shopify site analytics
حشود مليونية بالعاصمة صنعاء في مسيرة "مع غزة العزة.. تعبئة واستنفار" - زيارة معالي وزير الثقافة والسياحة والآثار/ العراق بغداد - قرار وقف النار وتبادل الأسرى بيد السنوار - آخر حاخام في مصر يكشف تفاصيل خطيرة - غرامة بالآلاف وحرمان من دخول السعودية لـ10 سنوات للمصريين - الكشف عن جرائم إسرائيلية بشعة ضد المصريين في رفح - تسارع في الأحداث بعد موافقة تل أبيب على خطة العملية - سبب غريب وراء تدهور حالة لاعبي الاتحاد السعودي البدنية - محافظة إب السياحية في ظل قيادة اللواء صلاح..!!! - ماذا قال خامنئي في اجتماعه مع قادة القوات المسلحة؟ -
ابحث عن:



صنعاء نيوز - 
        قبل تسعة وثلاثين عاما صدمت في 9/12/1987 شاحنة إسرائيلية كبيرة شاحنتين عربيتين فقتلت اربعة عمال

الثلاثاء, 13-ديسمبر-2016
صنعاء نيوز/ بقلم : عوني فرسخ -


قبل تسعة وثلاثين عاما صدمت في 9/12/1987 شاحنة إسرائيلية كبيرة شاحنتين عربيتين فقتلت اربعة عمال من مخيم جباليا ، ما فجر المظاهرات الغاضبة في أكبر مخيمات قطاع غزة . وسرعان ما عمت مظاهرات الغضب القطاع وامتدت لمدن ومخيمات الضفة الغربية . إذ اندفع آلاف الشباب يقذفون قوات الاحتلال وسيارات المستوطنين بالحجارة وزجاجات المولوتوف ، ويشعلون النار في إطارات السيارات ، وهم يلوحون بالأعلام الفلسطينية في مواجهة جنود العدو ، غير مبالين بالرصاص الحي المنهمر عليهم ، أو بهراوات الجند الغليظة ، ولا بالغاز المسيل للدموع أو بمدافع الماء ، وكل ما حشدته اسرائيل من وسائل قمع الجماهير الغاضبة ووضعته بتصرف الجيش . وكانت الممارسات العنصرية عشية تفجر الانتفاضة توصف بالغطرسة والتعالي وتعبر عن شعور مفرط بالانتصار على الشعب الأعزل ، فيما كان صناع القرار الاسرائيلي المدنيون والعسكريون يتصورون انهم أحكموا قبضتهم على الحراك الوطني الفلسطيني بعد إخراج فصائل المقاومة من بيروت وتوزيعها بعيدا عن الوطن المغتصب ، وما بدا عليه غالبية عناصرها من شعور بالياس والإحباط . وقد دلت الانتفاضة على أن العنصرية الصهيونية أبرز خمائر التغيير في الواقع العربي .

وصحيح أن الانتفاضة تفجرت عفويا لم يسبقها إعداد وتدبير ، ولكنها كانت نتاج تراكمات عقدين من المعاناة في ظل احتلال عنصري مارس قمع الحريات السياسية والمدنية وحرية التعبير واقترف شتى الجرائم من هدم المنازل ، إلى اقتلاع اشجار الزيتون وغيرها من الأشجار المثمرة ، وتجريف التربة ، واغتيال المقاومين ، حتى وإن كانت مقاومتهم سلمية ، واعتقالهم وتعذيبهم في المعتقلات والسجون ، وتشديد الأحكام عليهم .

ولم يكن الأطفال بمعزل عما كان يتعرض له الآباء والأخوة الكبار والأقارب والجيران ، ولا عما يشاهدونه من ممارسات عنصرية ، ولا يسمعونه من أخبار المقاومة واشادة ببطولات الشهداء وصمود المعتقلين ، بحيث انهم نضجوا مبكرا ونما وعيهم الوطني ، وتنامى شعورهم بالمسؤولية عن الاستجابة الفاعلة للتحدي الصهيوني . ولقد توصل أطفال الانتفاضة الى اسلوب في التصدي للعدوان لا يحتاج اى تجارة سلاح أو صفقات ذخيرة ، ولا خطوط تمويل ولا قوات خلفية ، ولا دعم خارجي ، فالاحجار ملء الطرقات والازقة ، والمقاتلون بها من الأطفال لم يكن عليهم إلا أن يمدوا أيديهم ويقذفوا بها أعداء شعبهم وأمتهم .

كما عبرت الانتفاضة عن ثقة مواطني الضفة والقطاع باستطاعتهم تغيير الواقع المأزوم بقدراتهم الذاتية : إذ دشنت انتفاضتهم مرحلة جديدة في الصراع العربي – الصهيوني ، إذ جعلت من الأرض المحتلة مسرح الصدام الأول والأساسي ، فيما وجد فيها الفرد والجماعات السياسية والاجتماعية مجالا للمساهمة في عمل وطني . إذ لم يسبق لمواطني الأرض المحتلة إمساك مستقبلهم بأيديهم بقوة كما فعلوا منذ انطلاق انتفاضتهم . وقد ابدعوا حلولا ذاتية لما يواجهونه من تحديات ومشكلات . بحيث انشئت على مدى الضفة والقطاع لجان الاكتفاء الذاتي في مجالات التربية والتعليم والصحة والزراعة والدفاع ، التي ضمت المعلمين والمهندسين الزراعيين الذين قاموا بتوزيع بذور النباتات ، وقدموا الإرشادات لاستنباتها في حدائق المنازل . وفضلا عن مشاركة الصبايا على نحو متزايد في أنشطة الانتفاضة الميدانية ، اضافت الهيئات النسائية إلى اهتمامها المعتاد بأعمال البًر والإحسان ، الاهتمام بالقضايا الوطنية والاجتماعية .

كما شكلت قيادة الانتفاضة قوات ضاربة من شباب أقوياء البنية لم يجاوزوا العشرين ، كلفت بتنفيذ برامج القيادة الوطنية . وكان في مقدمة مهامها مواصلة التصدي للجيش وعناصر الإدارة المدنية الاسرائيلية ، ومواجهة خارقي الإضرابات وعملاء سلطة الاحتلال وأجهزته الأمنية . إلى جانب تنظيم الفتيان الذين تجاوزوا الخامسة عشرة في صفوفها . وقد انتشرت في قاعدة التنظيم الهرمي للقوات الضاربة الخلايا المحلية ، ولكل منها قيادة ذاتية ، بحيث استعصى على جهاز المخابرات وعملائه اختراقها . والثابت تميز قيادة الانتفاضة بقدرتها على الصمود ، وإفشالها محاولات سلطة الاحتلال تعطيل أنشطتها المقاومة ما اعتبر إنجازا وطنيا غير مسبوق . فيما شكلت اللجان الضاربة نواة اللجان الشعبية التي ظهرت في الصدارة في مارس / آذار 1988 في تصديها لأجهزة الاحتلال . كما أنها قدمت إطارا لتعبئة المجتمع لدعم الانتفاضة والمشاركة في مشروعات الاكتفاء الذاتي . وفي ربيع وصيف 1988 انتشرت اللجان الشعبية في الضواحي والمخيمات ، وفي بعض الانشطة الاقتصادية كالزراعة والتجارة والتعليم .

وفي مواجهة الانتفاضة شكل رئيس الوزراء الإسرائيلي رابين ما أسماه "هيئة إدارة الحرب " ، التي اعتادت عقد اجتماعات أسبوعية ، شارك فيها 30 جنرالا وسياسيا ومحللا استراتيجيا ، منهم وزير الحرب ، ورئيس هيئة الأركان ، ورئيس جهاز "الشين بيت" وقادة المناطق ، والنائب العسكري العام ، والمستشار القانوني لوزارة الحرب ، وخبراء في شؤون الاحتلال ، ما يدل على القلق الذي احدثته الانتفاضة لدى صناع القرار الاسرائيلي سياسيين وعسكريين .

ولقد عرًت الانتفاضة الصهيونية ، وممارسات العدو القمعية كما تعًر من قبل . حيث أن مشاهد المقاومة السلمية بالحجارة قدمت صورة مؤثرة للعالم أجمع . إذ حين اعتمد الجيش الاسرائيلي إطلاق الرصاص الحي على أطفال الانتفاضة ، فإن مشهد الصبية مسلحين بالحجارة في تصديهم للمصفحات والمدافع الرشاشة قدًم رسالة مؤثرة وصلت لقلب وعقل العالم . بحيث أن الانتفاضة خلال أسابيع قليلة نجحت في لفت الانظار للقضية الفلسطينية بأكثر مما نجحت فيه كل المنظمات والفصائل وخطف الطائرات واحتجاز الرهائن وماراثون "المفاوضات " المثقل بالتنازلات . إذ فرضت على المجتمع للدولي حضوراً للشعب المقاوم بالحجارة جيشا مسلحا بأحدث وافتك الأسلحة . وبرغم تصعيد عمليات القمع الإسرائيلية تواصلت الانتفاضة سبع سنوات .

وبالانجازات التي حفلت بها انتفاضة أطفال الحجارة البرهان العملي على ما يختزنه الشعب العربي الفلسطيني من مكون حضاري ، وإرادة صمود وممانعة عصية على الاستلاب ، متميزة بتواصل العطاء والقدرة على الاستجابة الفاعلة في صراع الوجود واللاوجود الذي فٌرض على شعب فلسطين وأمته العربية بإقامة الكيان الصهيوني على ترابه الوطني .
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد

ملخصات تغذية الموقع
جميع حقوق النشر محفوظة 2009 - (صنعاء نيوز)