shopify site analytics
الاتحاد الأوروبي يستفز جماهير ريال مدريد بذكرى مؤلمة (فيديو) - مطلبين سعوديين قبل تطبيع علاقاتها مع إسرائيل - وقفة تضامنية مع فلسطين أمام جامعة السوربون الفرنسية - سفرة إلى الماضي، بانوراما من وحي خيال الكاتب. - صحيفة أمريكية تتحدث عن انتصار السنوار في الحرب وهدفه النهائي - مدينة أمريكية تسحب استثماراتها من الشركات التي تعمل في إسرائيل - ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان على غزة إلى 34596 شهيدا - فضيحة عصابة أشهر tiktokers يغتصب الأطفال تهز الشارع اللبناني! - تحسين اوضاع الصحفيين وزيادة مستحقاتهم هدف رئيسي لقيادة مؤسسة الثورة للصحافة - تفجير معسكرات أمريكية في دولة خليجية -
ابحث عن:



صنعاء نيوز - صنعاء نيوز

الثلاثاء, 04-سبتمبر-2012
صنعاء نيوز -

البردني في «جواب العصور».. (2-1)
حين يتحرك الماضي ليضعف الحاضر

عبد الرحمن مراد -
جواب العصور المجموعة الشعرية الحادية عشرة للبردوني صدرت عام 1991م وقد حملت عنوان إحدى قصائدها ، التي تتحدث عن شخصية من عموم الشعب يسمى زيد منسوبة إلى أحدى المناطق اليمنية وهي وصاب فزيد الوصابي موضوع القصيدة هو عموم الشعب اليمني الذي ظل يكدح وراء « لقمة العيش « منذ الأزل ، وتستهل القصيدة بذكر « السوق « كرمز للوضع الاقتصادي الذي يعاني منه ذلك المواطن المسكين ، وتتحدث القصيدة عن ضيق ذات ليد ، وعوامل إغراء السوق في مقابل عجز مضني في القدرة الشرائية ، وتصف مقاطع القصيدة الأولى مشاهداً لعلها تتكرر بصفة شبه دائمة في الشارع على امتداده وتتنازع النص ثلاثة ضمائر هي « الأنا « الشاعرة ، هو أنت « لتأكيد صفة التلازم وواحدية الهم والمعاناة بين « الأنا « وبين المتلقي ويتجلى ذلك في :-

ما الذي تبتاع يا زيد الوصابي
هل هنا سوق سوى هذا المرابي
وفي قوله :-
سوف تلقى سبهم يا ليتهم
أحسنوا احدوثة حتى سبابي
كل يوم لا ترى ما ترتضي
ثم تغضي آبياً أو غير آبي
أما الأنا الشاعرة فتتجلى بوضوح في :-
هل أنا أسمعت حيين فلو
صحت هل يستوقف السوق اصطخابي
قل لماذا جئت يا زيد إلى
هذه الأنقاض ؟ أجتر اخترابي

من خلال الأمثلة التطبيقية تتجلى « الأنا « وتتوارى ، وعندما تتجلى تحمل صفات الرافض الذي يطغى عليه الواقع كقوة قهرية تعيقه عن تحقيق آمال ثوريته .
وشعور « الأنا» بالهزيمة أمام هذا الواقع تفسره بعامل زمني وذلك بالعودة إلى الماضي وإلى البدايات الأولى :-

كنت في عصر البراءات بلا
درهم أهني طعامي وشرابي
في متاه ( الشنفرى) أذهلني
عن نداء الجوف دفعي وأنجذابي
قلت يا صحراء خذي جمجمتي
فأجابات : هاك ليلي وذئابي
تحت بند الفتح أرضعت المنى
أرخت الريح يديها لاحتلابي
صرت عند «اليعفري» منتدباً
للمهمات التي فوق انتدابي
همت في أيام (فيضي ) مفلساً
وبفلس أشتري ملئ وطابي
جئت هذا العصر أحدو جثتي
لا أرى لوني ولا شم ملابي
أين يا أرض الذي تطوينه
تحت نهديك ؟ أشميت إضطرابي
في ثمانينات هذا القرن لا
أنجبت شمسي ولا جادت سحابي

فرؤية البردوني الفلسفية في بعدها الزمني تحاول أن تكشف الإرث الحضاري « لزيد الوصابي « إذ أن الماضي يزحف إلى الحاضر ويعيد انتاج نفسه في المجتمعات التقليدية كما يرى ذلك « ألفين توفلر» ولعلنا نستشف أن الماضي مازال يشكل معادلة صعبة مع حاضر ( زيد الوصابي ) و هذا يعني توقف دورة الزمن و الحضارة و تراجع اندفاعات الإبداع و التطور الإنساني»

يا ( وصابي ) والدي يحتلني
وجهه من داخلي يرخي حجابي

فالاحتلال هنا احتلال زمني ماضوي مازال يشكل ملامح الحاضر و يعيد إنتاج نفسه في أعماق « الأنا « و ما زال يرخي الفواصل الزمنية المتسلسلة في ذاكرة التاريخ بما يحمله من دلالات ثقافية ما زالت جزئياتها تتغلغل في أسلوب تعاملنا مع واقعنا وثقافتنا العصرية :
كلما مريت قالوا : بنت مـــــن ؟
من أبوها ؟ عنبسي بل شـــــوابي
يا طريق البيت هذا أسمي هدى
من هدى ؟ يا بنت شعسان الربابي
أنت يا زيد الذي أشكــيــتــــها
بل شكت مأساة أختي و اغترابي

و في النص تحليل لواحدية الهم الذي يمتد عبر عصور حضارية متعاقبة فسره في بداية النص بدءً من عصر الرخاء الذي وصفه بعصر البراءات مروراً بالعصر الجاهلي الذي يحمل مدلوله « الشنفري « و انتهاءً بثمانينات القرن الماضي التي بدت المعاناة فيه بشكل أدهى و أفظع و قد أسهب الحديث عنها و فسرها بالإرث الثقافي الممتد :

و قلت زيدي خمسة قالت أبي
كان أيام الصليحين جابي
قلت هل هذا تراثي ؟ ضحكت
و أضافت و تراثي و اكتسابي

كل تلك الانكسارات الحضارية في المفاهيم و المعتقدات أوهنت « ألانا « الشاعرة في إعادة صياغة الأشياء :-

إنتبه يا زيد قف .. سيارة
المنايا و المنى أحلى كعابي
خنتني يا زيد كم أضعفتني
مذ تخيرت من المعهد اصطحابي

ألا تبدو « ألانا « الشاعرة هنا آصرة تجمع بين التاريخ و الحضارة لتكشف كيف يتحرك الماضي كي يضعف الحاضر و المستقبل لذلك تنكفئ على ذاتها و تبدع عالمها وفق تطلعها و فنيتها .. و تصورها الأكثر تحرراً :

إنني أبدع مني عالماً لا تلاقي
فيه محبواً و حابي
ليس فيه محكوم و لا
أي حكم عسكري أو نيابي

و لعل امتداد نفس النص ( 108بيت شعري ) جعل الشاعر يفسر الظاهرة من أكثر من وجه تأكيداً لفكرته و تأصيلا لها:

هاك الفين وحدد بيته
من ربى التاريخ في أعلى الروابي
في فتوح الشام يثوي قائلاً
رد لي أزكى أب أصل انتسابي
إنه من شام همدان و ما
في رباة صعبة نثني ركابي
عله اليوم يسمي حميرا أو يبتغي
سبأ : من أنت ، سابي
أو على ( عمرو بن معد ) يعتدي
فيلاقيه بسيف غير ناب
أو يحث (الأشتر ) الآن أعترف
أنت زيد يا أخا الجرد الكوابي
ربما يسطو على (موسى الرضا)
أو إلى الإعدام يقتاد (عرابي)
أو على (الصابي) يوشي تهمة
أنت زيد في سجل الحزب صابي
وسيعزو كلما يعتاده
من حماقات إلى مرمى صوابي

إن عودة الذاكرة إلى الماضي ، أكتشاف للحاضر وتفسير لـه ومن ثم محاولة ترميمه وبناءه وفق رؤية جديدة ومن هنا كانت الإحالة التاريخية .
(فتوح الشام )(شام همدان )( سبأ)(الأشتر)( عمرو بن معد)(موسى الرضا) ذات مضامين ودلالات تحمل معاني الحاضر وتحاول اكتشافه في الماضي كمكون ثقافي صنع الحاضر وذاب بين تفاصيل سويعاته وحركاته باعتبار الزمن وعي بحركة الفعل الإنسان وكثافة معرفية في الذاكرة تتجسد في الفعل الذي يرتبط بالزمان الدال على هوية الإنسان الحضارية ومن هنا يصبح الفن بديلاً للواقع من خلال إحداث تلك الهزات العنيفة في جدار التاريخ وإعادة صياغتها ومتطلبات الرؤية الفنية من أجل إحداث التوازن المطلوب بين الذات المتطلعة والواقع المحيط بها :-

إنني أبدع مني عـــالـمـــا
لا تلاقي فيه محبواً وحابي

والبردوني المبدع يرى الإبداع تفكير تؤطره حاجات المجتمع وصولاً إلى الغاية التي هي مصدر التحولات التي يحققها الفعل الثوري في المحيط من حوله وفي نفسه كمبدع متمرد على إرث ثقافي بات عاجزاً عن صياغة فكرة قادرة على حل إشكالاته وحالت في الوقت نفسه عن نمو الحركة إلى المستقبل وعندما أفرط في استعادة التاريخ كمعادل موضوعي وأسقطه على الراهن إنما أراد تعزيز حركة فكرته إلى المستقبل وكان اختياره على أساس انتقائي مضيفاً إليه فعلاً ثقافياً جديداً حتى يستطيع تشخيص وفهم قضايا الراهن ليصنع واقعاً جديداً متطوراً يحمل معاني العطاء والإثراء تحقيقاً للهوية العصرية أو للهوية الثورية التي تتجسد في مفهومه كفعل تغييري متجدد :-

هل الشيوعي أتى المالي كما قصدت
محنية الظهر والثديين عطارا
كلا النقيضين كالأنقاض فأرتحلي
ياسرة الأرض زلزالا وإعصارا
وأستفتحي عالماً أنقى يرف صبا
ويثمر الثورات الخضر أبكارا
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد

ملخصات تغذية الموقع
جميع حقوق النشر محفوظة 2009 - (صنعاء نيوز)