shopify site analytics
الموقع بين الواقع والمُتوَقِّع - إغلاق مستشفى خاص بذمار لمخالفاته الجسيمة - قرار باغلاق مكاتب “الجزيرة” في اسرائيل - 1.2 مليار ريال تصرفها مأرب بشكل يومي على كهرباء عدن دون ان يرى المواطن النور - تحذير: التلوث الاجتماعي يهدد بتدمير النسيج الاجتماعي - هجرة الأدمغة من الدول النامية نحو الدول المتقدمة - القدوة يكتب: اليوم العالمي لحرية الصحافة واغتيال الحقيقة الفلسطينية - ما وراء تراجع شعبية المجلس الانتقالي في الجنوب؟! (تقرير صادم) - انهض يا رجل في سطور - ملكة جمال المحجبات 2019 دنيا الخلداوي تفتتح الفرع الخامس ل مركز التخسيس الخلداوي -
ابحث عن:



صنعاء نيوز - وكيل وزارة المالية لقطاع الإيرادات يكتب عن: النفط.. والغرق في المجهول
وكيل وزارة المالية

الخميس, 29-مايو-2014
صنعاء نيوز/ محمد ناصر الجند -

ينشر «المصدر أونلاين» مقالاً للوكيل مساعد لوزارة المالية اليمني لقطاع الإيرادات محمد ناصر الجند في وقت تشهد فيه البلاد أزمة خانقة في المشتقات النفطية وجدلاً حول نية الحكومة رفع الدعم عن الوقود.. إلى نص المقال:



حظيت اليمن بفرصة نفطية متواضعة، وبالرغم من ذلك الا إن عائداتها كانت وعلى مدى سنوات ذاتأهميه كبيرة، حيث شكلت بين 70- 80% من الإيرادات العامة السنوية، وما يربو عن 80% من إجمالي قيمة الصادرات الوطنية.



ومنذ سنوات عدة نسمع أن اليمن ستتحول إلى مستورد صاف للنفط بحلول عام 2016 وفق مؤشرات رسمية، وتمثل هذه المؤشرات أقوى صفارة إنذار، بأن البلاد أصبحت على مقربة من حقيقة نضوب النفط وانتهاء زمن تلك الفرصة النادرة والاستثنائية، فهناك تراجع مستمر في الكميات المنتجة و بالتالي في حصة الدولة من النفط الخام مع استمرار سياسة إنفاق لا تتوافق مطلقا مع هذه المعطيات.



الحقول الرئيسية لإنتاج النفط أصبحت متقادمة وعمليات التطوير متوقفة وتكلفة الانتاج مرتفعة بفعل الكسر المائي في بعض الحقول والذي يصل إلى 98% وفقاً لتقرير لجنة التنمية والنفط المرفوع لمجلس النواب بشأن الصعوبات والتحديات التي تواجه عمليات النفط والذي تمت مناقشته في 6 يناير2014، إلى جانب صعوبات ومعوقات أخرى أبرزها وأكثرها تعقيداً تلك المتعلقة بالجانب الأمني والأعمال التخريبية والتقطعات والتهديدات وما تتعرض له الشركات من ابتزاز وفرض إتاوات بالإضافة إلى اختلالات مؤسسية وإدارية ترفع منسوب خطر انتهاء حقبة النفط، خاصة مع الشلل الواضح في آليات الاستكشاف والاستخراج الجديدة، الأمر الذي يستدعي بالضرورة التساؤل عن العديد من الجوانب الحيوية في هذا الصدد.



هل أجدنا التحدي في الاستعداد لدخول عمليات النفط؟، وهل أحسنا استغلال عائدات النفط، وأعددنا الدراسات والخطط لمسار اقتصادنا وحياتنا بعد مغادرة النفط الوشيكة؟، وهذه التساؤلات كان يجب التعامل معها قبل استخراج البرميل الأول من النفط فقط مع تغيير صيغة الأفعال، باعتبار أن عمل الدول يقوم على التخطيط المسبق بما يحتويه من مبادئ التنبؤ والشمولية والمرونة.



كمتابع دائم وباحث في الشأن المالي والاقتصادي، أجد أن أحدا ما لم يمنح هذه التساؤلات المحورية وغيرها لم تنل الاهتمام الكافي حتى لوضعها كتساؤلات جادة، وليس وضع الإجابة الواضحة لها كما يفترض، وذلك بشكل عام يحتاج إلى المراجعة الصادقة والموضوعية لمسار السياسات المتبعة، والنهايات التي يؤدي إليها، ومن ملامح عدم وجود هذه المراجعات، عدم وجود سياسة واضحة وخطط مسبقة أو مصاحبه لإدارة عمليات النفط، وبشكل أكثر وضوحا عدم إصدار قانون النفط حتى الآن، إضافة إلى غياب الفاعلية وعدم الارتقاء بالكوادر والخبرات المحلية، والتضارب وعدم وجود بناء مؤسسي كفء لإدارة عمليات النفط، وغياب المنافسة والسرعة عند التعاقد في ظل غياب العقود النموذجية والشروط المرجعية واللوائح المنظمة، التي تتيح للجانب الوطني المشاركة الفاعلة في إدارة عمليات النفط.



كما أن تحصين نتائج أعمال الشركات من الخضوع للرقابة والمراجعة من قبل الجهات الرسمية المختصة، يمثل أبرز ملامح غياب الشفافية كجوهر أساسي للحكم الرشيد، وقد ساعد ذلك على تعظيم الخسائر في مراحل الإنتاج والتحويل وحرق الغاز المصاحب وتدمير الصناعة النفطية والقيام بأعمال عديدة متعارضة مع كل ما هو سائد في جميع دول العالم على اختلاف نماذجها.



أما عندما يتزامن تراجع الإنتاج مع تحفيز وتشجيع الاستهلاك المحلي للنفط في السوق المحلية بصورة مشوهة أبرز ملامحها تبديد حجم كبير من عائدات النفط في دعم المشتقات النفطية التي لا تنعكس إيجابيا على الفقراء، بل تشجع فئة نخبوية سعيدة بهذا الدعم على استغلال نفوذها في تبديد هذه المشتقات وتهريبها، فقد وصلت مبالغ دعم المشتقات النفطية بأنواعها الصريحة والضمنية والمستترة إلى 30مليار دولار إلى 2013وبالمقابل بلغت خسائر تهريب الديزل إلى5 مليار دولار حتى2013، وبالتالي فإن النتائج السلبية لهذا السلوك الحكومي ستكون مزدوجة الأثر على المدى القريب و المتوسط.



ومن جانب آخر فأبسط ملامح عدم الاستفادة من فرصه النفط، تتمثل في عدم تأمين احتياجات البلاد من الطاقة وتنمية المجتمع، حيث مثل الإنفاق على جوانب التنمية البشرية من تعليم وصحة نسبة هامشية لا ترقى إلى مستوى التحديات في تلك الجوانب الحيوية، بينما يتم استنزاف الموارد الشحيحة من العملات الصعبة في تسهيلات مصرفية كبيرة لتمويل جوانب استهلاكية مشوهة وترفيهية مدمرة للبيئة والاقتصاد والمجتمع.



إن أي طبيب ولو بقدرات عادية، لا بد أن يشخص حالته المرضية جيدا وبكل الوسائل قبل أن يبدأ تدخلاته الكيميائية أو الجراحية، ولو استخدم مشرطه قبل معرفة الحالة فإن هذا المشرط سيتحول من أداة للشفاء، إلى أداة قتل أو على أقل تقدير أداة جرح وأذى قد تسبب إعاقة دائمة، لكن هذا الأذى لا ينعكس على حالة مرضية واحدة، والحكومة بحكم وظيفتها ومسئولياتها تشبه الطبيب الجراح، والمخبري، والصيدلي في وقت واحد، وأي خطأ في تشخيصها لواقع الأمور، وبالتالي طريقة معالجتها لن ينعكس على حالة مرضية واحدة، بل على شعب بأكمله.



من المسلم به أن الثروات الطبيعية - خاصة غير المتجددة منها - تعد وسيلة لتحقيق أهداف معينة بواسطتها وليست غاية لذاتها، فقد تستخدم أحيانا بشكل متناقض مع وظيفتها في حال عدم إدراك العنصر البشري لدوره ومسئولياته في التعامل معها، واستخراجها ليس أكثر من خطوة أولية، فالأهم من ذلك كيفية توظيفها للصالح العام، وتحويلها إلى قوة بناء وتعمير للبلد، وهذا هو المحك الذي يمكن بناء عليه قياس وتقويم أداء الحكومات المتعاقبة في هذا المجال، أما إذا اقتصر الأمر على التعامل مع هذه الثروات المحدودة في اليمن كنفقات غير استثمارية، وغير جالبة لعوائد مالية مستقبلية، يمكن أن تمثل بديلا عن العائدات النفطية المؤقتة، فإن ذلك يشبه تعامل مزارع فقير مع كيس من الحبوب حصل عليه صدفة، وبدلا من استخدامه كبذور في حقله لإنتاج أكياس قمح أخرى، اكتفى بطحنه وخبزه لأيام، ثم عاد ليعاني الجوع من جديد نتيجة استخدامه غير الرشيد لثروته المؤقتة ولم يدرك مقدار الخطأ الذي ارتكبه إلا بعد لسعة الجوع الأولى.



كون جوهر الهدف من إدارة عمليات النفط هو تحقيق فوائد مستديمة للمجتمع، فإن النفط في اليمن كان وسيظل مجرد حلم مرافق لسبات عميق للإدارة الاقتصادية، فبدلاً من الاستفادة منه في تحقيق التطور وإزالة الفقر والحاجة من المجتمع وخلق اقتصاد قادر على النمو والاستدامة؛ تم إدارة النفط بصورة تجعل منه كابوسا رهيبا مفزعا وهو ما يمكن الاستدلال عليه ببساطة من واقع الحال الذي تعيشه البلاد من فقر وأزمات، حيث أن50% من المجتمع تحت خط الفقر، وأن نصف المجتمع اليمني لم يزل يرزح تحت عباءة الأمية القرائية، و مثلهم محرومون من الطاقة الكهربائية (التي هي في الأصل على عتبة الانهيار)، مع معدلات عالية وغير رشيدة في الزيادات السكانية، ونظام تعليم يفتقد إلى الجودة والنوعية، بالتزامن مع تفاقم الاختلالات الأمنية وبما يهدد التنمية واستقرار المجتمع، كما أن اليمن من أفقر دول العالم من حيث الموارد المائية في ظل تبديد واستنزاف وغياب للوعي بأهمية هذه الثروة، ومخاطر نضوبها.



علاوة على ذلك فإننا بدأنا نواجه حاليا أسواء العواقب لنقمة النفط التي حلت علينا حتى وصلنا إلى مرحلة أصبح فيها الاستمرار في الإنفاق الجاري وليس حتى الاستثماري من أكبر التحديات، حيث أن المالية العامة قد لا تستطيع حتى الوفاء بمتطلبات الإنفاق لتوفير مرتبات القطاع العام، في ظل ارتفاع عجز الموازنة إلى مستويات قياسية، وعدم إصلاح هيكلية الموارد، ما ينذر بانهيار المالية العامة وإفلاسها.



وكما هو معلوم أن عدم وجود بديل لصادرات النفط سيؤدي إلى انهيار الحساب الجاري كون العائدات الأخرى المتاحة لا تكفي حتى لتغطية جزء بسيط من احتياجات البلاد الاستهلاكية من الغذاء والمواد الاساسية المستوردة من الخارج ولفترة زمنية محدودة، فما بالنا بالاحتياجات الأخرى في ظل مجتمع استهلاكي يعتمد على الخارج في توفير أغلب احتياجاته، وبما ينذر أيضاً بتوقف قطاع الطاقة إذ لا يوجد أي موارد أو عائدات متاحة لتغطية الاستيراد لمتطلبات انتاج الطاقة وتمويلها في ظل تحول اليمن إلى مستورد صاف للنفط في المستقبل المنظور بل والعاجل.



وبعد كل ذلك يبرز أمامنا سؤالً أخير وهو؛ ما العمل؟ وهل نستمر في السير الأعمى والغرق في المجهول، وبما لا يسمح لأي وسيلة، أو جهة أن تنقذنا من ذلك المصير؟، وهل أصبحنا نفتقد إلى أي حيله أو جهد؟.



أقول هنا أن ثمة فرصة متاحة وهي في الوقت الضائع وفي السنوات الاخيرة لحقبتنا النفطية، إذا ما وجدت الإرادةوقررنا أن نفوق من سباتنا ونعترف بالمشكلة على ان تشخص على أسس علمية وموضوعية، ومن ثم يتم البناء عليه والعمل على صياغة برنامج ورؤية وطنية جامعه نعمل على تنفيذها خلال ما تبقى من المرحلة الانتقالية وقبل الانتقال إلى الوضع الفيدرالي المستقبلي الذي يجب أن نحرره من بعض الثغرات والاختلالات الخطيرة الموجودة حاليا، حتى لا يبدأ بها تاريخا مأساويا قديما في يمن جديد.
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد

ملخصات تغذية الموقع
جميع حقوق النشر محفوظة 2009 - (صنعاء نيوز)