shopify site analytics
جميح يكتب : عن الأمن القومي والأخطار المحدقة - اليونسكو تعمل على إعداد قوائم لحصر التراث المنهوب من اليمن - ضبط معمل لاعادة تصنيع وتدوير زيوت الطبخ الفاسدة بصنعاء - الرويشان يكتب : قمة البحرين .. هوامش سريعة - الشاب عادل الماوري يودع العزوبية الثلاثاء المقبل تهانينا - العلي يحتفل الجمعة القادمة بزفافه بقاعة الفيروز بالحصبة - النوايا الحقيقية للولايات المتحدة من وراء الميناء العائم في غزة - روسيا تطور مادة لترميم كلي للعظام - العلاقة الودية بين بوتين وشي جين بينغ تمثل كابوسا استراتيجيا لواشنطن - 10 دول عربية تشارك بمسابقة ملكة جمال العرب بأمريكا -
ابحث عن:



صنعاء نيوز - فيصل جلول...

عندما تصرخ امراة فلسطينية في قطاع غزّة المُحاصَر وين العرب وين؟ وين الملايين ؟ يبدو سؤالها اتهامياً ولايضمر البحث عن إجابة

الإثنين, 21-مايو-2018
صنعاء نيوز/ فيصل جلول -



عندما تصرخ امراة فلسطينية في قطاع غزّة المُحاصَر وين العرب وين؟ وين الملايين ؟ يبدو سؤالها اتهامياً ولايضمر البحث عن إجابة فهي تعرف أنها لا تعيش في زمن المعتصم بالله، وأن الملايين العربية وحُكّامها ينأون بأنفسهم عن فلسطين لظروفٍ قاهرةٍ أو استجابة لرغبةِ زعماءٍ بنوا سلطانهم على شراكةٍ مصيريةٍ مباشرة أو غير مباشره مع الكيان الصهيوني ، فخر الصناعة اأاجنبية في قلب عالمنا العربي.


بدأت المأساة عندما قرّرت إسرائيل ومعها أميركا أن الدولة الفلسطينية يجب أن تكون ديمقراطية وأن تجري انتخابات تحت الاحتلال
بدأت المأساة عندما قرّرت إسرائيل ومعها أميركا أن الدولة الفلسطينية يجب أن تكون ديمقراطية وأن تجري انتخابات تحت الاحتلال
ومع ذلك يستحق سؤال تلك السيّدة المفجوعة عن ملايين العرب إجابة تفصيلية.. ملايين ليبيا يا سيّدتي حشرَهم "الربيع العربي" في أقاليم ما قبل الجماهيرية. كل يخشى من جاره ويتطلّع لاحتكار الثروة النفطية. وملايين المغرب الاقصى يعشقون فلسطين والقدس لكنهم يتقاسمون هذا العشق مع الاضطراب الممتد والوافد من الحسيمة في الشمال، فضلاً عن الصراع من أجل الصحراء الذي يستهلك الثروة الوطنية، ناهيك عن اندماج الأحزاب في لعبة حُكم مع المخزن تحرمها من هامشِ المناورةِ وتحشرها في قضايا محلية لا مُتناهية.
ملايين الجزائر عبَّرت عن نفسها في ستاد كرة القدم فأشعلت إسم غزّة وسط ظلام طارىء بواسطة الهواتف النقّالة، وهو تعبير لم يجد فرصة للنشر يستحقها بجدارة. ولعلّ السلطة الحَذِرة في هذا البلد من نتائج العشرية السوداء تمارس أقصى درجات التحّفظ والحِيطة إلى حدٍ يُعطّل قدرتها على المبادرة في صناعة الأحداث كما درجت في عقود ما بعد التحرير.
وملايين تونس يخشى رُعاتها من الدفع بها إلى الشارع فيتأثّر اقتصاد البلاد المُتهالِك جرّاء ارتباطه الخدماتي بالسوق الأوروبية. وملايين موريتانيا تُديرهم سلطة تعوّدت ألا تُغضِب رُعاتها الأجانب. أما ملايين مصر فقد مرّ عليها "الربيع العربي" وحشرها في صراعٍ بين سلطةٍ انتقالية لا تنتقل والأخوان المسلمين المخلوعين من الحُكم، فضلاً عن قلقٍ اقليمي لا يُتيح رفع الرؤوس ، ناهيك عن التربية السياسية التي تلت معاهدة كامب ديفيد والتي جعلت معظم الناس ينظرون إلى القضية الفلسطينية انطلاقاً من ما بعد الكامب وليس قبله. طبعاً هذا لا يغفل أصوات نُخبة من شُجعان مصر الذين بُحّت حناجرهم دفاعاً عن قضايا العرب، وفلسطين في الطليعة، حتى شاخوا في صوَرهم المنشورة على أدراج هذه النقابة أو تلك.
وملايين السودان في عهدة البشير الذي تخلّى عن جنوب البلاد من دون أن يضمن بقاء دارفور فيها ومن دون أن يضمن بقاءه سلطته ، فإذا به يحصر البلاد وأهلها في سيرورةٍ داخليةٍ يؤرقها همّ مصيري على كلِ صعيد. وملايين العراق خرجت لتوّها من دمارٍ تسبّبت به داعش ومَن أسّسها بعد أن أنهكتها عقود حربية مُتتالية منذ ثمانينات القرن الماضي. ولعلّنا لا نهمل شروط خروج الأميركان ومن بينها حَمْل العراقيين على الإنصراف لأولوياتهم الداخلية ومواجهة بعضهم البعض داخل وعلى دولة يبنونها ويُعيدون بناءها بعد كل انتخاب.
وملايين السعودية والإمارات والبحرين في عهدة وليّ الأمر الذي قرّر تدمير اليمن وإعادته إلى القرون الوسطى ، والعمل في فلسطين وفق ضرورات الحماية الأميركية وبالتالي ترتيب صيغة تُنهي القضية الفلسطينية بشروطٍ أميركيةٍ إسرائيليةٍ ، وذلك كله وسط بارود إعلامي سعودي يُطلَق يومياً نحو إيران. من جهته يعاني نصف المليون القطري من إحباط "الربيع العربي" ومن حِصار يريد رأس الأخوان المسلمين الذين خاضوا مع قناة الجزيرة مغامرة "ربيع" فاشل ، يدفعون اليوم ثمناً باهظاً لارتداداته نحو بلدهم الذي يعيش قلقاً وجودياً حقيقياً وسط حِصار سعودي خانِق. والمُلفت للانتباه في هذا الصَدَد أن قناة الجزيرة اختارت في خضمّ مجزرة غزَّة إنهاء خدمات مديرها الفلسطيني الأردني ياسر أبو هلاله وتعيين مدير جديد قطري الجنسية ومن أصل يمني.
أما ملايين الأردن فهي موزّعة بين العرش الهاشمي الذي جمعَ خبرةً لا يُستهان بها في فنّ البقاء وسط قوى مُتطاحِنة ، وضمن الحماية الغربية لنفسه عبر اتفاقية وادي عربة، وبين الأخوان المسلمين الذين فضّلوا العمل في سوريا مع "جبهة النصرة" لقلب دولة مُعادية لإسرائيل بدلاً من تغيير نظام الحُكم في بلادهم. ف"الربيع العربي" صُمِّم بحيث لا يطال حلفاء الغرب والولايات المتحدة ولا يطال الصهاينه الذين وعدهم قادة "الربيع" بهدنة تمتد إلى مئة عام. ولا تسل عن الملايين من أهل اليمن الذين يتعرّضون للقتل بأحدث أنواع الأسلحة وللموت جوعاً ومرضاً جرّاء حِصار مُطبَق ، فضلاً عن تعرّض أراضيهم لمشاريع الضمّ والإلحاق وآخرها مشروع احتلال جزيرة سقطرى.
ولا تسل أيضاً عن ملايين الصومال وجيبوتي وجزر القمر فهي تأكل من عائدات قواعد عسكرية أجنبية أو من نبات ينمو بمطرِ الصدفة على حفافي حقول مزروعة بقذائف وألغام الأصوليين والمليشيات المسلّحة ، أو من فتات خليجي عابِر نحو جزر أحبّت العودة إلى الأصول العربية فحصلت على مقعدٍ هزيلٍ في جامعة أبو الغيط ووعود محمّلة بغيومٍ لا تُمطِر.
تبقى ملايين سوريا ولبنان التي قرّرت بالقسم الأعظم منها أن تعيش حرّة وأن تحمي نفسها بنفسها وليس بقوّة غيرها. ملايين اعتبرت أن الدول تكون حرّة أو لا تكون وأن مجاورتها لعدوٍ صهيوني يُهدّد الأرض والحياة والمستقبل كل يوم ، تستدعي امتناعاً عن الرضوخ لإرادته ومقاومة أطماعه ولجْم عدوانه. وما زالت هذه الملايين تعمل وفق هذا الخيار رغم الثمن الباهِظ الذي دفعته وتدفعه جرّاء احتشاد كل أهل السيف في العالم والاقليم ضدها.
ومن ثم لا بد من كلمة عن ملايين الضفة الغربية وعرب فلسطين. هنا يبدو الألم نافراً إلى حدٍ لا يُطاق، فقد بدأت المأساة عندما قرّرت إسرائيل ومعها أميركا أن الدولة الفلسطينية يجب أن تكون ديمقراطية وأن تجري انتخابات تحت الاحتلال، فكان أن انقسمت غزّة عن الضفة في نزاع حول سلطة لا تحمل من معناها إلا الإسم، ومازال الجميع قابعاً في هذا "الفخّ الديمقراطي" الفظيع، ومنه نرى اليوم هامش المناورة المحدود أمام محمود عباس الذي يجب أن يختار في عُرف ترامب ونتنياهو بين الاستسلام بماء الوجه أو من دونه.
تلك عناوين لحال الملايين العربية التي نادتها السيّدة الفلسطينية في معرض اتهامها بالصمت المُطبَق على مجازر غزّة. لكن هذه الحال ذات طبيعة مُتغيّرة ، فقد علّمتنا تجارب الشعوب أن خضوع ملايين المقهورين يكفّ ابتداء من اللحظة التي تلوح فيها بوادر الهزيمة الأولى لمحتلٍ صهيوني يحتاج يومياً إلى التلويح بالأساطيل الأميركية ومعها إلى ترسانةٍ من الأدوية المُهدّئة للسيطرة على قلقه الوجودي..

فيصل جلول
باحث لبناني مقيم في فرنسا
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الميادين وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد

ملخصات تغذية الموقع
جميع حقوق النشر محفوظة 2009 - (صنعاء نيوز)