صنعاء نيوز/بقلم / ابراهيم الحكيم -
ليست المرة الأولى التي يستقيل فيها رئيس لليمن، سبق أن استقال الرئيس الراحل القاضي عبدالرحمن الارياني، وسبق أن قدم الرئيس السابق علي عبدلله صالح استقالته مرات عدة، مع انتهاء كل ولاية رئاسية له قبل تجديدها دستوريا.
وليست المرة الأولى التي تبقى فيها العاصمة صنعاء بلا رئيس جمهورية أو رئيس حكومة.. سبق أن بقيت كذلك في 2011م، عقب أبشع جرائم الاغتيال السياسية في العصر الحديث، تفجير مسجد دار الرئاسة.
حال الهلع بين أوساط الشعب قد تكون أقل هذه المرة مما كانت عليه في سابقتها، وإن بدا أن القلق والتوتر والتيه والخوف من المجهول، سمات مشتركة للأجواء العامة جراء غياب رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة.
لكنها تبدو بحسب متابعين، المرة الأولى التي يكون فيها اليمن في أمس الحاجة إلى الحكمة ولا يجدها حاضرة بقدر احتياجه، لا عند نُخبه من ناحية ولا عند قيادته بما فيهم رئيسي الجمهورية والحكومة، من ناحية ثانية.
وإذا كانت إدارة الأزمات، علماً وفناً يدرسان، فإنها بنظر خبرائها، تتطلب بالضرورة بُعد نظر وقوة بصر، ورباط جأش وحسن تقدير وجودة تدبير، وسرعة حسم لا يعوزه الحزم، وبالطبع إرادة تيسير مقرونة بإدارة تسيير.
في هذا السياق، ورغم اختلاف صفة الفراغ الرئاسي والحكومي بين أزمة 2011م وأزمة 2015م؛ إلا أن الفرق بين الأزمتين يكمن وفق مراقبين في مقدار تحلي إدارتهما بالحكمة والحنكة، وبعد النظر.
أضف إلى فارق يظهر أساسياً، ويكمن في المرونة على قاعدة "لا تكن صلبا فتكسر ولا لينا فتعصر"، ومدى الثبات على المبادئ والتمسك بثوابت لازمة لنجاة الجميع، والانحياز للمصلحة الوطنية العليا أولاً وأخيراً.
ذلك ما أراه وكثيرون مثلي، يرصدون بين الفروق مدى التحلي بالتسامح شرطا للتصالح، ومقدار الالتزام بالشفافية أساساً للمصداقية، والاتسام بروح المبادرة، والتسامي على الشخصي لأجل الوطني العام، والترفع عن الصغائر.
كذلك يُبرز بين فروق إدارة 2011م و2015م، وحالتي الفراغ الرئاسي، مدى جدية صاحب القرار في سعيه إلى الحل بأقل الخسائر والأضرار الممكنة، على المديين القريب والبعيد.
على أن أكثر الفروق بين الإدارتين، تظهر في مدى وضوح صاحب القرار مع الشعب مباشرة بلا وسطاء أو أوصياء، وإشراكه وتوحيد صفوفه على حل يُغلب إرادته ومصلحته، على رغبات شُعب فيه أو نُخب منه.
فيما يظل الاختلاف الملموس للكثيرين، عامة وخاصة، على المستويين الداخلي والخارجي، في مدى استشعار صاحب القرار المسؤولية الوطنية، واستدعاء الحكمة، والاستعداد للتنازل ومظاهر التضحية لأجل اليمن واليمنيين.
وبين هذه الفروق، يبقى اليمن بحاجة إلى قيادة تلهم الشعب ولا تلهيه، تفهمه ويفهمها، وتتفهم تطلعاته ويتفهم توجهاتها.. لا ييأس معها أو منها، ولا تتخلى عنه أو تخذله، ولا تبيعه الوهم بزعم أنه يزيح الهم، بينما هو يتيح الغم، ويبيح الوجوم.