shopify site analytics
حديث لمنظمة العمل ضد الجوع (AAH) - كلا للإساءة ( للعگال والشماغ ) الجنوبي عنوان الأصالة والمقاومة - دُعاة الفن الرمضاني اسقطتهم شباك الشماغ الجنوبي - حال المرأة الموريتانية وواقعها في المجتمع الموريتاني - منصة "الأيقونة" الإعلامية تعلن عن تشكيل مجلس أمنائها - نجوى كرم تثير الجدل بـ"رؤيتها" - بيع هاتف آيفون من الجيل الأول بأكثر من 130 ألف دولار! - فريق جامعة ذمار يحقق فوزاً جديداً في كرة القدم - الخميسي يكتب: مات ساجداً ..! - رئيس وزراء إيرلندا يفاجئ بايدن بدعم صريح للقضية الفلسطينية -
ابحث عن:



صنعاء نيوز - مرجعية الإرهاب في المنطقة ( داعش نموذجا )

الأربعاء, 04-مارس-2015
صنعاء نيوز/الدكتور عادل عامر -

لاشك إن لكل جماعة أو فرقة أو طائفة في الإسلام مستند شرعي تستند إلية فيما تذهب إلية ويكون هو حجتها ولابد عقائديا كان أو فقها أو فكريا وبه تدعوا وتناظر وكلما كان ذلك المستند الشرعي قويا ( كتابا وسنة ) كانت لتلك الفرقة البقاء علي الساحة السلامية وكثر إتباعها وتشرف المسلم بالانتماء إليها والدعوة إليها وليس هذا من باب التفرق والتحزب ولكن من باب التعاون علي البر والتقوى وفي هذا المقام نتكلم عن مذهب عجيب ظهر في الأمة وهو مذهب الخوارج وهو مذهب لازال منذ ظهوره عدوانيا سواء علي المستوي الفكري أو العملي وطالما كان الذي تفرضه الخوارج عن طريق تطرفها وغلوها وسفك الدماء بوحشية ودون تثبت وهنا الكلام عن خوارج جدد وهم داعش ومن علي نهجها فقد ظهروا يقتلون ويذبحون العباد ويفسدون في البلاد باسم الدين والجهاد
من جانب آخر، فإن ما يقدمه داعش حول نموذج الحكم الإسلامي باسم دولة الخلافة في هذا العصر وبالاستناد إلى فهم غير صحيح لبعض النصوص والروايات والفتاوى بات يشكل تحديا حقيقيا للتيار الإسلامي المعتدل، نظرا لما يثيره من شكوك حول صلاحية المشروع السياسي الإسلامي الذي تنادي به الحركات الإسلامية المعاصرة منذ عقود من الزمن من أن الإسلام هو الحل، وأن الشعوب في ظل الحكم الإسلامي سوف تعيش في أمان وحرية وعدالة ورفاهية.
أكثر من ذلك فإن ممارسات داعش ودولته أصبحت تثير لدى البعض تساؤلات وشكوكا حول حقيقة وسطية دعوة الإسلام وتسامحها وروح التعايش التي تعامل بها المسلمون عبر التاريخ -خاصة في عصورهم الزاهرة- مع مختلف أصحاب الأديان والمذاهب في إطار المجتمع الإسلامي الكبير. غير أن ما يقوم به داعش وغيره من المنظمات والجماعات الإسلامية المتطرفة -من باكستان إلى الشام والعراق ووصولا إلى نيجيريا من ممارسات خاطئة تدمر البلاد والعباد- يستند في كثير منه إلى تفسيرات غير صحيحة وغير منطقية لبعض آيات الجهاد، إضافة إلى بعض الأحاديث والروايات والأحداث التاريخية، كذلك فتاوى بعض الفقهاء قديما وحديثا. من هنا، فإن دراسة الأسباب الذاتية والموضوعية لظاهرة التطرف الإسلامي بصورة عامة وداعش بصورة خاصة تعتبر من الواجبات الملحة بالنسبة للباحثين والمفكرين الإسلاميين بهدف إبراز جوانب المسؤولية التي تواجه التيار الإسلامي المعتدل إزاء هذا التحدي وما يمثله من تهديد وشكوك حول وسطية الإسلام وتسامح دعوته وصلاحية المشروع السياسي الإسلامي المعاصر ودوره المرتقب في عملية الإصلاح السياسي والاجتماعي
وفي هذا المجال لا يمكن الاعتماد على المؤسسات الدينية التقليدية لأن مواقفها مع الأسف عادة ما تكون تابعة للموقف السياسي الرسمي للأنظمة الحاكمة سلبا وإيجابا. ونحن في هذا المقال لا نقف كثيرا على الأسباب الموضوعية والأجواء السياسية الفاسدة التي أدت إلى تفاقم هذه الظاهرة الخطيرة، بل نحاول أن نركز على الأسباب والعوامل الذاتية انسجاما مع المنهج القرآني الذي يقدم دائما الأسباب الذاتية على الأسباب الموضوعية، خلافا للعقل الإسلامي عموما والعربي خصوصا الذي يتعامل مع الأحداث والأزمات بالعقلية التآمرية، محاولا إبعاد اللوم عن نفسه هروبا من تحمل أعباء المسؤولية. غير أن القرآن الكريم -في معالجته أسباب الهزائم والانكسارات- دائما يلفت انتباه المسلمين إلى ضرورة البحث عن الأسباب الذاتية قبل غيرها، والمثال على ذلك عندما تعرض المسلمون للهزيمة في معركة أحد بعد انتصارهم الساحق في غزوة بدر تساءل بعض المسلمين عن أسباب تلك الهزيمة خارج أنفسهم، غير أن القرآن الكريم نبههم إلى أن الأسباب الحقيقية تعود إلى أنفسهم قائلا [أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنی هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير] (آل عمران: 165). واستنادا إلى هذا المنهج القرآني فإن الطريق الصحيح للخروج من الأزمة وتحويل الهزيمة إلى نصر هو إصلاح ما في الأنفس (الأسباب الذاتية) ثم بعد ذلك يفتح الطريق سالكا لتغيير وإصلاح ما بالقوم (الأسباب الموضوعية) مصداقا لقوله تعالى [ إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم] (الرعد: 11).
أسباب موضوعية وليس هناك أدنى شك في أن هناك عدة أسباب وعوامل موضوعية مؤثرة هي التي هيأت الأجواء لنشوء ظاهرة التطرف والتشدد الإسلامي وتطورها وانتشارها في عموم المنطقة العربية والإسلامية، ومن هذه الأسباب: - البيئة السياسية الفاسدة الناتجة عن الدكتاتورية والاستبداد السياسي للأنظمة الحاكمة، إضافة إلى الاحتلال الأجنبي لبعض البلدان العربية والإسلامية، مع ظاهرة العنف الطائفي وحالة عدم الاستقرار الأمني والاجتماعي في كثير من هذه البلدان. - اعتماد الحل الأمني واستخدام القوة المفرطة وممارسة سياسة الإقصاء والاستئصال والقمع من قبل الأنظمة الحاكمة ضد المعارضين السياسيين والإسلاميين منهم بصورة خاصة. - التخلف الحضاري وانعدام الشفافية وغياب العدالة الاجتماعية واستشراء الفساد المالي والإداري التي تؤدي إلى تفاقم حالة الفقر والبطالة المتفشية خاصة في صفوف الشباب. - مخططات وتدخلات الأجهزة المخابراتية المحلية والإقليمية لاستخدام التطرف الإسلامي في إذكاء الصراعات السياسية، خاصة ضد التيار الإسلامي المعتدل. - سياسة الكيل بمكيالين والمواقف الانتهازية التي تمارسها الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة ومساندتها الأنظمة الاستبدادية في البلدان العربية والإسلامية. - عدم نجاح ثورات الربيع العربي السلمية ضد الدكتاتورية وقمع وإقصاء التيار الإسلامي المعتدل على إثرها خاصة في مصر، مما أعطى مبررات متضافرة لتقوية ظاهرة التطرف والعنف الإسلامي وعودتها إلى الصدارة من جديد.
الأسباب الذاتية
المقصود بالأسباب الذاتية هي تلك التي تتعلق بكيفية فهمنا الإسلام وقراءتنا التاريخ والتراث الفكري والفقهي خاصة في قسمه السياسي، مع كيفية عرضه والدعوة إليه والتطبيق العملي لكثير من الأحكام والفتاوى الفقهية القديمة منها والحديثة من قبل الجماعات الإسلامية بصورة عامة وبالأخص تلك الجماعات التي تنتمي إلى السلفية الجهادية والتي تشكل بمجموعها مبررات شرعية وواقعية في نظر بعض الإسلاميين لممارسة العنف واستخدام القوة باسم الإسلام وبكيفيات مختلفة تتجاوز كل الحدود والقيود، ويمكننا إجمال أهم تلك الأسباب في النقاط التالية:
1- طبيعة الخطاب الإسلامي الذي يغلب عليه بصورة عامة الجانب العاطفي والمثالي المستند إلى نظرة أحادية وتقليدية للفقه والتاريخ الإسلامي والذي ينظر إليها من قبل الكثيرين كجزء لا يتجزأ من الدين، إضافة إلى كثير من الفتاوى غير المسئولة الداعية إلى التشدد في الدين وتركز على تهييج روح الكراهية والتطرف في التعامل مع الآخر المخالف.
هذا النوع من الخطاب يمكن اعتباره أحد الأسباب المؤثرة في تغذية روح التشدد في الدين وبالتالي اللجوء إلى استخدام العنف وممارسة "الإرهاب" والذي بدوره يؤدي إلى إيجاد حالة عدم الاستقرار السائدة في المجتمعات الإسلامية المعاصرة.
2- سبب آخر لظاهرة التشدد والإرهاب باسم الإسلام يعود إلى سوء ممارسة أحكام الجهاد والتي هي في حقيقتها من اختصاص الدولة والسلطة السياسية الشرعية، لكن الأمر اختلط على كثير من الجماعات الإسلامية والجهادية منها بصورة خاصة، ناسين أو متناسين أن هذا العصر يختلف كثيرا عن العصور السابقة خاصة في كيفية استخدام القوة.
وإذا أراد المسلمون في هذا العصر نشر الإسلام والدعوة إليه فليسوا بحاجة لاستخدام القوة والأساليب القديمة، بل بإمكانهم استخدام أساليب الدعوة بالحسنى وأدوات القوة الناعمة، لكن عليهم أولا أن يصلحوا أحوال بلدانهم ويصلوا إلى المستوى الذي يليق بدينهم وبالعصر الذي يعيشون فيه.
3- سبب آخر لتصاعد ظاهرة التطرف الإسلامي يعود إلى عدم وجود نماذج ناجحة للحكم من قبل الإسلاميين، أو بتعبير آخر فشل التجارب الإسلامية المعاصرة في مجال الحكم عدا تجربتي ماليزيا وتركيا، وهما غير محسوبتين على التيار الإسلامي بصورة مباشرة، وجميع التجارب الإسلامية المعاصرة من طالبان أفغانستان إلى السودان لم تنجح في بناء نظام سياسي يقدم نموذجا للحكم الرشيد قادر على تأمين العدالة والحريات العامة والرفاهية والتقدم لشعوبها.
4- سبب آخر يعود إلى ما أصاب الحركات الإسلامية المعتدلة من جمود وتراجع سواء في مجال الدعوة أو في المجال السياسي مع عدم وجود برنامج واضح وجريء لديها للتجديد وإجراء تغييرات ضرورية في أساليبها التقليدية لكي يكون بإمكانها مواكبة التطورات الهائلة التي حصلت وتحصل باستمرار في جميع مناحي الحياة من حولها.
مجالات المسؤولية
في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها الأمة الإسلامية جراء ظاهرة التطرف والعنف باسم الإسلام وآثارها المدمرة على الشعوب والبلاد الإسلامية فإن المسؤولية الملقاة على العلماء والمفكرين الإسلاميين وبالأخص قادة التيار الإسلامي المعتدل باتت كبيرة وملحة في آن واحد لكي يقوموا بإصلاح ما يمكن إصلاحه، لأن التيار الإسلامي المعتدل هو المستهدف أساسا، وهو المتضرر الأكبر من هذه الأوضاع المزرية التي حلت بالمنطقة بسبب تدخلات القوى الإقليمية والدولية بحجة محاربة التطرف والإرهاب. ولا يمكن التخلص من المسؤولية بمجرد إصدار بيانات ومواقف بالتنديد والقول إن المتشددين ليسوا بمسلمين أو أن ما يقومون به لا يمت بصلة إلى الإسلام، ولا يمكن حل هذه المشكلة المعقدة بهذه البساطة، بل يحتاج الأمر إلى تحمل المسؤولية الشرعية والواقعية.
وإليكم أهم المجالات التي نرى أنها من مسؤوليات التيار الإسلامي المعتدل إزاء هذا التحدي الخطير:
أولا: إصلاح وتجديد الخطاب الإسلامي والدعوي بصورة عامة والتركيز على وسطية الإسلام، وذلك بإعادة التوازن بين النقل والعقل وتطهير الثقافة الإسلامية المعاصرة من الأفكار والمواضيع التي لا تنسجم مع حقيقة الوسطية الإسلامية وروح العصر وحاجة المجتمعات الإسلامية المعاصرة. مع التركيز أيضا على الجانب السلمي والتسامح والتعايش وقبول الآخر الديني والمذهبي وغيرها من الجوانب المشرقة للإسلام وشريعته طوال التاريخ، والعمل على إبعاد التوجهات الشاذة والفتاوى المتشددة التي تغذي التطرف والعنف وتزرع بذور الحقد والكراهية والتفرقة بين مختلف طوائف الأمة. ثانيا: تطهير التراث الإسلامي الفكري والفقهي من رواسب عهود الانحطاط والجمود ورفض القراءة التقليدية للتاريخ الإسلامي خاصة في جانبيه السياسي والعسكري، ومن القراءة غير الصحيحة التي تعتبر التاريخ والتراث جزءا من الدين. ويجب تقسيم التراث الإسلامي بصورة عامة إلى ثلاثة أقسام على حد قول د. أحمد الريسوني: قسم مفيد لزمانه ومفيد لزماننا، وقسم مفيد لزمانه غير مفيد لزماننا، وقسم آخر غير مفيد لزمانه وغير مفيد لزماننا. من جانب آخر، فإن نقل الماضي إلى الحاضر وفرض هيمنة الأموات على الأحياء هما شكل من أشكال التقليد الأعمى الذي لا ينسجم مع مفهومي الاجتهاد والتجديد اللذين يكمن فيهما سر خلود الإسلام وشريعته وصلاحيتها لكل زمان ومكان، إذ إن لكل عصر قضاياه ومشاكله وحلوله الخاصة به.
ثالثا: تبني نموذج الدولة المدنية بمرجعية إسلامية كحل وسط بين الدولة الدينية والدولة العلمانية، والتي تقوم على مبدأ المشاركة الإيجابية والمتوازنة بين الدين والدولة في البلدان الإسلامية، حيث تتوفر في ظلها الديمقراطية والتعددية والحريات العامة. والدولة الإسلامية الحقيقية يجب أن تكون دولة الرحمة والعدالة وتحقيق مصالح الناس، وهذا هو المقصود الحقيقي والمطلوب من مفهوم تطبيق الشريعة الإسلامية، إذ إن مقاصد الشريعة كلها تدور حول خدمة الإنسان وحفظ مصالحه وتحقيق القسط والعدل بين الناس. ونموذج دولة الخلافة في التاريخ الإسلامي الذي تنادي به بعض الحركات الإسلامية وترفعه شعارا يمثل تجربة بشرية بحتة وليس جزءا من الدين، أما النموذج الذي تبناه داعش ويمارسه بهذه الصورة الرهيبة والمثيرة للجدل فهو نموذج غير حضاري لا ينسجم مع مقاصد الشريعة في تحقيق العدالة والكرامة والرفاهية لجميع المواطنين.
رابعا: القيام بإصلاح العمل الإسلامي من قبل الحركات الإسلامية بإجراء تغييرات جذرية في أسلوب عملها وهيكليتها الحزبية على أساس الفصل بين مؤسسات الدعوة وغيرها من النشاطات الاجتماعية، وبين الأحزاب السياسية التي تعمل وتتحرك في نطاق اللعبة السياسية والصراع السياسي سواء في موقع المعارضة أو المشاركة في السلطة، وهذا ضروري لحماية الدعوة ورسالتها وإبعادها عن الصراعات الحزبية وتغيرات اللعبة السياسية.
بدأ التحالف الدولي قصف مواقف لتنظيم داعش وجبهة النصرة في الشمال السوري، في معركة طويلة الأمد تحت شعار “مكافحة الإرهاب” والتي تشمل سوريا والعراق، وتلا ذلك توسيع قائمة الإرهابيين من قبل الخارجية الأمريكية لتشمل “جيش المهاجرين والأنصار” و “حركة شام الإسلام” وشخصيات ضمن الفصائل الجهادية المقاتلة للنظام السوري، مع تلميحات بإمكانية ضم فصائل أخرى للثوار السوريين (كأحرار الشام) إلى القائمة، ويوضح القرار رقم 2178 (2014) الموقع في 24 أيلول الراهن والذي تبناه مجلس الأمن بالإجماع منطق التحالف، والذي نصّ على خروج كل “المقاتلين الأجانب” من سوريا، وخص بالذكر “تجنيد المقاتلين الإرهابيين الأجانب من جانب كيانات من قبيل تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام وجبهة النصرة وغيرهما من خلايا تنظيم القاعدة أو الجماعات المرتبطة به أو المنشقة عنه أو المتفرعة منه”، دون أن يستهدف التحالف أو القرار –ولو بالتسمية- النظام السوري أو الميلشيات الشيعية الأجنبية المقاتلة معه.
تطورت أهداف التحالف وتغير الوضع الميداني على الأرض، سواء بالنسبة لسوريا أو العراق، ومرت مسيرة التحالف بمراحل مختلفة مع معركة كوباني في سوريا أو معارك إربيل والأنبار في العراق، وتطور معها الموقف المعلن من “السياسة الطائفية” في المشرق العربي، والتي ساهمت –حسب اعتراف أوباما نفسه- في تأسيس مظلومية سنية مقابل تضخيم الهيمنة الشيعية على سوريا والعراق، الوضع الذي رفدته بالتوازي سياسات الثورة المضادة التي اتبعها المحور الإقليمي “السنيّ” الأكبر، والتي عملت على وأد فكرة التغيير السياسي بالنسبة للجمهور “العربي السني”، وأسهمت في منح دفع مضاعف لطاقة نموذج داعش على الجذب (في مصر خاصة)، كحلّ خلاصي وجذري.
المشروعية الجهادية: ديناميت التنافس
منذ إعلان تنظيم دولة العراق والشام في 9 نيسان 2013م، وحتى ما بعد تحوله إلى الخلافة في 29 حزيران 2014م، وهو يعيد فرز التيار الجهادي العالمي، ويغرق المجتمعات المحلية في سوريا والعراق وجميع التيارات الجهادية والإسلامية في العالم بتصنيفاته، لتصبح في موضع الرد عليه، والدفاع عن نفسها ضد إشكالياته هو، ما منحه بامتياز سلطة الخطاب، حتى على قيادة القاعدة التي يبدو أنها تنزاح عن عرش السلطة المرجعية والرمزية للتيار الجهادي العالمي. ورغم مرجعية “الدعوة النجدية” الفقهية الطاغية في الوسط السلفي الجهادي، وأن كثيراً من النقاشات النظرية في هذا التيار تعلقت بمن يمثلها أكثر، وتوجهت تلقاء ذلك نحو الجمهور السلفي في دول الخليج، فإننا يمكن أن نلحظ توسع دائرة الرموز والمنظرين لهذا التيار خارج السعودية، وتفوق الأردنيين ضمنه منذ البداية والتأسيس، سواء كمنظّرين مثل أبو محمد المقدسي وأبو قتادة الفلسطيني، أو كرموز قيادية مثل أبو مصعب الزرقاوي (الأب الروحي لدولة العراق الإسلامية)، عدا طبعاً عن عبد الله عزام الذي مثل مرجعية جهادية عابرة لاختلافات الإسلاميين، ويمكن ملاحظة حجم تأثير التيار السلفي الجهادي الأردني في التنظير السلفي الجهادي عامة، وفي التجارب الجهادية بأفغانستان والعراق وسوريا خاصة.
وإن كان ثمة أنصار لتنظيم داعش داخل التيار السلفي الجهادي الأردني، فإن معظم رموزه اتخذت موقفاً مناوئاً للتنظيم ومؤيّداً لجبهة النصرة (أبو محمد المقدسي، أبو قتادة الفلسطيني، إياد القنيبي) ، بينما نجد أن مؤيدي التنظيم هم من الجيل الأحدث من الجهاديين، كما أن معظم المقاتلين الأردنيين في سوريا (ويقدر عددهم بحوالي 1500 مقاتل) ينضوون تحت راية جبهة النصرة. ولأن “السلفية الجهادية” كأفق نظري وواقع عملي، مسكونة بمسألة الهوية والنقاء، والتفسير الأحادي، واحتكارية التمثيل للإسلام، إضافة لنزعة نحو الشكّ العصابي بالآخر “القريب” (أسوة بأي أقلّيّة محاربة) فإنه تيار يتشظى باستمرار، ويحمل عوامل انقسامه في ذاته، والتي تتفجر لدى الصراعات الداخلية، التي قد تكون أحياناً صراعات نفوذ تعبر عن نفسها كصراع على الدين نفسه، هذا لا يعني التقليل من قيمة الاختلافات النظرية، أو أنها مجرد تبرير أو غطاء لاحق، وإنما لتبيين تداخل الأيديولوجي والميداني في هذه الصراعات، واختلاف سطوة نظام العقيدة على نظام القوة بين الجهاديين.
وهذا ما تسبب في أن أعنف معارك التيار الجهادي يخوضها داخل التيار، بتهم العمالة أو الكفر أو الردّة، بحكم أن الآخر القريب يهدد احتكارية التمثيل للمشروع الجهادي أكثر من الآخر البعيد الذي يساعد في منح المشروعية لعدوّه، ويضاعف ذلك العامل الطائفي للصراع في المشرق، حيث يقدم تنظيم “داعش” نفسه كمدافع عن سنة المشرق ضد الميليشيات الشيعية، وكممثل سياسي لهم، ما يجعل أي مشروع “سنّي” مغاير تشكيكاً في سردية المشروعية هذه، وهو ما أدى إلى أن معظم ضحايا التنظيم هم من السنة أنفسهم، ومن الجماعات الجهادية والثورية التي تحارب الأنظمة الديكتاتورية التابعة للحلف الإقليمي الإيراني (الشيعي)، ما أدى إلى نشوء دعاية منافسة تنسب التنظيم إلى العمالة للشيعة أيضاً.
ثمة جانبان فيما يتعلق بالخطاب الجهادي وتأثير داعش فيه: الأول من ناحية أساس المشروعية الجهادية، والتي تتشكل هنا بشكل مزدوج، محاربة العدو الخارجي الذي يمثل الكفر الصريح من جهة (أمريكا، الشيعة، الأنظمة العربية)، ومحاربة العدو الداخلي الذي يمثله الآخر المسلم بحجة التمييع أو العلمانية أو العمالة أو حتى الردّة، من جهة مقابلة. ولعلّ أهمّ آثار تنظيم داعش على الخطاب الجهادي وسجالاته، هو أنه قدّم –حدّ الطغيان- الجانبَ الثاني في منح المشروعية على الأول.
والثاني من ناحية شكل الخطاب التعبوي، فبينما اعتمد الإخوان المسلمون خطاب الدعوة، واعتمدت القاعدة وحركات المقاومة خطاب الحق، فإن الخطاب الطاغي لدى داعش هو خطاب القوة والتغلب وقهر الآخر، وهو ما يشكل عامل جذب مهمّاً للجهاديين الشباب، ولذلك فإن استمرار الانتصار والإنجاز الميداني ضروري للمحافظة على الزخم التعبوي والقدرة على تجنيد المزيد من المقاتلين ومنح المصداقية والمشروعية للتنظيم. ولئن كان الكلام هنا عن الخطاب المؤثر بمن ينتمون لأيديولوجيا التيار الجهادي العالمي، فإن ثمة عاملاً مهمّاً لا يمكن إغفاله اعتمد عليه تنظيم داعش –خاصة- في تجنيد مئات –وآلاف- المقاتلين من الفصائل السورية والمجتمعات المحلية، مستغلّاً بذكاء الخلافات العشائرية والعداوات الشخصية والفصائلية، وهو كونه يوفر مسار انتقام، سواء من جبهة النصرة أو الجيش الحر أو عشائر أكثر هيمنة (راجع دراسة الكاتب: المشهد السوري بعد دير الزور).
كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ومدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية

عضو والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد

ملخصات تغذية الموقع
جميع حقوق النشر محفوظة 2009 - (صنعاء نيوز)