shopify site analytics
إنتاج أحدث محطات شحن روسية الصنع للسيارات الكهربائية - عقب فضيحة الصورة وظهور الأميرة البريطانية المفقودة.. - بوتين يفوز بانتخابات الرئاسة - معارك ضارية بين فصائل الانتقالي في عدن - خارجية صنعاء تستهجن إدانة مجلس الأمن الدولي للعمليات اليمنية - العبودي يكتب: اِستثمار السكن ليس لفقراء العراق - منيغ يكتب: لقضايا بقايا في موريتانيا (2 من 5) - القدوة يكتب: النظام الدولي يفقد مصداقيته أمام دموية حرب غزة - نظرة أولية للدراما اليمنية والعربية في رمضان - الصناعة تدشن حملة للرقابة على الأسعار -
ابحث عن:



صنعاء نيوز - عبد الباري طاهر

الخميس, 21-يونيو-2018
صنعاء نيوز/ عبد الباري طاهر -

تاريخياً، لا يتقاتل الناس إلّا على مصالحهم. قضية لاحظها عالم الدين والكلام محمد بن عبد الكريم الشهرستاني: «وأعظم خلاف بين الأمة خلاف الإمامة؛ إذ ما سل سيف في الإسلام على قاعدة دينية مثل ما سُلَّ على الإمامة في كل زمان ومكان».
الحرب الدائرة في اليمن وعلى اليمن كارثة الكوارث، منذ اجتياح «أنصار الله» عمران وصنعاء، متحالفين مع جيش الرئيس السابق علي عبدالله صالح وأمنه، ومحازبيه، والقبائل الموالية.
تتدخل السعودية والإمارات بتحالف عشري بذريعة إعادة «الشرعية» من دون خطة، ومن دون معرفة أكيدة بالحالة اليمنية، ولا بالتاريخ اليمني، ولا بنفسية هذا الإنسان ذي الكيان الحضاري والتاريخي، والتركيبة المعقدة، والبنية المجتمعية المعبأة بالعنف والمسكونة بالصراع، وبجهل لطبيعة الأرض التي لا تتيح ولا تقبل بالوجود الأجنبي. والأجنبي- في ذاكرة الواقع، وتاريخ الصراعات العربية- ليس سوى الآتي من القبيلة الأخرى.
الصراع المزلزل الذي تعيشه المنطقة العربية كلها بين صيغتين وأسلوبين للحكم: صيغة ما يسميه جان جاك روسو بـ«العقد الاجتماعي»، وهو تعاقد بين الشعب والحاكم بشروط معينة، وهو المعنى الحقيقي للدولة المدنية القائمة على توافق الإرادات، والرضا العام، وبحيث لا تمتلك السلطة صلاحيات مطلقة، وتلتزم الدولة بحقوق الأفراد وحرياتهم، وكذا الحريات العامة والديمقراطية، والعدل والمساواة، وحقوق المواطنة.
في الدولة الإسلامية تقوم الدولة على أساس البيعة، وهذه هي الصيغة الثانية السائدة في الوطن العربي كله قديماً وحديثاً، وهي توافق أهل الحل والعقد، أو ما يسميه النعمان الابن «الأطراف المعنية». توافقهم على اختيار الحاكم وفق معيار عالجه الماوردي في «الآداب السلطانية». هذا في الجانب النظري، وفي بنية وثوابت الخطاب السياسي، ولكن على صعيد الوقائع ومسيرة بناء الدولة الإسلامية، فإن الغلبة والقوة هي جوهر بناء الكيانات الإسلامية والعربية حتى اليوم.
قَبِل الفكر السني بقضية المتغلب، وكُرِّست الآيات والأحاديث الكاثرة والفتاوى الدينية والفقه السني لهذا المعنى القائم على السمع والطاعة... «ولو جلد ظهرك، وانتهب مالك». فالسمع والطاعة ركن أساس في الدولة الإسلامية. وإذا كان السنة- وهم غالبية العالم الإسلامي- قد قبلوا بالمتغلب،فـ«من قويت شوكته وجبت طاعته»، و«إمام غشوم، ولا فتنة تدوم»- كل هذا مخافة الفتنة. وحقاً، فقد وصلوا إلى هذه المقولات بسبب الحروب المتناسلة والمتسلسلة من «داحس والغبرا»، و«صفين» ومفرداتهما، أما «الشيعة» الطائفة الإسلامية الثانية، فقد غيبوا الإمام بعد قتل أفضل أئمتهم في صراع الحكم، ولم يتوصلوا إلى فكرة «ولاية الفقيه» و«نائب الإمام» إلا في عصور متأخرة. و«ولاية الفقيه» هي الوجه الآخر للمرشد العام لدى حركات الإسلام السياسي السني.
مكتب الإرشاد و«ولاية الفقيه» يتصادمان مع «ولاية الأمة» أو «المشروطية» التي طرحها الأتراك وبعدهم الإيرانيون منذ مطلع القرن الماضي.
في اليمن قامت الدولة القاسمية، وهي الدولة التي ورثتها الدولة المتوكلية، وهي دولة جهادية بامتياز. فأهم مبادئ المذهب الزيدي الخروج على الإمام الظالم، ويشترط في الإمام الشجاعة، والروح الجهادية، فهو «مقدام على القتال، لا يصده جبن، ولا فشل»، بحسب «متن وشروح الأزهار».
صيغة القوة والغلبة سادت الدولة العربية التقليدية، ولكنها امتدت إلى تأسيس الدولة القطرية. فالدولة القائمة في مصر وسوريا والعراق والجمهورية العربية اليمنية انقلابات عسكرية، وقد امتد حكمها العسكري على أساس الشرعية الثورية، أما الجزائر واليمن الديمقراطية الشعبية، فآتية من حركات تحرر وطني تحولت إلى الشرعية الثورية.
الدول القطرية القائمة على أساس الغلبة والقوة في جُل البلدان العربية- ملكية كانت أو جمهورية- هي الآن في معركة مستدامة مع شعبها.
ثورات الربيع العربية التي انطلقت من تونس في الـ11 من نوفمبر 2011، هي مؤشر الزلزال الذي ضرب المنطقة العربية من الماء إلى الماء.
الحروب الدائرة في ليبيا وسوريا واليمن مرتبطة أشد الارتباط بالثورة الشعبية السلمية، وبقية المناطق والكيانات العربية والجوار منخرطة فيها بصورة أو بأخرى.
مبادرة التعاون الخليجي في أساسها مقترح أو نقاط مقدمة من علي عبد الله صالح، وعلي محسن صالح في منزل عبد ربه منصور نائب الرئيس حينها. تلقفت دول «مجلس التعاون الخليجي» الدعوة، وهبت لإنقاذ رجليهما في اليمن بمبادرة «التعاون الخليجي» الملغومة بالحصانة للرجلين وجماعتهما الحاكمة طوال الـ33 عاماً.
أحزاب المشترك لم تقبل بمنح الحصانة، والإعفاء من المسائلة فحسب، وإنما انخرطت أيضاً معهما في لعبة إعادة إنتاج النظام، ما مهد الأرض لخروج عفاريت الماضي، وكان صالح عراب انقلاب 21 سبتمبر متحالفاً مع «أنصار الله»، وهو أكثر من نصف الحكم المنقلب عليه، ويسيطر على الجيش والأمن والوظيفة العامة.
جرت الاستهانة بـ«أنصار الله»، واعتقد كل طرف أنه الأقدر على اللعب بهم، وربما الخلافات بين فرقاء الحكم، والاغترار بالقوة أعماهم عن رؤية التبدلات على الأرض، وقد تكشف الأيام أن أطرافاً خليجية غير بعيدة عما جرى في اجتياح «أنصار الله» كالإعصار إلى عموم اليمن، في حين لم تكن مليشياتهم التي تخرج لأول مرة من صعدة تعرف شوارع المدن اليمنية كلها، بما في ذلك صنعاء.
دول «مجلس التعاون» هي الممول للحرب التي شهدتها ليبيا وسوريا، وهي الحريصة على مواجهة «الربيع العربي» في عموم المنطقة العربية. أطراف الحرب في اليمن كلهم خارجون من بؤر فساد نظام صالح، هذا إذا ما استثنيا «الحراك الجنوبي» و«أنصار الله»، ولكن الأطراف كلها مرتهنة للحرب وآتية منها. فالسياسة لديها كلها هامش ضعيف، والمتن الحقيقي هو الحرب. رهانها على الحرب أكبر من رهانها على السلام، وهي لا تهتم بالمجتمع المدني، ولا بالحياة السياسية، وهنا تكمن صعوبة مهمة المبعوث الأممي.
اجتياح قوات «العمالقة الجنوبية»، و«المقاومة التهامية»، والقوات التابعة لطارق محمد عبد الله صالح قائد حرس صالح المدعوم من الإمارات في خط الساحل التهامي، لا يعقد المشهد أكثر أمام مهمة المبعوث الأممي فحسب، وإنما أيضاً أمام الحسم العسكري. فخلال حرب الثلاثة أعوام الماضية يلاحظ أنه عندما ترجح كفة الحرب لصالح «أنصار الله» يتشددون أكثر، ويرفضون الحلول السياسية، والعكس صحيح. فالأطراف كلها مستفيدة من إطالة أمد الحرب، ولا تستشعر المخاطر التي تمر بها البلاد.
معركة الساحل تعقيد داخل الحرب نفسها، فأكثر من طرف يلتف على النصر ويدعيه قبل أن يبدأ، والمأساة أن الأطراف التي حكمت الماضي يراد لها أن تكون الطرف المنتصر ويجير لها الانتصار.
معركة الحديدة مخاطرها على «مليشيات أنصار الله» كبيرة جداً، ولكن المخاطر الأكبر على الملايين الواقعة تحت سلطة الأمر الواقع. فإذا كان نقل «البنك المركزي» نجم عنه تجويع ستة ملايين، فإن تعطيل ميناء الحديدة أو حصاره أو إسقاطه، يعني تجويع كل ملايين المحافظات الواقعة تحت سلطة الأمر الواقع.
معركة الساحل تتسابق مع المعارك الضارية من حول صعدة وفي كتاف ونهم. فإذا كانت الإمارات أكثر اهتماماً بالموانئ، فإن السعودية يهمها أكثر المناطق المتاخمة والتي ترى فيها مصدر التهديد، وهي -قبل كل شيء- يقوم رهانها على توازن الضعف، فهي تريد الأطراف كلها أن تكون في حالة توازن الضعف، ما يعني استمرار الصراع وعدم الحسم، لكن اليمن أكبر من قدرة السعودية والإمارات على إعادة رسم خارطتها، أو ابتلاعها.
الانتصار في الساحل وفي مناطق أخرى تقوي أوهام الحسم العسكري، ولكنها لن تحسم المعركة. اعتقد صالح أن حرب 94 آخر الحروب، فكانت بدايتها الرهيبة، والأمريكيين سادة الحروب في العالم، لم يحسموا الحرب في أفغانستان حتى اليوم.
حروب إسرائيل منذ منتصف الثلاثينات، ومنذ 48 و67، والحروب المتواصلة ضد فلسطين ولبنان، لم تمنح إسرائيل السلام برغم تفوقها ضد جيوش المنطقة كلها، وهي تواجه شعباً أعزلاً يتصدى بالحجارة لأقوى جيش وترسانة في المنطقة.
المبعوث الأممي يطرح قضية تسليم ميناء الحديدة للأمم المتحدة كمقدمة لبدء التفاوض السياسي، بينما «أنصار الله» يطرحون قضية صرف مرتبات الموظفين إلى جانب شروط أخرى، كأولوية في أية محادثات، وهو ما يعني استمرار الحرب.
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد

ملخصات تغذية الموقع
جميع حقوق النشر محفوظة 2009 - (صنعاء نيوز)