shopify site analytics
رئيس وزراء إيرلندا يفاجئ بايدن بدعم صريح للقضية الفلسطينية - يأمر بالبدء بالزحف الى الاقصى رسالة صوتية لقائد هيئة أركان الكتائب في غزة - 4 أسئلة عن اسرائيل يجب على اللاجئ العربي إلى ألمانيا الإجابة عنها - دخول سفينتين حربيتين روسيتين البحر الأحمر - نظرة على الدورة الخامسة والخمسون لمجلس حقوق الإنسان - القدوة يكتب: حرب الإبادة الجماعية والأزمات الداخلية الإسرائيلية - أياد راضي وعقدة جلد الذات - دولة عربية تتجه لحجب "تيك توك" - منيغ يكتب: ليبيا شَظَايَا نَوَايَا (1من5) - العفو الدولية تطالب بتنفيذ قرار مجلس الأمن لمنع “الإبادة” في غزة -
ابحث عن:



السبت, 16-يونيو-2018
صنعاء نيوز - 
الدكتور عادل عامر

إن جريمة رجل الأعمال إنما هي الجريمة التي تتصف بالطابع المالي إلى جانب اتصافها بالتعقيد هذا التعقيد يكشف عنه الواقع القائم حاليا في حياة رجال الأعمال صنعاء نيوز/ الدكتور عادل عامر -

إن جريمة رجل الأعمال إنما هي الجريمة التي تتصف بالطابع المالي إلى جانب اتصافها بالتعقيد هذا التعقيد يكشف عنه الواقع القائم حاليا في حياة رجال الأعمال ، فالانحرافات المالية يُستخدم في ارتكابها هياكل وهمية (كالشركات الوهمية) تمثل مجرد واجهة دون أن يكون لها وجود حقيقي ، ويدخل فيها أيضا الجهات الائتمانية والبنوك إلى جانب مشروعات أخرى مساعدة ،وهذا التعقيد الذى يظهر أيضا في المهارة التي يتمتع بها الجاني في مثل هذه الجرائم، والذى يتستر خلف المستوى الاجتماعي المرموق والذى يسمح له بتسيير الصفقات المشبوهة لاجئاً إلى عمليات الرشوة لتمرير أفعاله وصفقاته المشبوهة غير القانونية ، كما أن استيلائه على جزء من رأس مال أحدى الشركات هو جريمة من جرائم رجل الأعمال .

وما توصَف هذه الجرائم بجرائم الأعمال إلا لأنها تمثل انتهاكا من قبل مهنيين أوجبت النصوص والقوانين والتشريعات والأعراف التجارية بين المهنيين وما يربطهم من مواثيق شرف تحكم نشاطهم التجاري أوجبت احترام واجب الأمانة في إبرام الصفقات التجارية وفى تنفيذها

فتلك الصفات هي القاسم المشترك بين جميع الجرائم التي تدخل في إطار جرائم رجال الأعمال ، فعلى سبيل المثال مدير الشركة الذى يساهم بقراراته الخاطئة في إفقار الذمة المالية للشركة وكذلك المدير الذى يتلاعب بسوق الأوراق المالية لتحقيق أرباح طائلة غير مشروعة كما الذى يتلاعب بدفاتره التجارية بنية التهرب من الضرائب المستحقة للدولة عن نشاطه أو بالسماسرة والوسطاء ، وإبرام بيوع تعسفية مع المستهلكين، ومن يتدخل بأسماء مستعارة لتهيئة عمليات النصب والغش كل ذلك من الجرائم المالية والتجارية لبعض رجال الأعمال

فالأصل أن المدير ما هو إلا وكيل عن بقية الشركاء وأنه تلقى عنهم مهمة إدارة الشركة فيما فيه المصلحة العامة لبقية الشركاء, وحيث أنه لم يكن أمينا حيال ما يقع عليه من التزامات وأنه قد انتهك الوكالة الملقاة علية باختلاسه أموال الشركة فإن يرتكب عندئذ جريمة خيانة الأمانة.

هناك حقيقة يجب التأكيد عليها وهى أن الانحراف والتعسف في إدارة أموال وائتمان الشركات لا يمثل الشكل الوحيد لانحراف رجال الأعمال أو ما يسمى إجرام رجال الأعمال فالتجاوزات المرتكبة في هذا المجال يمكن تقسيمها إلى قسمين

فبالنسبة للقسم الأول : تندرج تحته طائفة من الجرائم منها تلك الجرائم التي تمثل اعتداء على مصالح متشعبة منها على سبيل المثال :ما يمثل اعتداء على مصالح الشركاء الاقتصاديين للمشروع كجرائم الإفلاس والمنافسين ، وجرائم المضاربة على الأسعار، وجرائم المنافسة غير المشروعة ، والممارسات الماسة بحرية المنافسة، والاتفاقات غير المشروعة، واستغلال المركز الاحتكاري في السوق ،والاستغلال الاقتصادي ، كما الجرائم الخاصة بالدعاية الكاذبة أو الخادعة ، و البيوع التعسفية ،

أما بالنسبة للقسم الثاني فتندرج تحته طائفة من الجرائم منها تلك الأفعال التى تمثل اعتداء على مصالح القوى القائمة داخل المشروع وهم العمال كتلك المتعلقة بالحقوق العمالية للعمال من مثل تأخير رواتبهم أو بخسهم حقوقهم أو تكليفهم بما لا يتناسب مع أجورهم أو يشق عليهم أو فصلهم تعسفيا وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ):أعط الأجير أجره قبل أن يجف عرقه ) وما يتعلق بتنظيم العمل ذاته والمساهمين أو الشركاء داخل المشروع من أصحاب رأس المال كالجرائم الواقعة حال تأسيس الشركة مثل الإعلانات الكاذبة عند تجميع رأس المال، وما يتعلق بالتدليس في تقدير الحصص العينية ، أو إصدار وتداول أسهم شركات مخالِفة للقانون ، أو تقديم ونشر ميزانية غير حقيقية كما توزيع أرباح صورية .

إن الأمثلة على جرائم ومخالفات وتجاوزات رجال الأعمال كثيرة، غير أننا لا نستهدف بهذا العمل البحثي إجراء توصيف لكل هذه الجرائم أو التجاوزات الممكنة في حياة رجال الأعمال وفى حياة المشروع التجاري، بل إننا نستهدف استجلاء طائفة معينة من هذه الأفعال ، تلك الطائفة التي تشغل بال المهتمين والحريصين على توافر الثقة والاستقرار الاقتصادي على نحو ما سيرد بيانه .

وعلى أي حال فإن الجرائم الاقتصادية قد بلغت اليوم من الخطورة مبلغا يستدعي أن يكون تشريعات خاصة ومحاكم خاصة لما لها من خطورة تفوق غيرها من الجرائم الأخرى .

وهناك جانب معين من جرائم رجال الأعمال شائع وذائع في هذا العصر هو استخدام الرشوة بصورها المختلفة للحصول على امتيازات وعقود لدى بعض الجهات أو الهيئات . إذ قلما ـــ على حد اعتقادهم ـــ تمضي هذه الأعمال الضخمة أو توقع هذه العقود الثمينة بغير نوع من الانحراف والرشوة بل بلغ الأمر برجال الأعمال أحيانا أن أصبحوا يقولون إنهم إذا لم يلجأوا إلى هذه الوسائل فإنهم لن ينجحوا في أي منافسة .

لا شك أن التدخل بالزجر والعقاب في ميدان الأعمال أمر تمليه عدة أسباب تتصل ، من جهة ، بالسياسة الاقتصادية والجنائية للبلاد . وغايتها دعم حرية المبادرة وحماية الادخار تشجيعا للاستثمار المنوط به تحريك عملية الاقتصاد الوطني . وتتصل ، من جهة أخرى، بحماية المستهلك والدائنين على اختلاف أصنافهم منتجين وموزعين وموردين وعمال وغيرهم من الفاعلين الاقتصاديين وهنا يبرز المعطى الاقتصادي وتأثيره على السياسة الجنائية للبلاد ذلك أن المظهر الاقتصادي أصبح هو نقطة التحول في وظيفة القاعدة القانونية بحيث أصبحت تعكس قوة تأثيره على الطبيعة القانونية للعلاقة الاجتماعية . وغاية المشرع من سن القواعد الزجرية الخاصة بالأعمال ليس بالضرورة دائما هو البحث عن الجريمة ومرتكبها بل هي في الأصل غاية وقائية تستند إلى وعي كل واحد من عناصر السوق بحقوقه وواجباته لتكون العلاقة بين رجال الأعمال والتجار والمتعاملين معهم منسجمة ومبنية على الشفافية .

إن المستهلك هو المحور الرئيسي الذي تدور حوله عمليات الإنتاج والتسويق ، ومع ذلك يعتبر هو الحلقة الضعيفة أمام التطور المتسارع لوسائل الإنتاج و التسويق . وفي هذا الإطار فإن غاية المشرع هي خلق توازن بين طائفتين طائفة رجال الأعمال وطائفة المتعاملين معهم . فتشجيع الاستثمار وإنعاش الاقتصاد بإعطاء الحرية لرجل الأعمال لتدبير وتسيير مشاريعه وأعماله بما يضمن مصالحه الخاصة ، يقابلها حماية المساهمين والمدخرين والدائنين من الإدارة السيئة أو غير الأمينة للمشروع . ان الحفاظ على ثقة كل الفاعلين الاقتصاديين في السوق هو أساس استمرار الاقتصاد الوطني في الازدهار و التقدم . ذلك أن جرائم رجال الأعمال لها عواقب وأثار سلبية ليس على الاقتصاد الوطني فقط بل كذلك على التوازن الطبقي داخل المجتمع لأنها تعمل على زيادة الفجوة بين طبقة الأغنياء التي تحتكر وسائل الإنتاج ، وطبقة المستهلكين والفقراء التي ينبغي حمايتها . واللجوء إلى الجزاء يكون ضروريا وحتميا للحفاظ على التوازن الطبقي داخل المجتمع . وهكذا فقد أصبحت غاية المشرع من سن قوانين جنائية للأعمال هو خلق مساواة معيشية أي مساواة فعلية وحقيقية.

وفي إطار التوازن دائما فإن المشرع لم يهتم فقط بخلق التوازن بين طبقات المجتمع، وإنما عمل عن طريق التشريع و القوانين الجنائية للأعمال على خلق توازن داخل مجالات معينة من الأعمال ، وعلى الخصوص في مجال التجارة . ففي القانون التجاري المغربي خلق المشرع قواعد قانونية تساعد التاجر على حل مشاكله المالية والمديونية عن طريق التسوية القضائية ورفع الصفة التجريمية عن بعض صور النشاط التجاري ، وقلل من حالات التفالس . وغايته في ذلك هو الحفاظ على المؤسسة التجارية وفي نفس الوقت حماية مصالح الدائنين.

وهكذا فإن وظيفة القوانين الزجرية وأهدافها تطورت مع تطور الأهداف الحديثة للمجتمع ، إذ لم تعد رهينة بحماية مجموعة معينة من مصالح ، وصفها البعض "بالمصالح الجوهرية للحياة الاجتماعية القائمة وقت التشريع" وذلك بوضع القيود على الحريات الفردية بهدف محدد وثابت هو المحافظة على التعايش الاجتماعي للإفراد . وهي الوظيفة التي أدت إلى جمود قواعد القانون عن ملاحقة التطور الاجتماعي ونمو المصالح الاجتماعية . بل ان وظيفية القانون أصبحت أكثر فاعلية وتقوم بدور ايجابي في سبيل دفع حركة المجتمع نحو التطور والتقدم . وأصبحت القاعدة القانونية تحمي مصالح أخرى تبدو جديرة بالحماية من أجل تحقيق الأهداف المتطورة للمجتمع . ونتيجة لذلك تحولت وظيفة القانون الجنائي من الحماية إلى التوجيه . وكان من أسبق المجالات التي تركزت فيها فعالية الوظيفة الجديدة لقانون العقوبات هو الإجرام الاقتصادي والمالي .

وخلاصة القول أن المذهب الليبرالي الذي يستند إلى نظرية كون الفرد هو محور النظام وغايته لم يعد هو النظام الاقتصادي المثالي بالنسبة للاقتصاديات المعاصرة . بل إن السياسة الجديدة أصبحت تعتمد على فعالية دور الدولة من الناحية الاقتصادية ، ولم يعد مقبولا ان تقف الدولة مكتوفة الأيدي أمام تدهور الحالة الاجتماعية للفقراء وازدياد ثروة الأغنياء التي يمثلها رجال الأعمال والطبقة الجديدة من أصحاب رؤوس الأموال والمشروعات الذين انشأوا إمبراطوريات خاصة بهم . والغاية الأساسية من تدخل المشرع بالكيفية المذكورة هو إقرار العدالة الاجتماعية بين مختلف طبقات المجتمع والحفاظ على المصالح الاقتصادية العليا التي تحددها السياسية الاقتصادية بالبلاد .
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد

ملخصات تغذية الموقع
جميع حقوق النشر محفوظة 2009 - (صنعاء نيوز)