shopify site analytics
مصادر إسرائيلية تؤكد عدم وجود السنوار في رفح وتكشف مكانه المحتمل - إبعاد الناشطة المناخية غريتا بالقوة من مظاهرة لدعم فلسطين - محتجون يضرمون النار بالإطارات التالفة في عدن - القدوة يكتب: اكتشاف المقابر الجماعية وارتكاب الإبادة الجماعية - انطلاق المهرجان الوطني الأول للمانجو اليمني - اطلاق سراح 49 صيادا يمنيا من سجن ترمة الإرتيري - قيادات جامعة ذمار تشارك في مسيرة - جامعة ذمار تقيم وقفة تضامنيه مؤيدة لطلبة الجامعات الغربية - رئيس جامعة ذمار يدشن الامتحانات النهائية بكلية الحاسبات - منيغ يكتب: ليست بالرَّكيكة عن الحكومة الضاحكة -
ابحث عن:



صنعاء نيوز - يقول الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } (الحج 77) .

الأربعاء, 07-يناير-2015
صنعاء نيوز/بقلم عمر دغوغي -
يقول الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } (الحج 77) . نداء من الله تعالى للمؤمنين يحضهم على الإقبال عليه سبحانه بأعمال العبادات والمعاملات ،في تلازم وتكامل بينها ،: { واعبدوا ربكم وافعلوا الخير.. }، فكل أعمال الطاعات عبادة لله تعالى بالاستجابة له فيما يرضيه ،سواء في القيام بواجب حقوقه الخالصة كالتوحيد والصلاة والصيام والحج وغيرها ، أو في التزام حسن الخلق والمبادرة إلى فعل الخير في معاملة الناس ، وافعلوا الخير.
فالإسلام دين عقيدة وشريعة، عام وشامل وكامل، تحيط تشريعاته الحكيمة بجميع مجالات الحياة الإنسانية، المادية والروحية والاجتماعية والحضارية، من خلال مقتضيات العقائد والعبادات والمعاملات، في تلازم وتكامل، لا يستقيم منها جانب دون أخر. فالتوحيد أساس إيماني اعتقادي ، والعبادات استجابة وتطبيق لذلك في علاقة المسلم بربه ، والمعاملات مجال تفعيل لمقتضيات كل ذلك في شؤون الحياة والمجتمع ، التزاما وانضباطا بين الأوامر والنواهي الشرعية . ويعني ذلك التلازم والتكامل بين الإيمان والعبادة ، والأخلاق والمعاملات ، فلا انفصال بينها إلا مظهريا ، أما في تدين المسلم فإن إيمانه وعبادته وأعماله ومعاملاته منظومة سلوكي متكاملة ومتفاعلة يغذي بعضها بعضا ويشهد بعضها لبعض. فالإيمان طاقة عقدية حافزة تغذي همة المؤمن بعزائم الإرادة والصبر والثبات في العبادة، والعبادات برهان الإيمان وحافز الاستقامة الخلقية، والأخلاق روح العبادة وجوهر الإحسان في العمل والمعاملة.
وتحضر هنا مقولة فقهية مشهورة ، وجيزة وجامعة : ( الدين المعاملة ) ، يحسبها كثير من الناس حديثا نبويا ، وما هي بحديث ، ولكن معناها صحيح تشهَد له مَقَاصِد الدِّين في كثير من آيات القرآن والأحاديث النبوية ، بما تنصص عليه من أهمية السلوك والمعاملة في حقيقة التحلي بالإسلام وتطبيقه ، لأن المعاملة معيار التزام المسلم بدينه ، وبرهان إيمانه وتقواه، بحيث لا يجدي تدين لا يستقيم على إحسان المعاملة ، وقد كتب الله الإحسان على كل شيء كما نص على ذلك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم . لذا فالعمل بالإسلام لا يقتصر على الإيمان وأداء الأعمال التعبدية الظاهرة وحدها كالصلاة والزكاة والصيام والحج وغيرها، بل لا بد أن يكون لهذه الأعمال آثار طيبة تطبع سلوك المسلم وتميزه في جوانب حياته كلها أقوالا وأفعالا وأحوالا.
ولقد أتى على المسلمين حين من الدهر شغلوا بالدنيا عن التفقه في الدين ، وابتعدوا عن حكمة الإسلام ونبل مقاصده ، فتسربت إليهم أوهام واختلال في فهم الدين وفي سلوك التدين؛ فأصبح منهم من يتوهم الإيمان مجرد شعور قلبي لا حاجة معه إلى أفعال تعبدية ولا خلقية ، ويزعمون أن الله غني عن طاعاتهم ما دام يطلع على ما في قلوبهم من حسن الظن به "وكذبوا ، لو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل "كما قال الحسن البصري . ومنهم من توقفوا بدينهم وتدينهم عند الشعائر التعبدية الصرف وحدها ، ولا يعنيهم منه مقاصده وأحكامه وضوابطه في الأخلاق والمعاملات ، فإذا هم على تصرفات تناقضه كليا أو جزئيا ، يفرقون بين الدين والدنيا ،وبين الدنيا والآخرة، فإذا فرغوا من هذه العبادة أو تلك ، قد لا تجد للإسلام دوراً أو أثرا في حياتهم العملية ،وقد يتساهلون أو يترخصون في المحرمات والمنكرات القولبة والفعلية.
وكما أن شاهد صدق العبادة يتجلى في إحسان المعاملة مع الناس، فكذلك أعمال العبادة برهان الإيمان.وَلِذَلِك يُخْطِئ كَثِيْر مِن الْنَّاس عِنْدما تَأْمُر أحدهم بِالْصَّلاة أَو الصِّيام والزكاة أَو أَي عَمَل صَالِح فَيَقُول : أَنَا في عبادة لأنني لا أَسْرِق،وَلا أَزْنِي، وَلا أَشْرَب الْخَمْر، وَيَدِي نَظِيْفَة، وَإِيْمَانِي فِي قَلْبِي.. وذلك سوء فهم وضلال ، لأن الدين كل لا يتجزأ اعتقادا وعملا . لكن المؤمنين الصادقين ، الذين يأخذون دينهم عن علم ويقين وبصيرة ، يستجيبون لشريعته ويلتزمون به إيمانا وعبادة وأخلاقا ومعاملات، على قدر استطاعتهم ، لا يفرقون بين أركانه وأحكامه وآدابه ولا ينتقون ولا يعطلون.

ولما كانت حقيقة الدين إنما تتجلى عمليا في إحسان معاملة الناس، فإن مدلول المعاملة واسع يشمل كل علاقات المسلم ومجالات تدينه والتزامه، وهي بذلك تتضمن مقاصد الحديث النبوي:( الدين النصيحة ). والنصيحة: إخلاص والتزام وإحسان في كل الأعمال والمعاملات:
ـ فالدين المعاملة في علاقة المسلم بربه وهو يقبل عليه بأداء حقوقه سبحانه، إيمانا وتوحيدا وعبادة ،على الصدق والإخلاص ، سمعا وطاعة وتسليما وتعظيما وتوقيرا . في كل ما يقتضيه منه ذلك قلبا وعقلا وجوارح ، فيجعل وجوده كله لله عبودية وعبادة : {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ } (الأنعام 162).
والدين المعاملة في علاقة المسلم بالناس وسائر الخلق ، التزاما بأوامر الله تعالى وحدوده ، عملا بالعدل والإحسان ، في رعاية الحقوق وأداء الواجبات وتحقيق الصلات وفعل الخيرات وبذل النصح وكف الظلم والأذى : { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } ( النحل 90 ) ، ومناط ذلك كله في التحلي بأخلاق الإيمان كما يأمر النبي صلى الله عليه وسلم: ( وخالق الناس بخلق حسن ) (احمد والترمذي). وفي حديث آخر: ( أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وخياركم خياركم لنسائهم ) (الترمذي).
إن أخلاق المعاملات وفق الأوامر والنواهي الشرعية هي روح العبادة ولبابها ، بل هي برهانها وشاهد صدقها ، وإلا فإن إخفاق العبد في مجال المعاملات بالتهاون والتفريط ، له عواقب وخيمة على عباداته نفسها ،التي قد يكون مصيرها ضياع ثوابها بسبب إساءته في معاملة الناس ، كما هو حال المفلس الذي أخبر عنه النبي الكريم وحذر فقال :( أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟" قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ، فَقَالَ: "إِنَّ المفلسون أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا؛ فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ؛ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ) ( أَخْرَجَه مُسْلِم). فَهذَا الْمُفْلِس جَاء بِالإِسْلَام الْظَّاهِر في العبادات مِن صَلاة وَصِيَام وزكَاة وَلَكِنه أساء فِي مُعَامَلَة الْخَلْق ،وفرق في تدينه بين العبادة والسلوك ،اجتهد في أداء حقوق الله بالعبادة ، وتنكر لواجب حقوق العباد ،وفي كل ذالك عبادة بالطاعة والاستقامة ، فَدَل ذلك عَلَى ضَعْف إِيْمَانه وَتقواه ،فَرَسَب فِي موازين العدل يَوم الْقِيَامَة ،يَوْم يُكَرِم الْمَرْء أَو يُهَان. فحق له أن يكون يومئذ صفر اليدين. وذلك لأن عبادته لم تؤت ثمارها التي شرعت من أجلها، وهي ضبط السلوك وإحسان المعاملات.
فالصلاة وهي عمود الدين، ليست مجرد حَرَكَات تعبدية، لَكِنَّها تُربي صاحبها على التزام الْحَق وَالْصِّدْق وَالعدل،واجتناب الفحشاء والمنكر والبغي ، لقوله تعالى:{وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ} العنكبوت7) ، بل هي عَوْن عَلَى الالتزام بِشَرْع الْلَّه وَالْقِيَام بِأَمْره : { وَاسْتَعِينُوا بالصبر والصلاة} [الْبَقَرَة: 45.
والْصَّوْم لَيْس عبادة جُوْع وَعَطَش وحرمان، بَل هُو شعيرة تربوية تغذي القلب بالتقوى والجوارح بالانضباط والالتزام : { كُتِب عَلَيْكُم الصِّيَام كَمَا كُتِب عَلَى الَّذِيْن مِن قَبْلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُوْن } [الْبَقَرَة: 183]،وَقَال صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم: (مَن لَم يَدَع قَوْل الْزُّوْر وَالْعَمَل بِه فَلَيْس لِلَّه حَاجَة أَن يَدَع طَعَامَه وَشَرَابَه ) ( البخاري وغيره). وَقَال : (رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع، و رب قائم ليس له من قيامه إلا السهر) (أحمد وأصحاب السنن).
وَالْحَج لَيْسَ شعيرة سِيَاحَة واغتراب، بَل هُو موسم عبادة ودورة تربوية لِلْطُّهْر وَالزُّهْد وَالتَّرَفُّع عَن مَتَاع الْدُّنْيَا ومساوئ الأقوال والأفعال { فَمَن فَرَض فِيْهِن الْحَج فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوْق ولا جدال في الحج } [الْبَقَرَة:197.
فالمسلم الحق هو الذي يترجم الإسلام ترجمة سلوكية عملية في واقع حياته ، ليصبح له تجليات ملموسة في علاقاته ومعاملاته أقوالا وأفعالا ، فلقد جعل النبي الكريم حسن المعاملة والعلاقة مع الآخرين من كمال الإيمان فقال صلى الله عليه وسلم:( مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ ) (رواه البخاري). وقال ( إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم ولكن يسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق) [قال الحافظ ابن حجر في الفتح: رواه البزار بسند حسن.
إن الإسلام انتشر في بلدان آسيا كالصين واندونيسيا وماليزيا وفي إفريقيا وغيرها بسبب أخلاق المهاجرين والتجار المسلمين الذين ما كانوا فقهاء ولا علماء ولا متخرجين من معاهد إعداد الدعاة ،إنما كانوا على الإسلام الصحيح الذي تشهد به أخلاقهم في معاملاتهم للناس بالحق والعدل والإحسان ، فكانوا بها قدوات طيبة مقنعة وفاعلة ، ترغب في فضيلة الإسلام و الإقبال عليه .
ذلك الذي نفتقده اليوم في الكثير من أحوالنا وقد اضطربت الكثير من أخلاقنا وساءت الكثير من معاملاتنا فأضحى التدين عند شريحة من المسلمين تديناً شكليا فاقد الروح ، عديم الثمار السلوكية الطيبة ، بل صار عدم إحسان المعاملة مسلكا منفرا من الدين من حيث لا ندري . فلو كان المعول في الإقناع بفضيلة ديننا على واقع حياتنا الإسلامية الحالية، لقل البرهان المقنع للإقبال على الإسلام .
جعلني الله وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب.
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد

ملخصات تغذية الموقع
جميع حقوق النشر محفوظة 2009 - (صنعاء نيوز)