صنعاء نيوز/عبدالرحمن بجَّاش - -
{ يا اللَّه لو أن هذه المدينة نظيفة، مخططة، ببنية تحتية متكاملة، بحدائق، ومساحات خضراء، وشوارع فسيحة كل مكوناتها مصانة مهابة، والناس تحترم المرافق العامة، فلا تاكسي يقفز من فوق الجسور الوسطى للشوارع، ولا مواطن يكسر الرصيف ويستحدث منفذاً لسيارته يؤدي إلى تعطيل الآخرين!! ولا فلان يبني وسط الشارع كما هو حاصل في المنطقة الشمالية، ولا متحدٍّ ينهب حديقة بداعي الاستثمار ويحولها إلى هنجر يجرف الروح كلما أطلت النظر إليه، ولا عابث ينحر الصخر في فج عطان ويشوّه ما أبدع اللَّه لمجرد أن يشاد بدلاً عن إبداع الرحمن مجرد معرض لشركة يقتل الروح كلما مررت إلى جانبه. يا اللَّه ما أجمل صنعاء حين تغتسل وتسيل دموعها مطراً على الخدود فتباري لحظتها أجمل جميلات صبر!! لكن ماذا نفعل للعبث الإنساني والأمزجة الشخصية؟ خرجت قبل ظهر أمس وصنعاء قد اغتسلت للتو أو هي استحمّت من الليلة الأولى حتى بان بهاؤها وظهرت من تحت اللثمة أنثى غنّوجة مدلّلة، برزت كل أنوثتها من تحت النهدين إلى حيث المآذن تبدو لك مهيبة حين تظهر - فقط - من بوابة السبعين، يا اللَّه المبدع الخالق والبشر الذين يعبثون وسط المياه المتدفقة إلى السبعين من حدّة التي صارت مزروعة أسمنت وقمامة وبشراً همه نفسه وفي ستين ألف داهية أبو الباقين!! فقط آمنت بالأمس أن المدينة امرأة، وَمَنْ يريدها عليه أن يتسلح بالقدرة على الإحساس بالجمال، إما أن «يملططها» بالألوان الفاجرة أو يمسح وجهها بطبقة خفيفة من الهرد. في مدن اللَّه يفرحون بالمطر لحظة أن تتجشّأ السماء تراهم يندفعون إلى الشوارع، ونحن كلما حشرجت السماء هربنا!! كنت أرى البشر ينزرعون نساءً خضر ورجالاً كلٌّ يحمل جماله ومظلته ويخرج إلى الشارع في موسكو، حيث الممرات للمارة ولذوي الاحتياجات الخاصة، ومساحات خضر ترتوي مطر ربّ العالمين، حتى ممرات السيول بنينا فيها، وتغرق الشوارع بالمياه، وأنت وحظك كزميلنا عبدالوهاب المخلافي، الذي قضى معظم ليلة أمس الأول في حفر مياه طفا فيها وسيارته، تمشي في الشوارع وحظك جيد إذا لم تسقط في حفرة. لقد شوّهنا وجه امرأة فاتنة اسمها صنعاء، ضيّعنا الطرحة واللثمة، وحتى الشرشف الصنعاني استبدلناه بأسوأ عباءة تحوّل المرأة إلى مجرد كرتون، ويا حنقي على الحسن الصنعاني الذي ضاع في الزحمة.