shopify site analytics
المنشد المجاهد عدي السفياني الليث اليماني في محراب الذود عن الوطن - هل ماتزال السيارات والعمارات عالقة في مياه البحر المتوسط في ليبيا - هيئة التأمينات تصرف النصف الثاني من معاش سبتمبر 2020 للمتقاعدين المدنيين - تفاعل كبير مع فيديو أسر مجندات إسرائيليات - من حضر ومن مثّل الزعماء العرب في وداع الرئيس الإيراني الراحل - مواقف روسيا والبحرين متقاربة إزاء العديد من القضايا الدولية - الاتحاد الأوروبي يهنئ اليمنيين ويؤكد التزامه بوحدة اليمن - الحسني يشن هجوما لاذعا على الانتقالي الحنوبي - عيدروس الزبيدي يدعوا إلى تقسيم اليمن والسعودية تلتزم الصمت - افراح ال المصنف بصنعاء -
ابحث عن:



صنعاء نيوز - الدكتور عادل عامر

الثلاثاء, 11-ديسمبر-2018
صنعاء نيوز/ الدكتور عادل عامر -
أن بعض الجرائم التي أصبحنا نسمع عنها في وسائل الإعلام، تكشف من خلال ملابساتها، عن تطور الفكر الإجرامي في المجتمع، و اتساع رقعته، فضلا عن تغير الوجه العام للجريمة، التي كانت في السابق تنحصر في فئة الشباب المنحرف، أو ترجع عادة إلى أسباب معروفة كالشرف أو الميراث، صورة اختلفت حاليا و أصبحت أشمل كون غالبية جرائم القتل المسجلة، لم تعد تحتكم للمعاير المعروفة، و لا للأسباب الشائعة، كما أن مرتكبيها قد يكونون منحرفين شباب، أو دكاترة و أساتذة جامعيين و حتى أطفال، أما فيما يخص المرأة فجرائمها ، موجودة منذ الأزل في المجتمع كقتل الزوج و التنكيل به، غير أنها كانت جرائم مخفية.

لا يكاد يوجد مجتمع من المجتمعات لا يتحدث فيه الناس عن الجريمة، وأسبابها، وطرق مكافحتها أو معالجتها، نظرا لانتشارها، وازدياد خطورتها على الفرد والمجتمع، والتي أصبح طابعها الجرأة والاستهتار والعنف والفساد، في حين أنه كان بالإمكان التحدث عن الجريمة من باب الاتعاظ وأخذ الدروس والعبر منها، لمحاولة منعها من الحدوث في مرات أخر.

إن السبب الرئيسي في زيادة الجرائم الأسرية هو انتشار حالات الإدمان والمخدرات بين الشباب، مما يتسبب في انهيار أسر بالكامل ويتسبب في خلق حالة العداء، حيث تؤدى المخدرات إلى زيادة العنف والذي ينتهي بالقتل، علاوة على وجود خلافات دائمة ومستمرة بسبب الميراث والطمع بين الأشقاء، مما ينتهي بالتعدي على الأب، وكذلك الخلافات والمشاجرات الدائمة، بسبب الانفلات الأخلاقي، وانعدام القيم والأخلاق.

رغم كل الإزعاج الاجتماعي والإعلامي الذي سببته القصص الاجتماعية والخلافات وإطلاق النار وسقوط ضحايا وأعمال تصاحب غضب أهالي كل مقتول، رغم كل هذا إلا أن إصدار حكم قطعي بأننا في امصر دخلنا مرحلة تعاظم غير طبيعي وانتشار كبير للعنف بين العائلات وفي كل مجال أمر يحتاج إلى تدقيق.

وربما علينا أن لا ننسى أن متابعة وسائل الإعلام من صحف ومواقع إخبارية لكل التفاصيل والتطورات ساعة بساعة شكل حالة من الشعور أن لدينا كميات كبيرة من العنف الاجتماعي يمثل نقطة تحول في مسار مجتمعنا المصري، طبعا ما نقوله لا يعني تقليلا من شأن الأحداث والجرائم والقصص التي تابعها الجميع فهي أحداث مؤسفة وتحتاج إلى معالجة حازمة وعمل كبير، لكن السؤال هل لدينا نقلة كبيرة في عدد أعمال العنف الاجتماعي والقتل والعصبية أم أن ما يجري هو أحداث ضمن إطار الأرقام العادية مع مراعاة نمو السكان والتغييرات في بنية المجتمع ومنظومة قيمه؟!

والإجابة لا يمكن إصدارها بشكل عفوي وتلقائي سواء بالنفي أو الإيجاب، لكن الانطباع الذي تشكل مؤخرا في أوساط عديدة يشير إلى أن هناك تزايدا كبيرا، لكن تثبيت هذا الانطباع وتحويله من انطباع صنعته المتابعة الإعلامية إلى حقيقة وقناعة راسخة أو نفيه وتحويله إلى وهم يحتاج منا كدولة إلى وجود دراسة علمية مقارنة بين الفترات الزمنية المختلفة مع مراعاة تطور المجتمع في منظومة قيمه وعاداته واعداده

لا بد أن تتم بشكل علمي وموضوعي وتشارك فيها جهات أمنية لديها المعلومات وجهات أكاديمية وأطراف اجتماعية، هل هنالك تزايد كبير ويبعث على القتل في أعمال العنف الاجتماعي، وهل دخل المجتمع في مرحلة جديدة أم أن هنالك تضخيما في نفوسنا وانطباعات صنعتها عوامل مختلفة جعلتنا نشعر أن المجتمع المصري لديه مسارات خطيرة في العنف.

أن هناك تضخيما لحجم الجرائم يخدم أطرافا خارجية، وهذه وجهة نظر تحتاج إلى اختبار، تماما مثلما هي وجهة النظر التي تقول إن لدينا مشكلة اجتماعية، لأن امتلاك قناعة بناء على دراسات علمية جادة وموضوعية تقارن بين الأحداث والفترات الزمنية هي المنطلق الذي منه نتحرك نحو الخطوة التالية، وهو المنطلق الذي يحدد مسارات العمل الذي علينا جميعا أن نقوم به، لأن الاكتفاء بالتشخيص على قاعدة انطباعات متناقضة بين من يرى الأمور عادية ومن يراها ظاهرة خطيرة لا يقدم شيئا

وبخاصة أن الإعلام قدم الكثير من وجهات النظر لأشخاص من أرضيات مختلفة. وحتى لا يعتقد البعض أننا نهون من الأحداث التي جرت فإننا ندعو لدراسة علمية لامتلاك الوسائل الناجحة لإدارة الملف، لكن حتى لو خرجت الدراسة بأن الأمور ضمن السياق الطبيعي فإنها تحتاج إلى حلول حقيقية أهمها إعادة الاعتبار للقانون

وأن تكون الدولة هي المرجع مع ضرورة أن يجد المظلوم في التشريعات عقوبات رادعة تنصره نفسيا وتردع من يفكر بتكرار الأخطاء. ولا بد أيضا من الالتفات إلى منظومة القيم والأخلاق في المجتمع التي تقف وراء العديد من الظواهر لأن بعض التحولات السلوكية سببها تغير منظومة القيم.

وكل هذا نحتاجه حتى لو اتفقنا على أن ما يجري ليس خارج المعدلات الطبيعية. قد اتخذت أساليب القتل والتنكيل بالجثث أشكالا خطيرة قد لا نشاهدها حتى في أفلام الرعب وغالبا ما يكون سببها خلافات بين الزوجين فككت أسرا بكاملها، جرائم القتل من أجل السرقة ازدادت هي الأخرى في الأعوام الأخيرة بشكل ملفت وخطير، فقد فارق العشرات من الضحايا الحياة بسبب طعنات لصوص الكثير منهم قُصّر،

وقد حدث جدل كبير حول دور الصحافة في العمل على زيادة عدد الجرائم وانتشارها، وحملوها مسئولية كبرى في " تزيين الجريمة والإجرام في نفوس الناس " لأنها تنشر الجريمة بطريقة سيئة ومثيرة، وتبالغ في وصف الجريمة، وكأنها ترفع من شأن مرتكبيها، مما يزعزع الثقة بمثل وقيم وعقيدة المجتمع، والصحف التي تباع في الأسواق والمواد المتلفزة خير شاهد على ذلك.

ومنذ بداية القرن العشرين أخذت الصحافة العالمية تزيد من المساحة المخصصة لأخبار الجريمة، حتى أنه ظهرت صحف ومجلات متخصصة في نشر ألوان معينة من أخبار الجريمة، ويمكننا القول أن الصحافة الأمريكية كانت القدوة السيئة للصحافة العالمية في هذا الميدان، حيث ينظر أصحابها ورؤساء تحريرها إلى هذا اللون من الأخبار نظرة تجارية بحتة، ثم جاء بعد ذلك التلفاز هذه المسألة، مؤكدا عملية تجارة الإجرام والعنف لمختلف دول العالم.

وتؤكد الدراسات الإعلامية الحديثة حول التأثير المتبادل بين الإعلام والعنف ، أن أول لقطة فنية لمشهد من مشاهد العنف كانت اللقطة القريبة التي استخدمها المخرج السينمائي ( ادوين بورتر ) عام 1903 للصٍ مخيف يطلق بندقية في وجه الكاميرا مباشرة لتستخدم كمقدمة وخاتمة لفيلم ( سرقة القطار الكبرى ) ثم زاد الاهتمام بتصوير وإنتاج مشاهد العنف تحت تأثير انتشار السينما في العالم خلال الحربين العالميتين.

كما أن منتجي البرامج وموظفي الشبكات التلفازية يرون أن برامج العنف أكثر رخصا وسهولة في إشعال اهتمام المشاهد، ويعتمد بالتالي على أنها تزيد عدد المشاهدين ، وترفع تقييم البرامج ، وقبل كل شيء تزيد في إيرادات الإعلانات الدعائية ، ويبرر أحد كبار رجال صناعة التلفزيون في أمريكا في شهادة أدلى بها أمام لجنة تحقيق خاصة بمجلس الشيوخ الأمريكي قبل سنوات قليلة ، أن زيادة برامج العنف والجريمة هي من الضرورات الفنية (التكنولوجية) التي تتطلبها طبيعة المنافسة المشروعة مع وسائل الإعلام الأخرى كالسينما والمجلات والصحف ، ويقول آخر من كبار المنتجين للبرامج التلفزيونية في أميركا أن العنف ومشاهد الجريمة ضرورة عملية لتسويق البضاعة التلفزيونية التي تحرص صناعة التلفزيون على شيوعها بين الملايين من المشاهدين . لقد أصبح الكثير من الناس لا يرتضون وجود العنف والأمور الشاذة فحسب بل صاروا يحبون ذلك ويستمتعون بمشاهدته لقد صار العنف جزء من عملية التسلية والترويح. فنحن اليوم ننشره على الصفحات الأولى من الصحف والمجلات كما وان ربع أو ثلث البرامج التلفزيونية تستخدم هذا العنف كجزء أساس في برامجها.

وليس من المتصور، أن يختار الآباء هدايا ضارة لأبنائهم كتلك التي تشيع الخوف والذعر في نفوسهم أو تسئ إلى تنشئتهم بشكل يضر بمستقبل صحتهم الأخلاقية والنفسية والانفعالية. إن هذا ما يجرى اليوم في غالبية المجتمعات المعاصرة التي أنعمت عليها منجزات العصر بهذه الآلة الساحرة التي اخترقت جدران كل بيت لتقدم إلى الناس ألوان العنف والرعب والجريمة في طبق شهي من التسلية والترويح.

وقدتم استعراض عدد من الدراسات المحكمة والتي تدلل على العدوانية المتنامية لدى الأطفال المعرضين للعنف المقروء والمشاهد في وسائل الإعلام، واتضح من خلال هذه أن الأطفال يستطيعون تقليد أعمال جديدة للعدوان والعنف المعروض في الوسيلة الإعلامية، وتركز الدراسات في هذا الجزء على الظروف والاستعدادات التي تدفع الأطفال حقيقة للقيام بهذه الأفعال العدوانية المقلدة.

فما هو مدى قوة الوسيلة الإعلامية في إحداث التغيير في هذه الاستعدادات؟ هل يمكن لبرنامج تلفزيوني يشهده الشخص من خلال الشاشة الصغيرة ان يفرض تحولا أو يحدث تغييرا كبيرا في مثل هذه الاستعدادات أو الظروف الاجتماعية والنفسية التي يتميز بها الفرد؟

الأصل أن تكون الاستعدادات التكوينية سابقة على الوسيلة، وهذا ما يحدث في حالة الأشخاص البالغين الذين تكاملت عناصر شخصيتهم الاجتماعية إلى حد كبير فما هو الحال مع الأطفال الصغار أو مع الأحداث المراهقين الذين يقفون على عتبة النضج والبلوغ؟

لكل طفل أو مراهق أو بالغ مجموعة من الاستعدادات التكوينية التي تعمل قبل، وفي أثناء، وبعد التعرض للوسيلة الإعلامية، ومثل هذه الاستعدادات تقرر نوعية الوسيلة التي يفضلها الشخص دون سواها من جهة، وما يرسخ في ذهن الشخص من المعلومات التي تقدمها هذه الوسيلة ثانيا، وأخيرا كيف يفسر الشخص هذه المعلومات، وقد أثبتت الدراسات أن الناس غالبا ما يختارون ما يقرؤون وما يسمعون وما يشاهدون وفقا لما ينسجم وميولهم وينبذون ما يخالف ذلك، كما ويبقى في ذاكرتهم كل ما يوافق هذه الميول أو لا ينسخها أو يعارضها. فالمدمنون على المخدرات مثلا لا يأبهون كثيرا لما يقال حول أضرار الإدمان بعكس أولئك الذين لا يدمنون.

وهذا يعنى بلغة علم النفس أن ما يختارون من هذه المواد لا يخلق ميولا واستعدادات جديدة، بل يقوى أو ينمى تلك الميول الموجودة لديهم بشكل من الأشكال.

إن تأثير موضوعات العنف والجريمة خاصة على الأطفال والمراهقين قد حظي باهتمام خاص من الباحثين وهو اهتمام جاء انعكاسا لقلق اجتماعي متزايد نفذ صبره أمام بطء خطوات البحث العلمي في التوصل إلى نتائج قاطعة وحاسمة بشأن تأثير وسائل الاتصال الجماهيري.

والواقع أن التلفزيون دون سائر وسائل الاتصال الجماهيرية قد تحمل الجزء الأكبر من اتهام الإعلام بنشر العنف والجريمة وأفلام الجنس، والأمور الخارجة عن عقيدة وعادات وقيم وتقاليد المجتمع، وإلا ما الفائدة التي يجنيها الفرد بل المجتمع من جراء نشر الإثارة على الصفحات الأولى من مجلاتنا كصور النساء الجميلات، وبعض العبارات التي تؤدي إلى زعزعة كيان الأسرة، والتي بزعزعتها ينشأ الطلاق، والذي بدوره يؤدي إلى ضياع وتشتت الأطفال، وهذا التشتت سيؤدي ولو بعد حين إلى ارتكاب جرائم أحداث وجرائم أخرى لا يعلمها إلا الله.

أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد

ملخصات تغذية الموقع
جميع حقوق النشر محفوظة 2009 - (صنعاء نيوز)