلغه، بمعزل عن كوابح النوع واللون وتوارث القيمة الاجتماعية كتركة حصرية لفئة دون أخرى..
إن حركة الأفراد والدول خارج هذه الأنساق والقوالب، هو الثورة التي لم تحدث، ولم تسجل مجتمعات -كاليمن بدرجة رئيسة ومصر تالياً ثم تونس- عدا خروقاتٍ ثورية كانت أكثر حِدَّة لدى الأخيرة، وأكثر خفوتاً لدى الأولى.. خروقات كادت أن تكون ثورة قبل أن تصطدم وتذوي على جدار الإذعان للسائد، وتَدفعَ كُلفةً فادحة للتشبُّث -على الأقل- بالحد الأدنى المتوافر من حريات سابقة للاحتجاجات، تُكَشِّر جماعات الإسلام السياسي عن أنيابها بهدف التهامها.
إن تكديس النساء كبقعة سوادٍ شاسعة في ساحات مسيجّة، يمكن أن ينفع كمؤشر على مستوى نفوذ سلطة الفحول والشهريارات، لا على حجم الثائرين عليها، وعلى عجز المرأة وذعرها أمام تحدي التحوّل الثوري، لا على نسبة حضورها في المشهد السياسي؛ إنه ضرب من ضروب الغياب المُقَنّع بحضور مسرحي باهت وزائف.
وقد كشفت حادثة ضرب سياج فصلٍ نوعي بين النساء والرجال؛ في "ساحة التغيير" بصنعاء؛ خرافةَ شراكة المرأة ومدى رضوخها وقابليتها للانقياد.. كما برهنت على أن الساحات التي يُفتَرض لها أن تكون وطناً بمقياس الرسم للوطن المغاير الذي نحلم به، لا أكثر من مقاصير حريم يحكمها شارب "أبي زيد الهلالي سلامة وصليل سيف مسرور وعُقَد الزير سالم".. في ظل مَوَاتِ وإذعان الأكثرية "الثائرة مجازاً" من النساء والرجال.
هل كان علينا تبديد كل هذا الوقت لنَصِل إلى قناعة أن حدود الساحة لم تكن إلا المعادل الموضوعي لحدود الذهنية التقليدية الحاكمة التي لا ثورة بغير الخروج عليها؟! ولا خروج عليها بغير ثورة تبدأ على مصاف وعي الفرد "امرأة ورجل" بذاته، وقدرته على إنجاز قطيعة مع قيم السلطة المكَبِّلة لطاقاته والمهينة لآدميته..
بمعنى آخر قدرته على أن يعيش القيم التي يناضل في سبيل أن تسود على المستوى العام.. أي أن يكون طليعياً وكفؤاً للحياة التي يبشر بها، وأنموذجاً فردياً لها، ودافعاً أولَ لضريبةِ المُغَايَرة في مجتمع متماثل ساكن لا يجرؤ على أن يكون أكثر مما هو عليه، ولا يحلم في أن يكون!
إن الثورة بهذا المفهوم فقط، تكون غير قابلة للسرقة، ويكون من السذاجة القول بذلك، "فلا أحد بوسعه أن يمتطي ظهرك ما لم يجده محنياً" وفقاً لـ"مارتن لوثر كنج". إِذْ إنَّ لصوص الثورات لا يسرقون سوى الشروط الخارجية لتَحَقُّقِها ومجال فعاليتها الموضوعي عبر المزيد من السيطرة على شروط وأدوات الحكم السياسية والاقتصادية...
قد تكون مكبلاً وحراً في الوقت ذاته، وقد تكون بغير قيود عبداً طليقاً.. وعلى مر التاريخ كانت القيود من نصيب الأحرار الذين يتميزون بذوات طليقة يعجز الجلادون عن تكبيلها.
إن هذا يمكن أن يفسِّر الهجمة الشرسة وسلسلة الاعتداءات الأدبية والمادية المستمرة التي تعرض ويتعرض لها أفراد طليعيون من هذا القبيل؛ بدءاً بأروى عبده عثمان، هدى العطاس، الخيواني، وداد البدوي، أحمد سيف حاشد، أمل الباشا، فكري قاسم، ومحمد المقالح، ومروراً ببشرى المقطري "الأوفر نصيباً"، وليس انتهاءً بالمصور الصحفي المبدع وائل العبسي... فهؤلاء هم طلائع الخروقات الثورية، والتهديد الوحيد للذهنية التقليدية الحاكمة على قاعدة إذعان الأكثرية لسلطتها. وهذا يفسر، أيضاً، حوافز القوى التقليدية بصِفَتَيْها "الحاكمة والمعارِضَة"، لإحراق ساحة الحرية بتعز، وتدبير مجزرة الكرامة تحت شمس ظهيرة فاضحة، فالفشل المتكرر في تكبيل شباب تعز أفضى إلى "العلاج بالكي"، والرغبة اللئيمة في توفير مناخ ملائم لسلسلة الاستقالات المفبركة وانضمام "علي محسن" للثورة بهدف تكبيلها، وضمان قبول شباب ساحة صنعاء ودخولهم طواعية في أَسْر الجنرال، اقتضى حدوث مجزرة الكرامة.
في موازاة ذلك، وفَّرَ إعلام النفط سحابةً كثيفةً من التعتيم والفلترة ومَسْرَحَةِ الأحداث، لإجهاض انتفاضة الشارع، وتضخيم دور القوى التقليدية فيها، وتقديم خسائرها الفادحة على هيئة مكاسب عظيمة ينبغي الاحتفاء بها.. أما حوافزه في ذلك، فضمان استمرار اليمن كرهينة تاريخية لشيوخ البترودولار، وضبط حركة التغيير في هذا البلد الطَّيِّب؛ على ساعة مخاوف ممالك الاسترخاء والخَدَر، وحاجة أمريكا لسوق منبطحة راضخة ممتدة من الماء إلى الماء.
إن اليمن لكي تنجز التغيير المنشود واللائق بها كبلد وشعب، بحاجة لأن يكون نوارسها من فصيلة "مها الشرجبي وبشرى المقطري وشفيع العبد ومحمد صبر وأمل باشا والخيواني ويابلي ومحمد حسن الزبيدي وحاشد وصلاح السقلدي"، ضِعْفَ زواحفها وطيورها الداجنة من سلالة "عبدالله أحمد علي وفؤاد البنا والزنداني والآنسي وفتحي أبو النصر وباسندوة...". بحاجةٍ لأن يكون سياسِيُّوها من فصيلة "مُقبل والحمدي ويحيى العرشي ومحمد عبدالرحمن المجاهد وعلي سالم البيض ومحمد علي عثمان وأحمد الشرجبي وعبدالفتاح إسماعيل وباعوم والجاوي..."، ضِعْفَ سياسييها من شاكلة "صالح وعبد ربه وحميد وحسين الأحمر وطارق الفضلي والبركاني...".
عندها فقط نستطيع أن نصرخ بملء الفيه: "أنجزنا ثورتنا"، و... نفرح!
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد

ملخصات تغذية الموقع
جميع حقوق النشر محفوظة 2009 - (صنعاء نيوز)