صنعاء نيوز/نبيل حيدر -
من صفحته على الفيس بوك
حضرت بالأمس كلاما متجددا حول( المؤامرة التاريخية) على اليمن و على القرآن و على الإسلام . استمعت الى المتحدث و كان داخلي غير منصت و غالبا ما أفعل ذلك عند حديث المؤامرات الخارجية التي تطلقها العقول و تسبح بداخلها متناسية تماما أن " القذارة تأتي من الداخل " لا من الخارج .
حضرت هذه الجملة قراءةً و أنا اجدد التفكير في عشق الانغماس في نظريات المؤامرة .. تلك التي تصور الداخل حملا وريعا او ملاكا أو تائها يتعمد أن لا يملك من أمره شيئا . و التعمد هنا يعني الإهمال .
تمنيت لو استعطت للحظات أن أكون صينيا لاقرأ نظرية المؤامرة على صينيتي ثم أن أكون هنديا لأعرف كيف يرسم الهنود خطوط المؤامرات المحاكة ضدهم .
نقلني التمني الى أوروبا شرقها مرة و غربها مرة .. ثم صرت امريكيا اتقلب بين نظريات المؤامرات التي تحاك ضد امبراطوريتي العظيمة .
استخدمت بساط الريح البشري في تنقلي لأزيد قناعاتي قناعة بأن " القذارة تأتي من الداخل " و بأن التعلق بالمشاجب أسهل السلوك لتضخيم الأنا الجشعة بواسطة تضخيم جشع الخارج و تجاهل جشع الداخل .
تصعب نفس الإنسان عليه عندما يراجع سلوكها فلا يجد علاجا أفضل من التعليل الذي لا يمت له بصلة و الذي يصوره مفعولا مغلوبا و غيره الفاعل .. و إذا ما قرر المواجهة قفز قفزا و لم يتدرج في الوقوف و السير و تثبيت رواسيه .
تقول الصوفية ان إلقاء اللائمة على الغير مرحلة من مراحل التخلص من معاناة النفس .. و مع ذلك لا يبدو الحال كذلك .. و هذا ما تؤيده شواهد العداوات المفرطة و المفاخرات الأكثر إفراطا بما نكتنز من المطمور لا بما تصنعه يد الحاضر و عقل اللحظة و نواتجها المستقبلية .
يدعو البعض الى عدم الاستغراق في نظريات المؤامرة و في نفس الوقت الى عدم هجرها تماما .. فالتوسط فضيلة بين إفراط و تفريط .. و الفضيلة تستدعي تنظيف الداخل لا التنظيف الذي يستهوي البعض تسلطا و تفردا و الذي يبقي على دائرة بقطر ما من دوائر المؤامرة ترتسم حوله في حين ينزه داخله من وجود الأوساخ .
فبالمجمل لا توجد مؤامرة خارجية أكبر من مؤامرتك على نفسك عندما تسوق التناقضات بسبب داخلك المشوه .. داخلك المليء بالقذارات و عشق دور الضحية و تأليه براءتها الزائفة . |