shopify site analytics
اخواننا في الجنوب والشرق لا تستغيثوا أنهم لا يسمعون!!؟؟ - جميح يكتب : عن الأمن القومي والأخطار المحدقة - اليونسكو تعمل على إعداد قوائم لحصر التراث المنهوب من اليمن - ضبط معمل لاعادة تصنيع وتدوير زيوت الطبخ الفاسدة بصنعاء - الرويشان يكتب : قمة البحرين .. هوامش سريعة - الشاب عادل الماوري يودع العزوبية الثلاثاء المقبل تهانينا - العلي يحتفل الجمعة القادمة بزفافه بقاعة الفيروز بالحصبة - النوايا الحقيقية للولايات المتحدة من وراء الميناء العائم في غزة - روسيا تطور مادة لترميم كلي للعظام - العلاقة الودية بين بوتين وشي جين بينغ تمثل كابوسا استراتيجيا لواشنطن -
ابحث عن:



صنعاء نيوز - عبدالعزيز العرشاني

الخميس, 09-مارس-2017
صنعاء نيوز/عبدالعزيز العرشاني -
الحاج مُحُمّد (بضم الميم والحاء) في منتصف العقد السادس من العمر، ورغم كبر سنه إلا أن عنفوان الشباب يسري في أوصاله فلّهُ قوة يحسد عليها لا تحس بها إلا عند أن يسلم عليك ويعتصر يدك بقبضته الحديدية التي لا تستطيع الفكاك أو التملص منها مُتبعا لها بلفظته الشهيرة (يا بغل) لمن يقاربه في العمر أو لفظة (يا ابن البغل) لمن كان اصغر منه عمرا؛ وهي ليست لفظة شتيمة بل هي لفظة تودد وتحبب يوقن بذلك كل من عرفه، يهتز جسده عند أن يمشي أو حتى وهو واقف، يتوكأ على عصى خشبية لا يتركها إلا أثناء نومه، وعلى عينيه يضع نظارات سميكة العدسات مما يدل على تردي نظره بشكل كبير.

هو مشهور بمقالبه بين أهله وجيرانه وأبناء قريته والقرى المجاورة والتي تصل أحيانا إلى حد القسوة والعنف، فهي كوميديا بنكهة محلية مصبوغة ومخلوطة بالشيء الكثير من التراجيديا، من مقالبه وهي واقعة مشهورة حدثت أيام كان في مقتبل العمر قبل سنوات وتحديدا في شهر رمضان في المسجد القريب من منزله والواقع على الجانب الآخر من قريتهم، ففي القرية عدة مساجد صغيرة يتجمع حول كل واحد منها عدة بيوت، بينما يقع اكبر جامع في وسط القرية حيث يجتمع فيه كل سكان القرية وبخاصة أيام الجمع والأعياد.

كان الوقت قبيل المغرب ورواد المسجد الصغير- الذي لا تتعدى البيوت حوله ألاثنتي عشر بيتا- من جيرانه مجتمعين للفطور في باحته، وكان البعض يقرأ القرآن والبعض يسبح بأصابعه أو بمسبحته والبعض يدعو ويبتهل إلى ربه حتى قطع عليهم تشاغلهم الفردي صوت المُقرئ لآيات من الذكر الحكيم صادر عن راديو مؤذن المسجد ليشترك الجميع في الاستماع الجماعي لتلاوة القرآن الكريم، وما هي إلا دقائق قبل أن يتوقف الراديو عن بث التلاوة ويعلن المذيع موعد أذان المغرب ليقطع المؤذن صوت المذياع بإطفائه رافعا عقيرته بالأذان.

على عجل أفطر الحاضرون المتحلقين جماعات على التمر وقطع الخبز- المقطعة بحجم الكف- واللبن والسحاوق (هي أكلة يمنية خليط مسحوق من الطماط والبسباس والثوم والملح والكبزرة والنعناع والبهارات) والمتموضعة في وعاء من الخوص الملون المصنوع بأيدي النساء أو على صرة من القماش المزركشة- تستخدمان كسفرة للطعام- ليدخلوا بعدها للصلاة جماعة في مسجدهم الصغير.

صلى بهم الأمام سريعا قارئا قصار السور وهو يغالب في قراءته صوت نفخ فمه لتبريده- من السحاوق الحارة- بفعل البسباس المخلوط فيها، وبعد تسليم الإمام لصلاة المغرب وقف الحاج مُحُمّد سريعا، وعلى عجل صلى ركعتين خفيفتين ليخرج بعدها قبل الكل ويغلق عليهم الباب تاركا على وجوههم علامات الاستفهام والتعجب والاستغراب من صنيعه ليبدأ سيناريو الفصل الثاني من مسرحيته، فبعد أن حفظ كل المتواجدين والغائبين في الصلاة اتجه إلى أول بيت قريب من المحبوسين في المسجد الصغير على يديه ليعلمهم أنه مرسل من رب أسرتهم وأنه يبلغهم أن يتناولوا طعام العشاء ولا ينتظروه فهو معزوم للعشاء لدى فلان والذي يبعد بيته كثيرا عن بيتهم حتى لا يرسلوا أحدا للتأكد من مقالته لبعد المسافة فيفضح أمر خطته، وهكذا مر على جميع اسر المحبوسين في المسجد موزعا لهم كضيوف على آخرين مراعيا أن يكون المُضيف بعيد المنزل عن الضيف حتى لا ينكشف تدبيره، وقد صدقه الكل رغم معرفتهم بمقالبه لأنه لم يخطر ببالهم أن يتمادى في مزاحه ليصل إلى حد السجن الجماعي للصائمين في المسجد، وبعد أن مر على جميع المنازل عاد إلى منزله ليتعشى قرير العين.

كان المسجد صغيرا لا يتعدى طوله وعرضه الخمسة أمتار؛ ولا يوجد فيه نوافذ ولا حتى فتحات صغيرة للتهوية، والباب الحديدي محكم الإغلاق لا يمكن كسره إلا بمعدات حديدية، وبدء المصلين المحبوسين يتبادلون الصياح والزعيق والمناداة لأصحاب المنازل المجاورة منادينهم بأسمائهم دون فائدة، وبدأت الثواني والدقائق تمر ببطء شديد على الجائعين، وصبرهم ينفذ، وقرعهم يزداد على الباب الحديدي متناوبينه فيما بينهم بالأيدي والأرجل ولا من مجيب فلا أحد يسمعهم فالكل مشغول ببطنه وعشائه، وبعد ما يقارب الساعة خرجت إحدى النساء لسطح منزلها المجاور للمسجد لتسمع ما خيل إليها بأنه شبه صياح فا أصاغت السمع وفعلا كان صياح وطرق على الباب الحديدي للمسجد فأرسلت أبنها ليستوضح الحدث فإذا الرجال محبوسين في المسجد وبينهم والده ففتح لهم الباب لينتشروا على عجل للعشاء كل في منزله هذا إن بقي لهم عشاء، على موعد مضروب بينهم بعد تناول وجبة العشاء للبحث عن الحاج مُحُمّد ابتدأ من منزله لمعاقبته والثأر منه متوعدينه بالويل والثبور وعظائم الأمور، بينما هو كان قد قطع نصف الطريق للقرية المجاورة مشيا على الأقدام في ظلام دامس للهرب من نقمة غرمائه وللمقيل لدى بعض أنسابه (هو مضغ القات وهي نبتة مخدرة توجد في اليمن والحبشة وبعض الدول الأفريقية يتم تعاطيها بعد وجبة الغداء عبر حشو وتجميع ورقها الطري اللين في احد جوانب الفم، وقد يستمر مضغها حتى ساعات متأخرة من الليل لا يقطع تعاطيها سوى أداء الصلوات وتناول وجبات الأكل، ويصاحب مضغ القات شرب الماء أو المرطبات الغازية وهي عادة سائدة قد تكون أقرب للطقوس الاجتماعية) غير مُخبر زوجته وأبنائه ما الذي جرى والى أين سيذهب حتى لا يدلوهم على مكان تواجده.

اليمن - صنعاء
+967771006944
[email protected]
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد

ملخصات تغذية الموقع
جميع حقوق النشر محفوظة 2009 - (صنعاء نيوز)