shopify site analytics
محافظة إب السياحية في ظل قيادة اللواء صلاح..!!! - ماذا قال خامنئي في اجتماعه مع قادة القوات المسلحة؟ - بعد أنباء عن خروج السنوار من الأنفاق.. عائلات الأسرى تتظاهر أمام منزل نتنياهو - " بالأدلة".. فوائد ممارسة العادة السرية للرجال! - سيف المنشطات مسلط على عنق الصين - جامعة الدول العربية تتدخل في تشكيل الحكومة في ليبيا - شحنات المبيدات كحرب إبادة لليمنيين وكقضية وطنية ؟! - الإفراط في استخدام المبيدات وسوء استخدامها في ورشة عمل بذمار - 200 يوم من العدوان : حرب الإبادة الإسرائيلية تتواصل - المملكة المغربية..أفول مغرب القرن التاسع عشر وبزوغ فجر عهد جديد!! -
ابحث عن:



صنعاء نيوز - بقلم الشيخ: عبد الغني العمري الحسني.

إن الأمة العربية لما داخلتها الثقافة الكفرية من المستعمر، لم تنصع لكل ما أُريد منها، حتى قُدّم لها في قالب فكري تتوهم معه

الخميس, 07-يونيو-2018
صنعاء نيوز/ بقلم الشيخ: عبد الغني العمري الحسني. -

إن الأمة العربية لما داخلتها الثقافة الكفرية من المستعمر، لم تنصع لكل ما أُريد منها، حتى قُدّم لها في قالب فكري تتوهم معه أنها مختارة في أمرها. ولقد كان الفكر الفلسفي أول ما تقبلته في شطر منها، على أنه إنتاج إنساني، لا تحده الحدود المادية ولا المعنوية. والحقيقة هي أن الفكر الفلسفي سيعود بها من جهة المرتبة المعرفية إلى ما قبل الإسلام. وهذه من غير شك ردة منهجية، قد أفضت فيما بعد إلى ردة حقيقية لدى بعض من عمل فيهم الفكر عمله، من غير أن يتنبهوا.

والفكر ضمن البراديغم الإسلامي، ليس اعتباطيا كما هو عند العقل الكافر؛ لأن المؤمن على هدي في معظم أمره، يُغنيه عن التعمل. وهذا الهدي، هو النور الذي ورد ذكره كثيرا في القرآن، كما في قول الله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور: 40]. والفكر بالمقارنة إلى هذا النور الإلهي، هو كالعصا التي لا يستغني عنها الأعمى، أو من يسير في الظلام. وإن الأمة لما عادت إلى الفكر العام، قد ألزمت نفسها بالنزول من السير على نور، إلى السير على ظلمة. وإن ما يجده بعض المفكرين من تشابه بينهم وبين المفكرين العالميين، يجعلهم يأنسون لما هم عليه، إنما هو دليل نكوص لا دليل تقدم. فإن قيل إن الله قد أمر عباده بالتفكر في آيات كثيرة من القرآن، كما في قوله تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الجاثية: 13]؛ فإننا نجيب بأن التفكر لا يستغني عنه العقل المؤمن في المرتبة الدنيا من الدين (مرتبة الإسلام)، لعدم الأهلية للتلقي عن الله. والتفكر وسيلة للاعتبار، الذي يهتدي به العوام إلى الآخرة، وما يقرب إليها من عمل؛ كما أن التفكر وسيلة الفقهاء في تبيّن الأحكام -أئمة ومقلدين- لبعدهم عن الكشف ولقصورهم عن طريق النبيين والوارثين. والله إنما شرع لعباده، ما يتمكن العامة من المؤمنين معه بحسب استعدادهم، من إصابة سبيل السعادة. وأما أن يُجعل الفكر شرطا في تحصيل المعرفة، فهو من الخلط الذي دخل على الأمة، من قِبل المضلين والجاهلين.

إن الله قد دل على ملازمة الفكر للكفر، عندما ذكر حال الوليد بن المغيرة، في التفكر فيما يصرف به الناس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وهذا يشبه ما يعرفه عصرنا من صنوف الحرب الإعلامية، التي يعتمدها الأعداء. فقال الله تعالى: {إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ} [المدثر: 18]. ولو كان الفكر منزها عن الضلال والغلط، لما كان وسيلة إلى معاداة الحق قط. ولو تأمل الناس اشتراك الكفر والفكر في مادتيهما، لعلموا أن أكثر الفكر هو من الكفر، وأن أكثر الكفر هو من الفكر. ولو عدنا إلى جل المفكرين في العالم (وعلى رأسهم الفلاسفة)، لوجدناهم كافرين. ولقد أعجبني مؤخرا، ما سمعته من "لوك فيري" (أحد متفلسفي فرنسا وملحديها)، عندما رفض المزاوجة بين الفلسفة والدين، لاختلاف طريقيهما؛ وهذا حق غاب عن كثيرين. فأي منقبة للفكر بعد، وهو لا ينفع أصحابه، بأن يوصلهم إلى طريق السعادة!... وفي المقابل، كم من سعيد من المؤمنين، لا يبلغ مرتبة المفكرين، ولا يجاوز مرتبة العقل المعاشي!... نعني أنه كم من أبله سيدخل الجنة، وكم من مفكر مرموق سيدخل النار!... فالعبرة ليست بمقدار مرتبة الفكر، وإنما بإصابة الحق، ولو من طريقٍ غيره...

لقد خرج في أمتنا مفكرون، راموا نقد العقل العربي والمسلم، كعابد الجابري وأركون؛ ولكن نقدهم لم يكن عربيا ولا إسلاميا؛ بل كان نقدا غربيا من الجهة المنهجية ومن الجهة الفكرية، وإن كانت اللغة عربية لدى البعض. أما النقد العربي أو الإسلامي الداخلي، فنادر؛ لأن المناهج البحثية المعتمدة غربية في الغالب (الفيلولوجيا والهرمنوطيقا...)، وهي تكاد تطبع كل البحوث الجامعية، في قطيعة شبه تامة عن الهدي الإلهي بالمعنى الحقيق، لا بالمعنى النصي (الذي يكون الانطلاق فيه من النص). بل إن مناهج البحث الغربية، قد بدأت تتسرب إلى العلوم الشرعية ذاتها (بحسب الزعم)، حتى صار بعض الدارسين يرومون إعادة تناول تفسير القرآن على ضوئها، إن كان لها من ضوء. وصار يُنظر في إثبات صحة الحديث، إلى موافقته الأصول العقلية؛ إلى غير ذلك مما هو من المستحدثات التي لا شبهة في مخالفتها للأصول الأولى التي كان عليها المؤمنون الأولون.

إن جل الإنتاج الفكري الديني، لا يمكن أن يُعد دينا، وإن رام أصحابه تمييزه عن الفكر العام المجرد، ليستميلوا من لا علم لهم إلى ما يرون أنه يخدم أغراضهم. ومع كثرة الإنتاج الفكري في المرحلة الأخيرة بالمقارنة إلى الأزمنة السابقة، فإن الأمة قد دخلت فيما زاد من جهلها بحقيقة الدين، وباعد بينها وبين تحصيل الترقي، بحسب المنطق الديني عينه. كل هذا، وهي لا تميّز حالها، ولا تتبيّن مدى مخالفتها للأصل؛ إلى الحد الذي ما عاد المرء من المتدينين، يتجاوز فيه المرتبة الأولى من الدين، إن سلمت له من التشكيك والتلبيس. وهذا في المجمل، هو سبب الضعف الذي يوجد فيه العرب اليوم، وإن كانت لهم من المؤهلات المادية، ما يجعل كبرى القوى العالمية تحسدهم عليه.

إن إشاعة ربط التقدم بالفكر مطلقا وعلى التعميم، بين الناس، هو من التدليس الذي يُراد منه في النهاية التسوية بين الحق والباطل. وأما الفكر المتعلق بالعلوم الكونية المضبوطة، فيعدّ من المشتركات الإنسانية التي لا خلاف عليها. ولكن هذا الصنف الأخير من الفكر، الذي لا يلبث أن يتبلور تطورا صناعيا أو تقانيا، لا يقوى في النهاية على أن يتجاوز مرتبة الخدمة للفكر الفلسفي السياسي بمختلف مشاربه. وهذا هو ما يجعلنا نصرّ على تنقية العقل لدينا، من الشوائب المانعة عن عيش الأمة وفق شريعتها.

إن الفكر من كونه سيرا عقليا في الظلام، هو أكثر عرضة للتلبيس الإبليسي، الذي يختلط فيه الحق بالباطل على من لا نور له. وهذا يعني أن الرعاية الفكرية التي نشهدها في زماننا، من قِبل جهات عالمية تزعم أنها عاملة من أجل مصالح شعوبنا، ليست بريئة، ولا هي بعيدة عن التوجيه الدجالي العالمي. ولو أن الناظر تمعن فيما يُمرر إلينا من آراء ومن مقولات، لسهل عليه تبين ما نشير إليه...

إن إعادة الفكر منا إلى نصابه، ليست سيرا في اتجاه عكسي لما هو المطلوب، ولكنها حد من الأضرار الناجمة عن الإضلال المحلي والعالمي؛ خصوصا وأن أغلب المفكرين لدينا، لا يرقون أن يُعدّوا من هذه الطبقة حقيقة؛ وإنما هم من المعاشيين، الذين يشتغلون بما ظاهره فكر، لسبب من الأسباب. وإن المجتمع المسلم في خصوصيته، في غنى عن كثير من الفكر بالمعنى المعروف اليوم. ولو أن مجتمعاتنا حافظت على البنية الأصلية التي تمنع اشتغال العوام بما ليس من طورهم، لكفيت هذه الشرور التي صارت تتوالد يوما عن يوم، على أيدي سفهائها.

إن المساواة بين الناس في المرتبة العقلية، بالنظر إلى الفكر وحده، كما يُراد للأمر أن يكون اليوم، هي مغالطة للعقول الضعيفة، من أجل إدخالها في فوضى معرفية، ترفض معها الهدي الذي يأتيها على أيدي من هم من أئمة الدين حقيقة. ولسنا نعني بالأئمة هنا العلماء التقليديين، لأنهم -من غير شك- سبب من أسباب هذا الخلط الذي استفحل حتى كاد أن يقضي على العقل نفسه...

أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد

ملخصات تغذية الموقع
جميع حقوق النشر محفوظة 2009 - (صنعاء نيوز)