shopify site analytics
نجوى كرم تثير الجدل بـ"رؤيتها" - بيع هاتف آيفون من الجيل الأول بأكثر من 130 ألف دولار! - فريق جامعة ذمار يحقق فوزاً جديداً في كرة القدم - الخميسي يكتب: مات ساجداً ..! - رئيس وزراء إيرلندا يفاجئ بايدن بدعم صريح للقضية الفلسطينية - يأمر بالبدء بالزحف الى الاقصى رسالة صوتية لقائد هيئة أركان الكتائب في غزة - 4 أسئلة عن اسرائيل يجب على اللاجئ العربي إلى ألمانيا الإجابة عنها - دخول سفينتين حربيتين روسيتين البحر الأحمر - نظرة على الدورة الخامسة والخمسون لمجلس حقوق الإنسان - القدوة يكتب: حرب الإبادة الجماعية والأزمات الداخلية الإسرائيلية -
ابحث عن:



صنعاء نيوز - الدكتور عادل عامر

الجمعة, 27-مارس-2015
صنعاء نيوز/الدكتور عادل عامر -
تعترف مصر بموجب الوثيقة بحق إثيوبيا في بناء السد مقابل تعهدات إثيوبية بمشاركة القاهرة في إدارته، ويمهد الاتفاق الطريق أمام حل الخلاف المصري الإثيوبي حول السد، وذلك باستحداث آليات للتعاون والتشاور. أن أي اتفاق تعاون بين دول حوض النيل الشرقي خطوة إيجابية، يمكن أن تصبح لبنة نحو اتفاق نهائي بين الدول المتنازعة، أن إطار التوافق والتعاون يمكن أن يصب في مصلحة الجميع. أن معظم دول حوض النيل بادرت بتشكيل لجان فنية تضم خبراء ومختصين، ويعتقد خبير اليونسكو السابق أن كل دولة تدرس المنافع والمضار؛ لذا تقيم كيفية التعامل مع سد النهضة.
إن "الاتفاق، أقرب لإعلان النوايا لأنه لا يحمل التزامات قطعية على الأطراف وإنما مبادئ استرشادية هادية يعمل الأطراف على ضوئها". "الاتفاق لا يشكل أي مساس بالاتفاقيات التاريخية في حوض النيل، ولم ترد إشارة إليها لأنه لا يتحدث عن ترتيبات تتوافق عليها الأطراف لقضايا المياه في حوض النيل أو النيل الشرقي، وإنما يتناول أزمة سد النهضة فقط (وهذا سبب إذاعة الخارجية المصرية لبيان بهذا الخصوص للتأكيد الكامل على هذا المعنى
أن الاتفاق لا يعنى اعتراف مصر بالسعة التخزينية التي تستهدفها إثيوبيا لسد النهضة، وهو أيضًا لم يشر إلى رفضها، بل سكت عنها، باعتبار أن هذا الأمر مازال محل خلاف وأن هناك مشاورات ودراسات ومفاوضات أخرى سوف تجرى حول التفاصيل الفنية. أن إصرار إثيوبيا على التمسك بمصطلح "احترام" نتائج الدراسات التي سيتم إجراؤها، ورفض مصطلح "إلزامية" النتائج لا يشكل فارقًا كبيرًا من الناحية القانونية، فالتعهد بالاحترام هو في حد ذاته التزام بقبول النتائج، إلا إذا كانت هناك نية مسبقة للمراوغة، وهذه مسألة واردة في أي وقت، وهى هنا سوف تنتج عن مواقف الأطراف التفاوضية وليس عن نصوص الاتفاق، وكما هو معروف فإن التفاوض تحكمه عوامل كثيرة متداخلة تستند في مجملها إلى قوة الدولة.
وهنا يقفز إلى الذهن تساؤل منطقي: إذا كانت القيادة السياسية ورجال القانون يعتمدون هذا التفسير، ففيم كان الجدل ولماذا كان التردد؟ أن الإشارة إلى مبدأ سيادة الدول وتكامل أراضيها المشار إليه في الاتفاق، ليس مقصودًا به سوى المعنى العام لهذا المصطلح، وبالتالي فالسيادة هنا مقيدة بالتزامات الدولة وما يتم التوصل إليه من اتفاقات. وكمثال فإن مصر دولة ذات سيادة ولكنها مقيدة ببنود معاهدة القسطنطينية فيما يتعلق بإدارة قناة السويس كممر بحري، وهذا لا ينتقص بطبيعة الحال من سيادة مصر.
أن الاتفاق في مجمله يستند إلى مبادئ القانون الدولي وبعضها مأخوذ من ميثاق الأمم المتحدة، والبعض الآخر وخاصة التفاصيل المتعلقة بمبدأ الاستخدام المنصف والمعقول مأخوذة (في معظمها) من الباب الرابع من اتفاقية عنتيبي والذي يتناول هذا المبدأ، وهى الاتفاقية التي لم نوقع عليها حتى الآن بسبب رفض مصر لثلاثة من بنودها وطلبها إعادة التفاوض حول هذه البنود.
أن الاتفاق ليس حلاً للخلافات الفنية التي مازالت باقية والتي تعهد الأطراف بالسعي للوصول إلى اتفاق بشأنها، وأن المرحلة الأكثر أهمية هو مرحلة التفاوض لحل هذه الخلافات، وهى قضية أو مسألة ليست سهلة، ولكن أجواء التعاون والتواصل (قد) تسهل عملية الحوار والوصول إلى نتائج. أن الاتفاق تبني مصطلح "تجنب التسبب في ضرر ذي شأن" وهذا يفهم بأنه ضرر جسيم وهو نفسه الوارد في اتفاق عنتيبي، وكان الأفق أن يتم تخفيفه. غير أن هذه تظل أيضًا مسألة متوقفة على التفاوض الكلى وتوازن النتائج النهائية. أن الاتفاق عن أغراض أخرى غير توليد الطاقة الذي كانت تزعمه إثيوبيا، حيث تمت الإشارة إلى أن الغرض من سد النهضة هو توليد الطاقة، والمساهمة في التنمية الاقتصادية، وبهذا التعبير الأخير ينفتح على معانٍ متعددة قد تتم مفاجأتنا بها في المستقبل ولا يقتصر فقط على توليد الكهرباء. ، النتيجة الأكثر أهمية من وجهة نظري (والتي كانت تؤرقني شخصيًا) أن هذا الاتفاق لم يمس الاتفاقيات التاريخية التي مازالت قائمة، ولا يشكل تمهيدًا للتخلي عنها، ولا يشكل قيدًا على الموقف المصري في المستقبل إذا استمر الخلاف
أن إيجابيات الاتفاق ليست كبيرة، ولكنها ذات دلالات مهمة: أولا هو يمثل تقدمًا كبيرًا في تحسين صورة مصر الإقليمية والدولية، وأيضًا لدى شعوب دول حوض النيل، وإعادة صياغة هذه الصورة لكي تعكس النوايا وطريقة التفكير المصرية بأقرب درجة ممكنة، وخاصة بعد العوار والتشويه بالغ السوء الذي لحق بصورة مصر نتيجة المؤتمر الذي عقده محمد مرسي وأذيع على الهواء وحمل إساءات بالغة من أشخاص لا يمتلكون المعرفة ولا الخبرة الكافية ولا الإحساس بالمسؤولية كرجال دولة، وساعد على ذلك أنهم لم يكونوا يعلمون أن الاجتماع مذاع على الهواء فتناولوا الأمر بأسلوب دردشة المقاهي، وكان هناك من تصور لفرط سذاجته أو سوء تقديره البالغ أنه يبعث برسائل إلى الآخرين
الإيجابية الثانية أن هذا الاتفاق وضع قيودًا أدبية وسياسية على إثيوبيا وغير من طريقة اقترابها من الأزمة (ولو نسبيًا) فأصبحت تقر علنًا بمجموعة من المبادئ والقواعد كانت تسعى لإنكارها أو التملص منها بدعاوى مختلفة، وذلك دون أن تقدم مصر تنازلات تتعلق بموقفها القانوني.
أن النقطة الأخيرة هي أن المرحلة الأكثر أهمية هي ما بعد اتفاق النوايا، وهو ما أشار إليه السيسى في نهاية الخطاب، حين تحدث خارج النص المكتوب، وقال إن العبرة ليست بالاتفاقات ولكن بالإرادة وحسن النوايا. و، حتى الآن قامت مصر بالتعبير بشكل واضح وجلي عن رغبتها في احتواء أي أزمة أو خلاف عبر نهج التفاوض والحلول الوسط والحفاظ على التعاون في حوض النيل، وتحاشى الانزلاق إلى الصراع، ولكن يبقى علينا أن نحسن عملنا الداخلي وأن نحكم السيطرة على التفاصيل الفنية وعلى مجمل الأداء إزاء هذه القضية الأكثر أهمية بالنسبة لمصر على الإطلاق. إن الاتفاق هو إعلان نوايا وهو خطوة ذات مدلول سياسي ومحملة برسائل إلى الشعوب.. وهو "مجرد خطوة" على طريق طويل وقضية شائكة وممتدة ولها جذور غائرة في الوعي، كما هي غائرة في التاريخ ولها جوانب نفسية وسياسية وإستراتيجية ولا تتعلق فقط بالوجه التنموي الظاهر حول استخدامات المياه، وعلينا أن نتحلى بالصبر وأن نتسلح بالاستعداد والجاهزية. أن الاتفاق الذي وقع اليوم بالخرطوم لم يشمل هذه الزوايا بالتفصيل، وإنما كان الاتفاق على قضايا عامة. أن إثيوبيا هي الرابح الأكبر من الاتفاق، لأنه بمثابة اعتراف من السودان ومصر بهذا السد، مما يفتح الباب أمام أديس أبابا للتوجه لكل المؤسسات الدولية للتمويل. أن إثيوبيا الآن أصبحت توضح حسن نواياها من خلال تقديم العديد من التنازلات، أن السد يمثل مشروعا قوميا للشعب الإثيوبي الذي يدعمه، في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من نقص في الكهرباء والمياه رغم مرور كميات هائلة من المياه عبر أراضيها. أن الاتفاق تعرض للعديد من المسائل وتناول الهواجس المصرية والإثيوبية، وأشارت إلى أن إعلان المبادئ قد لا يترتب عليه أي التزامات لطرف تجاه الآخر، لكنه يزيل الصورة الذهنية السلبية الأفريقية تجاه مصر. أن إثيوبيا لا تستطيع مواصلة بناء هذا السد إذا كان مهددا للأمن الإنساني لدولتي المصب (مصر والسودان)، خاصة أن مصر وصلت لمرحلة الفقر المائي بالفعل ولن يسمح المجتمع الدولي بذلك.
أن الاتفاقية لن تصمد إلا بالتزام إثيوبيا بحصتي مصر والسودان، لكنها حذرت من أن أديس أبابا لديها خطة لبناء ستة سدود أخرى "وهذه هي خطورة المسألة، وبالتالي قد يكون الاتفاق ضروريا بإقرار إثيوبيا بعدم الإضرار بحقوق مصر. ديباجة: تقديراً للاحتياج المتزايد لجمهورية مصر العربية، جمهورية أثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية، وجمهورية السودان لمواردهم المائية العابرة للحدود؛وإدراكا لأهمية نهر النيل كمصدر الحياة ومصدر حيوي لتنمية شعوب مصر وإثيوبيا والسودان؛ألزمت الدول الثلاث أنفسها بالمبادئ التالية بشان سد النهضة:
1- مبدأ التعاون:
- التعاون علي أساس التفاهم المشترك، المنفعة المشتركة، حسن النوايا، المكاسب للجميع، ومبادئ القانون الدولي. - التعاون في تفهم الاحتياجات المائية لدول المنبع والمصب بمختلف مناحيها.
2- مبدأ التنمية، التكامل الإقليمي والاستدامة:
- الغرض من سد النهضة هو توليد الطاقة، المساهمة في التنمية الاقتصادية، الترويج للتعاون عبر الحدود والتكامل الإقليمي من خلال توليد طاقة نظيفة و مستدامة يعتمد عليها.
3- مبدأ عدم التسبب في ضرر ذي شأن:
- سوف تتخذ الدول الثلاث كافة الإجراءات المناسبة لتجنب التسبب في ضرر ذي شأن خلال استخدامها للنيل الأزرق/ النهر الرئيسي.
- على الرغم من ذلك، ففي حالة حدوث ضرر ذي شأن لأحدي الدول، فان الدولة المتسببة في إحداث هذا الضرر عليها، في غياب اتفاق حول هذا الفعل، اتخاذ كافة الإجراءات المناسبة بالتنسيق مع الدولة المتضررة لتخفيف أو منع هذا الضرر، ومناقشة مسألة التعويض كلما كان ذلك مناسباً.
4- مبدأ الاستخدام المنصف والمناسب:
- سوف تستخدم الدول الثلاث مواردها المائية المشتركة في أقاليمها بأسلوب منصف ومناسب. - لضمان استخدامهم المنصف والمناسب، سوف تأخذا الدول الثلاث في الاعتبار كافة العناصر الاسترشادية ذات الصلة الواردة أدناه، وليس على سبيل الحصر:
أ- العناصر الجغرافية، والجغرافية المائية، والمائية، والمناخية، والبيئية وباقي العناصر ذات الصفة الطبيعية؛
ب-الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية لدول الحوض المعنية
جـ-السكان الذين يعتمدون علي الموارد المائية في كل دولة من دول الحوض؛
د-تأثيرات استخدام أو استخدامات الموارد المائية فى إحدى دول الحوض على دول الحوض الأخرى؛
هـ-الاستخدامات الحالية والمحتملة للموارد المائية؛
و-عوامل الحفاظ والحماية والتنمية واقتصاديات استخدام الموارد المائية، وتكلفة الإجراءات المتخذة في هذا الشأن؛
ز-مدي توفر البدائل، ذات القيمة المقارنة، لاستخدام مخطط أو محدد؛
حـ-مدى مساهمة كل دولة من دول الحوض في نظام نهر النيل؛
طـ-امتداد ونسبة مساحة الحوض داخل إقليم كل دولة من دول الحوض.
5-مبدأ التعاون في الملء الأول وإدارة السد:
-تنفيذ توصيات لجنة الخبراء الدولية، واحترام المخرجات النهائية للتقرير الختامي للجنة الثلاثية للخبراء حول الدراسات الموصي بها في التقرير النهائي للجنة الخبراء الدولية خلال المراحل المختلفة للمشروع. - تستخدم الدول الثلاث، بروح التعاون، المخرجات النهائية للدراسات المشتركة الموصي بها في تقرير لجنة الخبراء الدولية والمتفق عليها من جانب اللجنة الثلاثية للخبراء، بغرض:
*الاتفاق على الخطوط الإرشادية وقواعد الملء الأول لسد النهضة والتي ستشمل كافة السيناريوهات المختلفة، بالتوازي مع عملية بناء السد. *الاتفاق على الخطوط الإرشادية وقواعد التشغيل السنوي لسد النهضة، والتي يجوز لمالك السد ضبطها من وقت لآخر. *إخطار دولتي المصب بأية ظروف غير منظورة أو طارئة تستدعي إعادة الضبط لعملية تشغيل السد. -لضمان استمرارية التعاون والتنسيق حول تشغيل سد النهضة مع خزانات دولتي المصب، سوف تنشئ الدول الثلاث، من خلال الوزارات المعنية بالمياه، آلية تنسيقية مناسبة فيما بينهم. -الإطار الزمني لتنفيذ العملية المشار إليها أعلاه سوف يستغرق خمسة عشر شهراً منذ بداية إعداد الدراستين الموصى بهما من جانب لجنة الخبراء الدولية.
6-مبدأ بناء الثقة:
-سيتم إعطاء دول المصب الأولوية في شراء الطاقة المولدة من سد النهضة.
7-مبدأ تبادل المعلومات والبيانات:
-سوف توفر كل من مصر وإثيوبيا والسودان البيانات والمعلومات اللازمة لإجراء الدراسات المشتركة للجنة الخبراء الوطنين، وذلك بروح حسن النية وفي التوقيت الملائم.
8-مبدأ أمان السد:
-تقدر الدول الثلاث الجهود التي بذلتها أثيوبيا حتى الآن لتنفيذ توصيات لجنة الخبراء الدولية المتعلقة بأمان السد. -سوف تستكمل أثيوبيا، بحسن نية، التنفيذ الكامل للتوصيات الخاصة بأمان السد الواردة في تقرير لجنة الخبراء الدولية.
9-مبدأ السيادة ووحدة إقليم الدولة:
-سوف تتعاون الدول الثلاث على أساس السيادة المتساوية، وحدة إقليم الدولة، المنفعة المشتركة وحسن النوايا، بهدف تحقيق الاستخدام الأمثل والحماية المناسبة للنهر.
10-مبدأ التسوية السلمية للمنازعات:
-تقوم الدول الثلاث بتسوية منازعاتهم الناشئة عن تفسير أو تطبيق هذا الاتفاق بالتوافق من خلال المشاورات أو التفاوض وفقاً لمبدأ حسن النوايا. إذا لم تنجح الأطراف في حل الخلاف من خلال المشاورات أو المفاوضات، فيمكن لهم مجتمعين طلب التوفيق، الوساطة أو إحالة الأمر لعناية رؤساء الدول/رئيس الحكومة. وقع هذا الاتفاق حول إعلان المبادئ في الخرطوم، السودان في23 من شهر مارس ٢٠١٥ بين جمهورية مصر العربية، جمهورية أثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية وجمهورية السودان.
عن جمهورية مصر العربية عبد الفتاح السيسى، رئيس الجمهورية
عن جمهورية أثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية هيلا ماريام ديسالين، رئيس الوزراء
عن جمهورية السودان عمر حسن البشير، رئيس الجمهورية”
اتفاقية التعاون الإطاري بين دول حوض النيل .. قراءة قانونية
إذا كانت قواعد ومبادئ وأعراف القانون الدولي قد قننت الحقوق المختلفة للدول المشاطئة لأحواض الأنهار الدولية، ومنها نهر النيل، مما يتطلب التعاون بين هذه الدول في ظل قواعد القانون الدولي المستقرة، إلا أن الأعوام الأخيرة قد شهدت اختلافات، وادعاءات عديدة بين بعض الدول المشاطئة لحوض نهر النيل حول هذه الحقوق ووصلت ذروة هذه الاختلافات بين دول المنبع لحوض النيل ودولتي المصب مصر والسودان الي قمتها حيث وقعت كل من إثيوبيا وكينيا وأوغندا وتنزانيا ورواندا اتفاقية التعاون الإطاري لدول حوض النيل في 14 مايو الماضي بمدينة عنتيبي بأوغندا.
ومن الضروري الاعتراف بالواقع السياسي والقانوني الجديد بعد بدء التوقيع علي الاتفاقية الاطارية، وأن هذا الواقع سيزداد ترسخا كلما زاد عدد دول حوض النيل الموقعة علي الاتفاقية الإطارية مما يفضي الي التنازع بين الاتفاقيات السابقة التي تكفل حقوق مصر بوصفها دولة مصب وهذه الاتفاقية الإطارية الجديدة.
وقبل الخوض في التفنيد القانوني لهذه الاتفاقية الإطارية مثار الخلاف بين دول المنبع والمصب لحوض النيل يلزم أن نعرض للدوافع والمزاعم التي تراها الدول التي وقعت علي الاتفاقية الأخيرة مسوغا وسندا قانونيا دفعها لإبرام مثل هذه الاتفاقية. حيث تري هذه الدول بأنها غير ملتزمة بالاتفاقيات التي أبرمتها الدول الاستعمارية نيابة عن هذه الدول (مثل بروتوكول روما في 15 أبريل 1891م، واتفاقية أديس أبابا في مايو 1902م، واتفاقية لندن في 13 ديسمبر 1906م، واتفاقية روما في 1925م، واتفاقية عام 1929م، واتفاقية لندن في 23 نوفمبر 1934م، واتفاقية عام 1953م، وحتي اتفاقية 1959م). وقد دفعت أيضا هذه الدول بنظرية التغير الجوهري في الظروف التي كانت أُبرمت أثنائها، فضلا عن ادعاء هذه الدول بسيادتها المطلقة علي الجزء المار من نهر النيل في أراضيها، وحقها المطلق في استغلال ذلك الجزء بالكيفية التي تراها دون التشاور مع مصر (دولة المصب)، و ذلك بالرغم من الاتفاقيات الدولية العديدة الملزمة لها. بيد أنه قبل الخوض في غمار التأصيل والتأويل لمدي شرعية هذه الاتفاقية الاطارية، حري بنا أن نتعرض لتحديد ماهية الاتفاقيات الإطارية بشكل عام والتمييز بينها وبين سائر أنواع المعاهدات الدولية.
أنواع المعاهدات الدولية:
المعاهدة Treaty:
المعاهدة اتفاق استراتيجي سياسي أو عسكري دولي يعقد بالتراضي بين دولتين أو أكثر، وفي القانون الدولي هو اتفاق أطرافه دولتان أو أكثر أو غيرها من أشخاص القانون الدولي، وموضوعه تنظيم علاقة من العلاقات التي يحكمها هذا القانون، ويتضمن حقوقا والتزامات تقع على عاتق أطرافه. وتسمى المعاهدة ثنائية إذا كانت بين دولتين، ومتعددة الأطراف أو جماعية إذا كانت بين عدد من الدول أو بناء على دعوة منظمة دولية، ويكون هدفها تنظيم موضوعات تتصل بمصالح المجتمع الدولي كله.
والمعاهدة تحدث نتائج قانونية وتعالج قضايا معينة كتسوية قضية سياسية أو إنشاء حلف، أو تحديد حقوق والتزامات الدول أطراف هذه المعاهدة، ولا تعد بمثابة المعاهدة الاتفاقيات التي تعقد بين الدولة والأفراد أو الشركات. وتطلق كلمة "معاهدة" على الاتفاقيات ذات الأهمية السياسية، كمعاهدات الصلح ومعاهدات التحالف مثل معاهدة الدفاع العربي المشترك ومعاهدة حلف "الناتو" الحلف الأطلسي. ويتم عقد المعاهدات بطرق رسمية وقانونية تبتدئ بالمفاوضات، ويليها التوقيع من قبل المندوبين المفوضين، وإبرامها من قبل رئيس الدولة. ثم تبادل وثائق الإبرام الذي يضفى عليها الصفة التنفيذية بعد إقرارها من السلطة التشريعية.
الاتفاقية Agreement:
يستعمل هذا المصطلح للاتفاقيات التي تتناول نواح فنية تنتج عن مؤثر فني مهنى وهو عرف وتقليد دولي، والاتفاقية عبارة عن اتفاق دولي أقل أهمية من المعاهدة، على الرغم من أن بعض الوثائق الدولية لم تميز بينهما، وهي تتناول بشكل خاص القضايا الفنية، كالشئون الاجتماعية والاقتصادية والتجارية أو البريدية أو القنصلية أو العسكرية الخ .. أو تسوية نزاع بين الطرفين مع بيان الحقوق والامتيازات لكل منهما، أو تتضمن مبادئ وقواعد دولية عامة، تتعهد الدول الموقعة باحترامها ورعايتها (كاتفاقيات لاهاي وغيرها) واتفاقيات جنيف متعددة الأغراض.
الاتفاق Accord:
الاتفاق مصطلح قانوني لاتفاق بين دولتين أو أكثر على موضوع معين له صفة قانونية ملزمة، ويأتي ترتيبه في الأهمية في الدرجة الثالثة بعد المعاهدة والاتفاقية. إن كلمة اتفاق تعني في العلاقات الدولية تفاهم أو تعاقد دولي لتنظيم العلاقات بين الأطراف المعنية في مسألة ما أو مسائل محددة يرتب على تلك الأطراف التزامات وحقوقا في ميادين السياسة والاقتصاد والثقافة والشئون الفكرية. وقد يتخذ الاتفاق طابعا سريا أو شفهيا أو صفة عابرة فيكون اتفاقا مؤقتا أو طويل الأجل أو ثنائيا أو متعددا أو يكون محددا كأن يكون اتفاقا تجاريا أو بحريا أو ثقافيا .. الخ. والاتفاق أقل شأنا من المعاهدة والاتفاقية. ويجري التوصل إلى الاتفاق بعد مفاوضات ويتم التوقيع ويخضع للإبرام والنشر.
الاتفاق الإطاري Framework Agreement:
تتميز الاتفاقات الإطارية بأنها اتفاقات تمهيدية إرشادية توفر للدول الأطراف هديا مرشدا عاما تهتدي به وذلك لأجل إبرام اتفاقيات أو بروتوكولات تفصيلية متممة لتلك الاتفاقيات الاطارية، وذك في مرحلة لاحقة. والاتفاقية الإطارية لا تهتم بالتفاصيل والتفسيرات الدقيقة لموضوع وهدف الاتفاقيات أو البروتوكولات اللاحقة المزمع إبرامها بين الدول؛ إذ أنها تحدد أطرا عامة لموضوع الاتفاق فقد يكون موضوع الاتفاق اقتصادي أو عسكري أو سياسي أو قد يشمل مجموع هذه العناوين ويحدد لها أطرا أو مبادئ أساسية وتترك التفاصيل للاتفاق التفصيلي اللاحق. وقد تبرم الاتفاقات الإطارية بين رؤساء الدول أو الحكومات أو قد يخول الوزراء بإبرامها على أن تتشكل لجان مشتركة بين الدولتين تقوم هذه اللجان بوضع تفاصيل المواضيع المقترحة ومن ثم تبرم معاهدة فيما بعد بتفاصيلها وبنودها محددة بدقة لكل طرف حقوقه والتزاماته. وبالإشارة الي الاتفاقية الإطارية للتعاون بين دول حوض النيل والتي تم توقيعها في عنتيبي بأوغندا يوم 14 مايو 2010 فهي تعد مثالا لذلك النوع من الاتفاقيات الاطارية، حيث تعالج بعض النواحي الإجرائية الأساسية وقليلا من النواحي الموضوعية المهمة حيث تترك التفاصيل للدول المشاطئة لنهر النيل وذلك كي تقوم بإكمالها في اتفاقيات لاحقة. ومن المهم في ذلك الصدد أن نشير إلي أن الدول الموقعة علي هذه الاتفاقية الإطارية عليها التزام قانوني بعدم الخروج عن الهدف والأغراض التي من شأنها وقعت الاتفاقية الإطارية. وتعد الاتفاقيات والبروتوكولات اللاحقة التي ستعقدها دول حوض النيل التي وقعت علي هذه الاتفاقية الإطارية معاهدات دولية مستقلة في حد ذاتها عن الاتفاقية الإطارية، ويمثل أي بروتوكول أو اتفاقية تتجاوز نطاق الاتفاقية الإطارية الأولية تعديلا خفيا للاتفاقية الإطارية، حيث تجد الأطراف نفسها مقيدة بالتزامات لم تقصد التقيد بها عند التفاوض بشأن الاتفاقية الإطارية.
أولا: مدي التزام دول الاتفاقية الإطارية بالمعاهدات التي أُبرمت في عهد الاستعمار:
درجت بعض دول حوض نهر النيل علي إثارة منازعات سياسية لا قانونية حول عدم التزام هذه الدول بالالتزامات الدولية القانونية المختلفة، والتي وردت في العديد من الاتفاقيات القانونية والمنظمة لكيفية الانتفاع، واستغلال مياه نهر النيل، و ذلك بزعم أن هذه الدول لم تكن طرفا في هذه الاتفاقيات حين أبرمتها الدول الاستعمارية نيابة عن هذه الدول، ومن ثم لا يوجد أي التزام يقيد هذه الدول حين تنتفع بمياه نهر النيل. أيضا زعمت هذه الدول أن الالتزامات التي نصت عليها تلك الاتفاقيات ألحقت بها أضرارا عديدة بل لحق بهذه الدول ظلم بين وجور واضح، بل أن هذه الاتفاقيات لم تراع الا حقوق ومصالح مصر وحسب وذلك دون أي اعتبار لهذه الاتفاقيات التي كانت قد أُبرمت قبل استقلال هذه الدول. وتزعم هذه الدول أن قواعد الاستخلاف الدولي تتيح لهذه الدول الوفاء بالالتزامات السابقة التي جاءت بها الاتفاقيات الدولية والتي كانت قد أبُرمت في عهد الاستعمار. لقد جري العمل الدولي علي أن المعاهدات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية تنقضي إذا زالت الشخصية القانونية الدولية لأحد الطرفين زوالا تاما. أما إذا كانت المعاهدات متعلقة بالإقليم ذاته كالمعاهدات التي تعين حدود الإقليم أو تلك التي تقرر حقوق اتفاق على إقليم كحق المرور في الأنهار أو المضايق أو الوصول إلي البحر فإنها تظل قائمة وتلتزم الدول التي ضم إليها الإقليم باحترامها. حيث تلتزم الدولة الناشئة بها لأنها تنصب مباشرة علي الإقليم الذي أصبح خاضعا لها.
لقد أجمع الفقه الكلاسيكي علي أن بعض المعاهدات ذات الصلة الوثيقة بالإقليم عليها أن تصمد في وجه كل تغير للسلطة المسيطرة علي الإقليم، وفي مقدمتها تلك التي ترسم الحدود أو تنظم حقوق المجموعة الدولية علي إقليم ما "كخدمة دولية"، مثل المرور في المضايق والمعابر الدولية. والهدف الأساسي من هذه المعاهدات هو الحفاظ علي الاستقرار والاستمرارية، وحجة هذا الرأي أن هذه المعاهدات مرتبطة بالإقليم، ولهذا فيجب أن تستمر رغم حدوث الاستخلاف علي الإقليم، والاستمرارية هنا خاصة بالنظام القانوني الذي نتج عن تنفيذ المعاهدة. أكدت ذلك المادة 11 من اتفاق "فيينا" لخلافة الدول لسنة 1978 حيث قررت "لا تؤثر خلافة الدول في حد ذاتها علي الحدود المقررة بمعاهدة أو الالتزامات، والحقوق المقررة بموجب المعاهدة والمتعلقة بنظم الحدود".فالسيادة الجديدة يقع عليها التزام دولي يتمثل في احترام ما أنتجه النظام القانوني الذي كان قائما قبل الحلول. هذا النظام الذي اشتمل كل الحياة الاجتماعية العامة منها، والخاصة لشعب معين علي إقليم معين لا يمكن أن تندثر آثاره بحجة ظهور سيادة جديدة، ومن ثم لا يؤثر الاستخلاف الدولي علي تلك الحقوق.
تقرير المصير والاستخلاف:
تتبلور الغالبية المطلقة من حالات الاستخلاف الدولي المترتبة علي تصفية الاستعمار في تكوين دول مستقلة غيورة علي سيادتها، لها اتجاهات مغايرة لما نهجته السلطة السابقة، وقد لا تتلائم طرق ممارسة الدولة المستقلة حديثا لسيادتها مع المعاهدات التي أبرمتها الدولة الاستعمارية، خاصة إذا كانت المعاهدات لخدمة مصالح الدولة "الأم" ولهذا فمن غير المعقول من وجهة نظر هذه الدول الأخذ بمبدأ الاستمرارية.
وباستقراء موقف دول حوض النيل حال استقلالها، نجد أن معظم هذه الدول أبقت علي كل المعاهدات، باستثناء تلك التي تتعارض مع سيادة الدولة الخلف: ففي سنة 1961م وجهت حكومة تنجانيقا – تنزانيا فيما بعد- خطابا للأمين العام للأمم المتحدة جاء فيه "... فيما يتعلق بالمعاهدات الثنائية المبرمة قانونيا، باسم إقليم تنجانيقا ... أن الحكومة الحالية لها إرادة احترامها، وتنفيذها علي أساس المعاملة بالمثل لمدة سنتين من تاريخ الاستقلال ..أما المعاهدات متعددة الأطراف فتقترح حكومة تنجانيقا دراسة كل واحدة علي انفراد، لتحديد موقفها منها .. وفي انتظار ذلك تبقي هذه المعاهدة نافذة بالنسبة لتنجانيقا"، وهو ما ذهبت إليه كل من أوغندا، كينيا، رواندا، وغيرها.
مبدأ احترام الحدود القائمة وقت الاستقلال وعدم المساس بها:
لقد تحددت حدود الدول الأفريقية الحالية بموجب معاهدات أبرمتها الدول الأوروبية فيما بينها إبان فتره التوسع الاستعماري، ولقد اتخذت منظمه الوحدة الأفريقية منذ إنشائها موقفا عمليا وحكيما فيما يتعلق بمسألة إعادة النظر في الحدود. ففي مؤتمر القمة الأفريقي الذي عقد في أديس أبابا عام 1963م عبر عدد من رؤساء الدول الأفريقية عن عدم الرضي بالأسس التي تم بمقتضاها تحديد الحدود في القارة الأفريقية، ولكنهم اتفقوا علي أنه لا مناص من الإبقاء عليها كما هي، لان إعادة النظر فيها سيرتب آثارا ضارة باستقرار القارة وأمنها. وفي 21 يوليو عام 1964م اتخذ مؤتمر رؤساء الدول والحكومات الأفريقية قرارا أكدت فيه الدول الأعضاء التزامها التام بمبادئ المنظمة المنصوص عليها في المادة الثالثة من الميثاق وتعهدت باحترام الحدود القائمة وقت استقلالها، واعتبرت ديباجة القرار حدود الدول الأفريقية وقت استقلالها كواقع ملموس. جدير بالذكر أنه لم تبد أية دولة أفريقية مستقلة من دول حوض نهر النيل أيه تحفظ علي هذا القرار حيث كانت المغرب والصومال الدولتين الأفريقيتين اللتين أبديتا تحفظاتهما علي القرار.
وحين زعم البعض بأن إقرار ذلك المبدأ ينطوي علي غبن وظلم كبيرين ولا يتنافي مع مقتضيات العدالة والإنصاف، تصدت محكمه العدل الدولية لهذا الزعم وذلك في قضيه مالي وبوركينا فاسو، حيث حذرت من اللجوء إلي مفهوم العدالة من أجل تعديل الحدود القائمة، وأكدت علي أن ذلك الأمر لا مبرر له البتة وعلي وجه الخصوص في السياق الأفريقي، فهذه الحدود ومهما كانت غير مرضية، فإنها تملك سلطة مبدأ (لكلٍ ما في حوزته)، وبالتالي فهي منسجمة مع القانون الدولي المعاصر. وبذلك تكون المحكمة قد وضعت مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها في مرتبه أدني بالنسبة لمبدأ احترام سيادة الأراضي، حيث فضلت المحكمة استقرار الحدود علي التمزق الذي يمكن أن يحدثه مبدأ تقرير المصير.
جدير بالذكر ، أن هناك عددا من الاتفاقيات الدولية الثنائية والثلاثية والتي تم إبرامها لتنظيم الانتفاع المشترك بمياه نهر النيل قد أُبرمت أثناء عهد الاستعمار وكانت في ذات الوقت مرتبطة أو ملحقة باتفاقيات الحدود، ومن ثم فما يسري علي اتفاقيات الحدود من أزلية وقدسية يمكن أن يسري أيضا علي هذه الاتفاقيات المشار اليها. ولقد أكدت المادة الثالثة من اتفاقية قانون استخدام المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية على ذلك ، حيث تنص علي عدم تأثر حقوق والتزامات الدول التي تمر بها المجاري المائية الدولية وإن كانت تطلب من الدول الأطراف في الاتفاقية وفي حالة الضرورة أن تقوم بموائمة مثل هذه الاتفاقيات الدولية المنعقدة مع المبادئ الأساسية للاتفاقية.
ثانيا: التغير الجوهري في الظروف وأثره في التحلل من الالتزامات التعاهدية:
درجت بعض دول حوض النيل في الأعوام الأخيرة علي إثارة قاعدة التغير في الظروف، والتي يعتنقها نفر من فقهاء القانون الدولي، وذلك لمحاولة التنصل من التزاماتهم القانونية، والتي سبق وأن حددتها الاتفاقيات التي أبرمتها هذه الدول، وذلك بالمخالفة لقاعدة أولية من قواعد القانون الدولي العام، وهي أن "المتعاقد عبد تعاقده"، وادعت هذه الدول أن الظروف الاقتصادية، والسياسية التي كان لها دور كبير في إبرام هذه الاتفاقيات لم تعد قائمة، وأن المراكز القانونية لهذه الدول قد تبدلت، وتغيرت، وتركزت معظم ادعاءات هذه الدول حول الزيادة السكانية، والظروف المناخية، والحاجات التنموية المتزايدة لهذه الدول؛ مما يجعل هذه الدول مضطرة نتيجة تلك الظروف المتغيرة إلي أن تتحلل وبإرادتها المنفردة من القيود التي تفرضها عليها هذه الظروف الجديدة.
وواقع الأمر أن القانون الدولي يعترف بأن التغير الجوهري في الظروف التي دفعت الأطراف إلي قبول المعاهدة، إذا نتج عن هذا التغير تقلب جذري في الالتزامات المتبقية، يمكن طبقا لبعض الشروط للطرف المتضرر من الاعتماد عليها كسبب للمطالبة بإنهاء المعاهدة أو إيقاف العمل بها. هذا المبدأ وشروطه واستثناءاته جاءت في المادة 62 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات، فقد نصت الفقرة الثانية من هذه المادة علي أنه لا يجوز الاستناد إلي التغير الجوهري في الظروف كسبب لإنهاء معاهدة منشأة للحدود أو الانسحاب منها. وجاء في تعليق لجنة القانون الدولي علي مشروع هذه الفقرة أنه إذا لم تستثن معاهدات الحدود من تطبيق قاعدة التغير في الظروف، فإن هذه القاعدة بدلا من أن تكون وسيله للتغيير السلمي ستصبح مصدرا لاحتكاكات خطيرة.
شروط التمسك بقاعدة تغير الظروف:
لخص تعليق لجنة القانون الدولي علي مشروع المادة 26 المشار إليها هذه الشروط في خمسة شروط:
1-أن ينصب التغير علي ظروف قد وجدت أثناء إبرام المعاهدة.
2-أن يكون التغير جوهريا. 3-يجب ألا يكون التغير متوقعا من قبل الأطراف.
4-أن تكون تلك الظروف قد شكلت أساس التراضي للالتزام بالمعاهدة.
5-يجب أن يؤدي التغير في الظروف إلي قلب جذري للالتزامات النافدة مستقبلا بموجب المعاهدة.
وبهذا فان أي أزمة اقتصادية عامة لا يمكن الاستناد عليها للمطالبة بإنهاء معاهده تصدير مواد أولية أو استيرادها، إلا إذا كانت تلك الأزمة تؤثر علي إنتاج تلك المواد الأولية أو أسعارها. هذا ما يعبر عنه بالتغير في الأوضاع الذي ينال من كيان المعاهدة ذاته.
لقد أكدت محكمة العدل الدولية علي حقيقة قانونية مهمة في ذلك الصدد، وهي عدم جواز التحلل الانفرادي أو الانسحاب أو إنهاء الالتزامات التعاهدية تأسيسا علي قاعدة التغير في الظروف، وذلك في حكمها القضائي، والذي صدر بتاريخ 2 فبراير عام 1973 بشأن توسيع السلطة الأيسلندية في مجال المصايد، وأكدت المحكمة علي أنه حتى يقبل مبدأ التغيير في الظروف لابد أن يتحول الالتزام الأصلي إلي مجال تنفيذ مخالف أو أكثر صعوبة، وأن التغيير لا يعني حق فسخ الاتفاق من جانب واحد فقط، ولكن الوضع يسمح باقتراح إلغاء علي الطرف الآخر، وفي حالة الخلاف حول ذلك يعرض الأمر علي جهة ثالثة (نص المادتين 65 و66 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات).
ويري العديد من الفقهاء أن تغير الظروف ليس له أي أثر في إنهاء المعاهدات الدولية، وفي رأي هؤلاء أن النظرية تتعارض مع الأهداف الأساسية للمعاهدات الدولية، وهو استقرار النظام القانوني الدولي، فهدف القاعدة القانونية هو ضمان الاستقرار لحالة متحركة، فإذا كانت الظروف لا تتغير تنتفي الحاجة إلي إبرام معاهدات لها قوة الإلزام وبهذا تحطم النظرية الهدف القانوني ذاته. كما يشير البعض الآخر من الفقهاء إلي ضرورة أن يمس تغير الظروف أهداف المعاهدة وليس بواعثها. فإذا افترضنا أن أحد الطرفين لم يعد يهتم بتنفيذ المعاهدة فان هذا الباعث في حد ذاته لا يكفي لتطبيق المبدأ لأن هدف المعاهدة يمكن أن يظل – رغم ذلك مشروعا. مجمل القول أنه يجب النظر إلي القاعدة علي أنها مبرر لتنقيح المعاهدة، وليست سببا من أسباب إنهائها فحسب اللهم إلا في الحالات الاستثنائية التي تبرر ذلك.
وبالنظر إلي تشبث بعض دول حوض النيل بهذه القاعدة، فإننا نري أن مصر وليست هذه الدول، هي الدولة التي لها مصلحة رئيسية في الاستناد لهذه القاعدة، وذلك بالنظر إلي التغير الجوهري في كافة المعطيات والظروف المصرية السائدة الآن، والتي تجابه الدولة المصرية، سواء الزيادة السكانية الكبيرة، أو ندرة مصادر المياه البديلة، أو الحاجات الاقتصادية والتنموية المتزايدة، ويكفينا في ذلك الصدد أن نشير الى أن الهيئة الدولية التي شكلت بريطانيا العظمي والولايات المتحدة الأمريكية والهند، وذلك من أجل تحديد احتياجات مصر عام 1920 من مياه النيل، قدرت هذه الاحتياجات بـ 58 مليون متر مكعب سنوياً.
ثالثا: مبدأ السيادة المطلقة علي الجزء المار من نهر النيل في إقليم الدولة:
ادعت أيضا العديد من دول حوض النيل بعد استقلالها في بداية الستينيات بحقها المطلق التام في الانتفاع بالجزء المار من نهر النيل في إقليمها، وبها ما تشاء من إنشاء أية مشروعات أو سدود علي ذلك النهر ودون النظر للمصالح أو الأضرار التي يمكن أن تطرأ من ذلك الانتفاع علي باقي دول نهر النيل.
وكان ذلك الزعم يري صداه في (مبدأ هارمون) الذي أرساه النائب العام الأمريكي عام 1896م، وهو رأيه الذي أشار به لوزير الخارجية الأمريكي في ذلك الوقت في قضية المياه الدولية بين دولة المكسيك والولايات المتحدة الأمريكية، حيث أشار الي سلطة الولايات المتحدة الأمريكية المطلقة في استخدام والانتفاع بالنهر الذي ينبع منها دون النظر الي تأثير ذلك علي دولة المكسيك. وإذا كان "مبدأ هارمون" الذي يقضى بالسيادة المطلقة والتامة على الجزء الذي يمر في إقليمها من النهر الدولي بحيث يمكنها أن تستغله كما تشاء دون التفات لمصالح الآخرين قد لاقى بعض القبول الفقهي فيما قبل القرن التاسع عشر، فإن الفقه الحديث والقضاء الدولي منذ بداية القرن العشرين يجمع على أن سلطات الدول على الأنظمة المائية الدولية سلطات مقيدة، وأن استغلال الدول للجزء الواقع في أراضيها مشروط بعدم الإضرار بباقي دول النظام وضرورة الاتفاق على كلفة شئون الاستغلال التي تنال من حقوق الآخرين.
واذا كان القضاء الدولي وقضاء التحكيم الدولي قد أكد مرارا وتكرارا علي عدم شرعية مبدأ "هارمون" المستند علي السيادة المطلقة لدولة الإقليم علي الجزء المار من النهر الدولي في اقليمها، فنجد القضاء الوطني نهج ذات النهج، ففي الولايات المتحدة الأمريكية ذاتها وفي قضايا Kansas , V Colorado في الفترة من عام 1902م الي عام 1907م صرحت المحكمة وبعبارات حاسمة: "استخدم ما لك من حق دون تدمير الحق القانوني للآخر" ، ورفضت أيضا المحكمة التسليم بمبدأ هارمون. وفي حكم حديث لأحد المحاكم الهندية في قضية Aradi عام 1986م قرر بأن "الأخذ بمبدأ السيادة المطلقة غير معترف به بموجب قواعد وأعراف القانون الدولي".
مجمل القول أن هذه النظرية فوضوية ولا تتسق مع متطلبات الاقتصاد العالمي والرفاهية الدولية والتعاون الذي يجب أن يتحقق بين الدول. فهي لا تقدم حلا قانونيا سليما لمشكلة سياسية. فيجب ألا تسمح لدولة بعينها أن تستخدم المياه علي نحو يسبب أضرارا مادية لمصالح الدول الأخري، فكلا من الدول المشاطئة تمارس سيادتها علي القطاع من النهر الذي يمر بإقليمها. ولكنها اذ تستخدم هذا القطاع يجب أن تحترم حقوق الدول المجاورة أخذا بقاعدة لا ضرر ولا ضرار.
رابعا: الانتفاع المنصف المعقول لمياه نهر النيل:
تثير مسألة تحديد معايير الانتفاع المنصف والمعقول لمياه الأنهار الدولية، ومنها نهر النيل إشكاليات قانونية عديدة، وتحدث هذه الخلافات القانونية دوما ما بين دول المصب ودول المنبع للنهر الدولي، وهذه المسألة هي من أهم بل أخطر الأمور العالقة التي لم يتم تسويتها حتي اللحظة الآنية بين مصر والسودان باعتبارهما دولتي المصب لنهر النيل ومعظم باقي دول المنبع، حيث تري مصر ضرورة أن تتناسب حصتها المائية ومعدلات زيادتها مع طول مجري النهر في كل دولة من دول حوض النيل، حيث تشير مصر الي أن طول مجري النهر في مصر هو الأكبر حيث يصل الي ما يقرب من 1700 كم، ناهيك عن أن نسبة الأمطار في دول الحوض جميعها تتراوح بين 90 سم الي 1.8 متر، في حين أن منسوب الأمطارعلي مصر لا يتجاوز الـ 20 مليمتر. لقد حادت الاتفاقية الإطارية للتعاون بين دول حوض النيل عن القواعد والأعراف وحتي المعايير التي حددتها قواعد هلسنكي لعام 1966م والتي توضح ماهية النصيب المنصف والمعقول لكل دولة في الاستخدامات المفيدة لمياه النظام المائي الدولي، حيث نصت تلك القواعد علي الاستخدامات السابقة والحالية لمياه الحوض، مما يعد تربصا بحقوق مصر التاريخية السابقة في ذلك الشأن، ويعد انتهاكا للمبادئ العامة الراسخة للقانون الدولي، وهي حسن النية في تنفيذ الالتزامات الدولية و عدم التعسف في استعمال الحق ومبادئ حسن الجوار وهي من أهم المبادئ العامة للقانون الدولي التي اعتنقتها الأمم المتمدينة .
خامسا: مبدأ الإخطار المسبق بإقامة مشروعات:
يعد التزام الدول المشاطئة للأنهار الدولية بالإخطار والتشاور مع باقي دول النهر الدولي عند عزمها علي إقامة أية مشروعات أو أعمال علي مجري النهر في أقاليم هذه الدول أحد أهم القواعد الدولية للاستعمال البريء للنهر الدولي ويعني الاستعمال البريء للنهر الدولي، ألا تنفرد دولة من دول النهر الدولي باستغلال أو القيام بأنشطة هندسية أو غيرها، من شأنها الإضرار بباقي دول المجري، أو تؤدي إلي تغيير مجري النهر أو تحويله أو تعطيل الملاحة به، ويرتبط ذلك المبدأ بالمبادئ العامة للقانون مثل مبدأ عدم التعسف في استعمال الحق، ومبدأ حسن الجوار.
ان قاعدة الإخطار المسبق تعد وثيقة الصلة بقاعدة "لا ضرر"، ان الإخطار المسبق في حد ذاته يعد تسليم للدولة المصب بحق الاعتراض علي إقامة مشروعات، واذا كان هذا الحق لا يجد سندا له في القانون الدولي العرفي فان معظم الاتفاقيات الدولية الثنائية والمتعددة تنص علي ذلك الحق. لقد أغفلت الاتفاقية الإطارية – و عن عمد - الحق القانوني الذي كانت تتمتع به مصر من الإخطار المسبق بالمشروعات التي تزمع دول حوض النيل في اقامتها، وحق مصر في رفض ما تراه يؤثر في حصتها وهكذا أصبح قرار الموافقة بأغلبية دول الحوض وليس مقصورا علي مصر.
ممارسات البنك الدولي للإنشاء والتعمير:
لقد التزم البنك الدولي للإنشاء والتعمير بضرورة موافقة جميع الدول المشاطئة لحوض النهر الدولي علي إقامة أي مشروع من المشروعات علي ذلك النهر الدولي، فلقد انسحب البنك الدولي من مشروع Sardar Sarover في الصومال نتيجة اعتراض كينيا ورفض أيضا تمويل مشاريع في الصين ومشروع جنوب الأناضول في تركيا وسد أسوان في مصر 1955م، ومشروع Bhakra Nagal في الهند عام 1949م، وسد Lower Sind في باكستان عام 1950م، وسد الروصيرص في السودان عام 1987م. الا أن مصر لا تستطيع الجزم بموقف المنظمات والدول المانحة، والقول بأن المانحين سيمتنعوا عن التمويل اللازم لمشروعات دول المنبع، فهذه الدول والمنظمات -وكما صرح المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية المصرية- تقف موقفاً محايداً حيث لا تتبني موقف مصر أو موقف دول المنبع وهو ما يتضح من تصريح سفير المفوضية الأوروبية في مصر من أنه إذا لم تعمل دول الحوض معا سيكون لهذا عواقب وخيمة وسيفوتون فرصة إنشاء علاقات اقتصادية بناءة، وأن الاتحاد الأوروبي قلق من إمكانية انقسام مجموعة دول حوض النيل إلي مجموعتين.
سادسا: الحقوق التاريخية المكتسبة بموجب القانون الدولي العام:
يعني ذلك المبدأ وفقا لأحكام القانون الدولي أن الحقوق التي اكتسبتها الدولة بمقتضي اتفاق دولي لا يجوز وضعها موضع الشك أو سحبها منها إلا بموافقتها ورضاها وفق اتفاق جديد، وتعني الحقوق المكتسبة في مجال الانتفاع بمياه الأنهار الدولية التواتر لفترة طويلة دون اعتراض باقي دول النظام المائي الدولي. فالأخذ بمبدأ الحقوق المكتسبة يعود إلي عدة اعتبارات أهمها الاعتبارات الاجتماعية، وهي أسمي الاعتبارات التي تبرر الأخذ بالقاعدة في القانون الدولي، فالحياة الدولية لن تكون ممكنة إذا لم تقبل الدول فيما بينها هذه القاعدة بالنسبة لما أُكتسب من حقوق، فالاستقرار القانوني هو الذي يفسر أهمية هذا المبدأ. وفي سياق الانتفاع بمياه الأنهار الدولية تري غالبية الفقه أن الاستغلال الدائم لمصلحه دولة من دول النهر والمستقر منذ زمن بعيد يعد حقا مكتسبا لهذه الدولة يتمتع بالحماية القانونية ولا يجوز المساس به إلا بموافقة هذه الدولة، شريطة أن يكون هذا الاستغلال نافعا ومفيدا ومعقولا ومقبولا. ويعد الموقف السلبي من الدول الأخرى المشاطئة للنهر الدولي لفترة معقولة قرينة كاشفة تفصح عن الحقوق التاريخية المكتسبة للدولة التي تدعي بهذه الحقوق.
والحقوق المكتسبة تعد أحد أهم الأسس القانونية التي تؤخذ في الاعتبار عند النزاع حول تقسيم الانتفاع بمياه الأنهار الدولية وهي تعني الاستخدامات السابقة للنهر والمشروعات المستقبلية في أي من الدول المشاطئة للنهر الدولي. وأولوية الحالة التاريخية تؤخذ في ضوء كل حالة علي حدة، فالمياه المخصصة لشرب السكان منذ القدم لها الأولوية بالتأكيد علي تحويل المياه من أجل إصلاح أراضي جديدة مهجورة، وخالية من السكان، لذا كان منطقيا أن تتمسك مصر بحقوقها التاريخية المكتسبة منذ قرون خلت، ولم ينازعها فيها أحد في الانتفاع بنهر النيل، فمصر المستخدم الأول لمياه نهر النيل اعتمدت حضارتها، واقتصادها، وحياة شعبها شبه الكاملة على مياه نهر النيل منذ آلاف السنين. إن جميع الاتفاقيات القانونية التي أُبرمت من أجل تنظيم الانتفاع بمياه نهر النيل أكدت علي هذه الحقوق التاريخية، والمكتسبة لمصر، وراعت الاتفاقيات المشار إليها وضع مصر الخاص عن باقي دول حوض نهر النيل باعتبارها دولة المصب للنهر، فضلا عن أن مصر هي الدولة الوحيدة من بين سائر دول الحوض والتي تعتمد علي نهر النيل كمصدر مائي وحيد لها. لقد عرف القضاء الدولي عددا من الإحكام التي تؤكد علي الحقوق التاريخية المكتسبة للدول بشكل عام، نذكر من بينها الحكم الصادر عن محكمة العدل الدولية في قضية المصايد، في النزاع بين بريطانيا والنرويج، وقد صدر الحكم بتاريخ 18/12/1951م : "لقد أحرز النظام النرويجي ككل علي القبول الضمني العام من طرف الدول علاوة علي أن بريطانيا لم تعترض طوال 60 سنة علي هذا السلوك، فهي تعرف جيدا الموقف النرويجي، مادام أنها قامت بمبادرة غير ناجحة أملا في الحصول علي توقيع 1882 حول شرطة الصيد في بحر الشمال".إن نظام خطوط الأساس المستقيمة، المطبق منذ زمن بعيد من طرف النرويج، لا يمكن أن تجهله بريطانيا، ثم إن قبول الدول الأخرى به، يدل علي أنه ليس مخالفا لقواعد القانون الدولي، والنرويج تحوز بالمنطقة المتنازع عليها حقوقا تاريخية تعود الي القرن السابع عشر، حتي وان كان يبدو عدم اكتمالها بدقة ورغم ذلك فهي تؤسس الادعاءات النرويجية، وهذه الحقوق المؤسسة علي الاحتياجات الحيوية للسكان والمكرسة منذ زمن بعيد يمكن أن تؤخذ بعين الاعتبار، بواسطة تقسيم، حيث يظهر أنه متواضع ومنطقي. وكشف هذا الحكم عن المركز القانوني للطرفين المتنازعين وأوضح أن النرويج تسلك منذ زمن بعيد سلوكا يتفق مع أحكام القانون الدولي في تحديدها لبحرها الإقليمي ومنطقة الصيد بأسلوب معين ومتواتر. ولا شك أن هذا الحكم الذي أصدرته محكمة العدل الدولية يتمثل في أن سلوك الدولتين لن يتغير عما كان عليه الوضع قبل صدور هذا الحكم بعدما اتضح أن النرويج هي صاحبة حق، وان بريطانيا ليس لها الحق في دخول منطقة الصيد المتنازع عليها، ولم يبق لها سوي التسليم بما صدر عن المحكمة.
سابعا: قدسية المعاهدات الدولية:
علي صعيد العلاقات الدولية تعتبر المعاهدات من أهم مصادر القانون الدولي. وأفضل الوسائل للارتباط القانوني فيما بين الشعوب بهدف التعاون والتقارب وتجاوز الخلافات. ومن جهة أخري ، فإن معظم النزاعات الدولية تخص بطلان أو تفسير اتفاقيات دولية، وتجد المنظمات الدولية المختلفة أساسها القانوني في معاهدات متعددة الأطراف، وبفضل الأخيرة تم تقنين فروع عديدة في القانون الدولي. ويلاحظ أن فعالية هذه الرابطة ترتبط بإمكانية مراقبتها وتصحيحها لحفظ العدالة بين الأطراف المتعاقدة عن اتصال المعاهدة بمحيطها الواقعي. ولم تخرج المعاهدات الدولية عن الصفة التعاقدية الا في وقت ليس ببعيد حيث كانت تخضع لنظام العقد الي منتصف القرن الماضي. ومن المسلم به في الحياة العملية، أن الدول في معاملاتها، لا تبالي بعنصر الإلزامية في المعاهدات الدولية والتاريخ يبين أن دولاً كثيرة لم تتردد في الإقبال علي التوقف عن تطبيق معاهداتها كلما ابتغت ذلك، لأسباب معقولة كانت أو واهية أو حتي بدون أي سبب، يؤكد ذلك توقيع بعض دول حوض النيل للاتفاقية الإطارية المدعاة. فبمجرد تعارض تلك المعاهدات مع مصالحها، أو كلما تهيأ لها الجو السياسي بدون أخذ أي اعتبار للقانون. إن رجال السياسة الحديثة لا يبالون -الا نادرا- بتلك المبررات التي تقدم لهم لجعل المعاهدات ملزمة، سواء لأنها تشكل "كلمة شرف" أو لأن "خرق المعاهدات يمس بالسمعة" أو لأن ذلك "لا أخلاقي".لقد اعتبرت المعاهدات الدولية رباطا شخصيا بين شخصين أو أكثر من أشخاص القانون الدولي، ولهذا يجب أن تبني هذه الوصلة القانونية فيما بين الدول علي نية حسنة لتحقيق أهداف ومصالح مشتركة. ولهذا فقاعدة "العقد شريعة المتعاقدين" أو "التزام المتعاقد بتعاقده"، يفترض أن تتزاوج مع مبدأ حسن النية الذي يشكل عمودها الفقري، خاصة في مجتمع لا مركزي، مثل مجتمع الدول الذي يخاطب أساسا دولا ذات سيادة. لقد نصت ديباجة ميثاق منظمة الأمم المتحدة علي ما يلي: "وقد آلينا علي أنفسنا ... أن نبين الأحوال التي يمكن في ظلها تحقيق العدالة واحترام الالتزامات الناشئة عن المعاهدات وغي
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد

ملخصات تغذية الموقع
جميع حقوق النشر محفوظة 2009 - (صنعاء نيوز)