shopify site analytics
بلاغ صحافي صادر عن نقابة الصحفيين - بعد ٣٠ عاما من المماطلة والتسويف القضاء يفشل في انصاف اعضاء الجمعية السكنية للاعلاميي - البرلمان المصري يحمل حكومة إسرائيل مسؤولية التصعيد الخطير في غزة - "كتائب القسام": اخترتم اقتحام رفح.. لن تمروا - الرئاسة الفلسطينية ترحب بقرار جزر البهاما الاعتراف رسميا بدولة فلسطين - الدبابات الإسرائيلية تتوغل في رفح - تم إبلاغ إسرائيل بخطورة التصعيد وجاهزية مصر للتعامل مع السيناريوهات - وصفها بالجريمة الآثمة والإعتداء الجبان - الرئيس الجزائري: لا تنازل ولا مساومة في ملف الذاكرة مع فرنسا - السيول تجرف المواطنين في اب -
ابحث عن:



صنعاء نيوز - بقلم: عمر دغوغي الإدريسي

الأربعاء, 24-أكتوبر-2018
صنعاء نيوز/ بقلم: عمر دغوغي الإدريسي -


الاحتلال الاقتصادي مفهوم بات يفرض نفسه بإلحاح على الساحة الثقافية والفكرية، خاصة في العالم العربي الذي بات يعاني من أزمات تخلف وردة على جميع الصعد والمستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية. ذلك أن المنطقة العربية ما فتأت تتملص من استعمار الأرض والاحتلال الميداني الذي أقامه عليها الغرب الأوربي- عبر حركات التحرر والاستقلال التي اندلعت في القرن الماضي (القرن العشرين) حتى وقعت في نوع آخر من الفخاخ التي نصبها لها المستعمر الغربي الذي امتاز عن نظريه العربي بثورة ثقافية وحضارية وعلمية وسياسية واقتصادية. الاحتلال الاقتصادي مفهوم مكون من شقين: احتلال، واقتصاد. ولفهم أعمق لهذا المفهوم علينا بتحليله إلى هذين العنصرين وفهم كل عنصر على حدة، ثم تركيبهما من جديد لفهم أعم وأعمق للمفهوم المراد إيضاحه.
تقوم فكرة الاحتلال بالأساس على قيام دولة ما بإخضاع دولة أخرى سواء كانت مجاورة أو نائية عنها لسيطرتها السياسية والاقتصادية (ومن ثم تحل محلها في القيام على شؤونها السياسية والاقتصادية والإدارية)، وذلك بعد الإجهاز على السلطة المحلية لهذه الدولة،ويكون الغرض الرئيسي وراء هذا الاحتلال إما لمد نفوذ سياسي يرضي النزوع الإنساني الدفين للسلطنة داخل نفس الملك أو الإمبراطور المغير، أو لاستغلال الدولة المغيرة لمقدرات الدولة المغار عليها من ثروات زراعية إلى معادن وثروات طبيعية إلى رقعة جغرافية متميزة تتيح لها الاتصال بمناطق حيوية أخرى تفتح لها أبواب الإفادة على مصراعيها إلخ.
أول ما يرمي إليه مصطلح الاقتصاد هو: الإدارة الحكيمة للمنزل لأجل صالح الأسرة وخيرها. ثم تطور بعد ذلك ليشمل بمعناه “إدارة الدولة”. ومما تقدم نستطيع مبدئيا أن نفهم الاقتصاد على أنه: فن الإدارة لإمكانات الدولة ومقدراتها وثرواتها بما يتماشى مع متطلبات أفرادها وسد حاجاتهم الأساسية، كما أن مفهوم الاقتصاد في المعنى الحديث، بل المعاصر، يمتد لأبعد من ذلك بحيث يشمل العلاقة بين التنمية والموارد البيئية، فيكون بذلك التنمية الاقتصادية في تضاد مع البيئة وإمكانياتها وقدراتها على العطاء، بحيث أن مزيد من التنمية الاقتصادية يعني مزيدا من الاستنزاف لموارد البيئة ما يعني أيضا العمل على استنفادها في أسرع وقت، الأمر الذي فرض مفهوم: “أزمة الأجيال المستقبلية”، ما يعني أن مفهوم الاقتصاد لم يعد مقصورا على إدارة الموارد البيئية لسد احتياجات أفراد الدولة، بل أصبح أوسع بحيث يشمل ضمان وتأمين احتياجات أفراد الأمة، أي أن هذه الموارد ليس فقط من حق الأفراد الذين هم على قيد الحياة، وإنما أيضا للأفراد الذين هم في رحم الغيب ممن سيأتون من بعد ليجدوا لهم ما يكفي لسد حاجاتهم أيضا.
لا شك أن مفهوم “أزمة الأجيال المستقبلية” قد تولد بفعل إقبال الإنسان المتزايد على البيئة استغلالا واستنفادا لصالح التنمية، والتنمية الاقتصادية إنما هي من شأن الحاضر العاجل. ولما كان الإنسان هو الكائن الأكثر نهما وعطشا للمزيد على سطح الأرض، ولما كان هو أيضا الكائن الأكثر تعقيدا -لا في تكوينه الجسدي والنفسي فحسب، وإنما فيما يستهلك من موارد- فهو الكائن الذي يحتاج لغذائه وتطوره الأنواع العديدة المختلفة من الموارد من مأكل ومشرب وملبس تلزم عن تكيفه مع البيئة المحيطة بتقلباتها. كل ذلك كان أحد أهم دوافع الأمم لتتحارب إما لغزو أمة أخرى أو للدفاع عن نفسها من هجمات أمة أخرى، فلو أننا اعتبرنا التفسير الماركسي للتاريخ، لقلنا أن العامل الاقتصادي هو المحرك الأساسي للتاريخ وعليه، فإن الدافع الأول والرئيسية وراء عمليات الاحتلال المختلفة لهو دافع اقتصادي في المقام الأول، وليس أدل على ذلك من أن الاحتلال الذي ساد الأرض من قبل الغرب الأوربي منذ مطلع العصر الحديث وحتى منتصف القرن الماضي، قد انقلب منذ منتصف القرن الماضي ليمسي احتلالا عن بعد، فيما يعرف ب الاحتلال الاقتصادي الذي استُعيض به عن احتلال الأرض المباشر.

بالطبع يقوم العالم اليوم وقبل اليوم على سياسة القوة، ولا أحد ينكر ذلك، فكما تسيطر الحيوانات القوية على الحيوانات الضعيفة وتنصب نفسها أنها هي السيد وهم العبيد أو الرعية لن يختلف المعنى كثيرا، سوف نجد ذات الأمر بين الدول.
فالدولة الأقوى صاحبة القوة الاقتصادية الأقوى هي التي تملك زمام الأمور وإن كان لا يظهر هذا جليا وإنما في الباطن،كانت السيطرة قديما تتأتي من استعمار الأرض، أو بمعنى أكثر وضوحا احتلالها وفرض السيطرة عليها، ولكن مع التقدم الهائل كان لابد من أن تتقدم طرق الاحتلال أيضا وتختلف ذريعته بشكل يتناسب مع الفكر الليبرالي الحديث.
في البدء كان احتلال الأرض والاقتتال وحصد الكثير من الخسائر، وتكون النتيجة حصول المستعمر على الامتياز الاقتصادي والسياسي ونهب أموال الدولة،ولكن الآن وجد المستعمرون أنهم يستطيعون تحقيق كل هذه المكاسب دون أن يبذلوا الكثير من الجهد أو يتكبدوا الكثير من الخسائر عن طريق الاحتلال الاقتصادي فتحول الاستعمار من الأرض إلى الحكم والسيطرة عن بعد بشكل يتناسب مع الصورة الحديثة للحضارة والتحكم في اقتصاد الدول ونهبها بشكل راقٍ أمام الجميع وفي ثوب نشر الحركة الليبرالية الحديثة وتحقيق الرخاء والتنمية.
صندوق الخراب الدولي، بالطبع يقوم المستعمر بتجديد أسلحته كما يقوم بتجديد طرائقه في التفكير والحكم والسيطرة، وكان ما يسمى بصندوق النقد الدولي إحدى أسلحة الخراب وإحدى صور الاحتلال الاقتصادي التي اخترعها الاستعمار حيث يظهر لنا أنه يساعد الدول الفقيرة والمنكوبة حتى تقوم مما هي فيه، ولكن الحقيقة أنه يضمن أن لا تقوم لاقتصاد هذه الدول قائمة مرة أخرى.
ويمكنك من خلال مراجعة الاتفاقيات التي يعقدها مع هذه الدول باعتباره يقوم بمساعدتها -لتعلم أنه يفرض عليها شروطا للخراب الاقتصادي وليس للإصلاح كما يدعي، فلم يتدخل في اقتصاد دولة من الدول ونجحت! بالطبع إلا إذا أراد المستعمر هذه النتيجة، ولكن الوجه الحقيقي له أنه أداة للاستعمار في ثوبه الجديد، ففي مقابل بعض الأموال يضمن الحكم والسيطرة في أمور البلاد والعباد.
إحدى صور الاحتلال الاقتصادي تتجلى في مشروعات وسياسات التنمية التي يدعيها المستعمر ويملأ بها الدنيا، فهو يحارب الفقر، وأنت تجد أن الفقر يزداد وحشية وضراوة مع مرور الوقت.
ينشر حقوق الإنسان وترى الواقع مهين للإنسانية وممتهن لكرامة الإنسان بطرق تتعدد وتختلف وتزداد مع مرور الوقت. ينشر جمعيات الدعم والتنمية في كل البلاد ولا تجد سوى التدني والتراجع وتفاقم الأزمات، فترى أنها تنمية كاذبة ومؤسسات مستعمرة لا هدف لها إلا كونها أدوات المستعمر الجديدة التي تتناسب مع موضة العصر والتفكير الليبرالي الحديث.


بقلم: عمر دغوغي الإدريسي مدير مكتب صنعاء نيوز بالمملكة المغربية. [email protected] https://www.facebook.com/dghoughi.idrissi.officiel/
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد

ملخصات تغذية الموقع
جميع حقوق النشر محفوظة 2009 - (صنعاء نيوز)