صنعاء نيوز/عبدالله الصعفاني -
كنت قد باشرت في وضع قائمة بالتحديات التي تواجه هذا البلد .. وطبعاً فقد بدأت بالتحدي الأمني والتحدي الاقتصادي وتحديات فهمنا للقانون والدستور والحوار والأحزاب والقبيلة والسياسة والبزنس والفساد .. غير أن القائمة طالت وأكدت أن التفاصيل كثيرة والشيطان في التفاصيل.
* مساء الخميس الماضي قمت بتلبية دعوة لحضور زفاف شاب في حي القادسية على مقربة من قسم علاية .. ورغم أنني وجدت صعوبة في الوصول إلى مكان الزفة لعدم وجود مظاهر الزفة المعروفة المتمثلة، في إطلاق الألعاب النارية التي تضيء سماء الحفل إلا أنني فوجئت بطقم يقتحم الزفة بصورة دفعت العريس نفسه إلى الهرب والمعازيم إلى التفرق .. والحق أنني لم أشاهد أي إطلاق نار من المحتفلين بالزفاف وحتى وقد قيل بأن ألعاباً نارية أطلقت بعد الظهر تمنيت لو أن أفراد الأمن اقتسموا مع أصحاب العرس الحرص على تجسيد علاقة التعاون بين المواطنين ورجال الشرطة..
* ولست مع أي موقف يسيء إلى رجال أمن أو إلى سيادة القانون لكنني أتساءل وفق ما شاهدته على الأقل .. هل من الضروري أن يعمل أفراد من الأمن على إفساد أفراح الناس وإجبار العريس على مغادرة مكان زفته وإشاعة الخوف عند الحاضرين وبعضهم أطفال رافقوا آباءهم..
* واللافت أنني حضرت في ذات المساء فرحاً مماثلاً امتلأ سماؤه بالألعاب النارية بل وبالرصاص المضيء ولم يقترب منه أحد الأمر الذي يشير إلى قصور في التوجه وانتقائية ومناسباتية في الموقف.
* والعبد لله مع منع المظاهر الاحتفالية في الأعراس بالمفرقعات والرصاص الذي يقلق راحة الناس ويصادر هدوءهم بل ويهدد سلامتهم ولكن .. ما هذه الانتقائية وما تلكم المعالجات التي تغتال الأفراح وتتلف أعصاب معازيم .. بل وتحاصرهم حتى أنني لم أتمكن من المغادرة بسيارتي إلاّ بصعوبة وبعد التعريف بأنني صحفي حضرت جانباً من الزفة وحان وقت عودتي..
* مشهد غير حضاري ولا قانوني أن يندفع سائق طقم إلى داخل حلقة زفة، كما لو أنه يهاجم وكراً للإرهاب .. المشهد أيضاً يفرض الحاجة لئلا تكون علاقة رجل الأمن مع المواطنين مبنية على عدم الثقة .. وأن يتمتع الأول بالقدرة على ضبط النفس والتعامل مع المواقف وفقاً للقانون حيث ليس بمقدور صاحب عرس يحتفل أمام منزله أن يهرب من المحاسبة على أي خطأ في ما بعد فلماذا التمثيل المستفز والعنيف للقانون ومتى نتعلم السيطرة على الأعصاب وعدم إخافة الآمنين وإفزاعهم .. وغير مقبول أيضاً أن يفقد مدني توازنه ويتعاطى مع الموقف بانفعال غير مسؤول.
* وفي الوقت الذي يجب فيه أن تكون حقوق رجال الأمن مصانة لا يجوز أن تكون حقوق المواطنين مهانة وللوزير الدكتور عبدالقادر قحطان وقيادة الأمن المركزي اللواء فضل القوسي والعميد يحيى محمد عبدالله صالح أن يتصوروا حالة أب يرى ابنه العريس ويرى معازيمه يتطايرون في الأحواش والأزقة الخلفية أثناء نشيد الزفة لمجرد أن ألعاباً نارية اطلقت عصراً وجرى تسوية الموضوع وتوجيه صاحب العرس للحاضرين بعدم إطلاق أي ألعاب نارية في المساء.
* ثم أن عندي سؤالا لا يراوغ ولا يتحذلق .. متى تكون الإجراءات الأمنية في مثل هذه المناسبات هادئة .. وغير مستفزة أو مروعة .. لأن القانون كما أفهمه عدالة وليس فيه إذلال أو استعراض أو مناسباتية وانتقاء للتنفيذ.
* وأما وقد أفضى الأمر إلى سجن سبعة من أصحاب العرس فإن الأمل هو حل الإشكال وفقاً للقانون والظروف الموضوعية لما حدث .. وحسبنا أن نتذكر بأن أي مجتمع طبيعي له قواعد ومرجعيات أساسية لا تراعي حرمة القانون والدين والأخلاق بما يمنع الإجحاف أو سوء الفهم الذي قاد إلى اعتبار حتى من حضروا الحفل مجرد تشكيل عصابي يستحق الضبط.
* وعذراً فمثل هذه الأخطاء وإن كانت فردية تبقى بحاجة إلى تصحيح يأخذ في الاعتبار حرمة المناسبات وحرمة القانون وهذا ما نتمناه من جهاز أمني نحترم كل قياداته وأفراده ونتمنى عليهم أن لا ينسوا حاجتنا إلى العبور الأمن حتى إلى الأعراس (وهدوا إلى الطيب من القول .. وهدوا إلى صراط الحميد).