صنعاء نيوز /عبد الرحمن بجَّاش -
في مؤتمر الطريق الآمن، الذي لم يعد آمناً، اقتربت إلى حد معقول من عمر الكرشمي كوزير، كنت قد اقتربت منه كإنسان في عزاء والده، الذي عرفناه أحد رجالات هذه البلاد الكبار، ويوم أن تم تعيين عمر وزيراً كان هناك مَنْ أشار إلى «التوريث» كقضية كانت حية وبالتأكيد لا تتناسب والقول بالديمقراطية، وإن كانت متخلفة كالبلدان التي وردت إليها كأية سلعة لا ندري كيف نتعامل معها إلى اللحظة!! ولأنني أسكن بيت بوس فقد اقتربت من أهلها الأصليين، فاقتربت من بيت الكرشمي كثيراً، أعرف جاري يحيى الكرشمي وأسأل عنه صديقي حسام، صاحب الصالون، فيصفه بـ «الرَّجُل الذي قدّر ظرفنا نحن المستأجرين منه خلال عام 2011م، فلم يطالبنا بالإيجار».
قليلون هم أمثال هذا الرَّجُل، وقليلون هم الوزراء الذين يسيرون بسائق وأمان اللَّه وسمعة تقول إن الوزير عمر أحد الوزراء الذين يشير إليهم الشرف بالبنان، وفي ذلك المؤتمر كبر التقدير لمسؤول يعرف كيف يحترم نفسه وَمَنْ حوله ويعرف كيف يتصبب عرقاً حين يسمع منك كلمة تقدير، وهو الوزير الذي لدى كثيرين الاستعداد التام لأن يدبجوا له قصائد المديح صباح مساء، لكن الرَّجُل يأسرك بدماثته الشخصية كإنسان وحُسن حضوره كوزير، والمسؤول الذي لا تحس بلمسته الإنسانية في تعامله مع مَنْ يدير ومع مَنْ يتعامل فليس بمسؤول، وللأسف ليس بإنسان، وعلى أية حال فالجدران كثيرة!!
أجزم أن هذا الوزير نزيه، ولن يأخذ حق إنسان، ولن يخفي تحت الطاولة حقوق الآخرين، وأن يتعرض الآن للتهجم والتهديد فهو لا يمثل شخصه، هو يمثل القانون، وإن غيّب!! وعلى الدولة أن تحميه وتحمي المهندسين الذين يتعرضون لأي تهديد وهم يؤدون أعمالهم، وعلى كل منظمات المجتمع المدني، وأولاها نقابة المهندسن، أن تقف إلى جانبه بما يمثله من روح مدنية نفتقد إليها وتضيع في زحمة المرافقين، وانظر، فحين خاطبه زميل مشترك «اعمل لك حراسة»، قال : الحارس أرحم الراحمين، فلمّا أصر الزميل، أصر هو : إلاَّ إذا كنتم أنتم ستركبون معي، هذه الروح المدنية الجميع معني بتشجيع شيوعها، فالوزير أولاً وأخيراً مواطن، وإذا جاز التعبير عن الأمر من خلال تذكر الروح الإنسانية لـ «عبداللَّه الكرشمي» كرئيس وزراء، فقد قيل أن سائقه أتى حسب المعتاد ولوحده صباحاً ليقلّه إلى مكتبه ولم يكن قد سمع باستقالته من الإذاعة، فصرخ في وجهه من النافذة : «رح لك، ما عدنيش رئيس وزراء»، هذه الروح لبيئة مدنية تخلقت في مشروع كندي بتعز وفي بلد الدراسة وفي بيئة مدنية هي مَنْ انتخبت وزير الأشغال الحالي الذي توجب اللحظة مؤازرته.
عمر الكرشمي، نحن نحترمك.