shopify site analytics
تسلحت بأحمر شفاه مسموم.. قصة أميرة مسلمة - إصابة 8 عسكريين في قصف إسرائيلي استهدف سوريا - المشروب الكحولي الأقل ضررا للكبد - بيان للسفير الأمريكي لدى اليمن - انتلجنس: الإمارات تجري مسحاً فضائياً لجزيرة سقطرى - لاخير في مجلسنا وبقيع إمامنا الصادق مُهدّم . - رئاسة مجلس الوزراء يكرم مدير عام مستشفى الامل العربي بالحديدة - سفرة إلى الماضي، بانوراما من وحي خيال الكاتب. - مسابقة أميركية تكرّم المصورين الصحفيين العالميين - الدشتي يكتب : خروج السفراء عن البروتوكولات الدولية "شذوذ" -
ابحث عن:



صنعاء نيوز - بقلم د. غسان شحرور

الأربعاء, 22-أغسطس-2018
صنعاء نيوز/ بقلم د. غسان شحرور -

رحل اليوم الأديب والروائي العربي البارز والشهير "حنا مينه" عن عمر يناهز الـ 94 عاما، لقد فاجأني ما جاء في وصيته: "عندما ألفظ النفس الأخير، آمل، وأشدد على هذه الكلمة، ألا يُذاع خبر موتي في أية وسيلةٍ إعلامية، مقروءة أو مسموعة أو مرئية، فقد كنت بسيطا في حياتي، وأرغب أن أكون بسيطا في مماتي"، ويتابع في وصيته: "أعتذر للجميع، أقرباء، أصدقاء، رفاق، قُرّاء، إذا طلبت منهم أن يدعوا نعشي، محمولاً من بيتي إلى عربة الموت، على أكتاف أربعة أشخاصٍ مأجورين من دائرة دفن الموتى، وبعد إهالة التراب علي، في أي قبر مُتاح، ينفض الجميع أيديهم، ويعودون إلى بيوتهم، فقد انتهى الحفل، وأغلقت الدائرة. لا حزنٌ، لا بكاءٌ، لا لباسٌ أسود، لا للتعزيات، بأي شكلٍ، ومن أي نوع، في البيت أو خارجه، ثمّ، وهذا هو الأهم، وأشدد: لا حفلة تأبين، فالذي سيقال بعد موتي، سمعته في حياتي، وهذه التآبين، وكما جرت العادات، منكرة، منفّرة، مسيئة إلي، أستغيث بكم جميعا، أن تريحوا عظامي منها".

عذرا " حنا مينه"، فبراثن الخوف والمرض والجوع والذل، ماانفكت تخشى كلماتك وأفكارك في أعمالك الأربعين، وأنت تدافع فيها عن الفقراء، والضعفاء، والمظلومين في الأرض.

عذرا يشاركني فيه البحر، الذي كما قلت، كان دائماً مصدر إلهامك، حتى إن معظم أعمالك لاتزال مبللة بمياه موجه الصاخب.

عذرا، تشاركني فيه "غوطة دمشق"، التي كما قلت دائما أنها ربطتك بسلك خفي إليها، وشدتك بقلادة ياسمين إلى ليالي "دمشق" الصيفية الفاتنة.

عذرا، يشاركني فيه "جبل قاسيون"، وأنت من أعلن أنه حارسه المؤتمن.

عذرا، يشاركني فيها "بردى"، وأنت المغرم المتيّم به.

نعم، عذرا، تشاركني فيه "المصابيح الزرق"، و"الشراع والعاصفة"، و"الأبنوسة البيضاء"، وكل "رجل شجاع" مهما كانت نهايته.

عذرا، تشاركني فيه "بقايا صور"، و"المستنقع"، و" المرصد"، و"القطاف"، و"الربيع والخريف".

عذرا، تشاركني فيه كل "امرأة تجهل انها امرأة"، و"المرأة ذات الثوب الأسود"، و"المرأة في صراع امرأتين"، و"عروس الموجة السوداء"، و"النار بين أصابع امرأة"، و"المرأة الدجاجة" كما سميتها في حواراتك، وغيرها كثير وكثير.

عذرا، نقولها كما فعلنا سابقا، مع الأديب الكبير الراحل "عبد السلام العجيلي" الذي أوصى بأن تقام له جنازة، دون أي مشاركة رسمية أو كلمات تأبين أو قصائد، وأراد جنازة بسيطة لابن "الرقة" البار المتقشف.

نعم عذرا، فما أقسى أن نجهل أو نتجاهل أعلامنا، مهما اختلفنا معهم، فالاعتراف بفضلهم وإسهاماتهم حق من حقوقهم، وواجب من واجباتنا، وإن زهدهم وتواضعهم، ورفضهم لبعض مظاهر التأبين الزائفة، التي تسري في مجتمعنا، لا يعفينا نحن أبناء هذا المجتمع ومثقفيه من تكريمهم وتأبينهم، والزهو بسيرتهم وأعمالهم في خدمة الإنسان والمجتمع، حقا إنها تعلمنا في الحاضر والمستقبل، فالمجتمع الحي هو من يكرم أعلامه، في حياتهم وبعد رحيلهم.

"عرفتهم"، زاوية ثقافية دورية يكتبها د. غسان شحرور"
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد

ملخصات تغذية الموقع
جميع حقوق النشر محفوظة 2009 - (صنعاء نيوز)