صنعاء نيوز/عبد الحلیم سیف -

حتی الساعة العاشرة والنصف تقریبا من صباح هذا الاثنین (أمس) الأول من شهر رجب سنة 1436ه ؛ الموافق للعشرین من ابریل - نیسان 2015م ؛ بدت الحیاة في العاصمة شبه طبیعیة مغلفة بالحذر والقلق مما هو آت ؛ وذلک بعد لیلة من الهدوء النسبي ؛ لم نسمع فیها صوتا للانفجارات أو مضادات للطیران المعادي ؛ وقد بات مذ 26 مارس الماضي حاضرا علی مدار ساعات اللیل والنهار في طول الیمن وعرضها وعلی رأسها صنعاء ..ثم فجأة تنقلب الأمور رأسا علی عقب !! فماذا حدث ؟! عند الساعة العاشرة وأربعین دقیقة ؛ أحسست برتعاش الکرسي من تحتی ؛ وکأن هناک هزة أرضیة ..ثوان وأسمع دوي انفجار ضخم..لیس شبیها بذینک الذي شهدته صنعاء وفي القلب منها حدة لیلة الجمعة علی السبت ..ولا أدري حتی کتابة هذه السطور ان الانفجار جاء بفعل صاروخ کروز أو حراري أو قنبلة ضخمة لقوات تحالف(...) ؛ لأنني ببساطة لست خبیرا عسکریا..المهم في الموضوع من شدة الانفجار أرتج المنزل وتکسر بقایا زجاج النوافذ..سقطت بعض الأشیاء من مکانها في المطبخ وغرفة المجلس..أهرع إلی سقف البیت ؛ فإذا بي أشاهد سحابة تنبعث من جبل فج عطان ..فقد اهتزت المدینة من ضغط الانفجار من أقصاها إلی أقصاها ؛ کما عرفت بعد ذلک من اصدقاء یعیشون فی اتجاهات مختلفة من صنعاء ..فقال لی صدیق کان عائدا لتوه إلی منزله في الخمسین بحدة..: « کنت أمام البنک العربي في شارع الزبیری.. هناک رأیت کیف أرتعشت المبانی والمؤسسات العامة والخاصة وهتزت الأرض من تحت الأقدام ..وکیف تطایر زجاج النوافذ ذات العرض الکبیر ..أصیب الناس بهلع وخوف شدیدین.. فکانوا یهرعون في کل اتجاه هربا بجلودهم من انفجار یستهدفهم .. لم یعرفوا بدایة أین وقع الانفجار ..نساء أصبن في حالة اغماء وبعضهن یولولین ..وأطفال یبکون ویصرخون وسط تردید الرجال الدعاء : حسبنا الله ونعم الو کیل »؛ وهو ذات الدعاء المؤثر الذی تلهج به السن الیمنیین صباح مساء ومع کل انفجار..وسقوط کل شهید وجریح في هکذا مدینة وقریة یمنیة . ثم یضیف: ما ذنب هولاء الابریاء من المدنیین العزل هذا حرام ..هذه جریمة ...قلت له: نعم هذه جریمة حرب وفقا لأحکام القانون الدولي الإ نساني بعامة ؛ وبخاصة اتفاقیات جنیف الاربع لسنة 1949.والبروتوکو لین الاضافیین الملحقین بها لعام 1977. انتهی الحدیث المقتضب مع صدیقی عند هذه النقطة ؛ فذهبت بدوري أتجول في بعض أحیاء المدینة الجنوبیة..رأیت هیاکل النوافذ من الخشب والألمنیوم ملقی علی ناصیة الشوارع.. مع الاتربة والحصی ووبقایا البلک والاحجار ..الأبواب الحدیدیة في حالة ضرر ..أغلبها یبدو وکأنها خلعت بقوة ..قطع الزنج المتطایر أخذ من جسم الشارع مستقرا له ونحوه في مشهد مشوه معلق في محبسه علی سور منزل أو مؤسسة ..مطعم أو دکان ..تشاهد شظایا زجاج المنازل والمحال التجاریة والمعارض الکبری متناثرة وهي تغطي الشوارع کالثلوج - بحسب وصف صدیقي الدکتور عبده شدیوة - کما في الستین والمصباحي والخمسین وحدة والصافیة وعصر والزبیري وشارع الجزائر ؛.. حتی السیارات هي الآخری لم تسلم فقد تضررت وسط صفیر سیارات الإسعاف التي تسمعها تنطلق من هنا وهناک ..تنقل من أصیب بجروح جراء شظایا الزجاج والانفجار ؛ إلی أقرب مستشفی ..لا أدري کم عدد الضحایا.. بید ان الشواهد تشیر إلی أنهم غیر قلیل .وهذا ما اکده لي صدیقي الزمیل الصحافي حافظ البکاري الذي اتصل بي للأطمئنان ؛ وقال لي ان الاخبار تتحدث عن وقوع نحو ثلاثین شهیدا وعشرات الاصابات جراح بعضهم بلیغة وخطیرة وجلهم من المدنیین وذلک حتی الساعة الرابعة عصرا. في لحظة وأنت تمضي وحیدا في شوارع حدة ؛ فإذا بک تتوقف فتستدیر برأسک نحو السماء ؛ لتری سحابة دخان کثیفة السواد ترتفع عالیا فوق جبل فج عطان ..وسط سماع أزیز مقاتلات العدوان فوق سماء العاصمة وغیرها من المدن الیمنیة !!. هذه صورة مکثفة لوصف ما جری. کتبتها بعید لحظات من وقوع الانفجار المروع ؛ وهي بالوانها وتقاطعاتها ؛ تعکس کم هي الحروب بشعة وقذرة وغیر أخلاقیة .؛ وما أکثر حراحاتها النازفة واهوالها الفاجعة وضحایاها الأبریاء في غیر مکان .. في عدن وتعز والضالع واب صعدة وشبوة والحدیدة ومارب والبیضاء ولحج وذمار وعمران وابین وحجة وحضرموت وصنعاء وأمانة العاصمة. و...و...لخبر المأساة بقیة. وبعامة ..وفي ختام عجالتي هذه اتمنی ان تنته العواصف الجویة والبریة والبحریة الیوم قبل الغد..فیکفی خرابا ودمارا وقتلا وموتا فی حرب وحده شعبنا دوت غیره یدفع فاتورتها الباهظة جدا جدا . فحفظ الله یمننا وشعبنا من أي مکروه.