shopify site analytics
التحديات والفرص في ندوة علمية بجامعة ذمار - النصر قاب قوسين أو أدنى وسننتصر ونهدي النصر للرئيس السيسي - الهجوم الصاروخي لكتائب القسام “المدمر” - السيول تغلق مدارس في محافظة شبوة وسط مطالبات بالحماية - مقتل المقاتل اليمني في صفوف الجيش الروسي في معارك الشرف ضد العصابات الأوكرانية - افتتاح سوق الخمسين المركزي - جامعة سباء تحصل على شهادة الاعتماد الأكاديمي البرامجي الكامل - ثورات طلابية ضد حكومات دولهم بوقف الحرب في غزة،، - محافظ إب يكرم قيادة الحملة الدولية لكسر الحصار عن مطار صنعاء الدولي - الموقع بين الواقع والمُتوَقِّع -
ابحث عن:



صنعاء نيوز - الدكتور عادل عامر

الإثنين, 27-مارس-2017
صنعاء نيوز/ الدكتور عادل عامر -
قد تزايدت في الآونة الأخيرة ظاهرة الغش والخداع في التعامل، نتيجة التقدم المذهل والمطرد في مجال العلوم الطبيعية والكيميائية والبيولوجية، التي يسرت إمداد مرتكبي الغش بإمكانيات واسعة لارتكاب هذه الجرائم ، ومهارة علمية فائقة لإخفاء آثار جرائمهم ، وخداع المستهلكين ، الأمر الذي أدى إلى اهتمام دول العالم جميعاً بمقاومة هذه الظاهرة تشريعياً واجتماعياً وأمنياً ، و أنه من الصعوبة بمكان – من الناحية العملية – تحديد المتهم الحقيقي في جرائم الغش ، وهل هو الصانع أم المنتج أم مدير المصنع الفني أم التاجر ، وهل هو تاجر الجملة أم الوسيط أم تاجر التجزئة أم الشخص المعنوي، وهل الجريمة وقعت عمداً أم نتيجة إهمال ، كما ترجع الفلسفة القانونية لتجريم صور الغش، إلى سعى المجتمعات نحو ضمان سلامة المعاملات الصناعية والتجارية أو الاقتصادية عموماً، وذلك بالضرب على أيدي من يلجأ إلى الغش في سبيل تحقيق كسب غير مشروع، فالمستهلك عادة ليست لديه القدرة على التمييز بين من يخدعه ومن يرضيه ، أو الشيء الذي يضره من عدمه ، والسعي نحو تجنب ما ينجم عن هذا الغش من أضرار بالصحة العامة للمستهلك، سواء في ذلك استعمال أو تداول أو استهلاك المواد المغشوشة أو الفاسدة ، ولهذا حرمت الشرائع المختلفة سلوك الغش في ذاته أو في البيع ، وحتى مجرد طرح أو عرض المواد المغشوشة أو الفاسدة للبيع ، وكذلك المواد التي تستعمل في الغش.
وتمثل حماية المستهلك أيضاً في مواجهة أفعال الغش مطلباً أمنياً في غاية الأهمية ، حيث إن دور الأمن في مصر هو حماية المواطن المصري مما قد يتعرض له من أخطار، سواء بالنسبة لحياته أو ماله أو صحته ، وعلى ذلك فإن دور الأجهزة الأمنية في حماية المستهلك يهدف إلى حماية المواطن المصري من السلع المغشوشة أو الفاسدة أو المنتهية الصلاحية أو غير المطابقة للمواصفات ، ومواجهة منابع الفساد والقضاء على مافيا الغش التجاري لضمان صحة وحياة وأمن المواطن ، وذلك للمحافظة على استقرار الشارع المصري وتنمية الإحساس لدى المواطن بأن الدولة ترعاه وتهدف إلى حماية مصالحه.
غش السلع والاحتكار
أن فاتورة الغش بمصر وصلت إلى 20 مليار دولار سنويا، وفى أمريكا تبلغ 300 مليار دولار سنويًا، بينما تصل فاتورة الغش في السعودية إلى ما يقرب من 50 مليار دولار. فقد نظم المشرع المصري القواعد الخاصة بجريمة الغش التجاري و العقوبات المترتبة على ذلك بالقانون رقم 48 لسنة 1941 و المعدل بالقانون رقم 281 لسنة 1994 و المسمى بقانون قمع الغش و التدليس . و لقد أورد المشرع في المادة الأولى من ذلك القانون كافة جرائم الغش التجاري على كافة البضائع بأنواعها و العقوبة المقررة لتلك الجريمة فلقد نص فيها " يعاقب بالحبس مدة لاتقل عن سنة وبغرامة لاتقل عن خمسة آلاف جنيه ولاتجاوز عشرين ألف جنيه أو مايعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خدع أو شرع في أن يخدع المتعاقد معه بأية طريقة من الطرق في أحد الأمور الآتية:
1 - ذاتية البضاعة إذا كان ما سلم منها غير ما تم التعاقد عليه 0
2 - حقيقة البضاعة أو طبيعتها أو صفاتها الجوهرية أو ما تحتويه من عناصر نافعة، وبوجه عام العناصر الداخلة في تركيبها.
3 - نوع البضاعة أو منشؤها أو أصلها أو مصدرها في الأحوال التي يعتبر فيها بموجب الاتفاق أو العرف النوع أو المنشأ أو الأصل أو المصدر المسند غشا إلى البضاعة سببا أساسيا في التعاقد.
4 - عدد البضاعة أو مقدارها أو مقاسها أو كيلها أوزانها أو طاقتها أو عيارها 0
وتكون العقوبة الحبس مدة لاتقل عن سنة ولاتجاوز خمس سنوات وبغرامة لاتقل عن عشرة آلاف جنيه ولاتجاوز ثلاثين ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا ارتكبت الجريمة المشار إليها في الفقرة السابقة أو شرع في ارتكابها باستعمال موازين أو مقاييس أو مكاييل أو دمغات أو آلات فحص أخرى مزيفة أو مختلفة أو باستعمال طرق أو وسائل أو مستندات من شأنها جعل عملية وزن البضاعة أو قياسها أوكيلها أو فحصها غير صحيحة " .
و من استقراء تلك المادة نجد أن المشرع قد حدد أركان جريمة الغش فى ركنين اثنين وهما :
أ‌- الركن المادي
ولقد قررت محكمة النقض المصرية ذلك في أحكامها حيث ذهبت إلى " يكفى لتحقق الغش خلط الشئ أو إضافة مادة مغايرة لطبيعته أو من نفس طبيعته و لكن من صنف أقل جودة بقصد الإيهام بأن المادة المخلوطة خالصة لا شائبة فيها أو بقصد إظهارها في صورة أحسن مما هي عليه ......"
[ الطعن رقم 1727 - لسنـــة 29ق - تاريخ الجلسة 22 / 03 / 1960 - مكتب فني 11 ]
كما قررت أيضا في أحكامها " إن جريمة وضع بيانات غير مطابقة للحقيقة ، تقع و تتوافر أركانها و لو كانت السلعة التي يوضع البيان عليها غير مغشوشة ، و يتوافر القصد الجنائي فيها بمجرد وضع البيان غير الحقيقي مع العلم بعدم مطابقته للحقيقة .............."
[ الطعن رقم 1907 – لسنـــة 40ق – تاريخ الجلسة 14 / 03 / 1971 – مكتب فني 22 ]
ب – الركن المعنوي ( القصد الجنائي )
من المقرر أن القصد الجنائي من أركان الجريمة فيجب أن يكون ثبوته فعلياً ، و لا يصح القول بالمسئولية الفرضية إلا إذا نص عليها الشارع صراحة ، أو كان استخلاصها سائغاً عن طريق استقراء نصوص القانون و تفسيرها بما يتفق و صحيح القواعد و الأصول المقررة فى هذا الشأن .
[ الطعن رقم 1298 - لسنـــة 42ق - تاريخ الجلسة 08 / 01 / 1973 - مكتب فني 24 ]
" جريمة خدع المشترى المنصوص عليها فى القانون رقم 48 لسنة 1941 بشأن قمع التدليس و الغش هي جريمة عمدية يشترط لقيامها ثبوت القصد الجنائي و هو علم المتهم بالغش فى الشئ المتفق على بيعه و تعمده إدخال هذا الغش على المشترى . و إذن فلا يكفى لإدانة المتهم بهذه الجريمة أن يثبت الحكم أنه الملتزم بالتوريد بل لابد أن يقوم الدليل على أنه هو الذي أرتكب الغش أو أنه عالم به علماً واقعياً " .
[ الطعن رقم 1372 - لسنـــة 25ق - تاريخ الجلسة 27 / 02 / 1956 - مكتب فني 7 ]
وحدد قانون الغش والتدليس رقم 48 لسنة 1941 و المعدل بالقانون رقم 281 لسنة 1994 القواعد الخاصة بجريمة الغش التجاري والعقوبات المترتبة على ذلك بالقانون، ونص فيها "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه و لا تجاوز عشرين ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خدع أو شرع في أن يخدع المتعاقد معه بأية طريقة من الطرق
و حدد القانون الغش بعدة حالات وهي
• ذاتية البضاعة إذا كان ما سلم منها غير ما تم التعاقد عليه
• حقيقة البضاعة أو طبيعتها أو صفاتها الجوهرية أو ما تحتويه من عناصر نافعة، وبوجه عام العناصر الداخلة في تركيبها.
• نوع البضاعة أو منشؤها أو أصلها أو مصدرها في الأحوال التي يعتبر فيها بموجب الاتفاق أو العرف النوع أو المنشأ أو الأصل أو المصدر المسند غشا إلى البضاعة سببا أساسيا في التعاقد.
• عدد البضاعة أو مقدارها أو مقاسها أو كيلها أوزنها أو طاقتها أو عيارها
وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز ثلاثين ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا ارتكبت أو شرع في ارتكابها باستعمال موازين أو مقاييس أو مكاييل أو دمغات أو آلات فحص أخرى مزيفة أو مختلفة أو باستعمال طرق أو وسائل أو مستندات من شأنها جعل عملية وزن البضاعة أو قياسها أوكيلها أو فحصها غير صحيحة " . حيث قررت محكمة النقض المصرية ذلك في أحكامها " يكفى لتحقق الغش خلط الشئ أو إضافة مادة مغايرة لطبيعته أو من نفس طبيعته و لكن من صنف أقل جودة بقصد الإيهام بأن المادة المخلوطة خالصة لا شائبة فيها أو بقصد إظهارها في صورة أحسن مما هي عليه .
الاحتكار
كما وضع المشرع عقوبات أخري للبائع الذي يتبين احتكاره للسلع فحدد قانون حماية المنافسة الذي عدل بموجب قرار من الرئيس عبد الفتاح السيسى في يوليو 2014، العقوبات بفرض غرامات نسبية بدلاً من فرض غرامة ثابتة على من قام بممارسة احتكارية، بخلاف العقوبات التي وصلت إلى 2% من إجمالي الإيرادات للمخالفين للمادة 6 و التي نصت على انه يحظر الاتفاق أو التعاقد بين أشخاص متنافسة في أية سوق معنية إذا كان من شأنه إحداث أي مما يأتي:
1. رفع أو خفض أو تثبيت أسعار البيع أو الشراء للمنتجات محل التعامل.
2. اقتسام أسواق المنتجات أو تخصيصها على أساس من المناطق الجغرافية أو مراكز التوزيع أو نوعية العملاء أو السلع أو المواسم أو الفترات الزمنية.
3. التنسيق فيما يتعلق بالتقدم أو الامتناع عن الدخـول في المناقصات و المزايدات و الممارسات و سائر عروض التوريد.
4. تقييد عمليات التصنيع أو التوزيع أو التسويق أو الحد من توزيع الخدمات أو نوعها أو حجمها أو وضع شروط أو قيود على توفيرها.
وفى حالة تعذر حساب إجمالي الإيرادات تقدر الغرامة بحيث لا تقل عن 500 ألف جنيه ولا تتجاوز 500 مليون جنيه.
بينما تضمنت عقوبة مخالفة المادتين 7 و8 واللتين تنصان علي انه يحظر الاتفاق أو التعاقد بين الشخص وأي من مورديه أو من عملائه، إذا كان من شأنه الحد من المنافسة.
يحظر على من تكون له السيطرة على سوق معنية القيام بأي مما يأتي:
1. فعل من شأنه أن يؤدى إلى عدم التصنيع أو الإنتاج أو التوزيع لمنتج لفترة أو فترات محددة.
2. الامتناع عن إبرام صفقات بيع أو شراء منتج مع أي شخص أو وقف التعامل معه على نحو يؤدى إلي الحد من حريته في دخول السوق أو الخروج منه في أي وقت.
3. فعل من شأنه أن يؤدى إلى الاقتصار على توزيع منتج دون غيره، على أساس مناطق جغرافية أو مراكز توزيع أو عملاء أو مواسم أو فترات زمنية و ذلك بين أشخاص ذوى علاقة رأسية.
4. تعليق إبرام عقد أو اتفاق بيع أو شراء لمنتج على شرط قبول التزامات أو منتجات تكون بطبيعتها أو بموجب الاستخدام التجاري للمنتج غير مرتبطة به أو بمحل التعامل الأصلي أو الاتفاق.
5. التمييز بين بائعين أو مشترين تتشابه مراكزهم التجارية في أسعار البيع أو الشراء أو في شروط التعامل.
6. الامتناع عن إنتاج أو إتاحة منتج شحيح متى كان إنتاجه أو إتاحته ممكنة اقتصاديا.
7. أن يشترط على المتعاملين معه ألا يتيحوا لشخص منافس له استخدام ما يحتاجه من مرافقهم أو خدماتهم، رغم أن إتاحة هذا الاستخدام ممكن اقتصاديا.
8. بيع منتجات بسعر يقل عن تكلفتها الحدية أو متوسط تكلفتها المتغيرة.
9. إلزام مورد بعدم التعامل مع منافس.
وتكون العقوبة دفع 1% من إجمالي الإيرادات بحيث لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تتجاوز 300 مليون جنيه وأن تتم مضاعفة الغرامة إذا عادت الشركة لارتكاب المخالفة أو عدم الالتزام بتنفيذ قرارات الجهاز.
سن المشرع الجنائي القانون رقم 48 لسنة 41 بشأن قمع التدليس والغش، وبذلك ألغى الأحكام التي جاءت في قانون العقوبات المتعلقة بالغش والخداع وهى المواد 26 ، 347 ، 383 من قانون العقوبات، لعدم كفاية هذه النصوص لمواجهة ظواهر الغش والخداع من ناحية، وظهور وسائل جديدة للغش لم يتطرق إليها قانون العقوبات من ناحية أخرى، فقد أغفلت هذه النصوص تناول صور كثيرة من الغش والخداع تدعو المصلحة إلى توقيع العقاب عليها، وأشارت المذكرة الإيضاحية لقانون قمع التدليس والغش رقم 48 لسنة 41 ، مدى الأهمية والحاجة الماسة لتجريم أفعال الغش والتدليس وخطورتها في الحياة العملية
وقد تناول هذا القانون الأخير صوراً شتى من الخداع والغش، وأحاطها بالتجريم كأفعال الخداع والشروع فيه والغش والشروع فيه، وجرائم طرح أو عرض أو بيع شيء من أغذية الإنسان أو الحيوان أو المواد التي تستعمل في الغش، كما جرم حيازة المواد التي تستخدم في الغش بسبب غير مشروع أو استيرادها، كما فرض حداً أدنى يجب مراعاته عند تركيب العقاقير الطبية أو المواد المستعملة في غذاء الإنسان أو الحيوان، بالإضافة إلى استعمال أوان أو أوعية معقمة في تحضير المواد السابقة، وفى فرنسا كان قانون العق وبات يتضمن نصوصاً تتعلق بضمان سلامة المنتجات والمشروبات وتجريم الغش والخداع فيها، ثم صدر قانون أول أغسطس سنة 1905 والذي جرم أفعال الغش والخداع في البضاعة، وأخيراً صدر قانون 10 يناير سنة 1978 متضمناً حماية وإعلام المستهلك حيث مد المشرع الفرنسي من خلاله نطاق التجريم إلى المنتجات والخدمات التي تخص المستهلك .
إن اتساع مجال التفويض التشريعي في قوانين غش الأغذية بمنح السلطة التنفيذية الحق في إصدار اللوائح التي لها صفة الاستعجال، لمواجهة الظواهر الإجرامية المستحدثة ولدواعي الملائمة أمر لابد منه، نظراً لما تتميز به جرائم غش الأغذية من تطور، فكان لزاماً أن تكون قوانينها أكثر مرونة وأكثر سرعة وأكثر قرباً من واقع الأحداث التي تم فيها الغش والخداع، حتى لا يفلت مرتكبو جرائم الغش والخداع من العقاب، ولما تحققه من حماية فورية للمستهلك من الغش والتدليس .. ولكن يحظر أن يؤخذ ذلك تكئة للخروج عن مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، وأنه يجب أن تراعى ضرورة الحظر عند تقرير هذه القواعد التجريمية لمساسها بحريات وحقوق أفراد المجتمع .
فى الآونة الأخيرة تزايد الخداع والغش في مجال المواد والمنتجات الغذائية والطبية بصفة عامة، كما ظهرت مجالات للغش والخداع جديدة لم يواجهها المشرع فى القانون رقم 48 لسنة 41 ،تضر بصحة وأبدان المستهلكين وذمتهم المالية ، وكل ذلك دعا المشرع إلى مواجهة الظواهر الإجرامية فى مجالات الغش والخداع المستحدثة، وإضافة جرائم جديدة لم تكن مجرمة فى ذلك القانون، وذلك بإصداره للقانون رقم 281 لسنة 94 الذى جرم من خلاله جلب المواد الفاسدة أو المغشوشة داخل البلاد ، كما مد نطاق التجريم إلى أمور لم تكن مجرمة فى القانون القديم رقم 48 لسنة 41، كما وسع من دائرة حماية المستهلك بإضافة أوصاف ومنتجات جديدة حماية للمستهلك من الخداع والغش .
ومما يحسب للمشرع الجنائي في قانون قمع التدليس والغش الجديد رقم 281 لسنة 94، إلغاؤه لقرينة افتراض العلم والتي كان منصوصاً عليها في م2/1 من القانون القديم رقم 48 لسنة 41 ، والمضافة بالقانون رقم 522 لسنة 1955، وذلك ترديداً وتمشياً مع حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 2/2/92 بإلغاء قرينة افتراض العلم بالواقع لمجافاتها ومخالفتها لمبدأ راسخ من مبادئ الدستور المصري"قرينة البراءة" ، والتي فحواها "أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه" م67 من الدستور المصري، فيجب أن تثبت المحكمة وتتيقن بعلم الجاني مرتكب هذه الجرائم بغش الأغذية والمواد التى يتعامل فيها، وذلك بصورة يقينية وحقيقية قبل أن تقيم الدليل على جرمه، وذلك من واقع الأدلة المطروحة على بساط بحثها . تفتق ذهن المشرع المصري ولأول مرة عن إقرار المسئولية الجنائية للأشخاص الاعتبارية أو المعنوية فى جرائم غش الأغذية، بالنص عليها صراحة فى نص م6 مكرر من قانون قمع التدليس والغش المعدل رقم 281 لسنة 94 ، وما فعله المشرع المصري مؤخراً بإقرار تلك المسئولية مرده انتشار وذيوع تلك الكيانات والمؤسسات القانونية الممنوح لها الشخصية المعنوية، والتى قد تمس بأفعالها أمن وصحة وسلامة المستهلك بإنتاجها أو طرحها أو عرضها للسلع الغذائية الفاسدة أو المغشوشة أو التى انتهى تاريخ صلاحيتها ، وهذا يمثل حماية كبيرة للمستهلك وردعاً كبيراً لهؤلاء الأشخاص المعنوية من اقتراف جرائم الغش والتدليس، وإنتاجها أو عرضها أو توزيعها لسلع مغشوشة أو فاسدة أو منتهية الصلاحية أو غير مطابقة للمواصفات القياسية .
جاء قانون قمع التدليس والغش المعدل رقم 281 لسنة 94 مشددا لكافة العقوبات الواردة فى القانون القديم رقم 48 لسنة 41، لعدم جدوى العقوبات الواردة فى القانون الأخير فضلاً عن انتشار- وبصورة كبيرة - جرائم الغش والخداع، إلى حد أنها أصبحت ظاهرة تستحق الاهتمام لاتخاذ كافة الإجراءات اللازمة للضرب على أيدى التجار المخادعين الغشاشين الذين تنعدم لديهم الأمانة فى التعامل، وضماناً لحماية المستهلك من الغش والتدليس ، وقد استند المشرع فى سياسته لتشديد العقوبات الواردة فى قانون قمع التدليس والغش إلى مدى الأضرار التى تسببها السلع المغشوشة أو الفاسدة أو المنتهى تاريخ صلاحيتها على الإنسان أو الحيوان. استحدث المشرع الجنائى فى قانون قمع التدليس والغش المعدل رقم 281 لسنة 94 عقوبات لم يكن منصوصاً عليها فى القانون القديم رقم 48 لسنة 41، أفرزها الواقع العملى وكان لابد من مواجهتها، كعقوبة غلق المنشأة المخالفة فى نطاق جرائم الغش والتدليس كأثر من آثار إقراره للمسئولية الجنائية للأشخاص المعنوية، وذلك بإيقاف نشاط المنشأة المخالفة لفترة معينة وهى عقوبة تكميلية، وقد استحدث المشرع عقوبات جوازية وليست وجوبية للمحكمة أن تقضى بها أو لاً ولا توجد إلا بحكم قضائى، وأن قوانين التأمينات يمكن أن تكفل للعاملين بالمنشأة التى تم غلقها كافة الحقوق التأمينية اللازمة وتعويضهم التعويض الملائم ، كما أضاف المشرع فى القانون المعدل عقوبة إلغاء ترخيص المنشأة فى حالة العود، أو وقف النشاط لمدة لا تزيد على خمس سنوات، أو بإلغاء الترخيص بمزاولة النشاط، وقد جعل المشرع عقوبة إيقاف النشاط لمدة لا تتجاوز خمس سنوات جوازية للقاضى ، فإذا رأى أن إيقاف النشاط لهذه المدة غير كاف فله أن يحكم بعقوبة إلغاء الترخيص بمعنى ألا يكون من حق المنشأة مزاولة نشاطها بشكل نهائى .
ومن النتائج المهمة التى توصلنا لها فى هذه الدراسة أن تشديد العقاب فى جرائم التدليس والغش وحده لا يكفى لتحقيق الردع العام والخاص، وتقليل ارتكاب هذه الجرائم، فيجب أيضاً تأكيد تطبيق وتنفيذ العقوبات الواردة فى قانون قمع التدليس والغش وقوانين غش الأغذية الأخرى، وملاحقة مرتكبى هذه الجرائم لتطبيق العقوبات عليهم هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى يجب أن تتضافر كافة الأجهزة المعنية فى الدولة فى السهر على حماية المستهلك، فليس بالعقوبات وحدها، أو بالأحرى بتشديد العقوبات بشتى أنواعها - تضفى حماية كاملة للمستهلك من الغش والخداع، بل يجب تضافر كل الأجهزة الحكومية وغير الحكومية فى الدولة لتحقيق حماية المستهلك، فضلاً عن ضمان تأكيد وتنفيذ العقوبات الواردة فى قوانين غش الأغذية وملاحقة مرتكبى هذه الجرائم وإصابتهم فى أنفسهم وأموالهم، وذلك هو أكبر ضمان يحقق الغاية المرجوة فى هذه القوانين وهى حماية المستهلك من الغش .
ويعد قانون قمع التدليس والغش المعدل رقم 281 لسنة 94 بما ورد فيه من أحكام إجرائية، بمثابة الشريعة العامة لكافة قوانين غش الأغذية الأخرى واجبة التطبيق عند تعارضه مع الأحكام العامة الواردة فى قانون الإجراءات الجنائية، تطبيقاً لمبدأ (القانون الخاص يقيد العام).
1. لما كان لقوانين غش الأغذية فى بعض أحكامها ذاتية خاصة تميزها عن أحكام القانون العام – قانون العقوبات – ، وأن معظم هذه القوانين جاءت متفرقة فى قوانين كثيرة على النحو السالف بيانه بالدراسة، لهذا فنهيب بالمشرع بأن يقوم بلم شتات هذه القوانين المتفرقة وجمعها فى قانون واحد، يكون هدفه وغايته الأساسية حماية المستهلك جنائياً من الغش، ويشتمل على تجريم الغش فى كافة المجالات كغش، الأغذية والغش الصناعى، وغش العلامات والبيانات التجارية، والغش فى مجال البناء، والغش فى الوزن والقياس والكيل، والغش فى المعادن الثمينة، والغش فى البيوع التجارية وعقود التوريد، والغش فى براءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية ، ويكون لكل نوع من أنواع الغش سالفة البيان موادها الخاصة التى تتواءم وطبيعتها على أن يكون كل ذلك فى قانون واحد يجمع ويحتوى على أنواع الغش السابق بيانها، لما لهذا من غاية وهدف أساسى واحد وهو حماية المستهلك جنائياً من الغش، على أن تشكل لجنة تكون مهمتها صياغة هذا القانون تتكون من رجال وفقهاء القانون والمهنيين والخبراء المتخصصين فى مجال مكافحة الغش والمستهلكين وتمثلهم جمعيات أهلية.. "جمعيات حماية المستهلك" .
2. إن المناداة بقانون لحماية المستهلك أصبح ضرورة لازمة فى الآونة الأخيرة، وهو يشمل مساحة من الحماية للمستهلك لا تنظمها التشريعات الحالية فى القانون الحالى، وأهم ملامح القانون الجديد الذى يتطلع الجميع لاستصداره هو حماية المستهلك من التعسف فى المعاملات التى يقع فيها فريسة لخبرة التجار أو مقدمى الخدمة، أو قدرة ذلك الشخص المعنوى الاقتصادى على المفاوضة أو التحايل الذى لا يصل إلى حد التجريم، وذلك من خلال إعلانات فيها بعض التضليل أو شروط فى العقد قد تؤدى إلى خسارته بعض المال أو بعض الضمانات، لهذا فإن معظم الدول وجميع الدول المتقدمة قد نظمت حماية المستهلك من خلال تشريعات المتخصصين لتغطى المجالات السابقة، مثل تنظيم مسئولية مقدم الخدمة أو بائع ومنتج السلعة عن التعسف أو المغالاة فى تحديد الثمن بقدر لا يتناسب أبداً مع ما يتم تقديمـه من سلعـة أو خدمة، ومن الأشياء المتميزة فى هذا القانون – حماية المستهلك – أنه يسمح للمشترى بالرجوع على المنتج الأصيل "صانع البضاعة" – فى حالة غشها – سواء بمصر أو بالخارج بدعوى مباشرة رغم أن هذا المنتج لم يوقع معه العقد ، وفى حالة عدم التمكن من الوصول إليه تسمح هذه التشريعات بالرجوع على ال مستورد وهذا ما تنص عليه تشريعات السوق الأوروبية المشتركة .
3. أهمل المشرع المصري جانب تلوث السلع الغذائية بالإشعاع الذرى، خاصة السلع الواردة من خارج البلاد مع انتشار مثل هذه الأمور فى الآونة الأخيرة، ويؤدى تلوث السلع الغذائية بالإشعاع الذرى إلى إصابة المستهلك بأضرار خطيرة تؤدى فى النهاية بحياته، ولا تظهر علامات ذلك إلا بعد فترة معينة، كما لم يجرم المشرع شراء السلع المغشوشة أو الفاسدة أو المنتهى تاريخ صلاحيتها بقصد بيعها، ولهذا نهيب بالمشرع المصري أن يتعرض بالتجريم لمثل هذه الأفعال مواكباً بذلك التطور التكنولوجي، ومتخذاً التدابير الجنائية اللازمة لمنع وصول السلع الغذائية الملوثة إشعاعياً إلى داخل البلاد، لما تشكله مثل هذه الأمور من خطر وهلاك للمستهلك .
4. أخذ المشرع فى العقاب على جرائم التدليس والغش بعقوبة الغرامة التى تصل أحياناً لقيمة السلعة، ويبدو لنا أن المشرع لم يصب الهدف بذلك فقيمة السلعة بافتراض أنها بعشرة جنيهات على سبيل المثال، فإن الفائدة التى سيحصل عليها الجانى مرتكب هذه الجرائم من وراء بيعها قد تصل إلى عشرة أضعافها، فكيف يحاسب على قيمة السلعة فى حين أنه قد يكون حقق عشرات أضعافها مكسباً ، ولهذا نهيب بالمشرع المصرى أن يتبع فى تقديره للغرامة فى جرائم التدليس والغش مدى الربح أو الفائدة التى حققها الجانى فى هذه الجرائم، أو التى يسعى إلى تحقيقها تفويتاً على الجانى قصده ، وأن يطبق قواعد الغرامة النسبية والتى من أهم مزاياها أنها ذات طبيعة عينية موضوعية وليست شخصية، بمعنى أن أساس تقديرها يكون على المنفعة أو الفائدة التى حصل عليها الجانى، ولا يمكن المحاجة فى ذلك بأن الغرامة النسبية تتعارض مع مبدأ شخصية العقوبة، فهذا مردود عليه بأن الجناة متضامنين أو أحدهم هو الذى يتحمل قيمة الغرامة وليس غير الجانى، ولكل ما تقدم نهيب بالمشرع المصرى أن يأخذ بمبدأ الغرامة النسبية بدلاً من مجرد فرض حدٍ أدنى وحد أقصى للغرامة، أو حتى قيمة السلعة المغشوشة أو الفاسدة أو التى انتهى تاريخ صلاحيتها، كما نقترح تخصيص الغرامات المتحصلة عن جرائم الغش وكذا حصيلة بيع المواد المصادرة فى هذه الجرائم لإنشاء صندوق لحماية الغذاء، يكون غرضه الأساسي تطوير الأساليب المتبعة فى الكشف عن غش الأغذية فى مصر، فضلاً عن القيام باقتراح التشريعات الحديثة المتعلقة بالغش التى تواكب التطور التكنولوجي فى مجال الغش ومواجهته ومكافحته لتحقيق حماية المستهلك .
5. لم يتعرض المشرع المصري بالنص فى قانون قمع التدليس والغش المعدل رقم 281 لسنة 94 إلى مصادرة الربح المتحصل من جرائم غش الأغذية، وهذا أمر ما كان أن يلتفت عنه المشرع المصرى بالرغم من أهميته وما فيه من فائدة، تنحصر فى رد قصد التاجر المخادع الغاش بمصادرة ما كان يبتغى أن يحققه من كسب غير مشروع، ولهذا نهيب بالمشرع المصري أن ينتبه لذلك لما فيه من ردع للجناة مرتكبى هذه الجرائم، فضلاً عن عدم تعرض هذا القانون لمكافحة الفساد الحكومي فى جرائم الغش والتلاعب من جانب ذوى النفوذ، وهذا كان من الموضوعات التى تطرق إليها مؤتمر الأُمم المُتحدة لمنع الجريمة الذى انعقد فى القاهرة عام 1995م .
6. نهيب بالمشرع المصري أن يمنح جمعيات حماية المستهلك عند مقاضاة التاجر المخادع أو الغشاش ، الحق فى الإبلاغ وتلقى الشكاوى من المجني عليهم فى حالات الغش وإبلاغ الجهات المختصة عنها ومتابعتها، فضلاً عن تمثيل المجنى عليه أمام القضاء سواء بطريق التدخل أو بطريق الادعاء المباشر للمطالبة بالتعويض عن الأضرار الناتجة عن حالات الغش .
7. مما لا شك فيه أن حرية التجارة العالمية التى مقتضاها إزالة العوائق الجمركية على الصادرات والواردات من وإلى البلاد تطبيقاً لاتفاقيات الجات، له تأثير إيجابي وآخر سلبي على المستهلك، فالتأثير الإيجابى يتمثل فى إعطاء المستهلك فرصاً كثيرة فى الاختيار والانتقاء بين مختلف السلع لاختيار ما يناسبه لإشباع متطلباته إشباعاً مثالياً، والتأثير السلبى الذى لا يمكن تداركه يتمثل فى إدخال البلاد لسلع غذائية مجهولة الهوية فى كثير من الأحيان قد تكون تالفة أو منتهية الصلاحية أو مغشوشة أو ملوثة إشعاعياً، ويتم طرحها وعرضها فى الأسواق بأسعار زهيدة للغاية مما يقبل عليها عدد كبير من المستهلكين دون علمهم بالأضرار التى تصيبهم منها، ولهذا نهيب بالدولة أن تتدخل فى هذه اللحظة وأن تحكم رقابتها على منافذ البلاد المختلفة بكل الوسائل المتاحة، لمنع دخول مثل هذه السلع وإغراق الأسواق المصرية بها ولايتم السماح بدخول أى سلعة إلا بعد اجتيازها للاختبارات اللازمة التى تثبت صلاحيتها للاستهلاك، وذلك بواسطة أجهزة الدولة المختلفة، التى مهمتها الأساسية فحص رسائل الأغذية الواردة من الخارج، وذلك تحقيقاً لأمان المستهلكين على أعمارهم وصحتهم، وحظر استيراد وإدخال أية سلع غذائية تنتهى مدة صلاحيتها بعد أقل من 6أشهر.
8. نظراً لتكدس النيابات والمحاكم بقضايا الغش والخداع والتى تعرض يومياً بالآلاف، مما يؤدى فى النهاية إلى تأخر صدور الأحكام على مرتكبى جرائم الخداع والغش، مما يكون له تأثير كبير على العدالة الجنائية فى جرائم التدليس والغش ، التى من مقتضياتها الفصل فى القضايا على وجه السرعة بما لا يخل بالبحث والتقصى تحقيقاً للردع بشقيه العام والخاص، ولكل ما تقدم فنقترح بإنشاء دوائر متخصصة فى النيابات والمحاكم يكون مناط بها النظر فى القضايا الخاصة بالغش فى مجال الأغذية، ومما لا جدال فيه أن فكرة تخصص أعضاء النيابة العامة والقضاة فى بحث أنواع معينة من القضايا يكسبهم خبرة قانونية كبيرة فى هذا المجال، مما يكون له تأثير إيجابي على المتقاضين، كما نوصى بعمل دورات تخصصية لأعضاء النيابة العامة والقضاة متخصصة فى مجال جرائم غش الأغذية، والوسائل المختلفة التي ترتكب بها هذه الجرائم حتى تكون عندهم دراية كبيرة وواسعة فى مجال هذه الجرائم وإطلاعهم على أحدث التطورات العلمية والتكنولوجية فى مجال جرائم الغش والخداع، حتى تتكون لديهم الخبرة الكاملة عن جرائم الغش والتدليس مما يجعلهم يكونون رأياً صحيحاً وحكماً عادلاً وسريعاً، مبتغين من ذلك حماية المستهلك من الغش فى مجال الأغذية فضلاً عن تيسير سبل التقاضي أمام المستهلك البسيط، وخفض تكاليف التقاضي في مثل هذا النوع من الدعاوى.
9. ينبغي استخدام اللغة العربية في البطاقات والملصقات والعقود والفواتير وبوالص الشحن، وكافة الوسائل التي تعلم المستهلك بحقيقة السلعة المعروضة، حيث إنها تعطى فرصة كبيرة للتعرف على السلع الغذائية، وإن دعت الحاجة لاستخدام اللغة الأجنبية فى حالة السلع الواردة من الخارج يمكن حينئذ الجمع بين اللغة الأجنبية واللغة العربية، وأن تنشأ إدارة تختص بترجمة هذه البطاقات وما إليها، حتى يكون المستهلك على بينة من أمره ويعلم ما تحتويه السلعة من مواد ومكونات حماية له من الخداع والغش .
10. شاركت مصر منذ عشرين عاماً وكانت من إحدى الدول الأساسية فى وضع القواعد الإرشادية لحماية المستهلك التى أقرتها آنذاك الأُمم المُتحدة، والتى حددت فيها حقوق المستهلك والتى أهمها ثلاثة حقوق: أو لها حق المعرفة: بمعنى أن يعرف المستهلك مكونات المنتج الذى يتعامل فيه من خلال البيانات المكتوبة عليه، وثانيها حق الاختيار: بوجود أنواع مختلفة من المنتج ذاته تكون جميعها ملتزمة بالجودة ومطابقة للمواصفات القياسية بكل منتج، وثالثها وأهمها حق التعويض: ففى حالة إصابة المستهلك بضرر من جراء جرائم الخداع والغش فى مجال الأغذية نتيجة للإهمال، فله حينئذ أن يطالب المتسبب فى ذلك بالتعويض المناسب، ويجب أن يثبت أركان المسئولية وهى الخطأ والضرر وعلاقة السببية بينهما، ويجب أن تستجيب المحكمة لطلبه وتقدر التعويض حسب جسامة الجرم المرتكب وحجم الضرر المادى أو المعنوى الذى أصاب المستهلك، وذلك تحقيقاً لحمايته من جرائم الغش والتدليس وردعاً لمرتكبى جرائم الغش والخداع، ورد عليهم سوء مقصدهم فى تحقيق مكاسب غير مشروعة من ترويجهم للسلع الغذائية الفاسدة أو التالفة أو المغشوشة .
11. يجب أن تبرز دور المستهلك وما له من أهمية فى إحكام الرقابة على السلع الغذائية بالتعاون مع الجهات المختصة، فعند تعرضه لجرائم غش الأغذية أو اكتشافه تلوث منشأة من المنشآت التى تختص بالتعامل فى السلع والمنتجات الغذائية كالمطاعم أو الفنادق أو العائمات السياحية أو التأكد من مرض أحد العاملين من متداولى الأغذية، يجب على المستهلك حينئذ أن يتقدم ببلاغ بالواقعة، أو يقوم بعمل محضر فى قسم الشرطة، أو إبلاغ مكتب الصحة الواقع فى دائرته المكان المخالف، أو عمل بلاغ بالمعامل المركزية لوزارة الصحة، وتقوم إدارة مراقبة الأغذية بالتأكد من جدية الشكوى والحصول على المادة الغذائية المبلغ عنها وإرسالها للمعامل ثم النيابة لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة فى هذا الشأن .
12. ولتحقيق الشفافية فى التعامل مع المستهلك ووضوح المعلومة بالنسبة له فنقترح أن تنضم مصر لشبكة الإنذار المبكر ضد السلع التي يتم تداولها عبر البلاد، والتي تحمل أضراراً مثل مرض أنفلونزا الطيور – الذي انتشر مؤخراً – أو أى أمراض أخرى، أو عيوب تلحق بالسلعة الغذائية محل التداول، وهذه الشبكة قائمة فى السوق الأوروبية المشتركة ويتم من خلالها التعاون بين الدول للإبلاغ عن أي محاولات لترويج بضاعة غير سليمة أو سلعة مغشوشة أو تالفة أو منتهية الصلاحية، ففي هذه الأحوال ترسل الشبكة إنذاراً لدولة ما بأن هناك مركباً تحمل على متنها بضاعة تم تغيير تاريخ صلاحيتها أثناء الراحة وأنها متجهة إليها، وأن بضاعة ما تم رفضها فى سوريا مثلاً وهى متجهة الآن في طريقها لمصر في محاولة لإدخالها، فهذا النظام يقي البلاد من إغراقها بسلع غذائية مغشوشة أو تالفة أو منتهية الصلاحية مما يكون له تأثير على مستهلكي البلاد .
13. أملت اعتبارات سريان اتفاقيات الجات وتحرير التجارة العالمية، وكذا اعتبارات الدولة نحو زيادة الصادرات وتزايد الأنشطة والمنافسة على جودة المنتجات وخاصة في مجال الأغذية، السماح لجهات ومكاتب عالمية لأول مرة فى مصر بالقيام بأعمال التفتيش والاختبار، للتحقق من مطابقة السلع والمنتجات الغذائية للمواصفات القياسية العالمية، ومنح المنشأة الملتزمة بهذه المواصفات شهادة "الأيزو" ISO ، والتي كثرت الجهات المختصة التى تقوم بها وكثر عدد الأفراد العاملين فيها بجميع أنحاء العالم، فيجب فى هذه الحالة أن نتوخى الحذر من هذه الجهات حتى لا يكون تدخلها له بعداً سياسياً من ناحية، ومن ناحية أخرى نقترح إنشاء مجلس وطني يشكل المختصين بمراقبة الجودة وتمنح له فعاليات وصلاحيات، وتكون مهمته الأساسية التحقق من جدية هذه الجهات أو المكاتب العالمية ومراقبتها واعتماد الشهادات التي تمنحها للمنشآت داخل البلاد، والغرض المبتغى من هذا المجلس هو تحقيق حماية المستهلك والعمل على زيادة القدرة التنافسية للصناعة المصرية .
14. إن الأخذ بأسلوب خاص فى تفسير قوانين الغش التجاري – التفسير الواسع – ليس له مجال، ولا يتم اللجوء إليه إلا عند الضرورة القصوى – والضرورة تقدر بقدرها – وعلى هذا فليس من المستساغ قانوناً الأخذ بالقياس أو التوسع فى تفسير النصوص الجنائية بصفة عامة، وذلك بتجاوزها لقصد وإرادة المشرع حين سنه للقانون احتراماً لمبدأ الشرعية الجنائية وحفاظاً على حريات وحقوق الأفراد .
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد

ملخصات تغذية الموقع
جميع حقوق النشر محفوظة 2009 - (صنعاء نيوز)