صنعاء نيوز/د.عادل الشجاع -
منذ بداية الأزمة اليمنية تمنيت على القوى السياسية أن تدير الأزمة وعينها على ما بعدها، ولم يكن ذلك دعوة لبقاء طرف على حساب طرف آخر بقدر ما كان نداء نتعلم فيه من تجارب سبقتنا، ولكن قدّر الله وما شاء فعل.
ويبدو أننا نعيش حالة قدرية لها منطقها الذي يصعب وقفه أو تغيير مساره عند نقطة بعينها، وعلى ما يبدو ويلوح في الأفق أننا سنشهد لعبة للكراسي، لكننا لا نعرف فيها عدد الكراسي ولا ما هو مصير الذين لن يجدوا كرسياً يجلسون عليه.
ولست بحاجة للقول: إن أحزاب اللقاء المشترك قد وقعت في فخ نسف النظام السابق، ولا يهمها التغيير في الجغرافيا، كما لا يهمها بناء الدولة الوطنية التي هي الضامن لحماية الوطن من التفتت.
لقد خرجت اليمن من العام 2012م وهي مثقلة بالجراح، وبالدم النازف في مختلف المدن اليمنية، وبالمخاطر الجمة التي تحدق بمصير هذا الشعب، ولا نجد أمامنا بارقة أمل، بل قلق كبير من المستقبل القريب وتداعيات الحاضر.
كيف سيكون مستقبل اليمن في 2013؟ وأين القوى المدنية من هذه المحطة الزمنية الجديدة؟!.
يقال: إن في الإعلام والسياسة لا توجد نبوءات، إنما هي توقعات، هذه التوقعات تكون مبنية على تحليل موضوعي للواقع، يحاول قراءة المستقبل من خلال ما هو متوفر من معلومات عن هذا الواقع، وعن القوى المؤثرة فيه سلباً أم إيجاباً.
في هذا السياق، فإن الواقع الراهن في اليمن يسير في تداعياته إلى احتمالات لا تبشر بالخير، ما لم يتم وقف أسباب التدهور.
هناك من يرى أن التحدي الحقيقي في هذه المرحلة يتمحور حول مسألة الديمقراطية، لكنني أعتقد أن المشكلة الحقيقية في واقعنا اليوم، هي تراجع مفهوم الوطن وتعثر تطبيق حق (المواطنة).
إن البلاد في حال من الفوضى والعبث والصراع على مستوى الشارع، واستباحة الوطن من الخارج، وغياب الحياة السياسية والاجتماعية السليمة.. فهل لهذا المزيج أن ينتج مستقبلاً أفضل؟ هناك ضعف للهوية الوطنية الجامعة لصالح المنطقة.
هذا يعني أن المواطن اليمني يعتقد أن الوطن ليس لكل المواطنين، وبأن الوطن هو ساحة صراع على مغانم.
إن ضعف الهوية وضعف الانتماء الوطني هو تعبير عن فهم خاطئ للانتماءات الأخرى؛ فالانتماء القبلي والمذهبي والمناطقي تحول إلى خلاف عنف وصراع دموي..
إن اليمن الآن أمام خيار الحفاظ على الوحدة القائمة أو الانحدار أكثر نحو التفتيت.
هناك حاجة قصوى من قبل الأحزاب السياسية والقوى الأخرى لوقفة مع النفس قبل فوات الأوان، وهناك حاجة إلى فكر وطني جامع يتجاوز المناطقية والمذهبية، ويقوم على الديمقراطية ونبذ العنف.
وهناك حاجة ملحة للفرز بين الذين يريدون بناء وطن لكل اليمنيين ومن يعمل على تمزيق الوطن لتحقيق مصالح فئوية مؤقتة.
لقد تحمل اليمن جراء الأزمة ثمناً باهظاً، ولم تتضح الطريق بعد إلى أين تمتد بنا، والحيرة مازالت هي سيدة الموقف، والتردي اللامسؤول للحالة الاجتماعية يتمدد بشكل يومي.. لقد صنعت الأزمة في اليمن على يد طغمة كانت لها يوماً أحلام كبيرة.
إن قضايا الأمن والاقتصاد وإدارة العلاقات الإقليمية والدولية لا تنتظر أحداً، فهي تضغط بشدة على الرئيس هادي، ونحن أمام مجهول يطرح أسئلة ولكن كيف سنجيب عليها؟!.