shopify site analytics
القدوة يكتب: في ذكرى النكبة جرائم الإبادة ما زالت مستمرة - اتحاد القبائل العربية يعقد مؤتمرا في الجيزة - المصريون سيدفنون اليهود في حال الحرب معهم - العثور على شخص في "زريبة" جاره بعد 3 عقود - صورة قرطاج على قميص مؤسس فيسبوك ليست بريئة - حماس والجهاد يناقشان أهم المستجدات - وزير الدفاع البريطاني يهدد إنهم يستعدون لتزويد "فرقاطاتهم" بمعدات - فعاليات خطابية بذكرى الصرخة ووقفات شعبية وتدشين المرحلة الثانية - تمديد حالة الطوارئ في اليمن عاماً آخر - تم تنفيذ عملية "الوعد الصادق" وفق حسابات دقيقة -
ابحث عن:



صنعاء نيوز - المصدر: صنعاء نيوز

الخميس, 12-أكتوبر-2017
صنعاء نيوز -
في مثل هذا اليوم 11اكتوبر، أغتالت أياد آثمة الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي، وفي هذه المناسبة أعيد نشر المشهد الأول من مسرحية (قميص الحمدي)، صدرت عن مركز عبادي بصنعاء عام 2012.
المشهد الأول
عبد الله عباس الإرياني
غرفة أثاثها متواضع، هي غرفة الاستقبال، على الجدار لوحة مكتوب عليها: الله جلّ جلاله..يدخل إلى الغرفة رجل في الثلاثينات مرتدياً ثوباً أبيضاً، وتبدو على وجهه علامات الإرهاق..يجلس في أول كرسي يستقبله..ينظر أمامه بعين شاردة متعبة..تدخل عليه بعد لحظات أخته (صفية):
صفية : السلام عليكم يا أخي.
إبراهيم : (بصوت يعتريه التعب) وعليكم السلام يا أختي.
صفية : منذ قدر الله لك أن تكون رئيساً على اليمن، وأنت تعود إلى بيتك مرهقاً.
إبراهيم : أنا مسئول عن بلدٍ بأكمله..شعبها، وأرضها أمانة بعنقي.
صفية : وقد حققت الكثير خلال...
إبراهيم : (مقاطعاً..دهشاً) كنت أحسبك في القرية .
صفية : (مبتسمة) هل نسيت؟
إبراهيم : نسيت!!
صفية : زوجتك (أم محمد) ذهبت إلى القرية لقضاء بضعة أيام، يرافقها الأولاد.
إبراهيم : فعلاً نسيت..لا عتب، أنا في موقع يجعلني أنسى، حتى اسمي.
صفية : كان الله في عونك.
إبراهيم : وفي عونك..أتيتي من القرية للإشراف على الخادمة، وأنا لا أحب أن أأكل إلا من طعامك ،
أو (أم محمد).
صفية : هل أصدقك القول؟
إبراهيم : (يرمقها بنظرة عتاب)..إذا لم تصدقني أختي، كانت نهاية العالم.
صفية : هاجس ما دفعني إلى المجيء إلى هنا.
إبراهيم : أنتِ تجيئين دائماً.
صفية : إذا أمضيت بضعة أيام في القرية، أعود لزيارتكم..مشتاقة لرؤيتك، وأم محمد، والأولاد
(محمد، نشوان، وذي يزن).
إبراهيم : الشوق دفعك، وفي هذه الزيارة: الشوق، وغياب أم محمد.
صفية : غير الشوق..هل تعدني أن لا تغادر البيت في هذا اليوم؟
إبراهيم : (يقف..يمسكها من كتفيها)..ليتني أستطيع.
صفية : لماذا يا أخي..لماذا؟
إبراهيم : هل نسيتِ أن موقعي يحتم عليّ الإستعداد لتلبية أي طارئ؟
صفية : ولكنك لم تعمل بنصيحتي.
إبراهيم : ( مبتسما)..أن أحيط نفسي بالحراسة في حلي، وترحالي، حتى ولو كنت مدعوا عند صديق.
صفية : نعم..حتى لو كان أخيك.
إبراهيم : (مبتسماً)..سيغضب أخي عبدالله.
صفية : إذا غضب أخبره أن أختنا صفيه نصحتني.
إبراهيم : خليّها على الله.
صفية : والله أمرنا أن نأخذ حذرنا، لو أخذ عمر بن الخطاب ما قتله المجوسي.
إبراهيم : ذلك طبعي، ولن أغيره..ولكل إنسان أجله المحتوم.
صفية : ودولة مثل دولتنا، تستوجب أن يحذر رئيس الدولة.
إبراهيم : (يرمقها بعين غاضبة)..قلت ذلك طبعي، ولن أغيره.
صفية : (بغيظ مكتوم)..طبعك..طبعك..غيّره، فأنت رئيس الدولة.
إبراهيم : ... .
صفية : عيني بعينك.
إبراهيم : (عينه..بعينها)
صفية : الشك من حسن الفطن..وأنت ابن قاضي، وقد عملت مع أبيك عندما كان قاضياً في
محكمة ذمار.
إبراهيم : (شارداً)..شيئاً ما دفعك لزيارتي اليوم، وشيئاً ما دفعني لاستعراض شريط حياتي قبل أن
تدخلي عليّ.
صفية : (ترقمه بنظرة قلقة)..القاسم المشترك بيننا..عدني أن لا تغادر البيت، وأن تعمل بنصيحتي.
إبراهيم : (شارداً)..( ولدت في عام1942م في مديرية قعطبة محافظة إب. تعلمت في كلية الطيران
ولم أكمل دراستي، وعملت مع والدي القاضي في محكمة ذمار في عهد الإمام أحمد، وأصبحت
في عهد الرئيس عبد الله السلال قائدا لقوات الصاعقة، ثم مسؤولا عن المقاطعات الغربية
والشرقية الوسطى. وفي عام 1972م أصبحت نائبا لرئيس الوزراء للشئون الداخلية، ثم عينت
نائبا للقائد العام للقوات المسلحة. وفي 13يونيو 1974م قمت بانقلاب عسكري أبيض أطاح
بالقاضي عبد الرحمن الإرياني بمباركة من القبائل الذين كانوا معارضين لتوجهات الإرياني، حيث
قام بتسليم سلطات الرئيس وأعضاء المجلس الجمهوري إلى القوات المسلحة.)
صفية : (ترمقه بعين خائفة)..القاسم المشترك، فهل تعمل بنصيحتي؟
إبراهيم : (شارداً، متجاهلاً) هل تذكرين أيام طفولتنا الجميلة..أشتقت لشقيقي الكبير محمد.
صفية : ليت محمد كان معنا، ربما ساعدني عليك..
إبراهيم : ... .
صفية : وليت الأيام لم تضعك في سدة الحكم.
إبراهيم : (يرمقها ينظرة حميمة)..تخافين عليّ.
صفية : إذا لم اخف عليك، فعلى من سأخاف؟!
إبراهيم : (مبتسماً)..وأنا لا أخاف عليك، ولا على أولادي إذا حصل لي مكروه.
صفية : (بغيظ مكتوم)..أنت لا تحبنا.
إبراهيم : أنا لاأحبكم..أغضبتني أختي الحبيبة.
صفية : لكنك قلت: لا خوف علينا..كأنك لا تدرك أن قلوبنا سيمزقها الحزن عليك، وما قد
يصيبنا من مكروه.
إبراهيم : لن أكون أول، أو آخر من يموت، ولن يكون أهلي أول، أو آخر من يحزن على
فقيدهم..وأما المكروه فلا تخافي.
صفية : (منفعلة)..لماذا يا أخي لا نخاف..؟
إبراهيم : (مبتسماً)..لا أذكر أن حضرة أختي الحبيبة، كانت منفعلة.
صفية : كيف لا أخاف..كيف؟..وأنت تقول، ما قلت..وأنت تقول: أما المكروه فلا تخافي.
إبراهيم : (متعجباً)..أختي الذكية لا تدري.
صفية : (بغيظ مكتوم)..أخي العزيز..قلت لك أن هاجسا ما دفعني لزيارتك اليوم، فهل تريدني
ذكية، وأنا في جحيم ذلك الهاجس؟
إبراهيم : لا هاجس إلا هاجس الشعب..لا تخافي من أي مكروه، الشعب معي..أم أنك لا تدرين أن
الشعب يحبني؟
صفية : (ناكسة)..أدري، وأعرف أن الشعب يحبك.
إبراهيم : (مبتسماً)..لا تخجلي مني..أكيد نسيتي أن الشعب يحبني.
صفية : (بغيظ مكتوم)..لم أنسَ !
إبراهيم : فلماذا تخافين؟
صفية : أخاف من خيانة، وغدر الأيام..والأيام رجال.
إبراهيم : (مبتسماً)..والأيام نساء.
صفية : ليتني أستطيع أن أمنعك، وليتني أستطيع التواصل مع شقيقنا عبد الله، ربما يقتنع.
إبراهيم : تقنعيه بماذا؟
صفية : أن يمنعك.
إبراهيم : شقيقي عبد الله ذراعي الأيمن، وذراعي لا تمنعني بل تحميني.
صفية : (تدير له ظهرها)..هل أذهب لإحضار البطاطس المسلوق التي تحبها قبل الغداء.
إبراهيم : هل غضبتي مني؟
صفية : أو ليس من حقي أن أغضب؟ أم أن المرأة لا يحق لها أن تغضب.
إبراهيم : (يجذبها من يدها)..كم أنتِ جميلة عندما تغضبين؟
صفية : تسخر مني.
إبراهيم : أسخر من أختي..شقيقتي الحبيبة.
صفية : فكيف أكون جميلة، وكل يوم من أيامك عليّ بسنة.
إبراهيم : (مبتسماً)..بسنة..بسنة.
صفية : نعم.
إبراهيم : (مازحاً) احسبي كم مضى عليّ، حتى نحسب عدد السنين التي مرت من عمرك.
صفية : أنت تمزح.
إبراهيم : ربما كنت، ولكني أريد أن أسمع منك الآن.
صفية : لماذا يا أخي الحبيب؟
إبراهيم : لا أدري.
صفية : فهل تعمل بنصيحتي؟
إبراهيم : (منفعلاً)..سبق أن أشبعنا ذلك السؤال أجوبة.
صفية : (ترمقه بنظرة حزينة) لا تنفعل أخي الحبيب، فهي محسوبة؟
إبراهيم : نحن في 11 أكتوبر من عام 1977م..اسمعيني إذا كانت كما قلتِ محسوبة.
صفية : ثلاث سنين، وثلاثة أشهر، و 28 يوماً.
إبراهيم : (دهشاً)..بالسنة، والشهر، واليوم!
صفية : أحسبها يوم، بيوم..فيومي بسنة.
إبراهيم : (مبتسماً)..فكم مرت عليك من سنين؟
صفية : أحسبها أنت.
إبراهيم : سأحسبها فيما بعد، إلا أن عظمة الرئيس أن يكون يومه بسنة.
صفية : .......
إبراهيم : يومك بسنة لأنك تخافين عليّ..ويومي بسنة، إذا كنت قدمت لهذه البلاد ما ينفعها.
صفية : ويومك بسنة يا أخي.
إبراهيم : لن أحكم أنا، ولا أنتِ..سيحكم التاريخ.
صفية : ولا تجعل التاريخ يحكم أنك لم تسمع أختك..وسأقول..
إبراهيم : قولي.
صفية : هناك من أخبرني أن أحذرك من صديقك العزيز.
إبراهيم : لعله من أخبرني..لن أصدق، مهما قالوا عن صديقي العزيز..فلا تشغلي بالك، وأذهبي
لإحضار البطاطس المسلوق.
(تخرج صفية غاضبة)
إبراهيم : ولا تنسي ( السحاوق ).
(يرمي إبراهيم نفسه على الكرسي..يعود إلى النظر أمامه شارداً..لحظات، ثم يقف..يذرع الغرفة ذهاباً،
وإياباً..يقف )
إبراهيم : يا إلهي أشعر اليوم بضيق، وهذا الهاجس الذي لا أدري ما كنهه.. وأختي صفية لم ترحمني
..ليتهم يصدقون أن الشعب يحميني، وأن صديقي العزيز لن يخونني.. فلماذا هذا
الهاجس؟..يا إلهي أرحمني..حتى زوجتي، وأم أولادي فارقوني في هذا اليوم.. فهل هو
الهاجس؟..فارقتني والأولاد في أيام كثيرة..فلماذا اشتقت إليهم في هذا اليوم، كأنهم
ذهبوا عني قبل سنين..؟
صوت : إعمل بنصيحة أختك، ولا تكن مثل البطاطس المسلوق.
(يدور إبراهيم حول نفسه، باحثاً عن الصوت)
الصوت : لن تراني أبداً، أنا صوت التاريخ.
(إبراهيم يتسمر في مكانه..حائراً، محتاراً)
الصوت : هل أذكرك بالبطاطس المسلوق؟
إبراهيم : .........
الصوت : سلق البطاطس: غليه بالنار وطبخه بالماء.
إبراهيم : .......
الصوت : كما سمعت، المسلوق تنفيذه سهل.
إبراهيم : ........
الصوت : كن إذا أردت.. إذا أردت.
إبراهيم ......
الصوت : وإذا أردت، فكيف سيحكم عليك التاريخ؟
( يختفي الصوت، وإبراهيم في مكانه غير مصدق..يسمع جلبة أطفال في الخارج، لحظات وهم حوله: محمد في العاشرة، ونشوان في الثامنة، وذو يزن في السادسة..وأم محمد من خلفهم..)
أم محمد : (مرعوبة)..مالك يا إبراهيم، لون وجهك مخطوف..حدثني قلبي فعدت إليك سريعاً.
إبراهيم : (يستعيد نفسه..يقبل أطفاله، ويرفع ذا يزن إلى حضنه)
أم محمد : قلت: مالك يا إبراهيم.
إبراهيم : أطمئني..فلماذا عدتم بهذه السرعة؟
أم محمد : قلت حدثني قلبي، ثم أني اشتقت إليك.
إبراهيم : (متماسكاً..مبتسماً)..وبهذه السرعة!!
أم محمد : قلت لك حدثني قلبي.
إبراهيم : (مبتسماً)..وبماذا حدثك.
أم محمد : (بغيظ مكتوم)..هل صدق قلبي، لونك كان مخطوفاً.
إبراهيم : كان مخطوفاً، والآن.
أم محمد : ربما استعاده الأولاد.
إبراهيم : وأنتِ.
أم محمد : أنا!!
إبراهيم : نعم..أنتِ.
أم محمد : قلبي، لعله الهاجس، لا أدري ما هو، بسببه عدت إليك سريعاً..لن أستعيده، إلا إذا
طاوعتني.
إبراهيم : الهاجس، الهاجس.. سبقتك صفية أختي.
أم محمد : شاهدان يقطعان رقبة.. وهاجسان، فهل تطاوعني؟
إبراهيم : لا أريد أن أسمع ما سمعته من صفية.
أم محمد : وماذا قالت صفية؟
إبراهيم : لا أغادر البيت اليوم.
أم محمد : ذلك لا يكفي.
(يضع إبراهيم ذا يزن على الأرض)
إبراهيم : (ويده على رأس ذي يزن)..المعذرة يا ذو يزن..حتى أسمع من أمك..قولي.
أم محمد : نهرب إلى مكان بعيد عن عيون الناس.
إبراهيم : (ساخراً) وأين يكون ذلك المكان؟
أم محمد : سأدلك عليه، المهم أن توافق.
إبراهيم : وإلى متى سنظل هاربين؟
أم محمد : يومان، أو ثلاثة، حتى يزول الهاجس.
إبراهيم : وكيف سيزول الهاجس؟
أم محمد : ستختلي إلى نفسك..وتفكر بحالك، ومن حولك، وتضع خطة لنشر العسكر من حولك،
والمهم الآن..الآن أن تتصل بأخيك عبدالله، وتأمره أن لا يلبي أي دعوة، كيف ما كانت،
وكيف ما كان صاحبها؟
إبراهيم : إذا كانت أختي صفية تحبني، فزوجتي الحبيبة تحبني أكثر.
أم محمد : وهل تحبني؟
إبراهيم : طبعاً..زوجتي الحبيبة، وأم أولادي.
أم محمد : إذا كنت تحبني فعلاً، فاسمع كلامي.
إبراهيم : زوجتي الحبيبة:لن اكرر ما قلته لأختي صفية، فدعيني مع الأولاد.
أم محمد : ... .
إبراهيم : لا أخفيك يا أم أولادي، أني اشتقت للأولاد كثيراً في هذا اليوم.
أم محمد : ... .
إبراهيم : (شارداً)..وفي هذا اليوم بالذات، كأني..
أم محمد : ... .
إبراهيم : لا تردين على كلامي يا زوجتي العزيزة، كأنك يأستي من زوجك العنود..لاوأنت يا محمد.
محمد : كأنك لا تريد أن ترانا ثانية بعد اليوم.
إبراهيم : لا أصدق أنك ابني محمد.
محمد : ولمَ؟
إبراهيم : مازلت صغيراً..(يحتضنه)..لست صغيراً، ها أنت تقترب من طولي.
محمد : فهل تعمل بنصيحة أمي؟
إبراهيم : وأنت يا نشوان.
نشوان : أنا ابن أبي.
إبراهيم : وأنت يا ذو يزن.
ذو يزن : مش عارف..بس أنا ابن أمي، وأبي.
(يحمل ذا يزن ،ويحضنه..يقبله على جبهته).
إبراهيم : هل تعرف لماذا أسميتك ذا يزن؟
ذو يزن : (يهز رأسه)
إبراهيم : حتى تسمي ابنك سيف بن ذي يزن.
ذو يزن : سيف!!
إبراهيم : هو مَن حرر اليمن من الأحباش.
أم محمد : حررها الفرس..لامحتل بدلا عن محتل.
إبراهيم : ... .
أم محمد : وإذا كانت قد نجحت ثورة 26 سبتمبر، فلم تنجح إلا بفضل المصريين.. وكانوا،
وكانوا..؟حتى رحلوا عن اليمن.
إبراهيم : ... .
أم محمد : والآن يحتلها الذهب..وجنيه الذهب يلعب بعيون المرتزقة، والمأجورين..لاوجاء المصريون.
إبراهيم : ... .
أم محمد : صدقني:أنت بحاجة للخلوة..هل أعيد على مسامعك ما قلته قبل دقائق؟
إبراهيم : ... .
أم محمد : (تكاد تجهش بالبكاء)..أنت تتجاهلني.
إبراهيم : أرجوك لا تبكين أمام الأولاد، ثم أن دموعك غالية.
أم محمد : فلماذا تتجاهلني؟
إبراهيم : (يرمقها بنظرة ماكرة)..سبق أ تجاهلتيني.
أم محمد : ومتى يتجاهل الضعيف القوي؟..إذا أراد، نفاه من الأرض..وإذا تجاهل القوي
الضعيف، ظلمه، أو كأنه حكم عليه بالإعدام.
إبراهيم : والقوي ضعيف أمام زوجته الحبيبة.
أم محمد : ليتك تصدقني، إذا كنت صادقاً!!
إبراهيم : وليتك تسامحينني..إذا كنت..أنا من الكاذبين.
أم محمد : قدري أن أسامحك..سامحك الله.
إبراهيم : شكراً يا زوجتي الحبيبة..والآن أعود إلى أولادي..فلذات كبدي، فهل تعرف لماذا
أسميتك نشوان..يا نشوان؟
نشوان : (يهز رأسه)
إبراهيم : على اسم: نشوان بن سعيد الحميري اليمني، شاعر، وأديب كبير، ومؤرخ.
أم محمد : ولماذا لا تتعظ من التاريخ؟
إبراهيم : (يحدجها بنظرة عتاب..حادة)
ام محمد : وأنا ما حيلتي..الله يسامحك يا إبراهيم.
إبراهيم : وأنت يا محمد..لابد أن تعرف.
محمد : على اسم جدي: محمد إبراهيم محمد..أنا يابوي أنا.
إبراهيم : ذكرتني بأغنية علي الآنسي:خطر غصن القنا.
(دقائق مع أغنية الأنسي...)
إبراهيم : يا الله ما أجملها..تذكرني ببنت الجيران، وهي على سقف منزلهم مثل غصن القنا.
محمد : من هي؟
إبراهيم : أسأل أمك؟
(يحمر وجهها، وتنكس)
إبراهيم : تخجل منكم يا أولاد..يا إلهي، أي يوم هذا جعلني أذكر حبي الأول، كأنه الأخير..لابد
أن أحكي لكم يا أولاد قصة حبنا: كنت واقفاً على سقف بيتنا لمحت حينها أمكم، وهي
تسقي الريحان، المنصوب على أواني الفخار المصفوفة على سقف بيتها..أعترف بأني تطاولت،
حتى وقعت عيني على عينها..وفي تلك اللحظة التي لا تنسى عرفت الحب من أول
نظرة، ولا تستطيع أن تنكر أنها كانت مثلي..وكان أسرع زواج، تزوجتها بعد أسبوع من أول
نظرة.
أم محمد : وأنا أريد أن تطول تلك اللحظة، حتى أموت قبلك.
إبراهيم : وهل تنسين تلك اللحظة إذا مت قبلك؟
أم محمد : ليتني أستطيع.
إبراهيم : أن تنسي تلك اللحظة!!
أم محمد : بل أن أموت قبلك.
إبراهيم : الأعمار بيد الله.
أم محمد : ونعم بالله، لكنه أمرنا أن نأخذ حذرنا.
إبراهيم : (بغيظ مكتوم)..سنعود إلى نفس الموال.
(يرن الصمت للحظات..)
إبراهيم : سيكون أسعد يوم في حياتي عندما أحمل ابنك يا محمد على يدي هذين..وسأسميه
إبراهيم.
ذو يزن : (المتشبت بساقي أبيه)..وابني سيف.
نشوان : وأنا..وأنا يا بابا.
إبراهيم : (شارداً)..أنت، أما أنت فسأسميه محمد..يا ألهي (في سره): أي يوم هذا، أخذني إلى
أحفادي، كأنه، كأنه..يا ألهي ساعدني على أن أجتاز هذا اليوم بسلام.
الصوت : بسلام إذا اتعظت من التاريخ، وصدقت أختك، وزوجتك.
إبراهيم : (يدور حول نفسه..والأولاد، وزوجته..مذهولاً) هل سمعتم ما سمعته؟
أم محمد : جعلت فداك..ماذا سمعت؟
الأولاد : بابا..بابا.
إبراهيم : لا شيء..لا شيء..لعله الجوع..تأخرت صفية، طلبت منها البطاطس المسلوق.
أم محمد : معذوره، ولو كان البطاطس المسلوق.
إبراهيم : معذورة؟!..وهو لا يحتاج إلا لرمي شرائح البطاطس بالماء، وسيطبخه الماء
المغلي..فكيف تكون معذورة؟
أم محمد : ومع هذا فأنت لا تحب إلا سلقي، أو صفية.
إبراهيم : ..........
أم محمد : كل شيء، مهما صغر شأنه بحاجه إلى المنفذ الماهر، وقبل التنفيذ: المال والتخطيط.
إبراهيم : (ساخراً)..حتى البطاطس المسلوق بحاجة إلى خطة.
أم محمد : نعم..من يشتريه، ومن أي مكان سيشتري البطاطس البلدي، لا تحب غيره.
إبراهيم : على حد علمي، ومن خلال تجوالي، فهو موجود في كل سوق وبقالة.
أم محمد : في متناول اليد.
إبراهيم : نعم.
أم محمد : فلا تكن مثل البطاطس.
(تدخل صفية حاملة طبق البطاطس المسلوق..)
إبراهيم : (وعينه على أم محمد..منفعلاً)..كل هذا الوقت من أجل البطاطس المسلوق..كدت أن
أموت من الجوع.
صفية : المعذرة يا أخي، لم يعجبني البطاطس الذي أحضره السائق، فذهبت بنفسي..وبعد رجوعي
بالبطاطس أخبروني بعودة أم محمد، والأولاد..كانت فرصة أن أطبخ لك الأكلات التي
تحبها على الغداء.
إبراهيم : ..........
صفية : (تضع الطبق على الأرض)..تفضل يا أخي، وبعد البطاطس الغداء الشهي.
(الأطفال يرمقون البطاطس بشهية مفتوحة)
إبراهيم : شكراً يا أختي، ودعيني ألتقط أنفاسي، ما سمعته اليوم منك، وأم محمد تنوء بحمله
الجبال.
صفية : (تجذبها بعيداً عن إبراهيم..هامسة)..وماذا سمع منك؟
أم محمد : ما سمع منك، وأكثر.
صفية : أنت خير هدية اليوم..نتعاون ونمنعه من مغادرة البيت.
أم محمد : وليتنا تستطيع أن نأخذه بعيداً..(تلمح الأولاد، وهم يلتهمون البطاطس المسلوق).
أم محمد : بس يا قليلي الأدب.
إبراهيم : دعيهم، كأني أريد اليوم أن يأكلوا ما كان لي..اليوم بالذات اكتشفت أن المشاهدة، أحياناً،
أطعم، وألذ من الفعل..فلذات كبدي.
صفية : سأذهب لإحضار غيرها، لن أتأخر، مسافة الطريق.
إبراهيم : أرجوك يا صفية..انتظري حتى يكملوا.
(يقوم الثلاثة..يأخذونه من يديه، ويجلسونه على الأرض، إلى جوارهم..)
محمد : تفضل يا بابا..كل معنا، يكفينا، وماما، وعمتي صفية.
ذو يزن : (ببراءة الطفولة)..لقمة هنية تكفي ميه.
(لم يمتلك إبراهيم نفسه..حضنه وأشبعه قبلاً..)
إبراهيم : ألذ، وأطعم من البطاطس المسلوق، ولن أذوقها بعد اليوم، حتى لا تفسد، أو أنسى ما هو
ألذ، وأطعم..قبلات ذي يزن.
ذو يزن : (ضاحكاً)..وسخت يديّ ثوب رئيس البلاد.
إبراهيم : أنت أغلى من الدنيا..وسأحتفظ بهذا الثوب كما هو، ذكرى ليوم الحادي عشر من أكتوبر
عام 1977م، فيه خاصمت إلى الأبد البطاطس المسلوق..فمن سيحتفظ به من بعدي؟
ذو يزن : (ببراءة الأطفال)..عمتي صفية..صاحبة البطاطس.
صفية : (بغيظ مكتوم) فال الله، ولا فالك يا..يا..
أم محمد : يا..(تهم أن تصفعه..ردها إبراهيم..رن جرس التلفون..)
أم محمد : (منفعلة)..لا يستحق الضرب إلا هذا التلفون اللعين..لا تأتي من ورائه إلا
المصائب..والكوارث.
صفية : لا أحد يرد عليه، لعنه الله، ولعن صاحبه.
(يهم محمد بالوقوف للرد..تجذبه أمه، حتى أوقفته على طبق البطاطس، فأفسد ما تبقى منها..)
إبراهيم : رنين التلفون لا يتوقف في بيتي ليلاً، ونهاراً..أنا رئيس البلاد، أم نسيتم؟
صفية : (وأم محمد)..إلا في هذا اليوم، ممنوع الرد.
إبراهيم : وعلى رئيس البلاد الرد، ولو كانتا أحب اثنتين في حياتي (يقف للرد على التلفون..)
صفية : أتوسل إليك، لا ترد.
أم محمد : وحياتي..سألتك بالله، لا ترد.
(الرنين لم يتوقف، حتى خالت الغرفة والأرض أن لا رنين بعده..وقبل أن يلتقط السماعة، جثتا الاثنتان على رجليه..)
أم محمد : (وصفية)..نقبل رجلك لا ترد..لا ترد.
(المنظر الذي استفز الأطفال..يطوفون حول والدهم)
الثلاثة : لا ترد..لا ترد..بحقنا لا ترد.
(ضرب بنداءاتهم، وتوسلاتهم عرض الحائط، وهو يستمع إلى محدثه..إذا نزل القدر، ضاع كل شيء..كل شيء..يعيد السماعة إلى مكانها )
إبراهيم : دعاني صديقي العزيز لتناول الغداء.
أم محمد : (مذهولة)..والمناسبة.
إبراهيم : سأحدثكم عنها عند عودتي.
صفية : أي دعوة هذه لا تأتي رئيس الدولة إلا قبل الغدء بساعة، أو أقل.
إبراهيم : لعلها الظروف.
صفية : أي ظروف..أنت رئيس البلاد.
إبراهيم : سأسأل صديقي وأخبرك.
صفية : دعوة مشئومة، كانت في يوم الهاجس.
أم محمد : دعوة مشبوهة، لم تأت إلا قبل الغداء بدقائق.
إبراهيم : سأذهب لتغيير ملابسي..خاطرك..(ثم يندفع خارجاً..)
الصوت : ساذج لا يريد أن يصدق.
صفية : (وأم محمد، والأولاد..بعده..) لا تذهب..لا تذهب..بحق الله لا تذهب.
الصوت : ذهب..ذهب..الساذج ذهب.
(يرن الصمت على منصة المسرح للحظات، ثم يدخل بعدها مجموعة من الشباب، والشابات..يرقصون، ويغنون..)
لم يمتنع
لم يعتبر
سار الحقير
كل البشر..كل العباد
لله حقير
عين الرئيس
نامت قوي
نوم الجمال
تطوف..تطوف
تبعث عصير
يبني بلاد
يحلم بيوم:
يوم الخلاص
لكنه
لم يتعظ
وقع الشباب
دوما سريع
قالت صفيه:
أحذر صديقك
أقرب حبيب
كل البشر
يوما لهم
يا أسفا
يسمع لهم
سار الحقير
ذهب الحقير
كل البشر
كل العباد
لله حقير
لله حقير.
انتهى المشهد ارلأول
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد

ملخصات تغذية الموقع
جميع حقوق النشر محفوظة 2009 - (صنعاء نيوز)