shopify site analytics
رئيس وزراء إيرلندا يفاجئ بايدن بدعم صريح للقضية الفلسطينية - يأمر بالبدء بالزحف الى الاقصى رسالة صوتية لقائد هيئة أركان الكتائب في غزة - 4 أسئلة عن اسرائيل يجب على اللاجئ العربي إلى ألمانيا الإجابة عنها - دخول سفينتين حربيتين روسيتين البحر الأحمر - نظرة على الدورة الخامسة والخمسون لمجلس حقوق الإنسان - القدوة يكتب: حرب الإبادة الجماعية والأزمات الداخلية الإسرائيلية - أياد راضي وعقدة جلد الذات - دولة عربية تتجه لحجب "تيك توك" - منيغ يكتب: ليبيا شَظَايَا نَوَايَا (1من5) - العفو الدولية تطالب بتنفيذ قرار مجلس الأمن لمنع “الإبادة” في غزة -
ابحث عن:



صنعاء نيوز - حسن عبد الوارث‎

الإثنين, 25-سبتمبر-2017
صنعاء نيوز/ حسن عبد الوارث‎ -
توافد الجيران ، فالأقارب ، فالأصدقاء والزملاء ، على الدار . كان الحزن يُخيّم على وجوههم ، لمحتُ صدقاً حقاً في بعضه وزيفاً محضاً في معظمه . دعوتُ الله ألاَّ يجرؤ أحدهم على الادعاء بأنه أقرضني مالاً قبل وفاتي بأيام أو أسابيع ، لأن الجميع سيُصدّقه حينها ، فقد كنتُ في أيامي الأخيرة صريع الحُرفة على نحوٍ يثير الشفقة . أستجاب الله لدعوتي .
سرعان ما بدأتْ مراسيم ترحيلي من الدار الى النار .. لا أدري ما السرّ في حماستهم المفرطة ! ، فقد بدا لي الجميع لا يطيق صبراً على بقائه في جواري ، ولو لهنيهةٍ أخرى .. ربما لأن " اكرام الميت دفنه " كما ظلوا يُردّدون بين لحظةٍ وأخرى ، وهي الجملة التي كان الجميع متفقاً عليها كحال الجملة الأخرى : الله يرحمه .. غير أن أحداً لم يُضِفْ اليها : ويسكنه فسيح جناته .. وكأنَّهم يدركون أنني ذاهب في الطريق الأخرى .
لو كنت أدري بموعد موتي لأتّفقت مع السيد عبدالكريم الياجوري على تحنيطي ، ولأوصيت بعرضي بعدها في تابوت زجاجي ، على غرار لينين في الساحة الحمراء .. لكن أحداً لن يضمن لي الوفاء بتحقيق الأمنية وتنفيذ الوصية .
سارت الجنازة بفتور شديد ، وبحضور عدد قليل جداً من معارفي وعدد أقل من السابلة الذين أعتادوا السير في كل جنازة عابرة ، ولو كانت جنازة كلب .
عند وصولي - أو وصولهم - الى المقبرة ، كان القبر جاهزاً لاحتضان جثماني ، لكنه كان ضيقاً جداً عليَّ ، كما هو حال كل شيء في حياتي ، وبالرغم من ذلك ، أصرَّ الجميع على حشري قسراً في بطن القبر الذي حُفر في مكانٍ قصي من المقبرة المكتظة بالجثامين التي ظل بعضها يُردّد : رحم الله النبَّاش الأول !
أنتهى الأمر سريعاً .. وكان الجميع متعجّلاً جداً لمغادرة المقبرة .
أهالوا عليَّ كمية كبيرة من التراب والحجارة والحصى ، وكمية قليلة من الماء والدعاء .. ثم راح كهل توحي ملامحه بالبلاهة والطيبة معاً يُسوّي جنبات القبر ، تمهيداً لسدّه تماماً بطبقة من الأسمنت الذي قضيت معظم عمري عاجزاً عن توفيره لبناء بيت ، من دون جدوى . قلت لنفسي : من لم يسكن بالأسمنت ، يُدفن به .
ها أنا وحدي والظلام . أتمدّد دون حراك . لا وقت للوقت هنا ولا لغة للمكان . بيني وأقرب جار ، جدار من ورائه جدار . تلاشت المسافات وضاقت المساحات وأستوى العدم بين رأسي والقدم . لا فائدة من التفكير في الأمر . اذن ، فلأسترح ، وليقلق العالم فوقي .. فأخيراً ، لقيت السبيل الوحيد الى الخروج من دوامة القلق الذي أوصلني الى آخر النفق .

* مُقتطَف من قصة طويلة مخطوطة ، بالعنوان ذاته - صنعاء - 2008
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد

ملخصات تغذية الموقع
جميع حقوق النشر محفوظة 2009 - (صنعاء نيوز)