صنعاء نيوز - 7
لا تُشابه حملة القصف الكثيف الوحشي على الغوطة الشرقية التي بدأت في شباط المنصرم، والتي نفَّذتها روسيا بشكل أساسي بقواتها الجوية والمدفعية، وإيران والنظام السوري تالياً أياً مما حصل منذ اندلاع الحراك الشعبي في سوريا في آذار/ 2011، بما في ذلك الهجمات الوحشية على أحياء حلب الشرقية نهاية عام 2016، وعلى الرغم من أنَّ النظام السوري قد تعمَّد تدمير المساكن بداية في مدينة حمص، إلا أنَّه تمدَّد بعد ذلك إلى جميع المناطق التي ثارت ضدَّه؛ بهدف تشريد سكانها قسرياً بعد أن فقدوا مساكنهم، أو مقرات أعمالهم، ما يعني عملياً إنهاء أية مقاومة ضدَّه في هذه البقعة من الجغرافيا السورية، وإن كان ذلك على حساب تدمير البنية التحتية والمراكز الحيوية والمساكن، بل حتى إن كان ذلك على حساب تحطيم الدولة السورية بكلِّ ما فيها، وتحتوي قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان عشرات آلاف حوادث القصف، الذي أدى إلى تدمير ما تمَّ ذكره، وتبيَّن لنا أنَّ القصف الجوي مسؤول عن 70% من إجمالي الدمار الحاصل، وسلاح الجو لا يملكه سوى النظام السوري وروسيا، كما تمتلكه قوات التحالف الدولي، إلَّا أنَّ الدمارَ الناتجَ عن القصف الجوي لقوات التحالف الدولي لا يُقارن مطلقاً بما أحدثَه القصف الجوي لقوات النظام السوري وروسيا.
تعمَّد النظام السوري وروسيا لاحقاً قصف وتدمير أكبر قدر ممكن من المساكن، وخاصة المنشآت الحيوية، ومعظم عمليات القصف تلك كانت دون وجود مبرر عسكري بحسب ما يقتضيه قانون الحرب، بل لقد كان هذا التَّدمير الواسع مقصوداً ضمن تكتيك يهدف إلى إيصال رسالة إلى المناطق التي تُفكِّر بالخروج عن سيطرة النظام السوري بأن مصيرها التدمير والتخريب، ولن يحميها أحد، من أمم متحدة أو مجلس أمن، وهذا التَّكتيك ذاته هو المتبع في عمليات التَّعذيب والإفراج عن بعض الناجين؛ بهدف إبلاغ المجتمع بما مارسه النظام السوري من عمليات تعذيب بربرية بحقهم.
لقد تضرَّر قرابة 3 مليون مسكن بشكل جزئي أو كامل، وبالتالي خسر ملايين من السوريين مساكنهم، والسكن بالنسبة لكثير من السوريين يعني خسارة ربع قرنٍ من العمل بهدف تحصيل مسكن، وقسم كبير منهم توارثه عبر الأجيال، ولقد تبيَّن لنا عبر عشرات من التقارير السَّابقة، وبشكل خاص التَّقرير الشهري المتعلِّق باستهداف المراكز الحيوية، أنَّ التَّدمير قد استخدم من قبل النظام السوري على نحو واسع كأداة تخطيط؛ للحرب ضدَّ كل من خرج ضدَّه، وهدفَ عبره إلى إنهاء وتحطيم كل أشكال المعارضة للحكم وتهشيم المجتمع بشكل كامل، والنظام السوري وحلفاؤه كانوا ولا يزالون يمتلكون التفوُّق العسكري الأكبر وبشكل خاص سلاح الجو؛ ما يمنحهم القدرة الأعظم على هندسة عمليات التَّدمير. |