shopify site analytics
مفاجأة سارّة بشأن سد النهض - إسرائيليون يوجهون اتهامات إلى مصر بانتهاك "التفاهمات الأخيرة" حول رفح - خطة إسرائيلية لإدارة قطاع غزة ما بعد الحرب - هجوم إسرائيلي كبير على مصر - هانم داود تكتب: بنات وبنين وسن المراهقه - جامعة الدول العربية تتدخل لتشكيل حكومة في ليبيا - رئيس الجامعة يتفقد مراكز العزل والمرضى بمستشفى الوحدة الجامعي بمعبر - المهرجان الاول للمانجو - نزلاء الاصلاحية المركزية بالأمانة يقسو على اتحاد الشرطة - سماوي والجسار يؤكدان على أهمية تمتين الروابط الثقافية بين الأردن والكويت -
ابحث عن:



الأحد, 06-فبراير-2011
صنعاء نيوز -                                                           
لم يكن حصار صنعاء لعام 67-68 مجرد صدفة أو مجرد قطع طريق .. بل جاء بمخطط مدروس ومرسوم لإسقاط نظام اختاره الشعب,  نفذ من جانب الأعداء الذين يشنون حربا على الثورة والجمهورية حيث جاء حصار صنعاء بعد أن سقطت جميع صنعاءنيوز بقلم/العميد / عبد الإله سلام -

لم يكن حصار صنعاء لعام 67-68 مجرد صدفة أو مجرد قطع طريق .. بل جاء بمخطط مدروس ومرسوم لإسقاط نظام اختاره الشعب, نفذ من جانب الأعداء الذين يشنون حربا على الثورة والجمهورية حيث جاء حصار صنعاء بعد أن سقطت جميع الأوراق وفشلت جميع الرهانات التي وضعت من أجل إسقاط النظام الجمهوري .. المخطط الجديد الذي بقي لأعداء الثورة هو حصار العاصمة ، وسقوط صنعاء والنظام الجمهوري حتى يتمكنوا من تنفيذ مخططهم ومرامهم وبكل الوسائل الممكنة وإعادة الحكم الملكي البائد إلى اليمن حيث ظلت البلاد في قتال مند قيام الثورة من عام 62 وحتى 67 م ضد أعداء الوطن " حيث فتحت القوات المعادية ثغرات لإحباط مسارا لثورة وأهدافها التي أعلنت صباح السادس 26 والعشرون من سبتمبر واستطاع أعداء الثورة أن يغرروا ببعض القبائل في المناطق الشمالية والشرقية مما أحدثت شرخا للثورة الوليدة مما اضطرت قيادة الثورة إلى استدعاء المدد من الشقيقة مصر وبعض الدول الشقيقة والصديقة حيث كنا حديث العهد . وقواتنا غير مؤهلة للدفاع عن مولدوها الجديد ولم تكن قوات تذكر لليمن من قوات . برية . وجوية . وبحرية .. كانت القوات المصرية هي السند الأوحد والوحيد للدفاع عن الثورة والجمهورية بعد الله ولم يكن لدينا قوة تذكر سوى قلة من ما كان يسمى بالجيش النظامي أو الدفاعي الذي لا يملك شيئا من السلاح ألا السلاح الشخصي القديم حيث كان هذا الجيش مواليا للحكم الملكي أما السلاح الثقيل فكان مخبئا في قصر السلاح ( القلعة ) ولايمكن الوصول أليه وإذا وجد السلاح عدمت ذخيرته .. حيث قامت الثورة بإمكانات بسيطة جدا استطاع الثوار أن يوجدوا بعض الذخائر للدبابات والأسلحة الشخصية استعملوها في ليلة قيام الثورة .
بعد قيام الثورة بدأت قيادة الثورة بإنشاء قوات مسلحة حيث بدأنا في إنشاء قوات مسلحة واستجابا الاتحاد السوفيتي سابقا بإرسال بعض الأسلحة الثقيلة والخفيفة إلى اليمن بموجب اتفاقية سابقة حيث كانت هناك روابط بين اليمن والاتحاد السوفيتي قديمة . وبدأت قيادة الثورة بفتح المدارس العسكرية .. والمعاهد.. والتحق الشباب بهذه المعاهد والمدارس وفتح باب التجنيد وشكلت الألوية العسكرية بمختلف أنواعها, وتم إيفادها إلى مصر للتدريب على السلاح والقتال . ومن هذه ألألوية لواء الثورة , ولواء العروبة , ولواء الوحدة , وغيرها من ألألوية والوحدات العسكرية كما أوفدت الثورة بعض الضباط للدراسة هناك . حيث بدأت قواتنا تأخذ زمام المبادرة وتتخذ مواقع متقدمة بجانب إخوانهم من القوات المصرية وتخرجت أول دفعة من الكلية الحربية والتحقت بالصفوف الأولى ثم توالت الدفعات العسكرية من الكلية الحربية , وكلية الشرطة , لتكون نواة ورديفا لقواتنا المسلحة والأمن . مرت أعوام عجاف كان الهم الوحيد هو الدفاع عن الثورة والجمهورية . في هذه القترة تم افاد بعض الطلبة للدراسة إلى الاتحاد السوفيتي ( سابقا ) للدراسة الطيران الحربي والمدني . حيث كنا نفتقد إلى هذا الجانب .. واستعنا في أول الثورة بطيارين مصرين وروس وسورين مع طائراتهم للعمل معا حتى تم تخرج الدفعة الأولى من الطيارين اليمنيين واستلموا مهامهم في حماية أجوى اليمن .
في بداية العام 67 م ( كنت من ضمن الضباط الدارسين في تعز في معهد القادة ( المركز الحربي ( سابقا ) بعد أن عدت من منطقة رازح محافظة صعده والحصار الذي دام ستة أشهر مع الأخ العميد / عبد الكريم السكري ومجموعة من الإخوة الضباط منهم الأخ العميد / حسين الدفعي . والأخ العميد / عبد الهي الراعي وغيرهم من ضباط اللواء في ( قلعة رازح وحرم ) . سقطت خلالها منطقة رازح من محافظة صعده وأجزاء من المناطق الشمالية بعد حملة عسكرية وشعبية أسر خلالها العميد عبد الكريم السكري ومن كان معه من الإفراد والضباط كان هذا في عام 64م علما أن أللواء الذي حوصر معنا هو أول لواء تم تدريبه في مصر ( لواء الثورة ) بعدها عدنا إلى سلاح المشاة وحدتي الأساسية تم من خلاله إعادة تشكيل الكتيبة العسكرية التي كنت فيها لكن أمر طاري حصل في حينه وصلتنا أوامر بالتحرك إلى منطقة المحابشة محافظة حجه ولم تكن الكتيبة مهيأة للقتال حيث أن أكثر الجنود والضباط قد وقعوا في الأسر مع العميد/عبد الكريم السكري أما نحن فقد أدخلونا سجن ( القلعة ) أنا وبعض الضباط والجنود بعد محاكمة عسكرية من قبل القوات المصرية مكافأة لنا حيث اتهمنا بالخيانة من قبل القوات المصرية وذلك بعد عودتنا من منطقة رازح .. مكثنا في السجن حتى نهاية عام 66م خرجنا بعفو عام من المشير السلال .. ومن الإخوة الضباط الذين كانوا معنا الأخ / المقدم علي ألنهمي الأخ عبد الله الحرازي وغيرهم من الجنود كنا خمسة من الضباط وعشر من أفراد . التحقت بعد ذالك بسلاح الدروع أخذت على أثرها فرقة مدرعات قادة كتائب وألويه في المركز الحربي في تعز .. وفي منتصف عام 67م أي في يوليو لنفس العام. . كنت من ضمن العاملين في سلاح الدروع جاءت بعد ذلك نكسة حزيران 67م التي غيرت مجرى الأمور بكل مقاييسها في المنطقة العربية والعالمية أصبحت فردا في سلاح الدروع وخاصة الكتيبة الثانية التي كانت متمركزة أمام الكلية الحربية ( تبة رسلان ) طريق المطار . وفي هذه الفترة كانت المؤامرة على أتمها لإسقاط النظام الجمهوري حيث عقدت ألقمة العربية بالسودان وسمي بمؤتمر الخرطوم الذي كانت اليمن له النصيب الأكبر من هذه القرارات حيث أتى هذا الموتمر بقرارات منها
ا إيفاد لجنه ثلاثيه للمصالحة إلى اليمن . 2 ـ انسحاب القوات المصرية .
3 ـ عقد صلح مع القوة الملكية والنظام الجمهوري .
تم أفاد لجنة ثلاثية إلى اليمن في أكتوبر 67م مكون من ثلاث دول هي العراق, والسودان, والمغرب.. وجاءت لجنة السلام في 3 أكتوبر 67م إلى صنعاء تحمل معها قرارات موتمر الخرطوم المشئومة حيث كانت الحرب الدائرة في اليمن لازالت مشتعلة . . وبدأ الشعب بالتحرك في صنعاء وفي بعض المحافظات مثل تعز , والحديدة , والبيضاء .. ورفضت اللجنة وعادت مطرودة من حيث أتت بعد أن خرجت الجماهير في الثالث من أكتوبر 67م معلنة إصرارها على الدفاع عن صنعاء وعن النظام الجمهوري ، وعدم المصالحة مع الملكيين . حيث سقط كثيرين من الشهداء في هذه المظاهرة حيث اندس بعض العملا في المظاهرة وكان ماكان . سقط قي حينه بعض الضباط اليمنيين والجنود وأيضا سقط عدد من الجنود من القوات المصرية
عادت هذه اللجنة إدراجها من حيث أتت بعد مظاهرة عمت إرجاء اليمن من محافظات الجمهورية , بدأ التفكير بإنشاء المقاومة الشعبية والدفاع على العاصمة حيث بدأت القوات المصرية بالانسحاب من العاصمة والتجمع في م/ الحديدة .
في سبتمبر 67 م وبالتحديد العيد الخامس للثورة كانت فلول المرتزقة ، قد بدأت بالتحرك من ناحيتي صعده وحجة .. حيث سقطت صعده وحوصرت حجة البطلة وبدأ الزحف على العاصمة .. لأن مؤتمر القمة الذي عقد في الخرطوم قد حدد المسار للقوات المصرية وانسحابها من اليمن . حسب قرارات قمة الخرطوم كانت القيادة المصرية قد وافقت على سحب قواتها بزعامة الرئيس جمال عبد الناصر وعلى اثر نكسة حزيران .. بدأ المخطط يكبر حيث عملت القوات الملكية على تجميع قواتها شرقاً وغرباً شمالاً وجنوباً ، وبدأت القوات الرجعية والمرتزقة بالتمركز حول صنعاء لإسقاط النظام الجمهوري بعد أنهت كافة المخططات السابقة والتي فشل في تحقيقها سابقاً .
ومع أحداث ذلك العام من مؤتمر القمة العربي إلى نكسة حزيران إلى جلاء القوات البريطانية من جنوب الوطن في30 من نوفمبر 67م إلى أحداث أخرى ، كان المخطط يسير بمنظور عالمي مدروس من أجل إنهاء النظام الجمهوري وعودة النظام الملكي , وبانسحاب القوات المصرية من اليمن وجد الفراغ لبعض المناطق الشمالية التي كانت متمركزة عليها القوات المصرية مما أعطاء فلول المرتزقة دفعة جديدة للقيام بالالتفاف على العاصمة من اجل إسقاطها . غادرت القوات المصرية صنعاء إلي الحديدة وتم التجمع هناك لعودتها إلى مصر وذلك اثر نكسة حزيران 67م .
في هذه الفترة وقع انقلاب 5 نوفمبر 67م , ضد حكومة السلال الذي غادر البلاد إلى العراق حيث تولى قيادة البلاد القاضي عبد الرحمن الارياني ، وفي منتصف نوفمبر 67 م بدأت قوات المرتزقة بالتحرك ضمن المنطقة الشمالية والشرقية .. ويأتي هذا التحرك في بداية وضع كماشة على صنعاء من الغرب والجنوب والشمال . أما لشرق فقد كانت أكثر المناطق بيد العميل قاسم منصر من أول وهلة لقيام الثورة .
في حيينها كنت أنا ضمن ضباط وأفراد الكتيبة الثانية المرابطين في ( تبة رسلان ) وممن أذكرهم من الإخوة الضباط الأخوة / علي عبد الله صالح . أمين دماج . عبد الكافي محمد عمر , عبد الرحمن حمزة , يحي مشراح , احمد ألعبيدي وآخرون لم أتذكرهم وأما الأخوة / المقدم علي المنصور , ولطف سنيين ، وحسين خيران , وآخرون فقد كانوا قادة للكتيبة التي كنت ضمنها على طريق المطار في ( تبة رسلان ) في منتصف شهر نوفمبر وصلتنا معلومات بأن هناك تجمع في منطقة أرحب والمنطقة الشمالية . قمنا بالتحرك إلى منطقة بني الحارث بدبابتين ومصفحة للتأكد من المعلومات التي وصلتنا بان هناك تحرش قائم من الملكيين شرقا وشمالا، وتم التحرك للتأكد من تلك المعلومات التي وصلتنا .. تأكدنا من هذه المعلومات بأنها صحيحة وان القوات الملكية توزع بعض الأسلحة والنقود على بعض القبائل .
عدنا بعدها لتجهيز الكتيبة وإبلاغ القيادة العامة بذلك حيث عملنا على جمع المعلومات من خلال استطلاع قامت به الكتيبة
2ـ قطع طريق الحديدة :
ترددت الأخبار عن قطع طريق الحديدة وأن القوات التي كانت متمركزة في بني مطر والحيمتين من قوات المظلات والصاعقة قد انسحبت ولم يبق سوى بعض أفراد من المدفعية المرابطة في بني مطر ودبابتين ، وبداء الناس بالتخوف من هذه الأخبار داخل العاصمة ،وبدأ كل فرد يعمل حسابه لما يتوقع . وما قد يحصل . وخا صه عندما سمع المواطنون بتلك الأخبار المزعجة .
بدأ الرحيل من العاصمة عن طريق صنعاء تعز التي لم تقطع من قبل الملكيين ، وبدأت بعض الإذاعات العربية والصحف تروج لهذه الأخبار وأن صنعاء ستسقط خلال 24 ساعة وذلك عن طريق إذاعة الملكيين وإذاعات عربية أخرى والإشاعات من الداخل ، في هذه الفترة قطع طريق الحديدة ، بعد انسحاب قوات الصاعقة والمظلات من بني مطر والتمركز في مناطق حول صنعاء .
جاءت الإخبار لتوكد صحة المعلومات التي وصلتنا بدأنا نعمل ألف حساب لما قد يحصل .
3 ـ قطع طريق تعز وصعده:

بعد ما تمكنت الملكية من قطع طريق الحديدة قطعت أيضاً طريق تعز وصعده ، وذلك عن منطقة نقيل يسلح حيث تم قطع الطريق المؤدية إلى صعده شمالاً من نقطة الأزرقين ومن هنا أحكمت الكماشة على صنعاء من جميع الاتجاهات حيث سقط الجبل الطويل والمنطقة الشرقية بيد المرتزق قاسم منصر أما بعض الجبال الغربية المحاذية للعاصمة صنعاء . مثل جبل نقم فقد تمركزت عليه الكلية الحربية بدفعاتها السادسة, والسابعة . والثامنة مع جميع ضباط الكلية ومن الدفعات المختلفة وبعض من إفراد المظلات والصاعقة أما جبل براش فقد تمركز عليه لواء النصر الذي ظل في موقعه إلى نهاية الحصار .
وبدأ القصف المدفعي والصاروخي على العاصمة حيث شمل القصف الإذاعة والقصر الجمهوري ومصنع الغزل والنسيج ومدرسة المظلات و منطقة شعوب وذلك بعد سقوط الجبل الطويل وبعض الجبال الغربية والجنوبية من العاصمة حيث بدأ القصف على العاصمة لثلاثة اتجاهات:

أ ـ ضرب مصنع الغزل والنسيج عن طريق بني حشيش
ب ـ ضرب مدينة صنعاء القديمة عن طريق سواد حزيز
ج ـ قصف مركز على القصر الجمهوري والإذاعة عن طريق حده
4ـ المقاومة الشعبية :
في هذه المرحلة التي تجلت لكل المسولين والمواطنين أن العاصمة والنظام الجمهوري على وشك السقوط وان العاصمة في خطر أصدرت القيادة العامة قرارا بإنشاء المقاومة الشعبية ( من العسكريين والمدنيين ) وتعيين رئيس لها ومقرا لها .. استدعي المواطنين لالتحاق بالمقاومة الشعبية وتسليحهم بالبندقية التشيكي وعلى اثر ذلك شكلت المقاومة قطاعات على النحو التالي :
د ـ قطاع العمال والطلبة .
ه ـ قطاع الموظفين .
و ـ قطاع الحرف الحرة .
وتم اختيار ضباط لتدريب هذه القطاعات ، وتشكيل قيادة عسكرية وقيادة مدنية وذلك من صفوة الضباط وكانت القيادة العسكرية بقيادة العميد المرحوم / غالب الشرعي كقائد عسكري و المدنية برئاسة الأستاذ المرحوم / عمر الجاوي . عملت رئاسة المقاومة تحت شعار واحد ( الجمهورية أو الموت ) على أن تكون المقاومة رديفا للقوات المسلحة والأمن والقوات الشعبية وحراسة المدينة من أي اختراقات من قبل القوات المعادية . وكان التدريب على النحو الأتي :
ز ـ مصنع الغزل و النسيج ، ومدرسة المظلات ، لأفراد المصنع والقاطنين لمنطقة شعوب
ح ـ الطلاب والعمال والحرف الحرة بمدرسة جمال عبد الناصر .
ط ـ الموظفين وبعض القطاعات في مجلس الشورى (النواب).
وتتغير أماكن التدريب من حين لآخر، نتيجة لما كان يركز العدو للضرب على هذه المناطق المذكورة
حيث كان التدريب في مدرسة جمال عبد الناصر ومقر مجلس الشورى ( النواب حاليا )
5ـ حراسة صنعاء:
بدأت تشكيل قطاعات للحراسة للمحافظة على المنشآت الحيوية مثل الإذاعة والكهرباء في العاصمة وكانت الحراسة على النحو التالي:
أ ـ قطاع الموظفين وبعض الطلبة على المصالح الحكومية .
ب ـ الطلاب في الشوارع والمدارس والحارات .
ج ـ العمال والحرف الحرة في مدينة صنعاء القديمة .
حيث يتم تبديل الخدمات بصورة منظمة ليلية وحسب الخطة المعدة من قبل عمليات المقاومة الشعبية.
6ـ المواد الغذائية والتموينية :
بعد أن أحكم الحصار على صنعاء ولم يكن هناك أي وسيلة للخروج تم تشكيل لجان تموينية من رئاسة المقاومة و الطلبة والموظفين لتوزيع المواد التمونيه على المواطنين بالتعاون مع وزارة الاقتصاد . وكان المسئول الأول الأخ المرحوم / سيف أحمد حيدر ،وبعض موظفين التموين والطلبة من أفراد المقاومة حيث تم تقسيم العاصمة الى احياء يتم توزيع الجاز والمواد الأخرى مثل السكر والدقيق على الحارات التي تم إعدادها وفرزها من قبل المقاومة الشعبية .


7ـ سقوط عيبان وظفار والنهدين :
في نهاية 67م سقط كل من جبل عيبان وجبل ظفار وتبتي النهدين في المنطقة الغربية والجنوبية وبدأ الضرب يتمركز على الإذاعة والقصر الجمهوري والمطار الجنوبي والشمالي وبعض أحياء من مدينة صنعاء القديمة ، وبدأ الذعر يدب في نفوس الناس بعد هذه الأخبار الغير سارة وهذه القصف المركز على العاصمة وضواحيها وبسقوط هذين الجبلين المهمين زاد الذعر بين المواطنين ،
في هذه الحالة توقفت إذاعة صنعاء عن البث للمرة الثانية بسبب القصف المركز عليها . حيث قامت المقاومة الشعبية برئاسة المرحوم غالب الشرعي بالتوجه للإذاعة وبناء أكياس من الرمل على المولدات بعد ضرب الأستوديو الذي كان يتم منه الإرسال وبعض المحركات الكهربائية وتم إصلاح الخلل ، وفي هذه الحالة أذاعت إذاعة الملكية أن صنعاء على وشك السقوط بعد ضرب الإذاعة وتوقفها عن البث لمدة أربع ساعات وتناقلتها إذاعات عربية كانت معادية . لكنهم لم يفلحوا فقد تم ربط إذاعة صنعاء وتعز في صوت واحد .. باسم إذاعة الجمهورية العربية اليمنية ,
الوقود :
كانت مدينة صنعاء تمر بأزمة خانقة من قلة الوقود لمحطتي الكهرباء والإذاعة وبعض السيارات المستخدمة للأغراض العسكرية والإسعافات الأولية حيث كان الضرب يتمركز كثيراً على هاتين المؤسستين حيث تم نقل المواد البترولية وغيرها إلى أماكن مضمونة وجعلها في خدمة لهاتين المؤسستين فقط ، ولقد كانت لمحطة العولقي دورا في الاحتفاظ ببعض الوقود كما مرت صنعاء بأزمة خانقة بالمواد التموينية وخاصة بعد سقوط عيبان والنهدين بدأ الموقف يتأزم حيث قامت قوات من بعض الألوية مدفعية ، أمن مركزي ، وأفراد من المقاومة باسترداد النهدين من أيدي المرتزقة في خلال أربعه وعشرون ساعة
الضرب على الروضة واحتلال التباب المتاخمة لنقم وبرش
في هذا الوقت العصيب قامت قوات مرتزقة باحتلال التباب المتاخمة لجبل نقم ووضع بعض الكمائن للتصدي لقواتنا التي تمون برش ونقم وقطع الطريق عليها من ظهر الحمار ، وقطع الطريق من باب شعوب شرقاً .. وتم إحكام هذه المنطقة وكانت القوات المرابطة في مطار الرحبة من طلبة كلية الشرطة وبعض الوحدات من مدفعية ومدرعات . أما نقطة الأزرقين فكانت خليط من قوات مختلفة . وستطاع طلبة كلية الشرطة إن يتصدوا لهجوما شماليا من قبيلة أرحب أما جبل براش وبعض المواقع فقد قطع عنها التموين تماماً بسبب الحصار المفروض عليها ، لكن قوات من أفراد المظلات وقبائل من أفراد الشيخ عبدا لله دارس تصدت لذلك وتم فتح المنطقة واحتلال التلال الشرقية عن طريق قرية الدجاج ومنها ما يعرف ألان بتبة دارس حالياً ،
احتلال بعض المواقع :
كلفت الكلية الحربية وبعض الوحدات من الصاعقة والمظلات بالهجوم على دار الحيد ومنطقة الجرداء التي كانت خطرا على مواقعنا و بإسقاط المدفع الذي كان عند موقع ألحفاء والجرداء ، وكلفت فصيلة من لواء النصر بقصف المدفع الذي كان عند مدخل بني حشيش .. وكانت العملية صعبة حيث تم التضحية بأفراد من الصاعقة والمظلات وتم احتلال المدفع وعودة المجموعة المهاجمة بعد أن ضحت بشهيدين ..

الهجوم المكثف على صنعاء ..
لم يفلح ذلك الهجوم الكبير على العاصمة رغم الضرب المكثف على المدينة والأحياء السكنية بالذات بل كان هناك هجوم على جميع المحاور من الشمال الشرقي والجنوب الشرقي والغربي والشمالي أيضاً قامت قوات الملكية بالقصف المركز على كل من مدرسة المظلات ومصنع الغزل والنسيج وقصف أخر على نقم وبراش وقصف على المدينة والإذاعة والقصر الجمهوري هذا لقصف استمر ست ساعات
وعلى أن يتم الهجوم من جميع المحاور.. جاءت هذه المعلومات بعد الظهر الثاني وعشرون من ديسمبر لعام 67م وكانت القوات الجوية قد انتقلت إلى الحديدة كمقر لها هناك بعد أن تعرض مطار الرحبة للقصف وكان الاتصال بين الحديدة وصنعاء مقطوعا تماماً ولم يكن هناك إمكانية للتواصل معهم .
طائرة الدش التي أنقذت الموقف .
وصلت إلى صنعاء طائرة دش قادمة من الحديدة تقل جنودا وذخائر من المحافظات تعز و الحديدة إلى مطار الجراف وتم التركيز عليها بالضرب من الجبل الطويل وتوقفت محركاتها .. وتم دفع الطائرة حتى عملت محركاتها .. وحلقت بالجو .. ومن سوء الحظ أن مطار تعز لم يكن معدا للنزول.. عاد الطيار إلى صنعاء وأمر بالهبوط مهما كان الموقف فهناك أمر يجب إبلاغه إلى القيادة في الحديدة عادت الطائرة وأفرغت حمولتها من مواد تموينية وجنود رغم الضرب على المطار ثم اتجهت إلى الحديدة وأبلغت القيادة هناك بأمر الهجوم المرتقب على العاصمة من جميع الاتجاهات . لم نعلم في أي ساعة سيتم الهجوم على صنعاء وهذا من اخطر المواقف . قامت القوات الجوية من الحديدة وتم ضرب المناطق التي حددت لها ، كانت صنعاء ذلك اليوم تعيش عرساً جميلا والمواطنون يشاهدون القنابل المضية و الكاشفة التي كانت تسقطها القوات الجوية , تم الضرب على مواقع العدو شرقا وغربا ومن هنا فشل الهجوم المتوقع على العاصمة الذي كان متوقعا فيه سقوط العاصمة .حيث كان الهجوم الاكثر ضراوة عن طريق عصرا لممر الأسهل لاختراق قواتنا .

شعار الجمهورية أو الموت
الفضل يعود إلى الله ثم إلى سيارة الشئون العامة التي كانت تخرج من وقت إلى أخر لشد أزر الجماهير بالأناشيد القومية والوطنية حتى أن بعض المواطنين عندما كان يشاهدون أو يسمعون صوت السيارة يهرعون ورائها في أرجاء المدينة حاملين أعلام الجمهورية وشعار "الجمهورية أو الموت" الذي كان شعار الوطن كله ، فعندما احتلت قواتنا المدفع الذي كان يضرب على صنعاء عن طريق الحفاء والجرداء خرجت الجماهير يومها تهلل وتكبر لهذا النصر .. وكان لهذه السيارة دورا مهما في إنعاش الجماهير.. وحملت الجماهير المدفع على أعناقها .. وكانت الفرحة .. إلا أن الفرحة تحولت إلى مأتم حينما قذف المدفع الجديد الذي جلبه الملكيون إلى منطقة حدة دفعات جديدة من الصواريخ على أحياء العاصمة حيث تمكن المدفع من قتل مجموعة من المواطنين في باب اليمن.
قرد المقحفي
المدفع اللعين هذا اليوم 25 ديسمبر لعام 67م لم يعرف اتجاهه بعد كسر الهجوم الذي كان على صنعاء في الليلة البارحة.. ودحر فلول المرتزقة . فعاود المدفع الضرب ولكن ليس في مكان محدده فقد وزع ضرباته إلى كل مكان من مدينة صنعاء القديمة, وباب اليمن , الحي الإذاعي , والقصر الجمهوري , وبعض المدارس , ووزارة الداخلية , التي هي الآن "المتحف الحربي". واستطاع أن يصوب بعض الأهداف والمباني السكنية في التحرير وشارع علي عبد المغني.
كنت أسكن خلف وزارة الداخلية مع بعض الزملاء في منزل الأخ / عبد الله المقحفي وكان زجاج النوافذ قد تكسرت من شدة الضرب الذي انهال على وزارة الداخلية والقصر الجمهوري ، وكان للمقحفي قردا أستغل عدم وجود أحدا في المنزل فتسلل إلى داخل المنزل الذي نسكنه بعد أن كسرت زجاج نوافذه فعبث في ملابسنا وأخذ بعض التموين الذي كنا نحتفظ به مثل السكر والشاي والذي كان معدوما في صنعاء ، والتي أحضرهــا الأخ / عبد الله الظرافي من أديس بابا , لأنه كان يعمل مع شركة الطيران اليمنية كان يوما عبوس الأخ عبد الله الظرافي الذي ظل يطارد القرد الذي سلب حاجاتنا من سكر وشاي وتبرز فوق ملابسنا قال : سأقتله ظل يبحث عليه في كل مكان .
احتلال عيبان :
جاءت الأنباء من القيادة العامة بتحرك احمد عبده ربه العواضي وقبائله وبعض القوات إلى الحيمتين قادمين من الحديدة مع حملة عسكرية كبيرة بقيادة العميد / عبد اللطيف ضيف الله .. وفي تلك الليلة تم نقل مجموعة من الجنود من كل الألوية لاحتلال عيبان الذي سقط بيدي الملكيين ومحاصرة القوات التي في منطقة متنه ( بني مطر ) كان ذلك في بداية شهر فبراير لعام 68م
تجمعت بعض القوات من جمع الفصائل إلى عصر ثم إلى متنه لاستقبال القوات القادمة من الحديدة ، وتمكنا من احتلال جبل ( عيبان ) كانت الحملة بقيادة رئيس الأركان الأخ / النقيب الشهيد عبد الرقيب عبد الوهاب حيث تم احتلال التلال المتاخمة لجبل عيبان وجبل ظفار والتلال المتاخمة لبني مطر
بدأ الهجوم في حوالي السادسة صباحا ًمن يوم الخامس عشر من شهر يناير لعام 68م .. لكن المدفع الذي كان مختبئاً في منطقة حده تمكن من قصف مدينة صنعاء . دون هوادة ولم يعرف مكانه . كان يضرب على حي الإذاعة والقصر الجمهوري وشارع علي عبد المغني وباب اليمن ويفرغ حمولته ويصب غضبه بعد سماع بوصول القوات إلى جبل النبي شعيب وانضمام بعض قبائل بني مطر إلى هذه القوات .
احتلال بيت بوس وزبطان وحده :
بعد الهجوم على عيبان وظفار كما قلت : ظل المدفع يضرب على المدينة وبصورة عشوائية لا يفرق بين حي وأخر . وقد استغرب أكثر الناس لضرب المدفع بعد السماع بوصول القوات إلى بني مطروكان الضرب على أماكن متفرقة حيث كان الضرب طول النهار ولم يقتصر على الساعات التي يعرف بها والمحددة للضرب .في 7 من نوفمبر 68م تم مهاجمة حدة والمناطق المجاورة عن طريق ظفار وعيبان بمجموعة صغيرة كان يقودها الشهيد عبده قاسم الحبيشي رئيس عمليات المقاومة الشعبية في حينه .. وكنت بجانبه من المساء وحتى الظهيرة لليوم الثاني ، حيث تم اكتشاف الموقع الذي كان يضرب منه المدفع وتمت مداهمته ، وأحضرت سيارات لسحب المدفع الذي كان يضرب على العاصمة مع الذخائر التابع له من حدة حيث وجد في المكان نفسه موتور كهربائي صغير وصور للعملاء من غير اليمنيين وبعض علب السجائر من نوع كنت ورسائل فيها أوامر من نائب الإمام يحثهم على مواصلة القتال . كما وجد في الموقع خيم تشبه الأشجار تماماً .. كان من ضمن الحاضرين الذين سحبوا المدفع الأخ الصحفي المرحوم / محمد الزرقة وبعض الزملاء وتم نقل الذخيرة من الجروف إلى صنعاء ثم الى المتحف.
في هذه اللحظة خرجت النساء لنقل الذخائر بعد أن سمعت الأخبار بأن قوات الجمهورية قد دخلت المنطقة وانتصرت ضد الملكية ، خرجن تهلل وتكبر وهن يحملن ( الدانات ) الذخائر على رؤوسهن من جروف حدة . التي تكفي لضرب صنعاء ستة أشهر . تم سحب المدفع إلى الطريق الترابي إلى صنعاء واستغرق سحبه حوالي ست ساعات كاملة ، حيث إن الطريق كانت غير معبدة هدأت المدينة من الضرب المدفعي في تلك الليلة ، بعد احتلال التلال المتاخمة من حدة وبيت بوس وزبطان .
توقف القصف المدفعي على المدينة
في هذا اليوم خرج الناس في أمان كامل لقضاء حوائجهم، طفنا بالمدفع في أرجاء المدينة كان المدفع كبيرا ومن عيار 106 أمريكي صنع عام 64م يقذف ثلاثة أنواع من الذخائر، صاروخي. وعادي . ومتفجر . في مدى معين بشكل شظايا في الجو حتى يحدث أكبر خسائر من الأفراد .
عاشت صنعاء تلك الليلة في هدوء تام ، نامت كما ينام الطفل الرضيع في صدر أمه 8 من فبراير 68م خرج الناس رجالا ونساء وأطفال لاستقبال قواتنا المسلحة القادمة من المنطقة الغربية عن طريق الحديدة . استقبلت الجماهير قواتنا المسلحة والشعبية القادمة من الحديدة برئاسة قائد الحملة العسكرية العميد/ عبد اللطيف ضيف الله و مع قوات الشيخ أحمد عبد ربه العواضي الشعبية وتم فتح طريق الحديدة بعد أن أكملنا تصفية الجيوب والطريق المؤدي إلى عصر ، واحتلال عيبان وظفار وحدة والنهدين .. وبدأت القوافل تصل إلى صنعاء من الحديدة .. وتم نقل المواد التموينية عبر الطريق التي تم فتحها ، وتصفية الجيوب المتبقية في الأماكن التي لا زالت تسيطر عليها قوات رجعية ومرتزقة مثل جبل النبي شعيب وغيره ، حيث بقيت طريق تعز مغلقة لوقت كبير حيث تحركت قواتنا المسلحة عن طريق يسلح يعاونها قوات من العاصمة لفتح طريق تعز ، كان التجمع في سواد حزيز والاتصال بالقوات المتمركزة في أسفل النقيل لشن هجوم لفتح طريق تعز .
نقم يعانق عيبان
في هذا اليوم الذي فتح فيه طريق الحديدة 8فبراير 68م تم تصفية الجيوب المتبقية من الملكيين .. تعانق عيبان ونقم حيث أشعلت النيران بين نقم وعيبان وظفار وارتفعت روح المقاتلين قوة رغم برودة الجو .. لكن الطريق الجنوبي والشرقي لا زالت مقطوعة ( قواتنا المسلحة تتقدم إلى نقيل يسلح وقوات أخرى من يسلح قادمة من معبر ) ، ظل الوضع كما هو حيث واجهت قواتنا المسلحة تجمعات قوات ملكية لصد الهجوم القادم لقواتنا والتي كانت متمركزة في النقيل وسواد حزيز لفتح طريق صنعاء تعز .
طريق تعز صنعاء.
القوات لا زالت في معبر حيث كانت من جميع الشرائح . تم إعادة تشكيلها وإسناد المهمة لها بالتوجه إلى يسلح ، مع قوة من صنعاء لفتح الطريق .. لكن المقاومة كانت شرسة والمدافع الملكية زاد قصفها على المواقع لتفريغ حمولتها على الجبال المتاخمة للنقيل لصد الهجوم والثغرة التي أحدثتها قواتنا في صفوف الملكيين عند جبل حرة ، بعد هذا الجيب الذي أحدثته قواتنا في صفوف الملكية قامت القوات الرجعية بالالتفاف حول نقم وبرش لكن قواتنا من الكلية الحربية ولواء النصر كانوا في يقظة تامة حيث قاموا باحتلال المدفع الذي كان يضرب على المطار الشمالي على طلبة كلية الشرطة والقوات المرابطة هناك . كان الضرب من منطقة بني حشيش وكسر هذا الهجوم حيث دخلت قوات عن طريق الأزرقين واحتلال التباب التي في بداية بني حشيش ،وكانت قوات المرتزقة تقاوم أشد مقاومة بعد فتح طريق الحديدة ، حيث حاولت التقدم لقفل الطريق مرة ثانية لكنها فشلت .. قامت مجموعة لنسف جسر عصفرة وقطع الإمداد على قواتنا المتقدمة ، حيث تمركزت قوات من جماعة الشيخ أحمد علي المطري وأخرى من القوات الشعبية والقوات المسلحة وتم تمشيط المنطقة ، وفر العملاء الأجانب والمرتزقة إلى الناحية الشرقية حيث يوجد ابن الحسن هناك . وقام سلاح المهندسين بإصلاح الجسر المعطوب .
قوات على طريق تعز:
تشكلت قوة من جميع المحاور ، مدرعات ، مدفعية ، مظلات ، صاعقة ، مشاه ، أمن قوات شعبية , والمقاومة ، واتجهت إلى منطقة حزيز برئاسة الفريق / حسن العمري وتم التنسيق مع القوات التي كانت متواجدة في معبر ، حيث تم محاصرة القوات الباقية من الرجعية والمرتزقة والملكية ، في هذا الوقت قامت القوات الجوية بالضرب المكثف لتسهيل مهمة القوات المتقدمة .
هناك قبائل من رداع وغيرها من القوات الواصلة من المحافظات تعز , وأب , والمحافظات الجنوبية التقت بالقوات المتقدمة من صنعاء وتم فتح طريق تعز ، وتم مطاردة بقية القوات الملكية حيث خلفت وراءها أسلحة وذخائر كانت كافية لحصار صنعاء لعام كامل .


حادثة مطار الجراف :
بعد أن فقدنا مطار الرحبة بسبب الضرب المركز على المطار الجنوبي.. استعملنا مطار الجراف وتم الإنزال هناك وكانت الطائرة تختفي خلف المبنى الطيني الموجود حالياً بجوار الحديقة . وقد حاول أكثر من مرة المدفع الذي كان في اتجاه بني حشيش ضرب أي طائرة تهبط في مطار الجراف
وأخيراً استعمل مطار بجانب شارع الستين المؤدي إلى عصر وقد انزل فيها الطيران مرتين بقيادة الطيار القباطي وجوهر، ولم يكن صالح للاستعمال لأن الضرب تركز على جميع المحاور ، ولم يستطيع الطيران بالنزول إلا بعد فتح طريق الحديدة ، وإصلاح بعض الممرات التي خربت جرى الضرب في مطار الرحبة . حيث كان الطيار (القباطي ) و الطيار ( جوهر ) من أشجع الطيارين المدنيين في تلك الفترة .

الطيار الديلمي :
هدأ القتال قليلاَ عند المحور الشرقي وتنفست صنعاء الصعداء القوات المتواجدة في هذا المحور قامت بالزحف نحو الجنوب .. لكن القدر لا ندري ما يخبئ لنا كانت هناك مناوشة عند المحور الجنوبي الشرقي حيث كان ابن الحسن موجودا هناك فاستدعيت القوات الجوية لضرب المنطقة الجنوبية الشرقية التي وصلت معلومات إلينا بأن هناك جيوب مرتزقة في هذه المنطقة تحاول السيطرة على الموقف وجمع شتاتها ، حيث قام الطيار ( محمد الديلمي ) مع مجموعة من الطيارين بالضرب بطائراتهم على المنطقة المحددة ، وأثناء الرجوع أصيبت طائرته وأعطى الأمر بالهبوط بالمظلة ونزل بين السواد والجرداء ونزل الطيار الديلمي في مظلته وكان أقرب للقوات المرتزقة منا ، لكن القدر أقوى حيث أخذ حياً رغم الدفاع المستميت الذي واجهناه من الملكيين في المنطقة حيث أن قواتنا في هذه المنطقة كانت عبارة عن دبابة وطقم ومصفحة واحدة وبعض السيارات التي كانت تستخدم كأطقم ، قتل الطيار الديلمي وشوه به .. وبعد طرد المرتزقة من المنطقة تم دفنه في مقبرة الشهداء .

لغم .. وحمار عند باب اليمن :
بدأ المدفع بالضرب على المناطق التالية . القصر الجمهوري . باب شعوب . والحي الإذاعي وبعض مناطق من صنعاء القديمة ، وفي هذا اليوم لم يقوم المدفع بضرب كعادته . لكن دوى انفجار عند باب اليمن
قالوا : أن المدفع عاود للضرب بعد أن دمرته قواتنا المسلحة ، لكن الانفجار كان سبب لغم وضع في باب اليمن على ظهر حمار ، ولم يجدوا سوى حمار قد تجزأت أشلاءه بين الضحايا ، فقالوا : أن أحد المرتزقة هو الذي أدخل هذا الحمار وكان اللغم فوق ظهر الحمار ، وقد تكون مادة ( تي أن تي ) وليس لغم ، وبدأت الدوريات بالتحري على كل من يدخل ويخرج من باب شعوب لأن المنطقة كانت مفتوحة تماماً
الطيار الربيعي:
في الخط المقابل الجهة الشمالية في منطقة أرحب وفي المحور الشمالي ، سقط الطيار سعد الربيعي كما سقط الطيار الديلمي شهيداً للواجب كنت خارج المنطقة لإعداد أفراد المقاومة الشعبية اللذين سيكونون في الجهة الجنوبية لصنعاء عدت بعدها إلى مقر المقاومة لحادثة استشهاد الطيار الربيعي فقلت شهيد جديد ينضم إلى قافلة الشهداء .


بيت الشماحي :
في الصباح الباكر كنت خارجاً من منزلي الذي أسكنه بجوار مبنى الداخلية ( المتحف الحربي حالياً ) لتناول طعام الإفطار ، شاهدت جموع من الناس متجمعين ومتجمهرين عند بيت القاضي الشماحي ، قال لي أحدهم : لغم في الفتحة وأن الفتيل بدأت يشتعل ، أخذت ماء اطفي الفتيل وبعض الناس أخذوا بعض التراب وراح يطفئون الفتيل فلم ينفجر وكان عبارة عن مادة : تي أن تي ( بشكل عجينه
تفرق الناس حتى لا يحصل ما لا يحمد عقباه أو تنفجر المادة رغم أن الفتيل قد اطفي.. قال أحدهم أن صاحب موتر سيكل قد وضع ذلك في فتحة الحوش ، فاتصلت بالأخ / عبد الواحد السياغي مدير الأمن في حينها وأخبرته بالموضوع فوضع حراسة على المبنى ، فذهبت إلى سلاح المهندسين واستدعيت أحد الأخوة وقام بتعطيل مفعول المادة وكانت هذه المادة معدة لنسف بيت القاضي الشماحي التي بقرب القصر الجمهوري .
مطاردة في قرية الدجاج :
اليوم المعلومات التي وصلتنا أن فلول المرتزقة دخلت قرية الدجاج قرب شعوب والتي تبعد عن شعوب حوالي اثنين إلى ثلاثة كيلو متر ، جلسنا هناك قرب (تبة رسلان ) أنا والأخ /المرحوم حمود ناجي قائد المظلات وقائد المحور الجنوبي وبعض من الإخوة الضباط نراقب الموقف بعد أن أرسلنا مجموعة من الجنود للاستطلاع المنطقة بالزى المدني ، عادت قوات الاستطلاع لتخبرنا بالموقف , قواتنا التي نملكها جماعة مظلات مع أسلحتهم الفردية ودبابة واحدة عيار 34 ومصفحة واحدة وعدد من الجنود المشاة ، تم مفاجئة العدو الذي تسلل إلى القرية بالضرب على المنطقة . كان الموقف صعبا جدا استعنا ببعض القوات من قوات شعبيه ومقاومة وتم مهاجمة القرية , أسر عدد من الذين دخلوا القرية عن طريق بني حشيش يحملون معهم أسلحة خفيفة ويوزعون للقبائل مبالغ من الذهب للقبائل التي غررت بهم ولكن ظلت القرية متماسكة وطرد ما تبقى من المرتزقة واحتلال التلال التي كانت قرب القرية عن طريق قبائل الشيخ / دارس وسميت بعد ذلك تبة دارس ، وبذلك تم تصفية ما تبقى من جيوب المرتزقة الذين كانوا متواجدين في منطقة بني حشيش وبني بهلول ومنطقة الصمع والأزرقين والسواد وغيرها من المناطق المتاخمة وبالمقابل الاخرتم فتح طريق تعز ، وتجمعت بعض القبائل مع مشايخها ودخلت صنعاء للتأكيد والتأييد لولائها للثورة والجمهورية وهكذا انتصرت صنعاء على الحصار الذي فرض عليها من قبل الأعداء . هذه بعض الإحداث في هذه المقدمة وسيتم التفصيل في حلقات مفصلة عن كل منطقة من مناطق الحصار وبشكل حلقات في هذا الكتاب .
ملاحظات ..
1- المقاومة الشعبية
لقد لعبت المقاومة الشعبية أيام حصار صنعاء دورا بارزا و أساسيا لحماية مكاسب الثورة والجمهورية ( وذلك بحراسة الشوارع و المنشات الحكومية والمؤسسات صباحا والحراسة ليلا ) كما شاركت في القتال بجانب القوات المسلحة والأمن في الخطوط الأمامية وكانت الدرع الواقي من أي اختراقات داخلية ولقد استكمل فعليتها من خلال مشاركتها الفعلية في الالتحاق بالصفوف الأمامية ولقد استشهد الكثير منهم في ميادين القتال بجانب قواتنا المسلحة .



2– دور البندقية التشيكي .
كان للبندقية التشيكي دورا مميزا فلقد كان هو السلاح الوحيد الذي تمتلكه المقاومة إثناء الحصار علاوة على القنبلة اليدوية . فكان للبندقية التشيكي فاعلية أساسية ومميزة . كونه بسهل حمله الضرب عليه .
3- دور المرأة في حمل السلاح
لقد كانت للمرأة دورا مميزا في حماية الثورة والنظام الجمهوري وذلك من خلال وقوفها بجانب الرجل سوى في المنزل او العمل او في المصنع وقد وقفت المرأة تحمل السلاح وتدريب عليه لحماية المنجز الوحيد ( مصنع الغزل والنسيج ) وقدمت المرأة التضحيات في سبيله فلقد سقطت المرأة شهيدة في سبيل هذا المنجز بجانب أخيه الرجل
لقد لعبت المرأة دورا رئيسا سوى في المصنع وغيره من أماكن الحصار . وفدمت العون من خلال ماوفرته من زاد للرجال المرابطين في العاصمة . وساعده الجنود في نقل المياه والذخائر إلى المناطق الأمامية كما عملت المرأة عند دحر العدو في منطقة حدة وبإعطاء معلومات لقواتنا المسلحة والمقاومة الشعبية عن موقع المدافع والذخائر المتبقية في الجروف فحملت الذخائر من الجروف إلى السيارات .
4- دور الإشارة
كما لاننسى دور الإشارة التي كانت عصب المعركة في أيام الحصار فكان لها الدور المناط بها وذلك من خلال ربط المواقع بعضها ببعض وكانت عصب المعركة كما هو المثل :
5- نشرة المقاومة والبرنامج الإذاعي :
كان لنشرة المقاومة والبرنامج ألاذعي دورا مميزا من خلال نشر الأخبار التي تنشر . والبرامج الذي يذاع وتكذيب مايقال عن الحصار وعن صنعاء الصامدة من الإذاعات المعادية . فلقد قصمت تلك النشر ظهر البعير . وأعطت وضوحا لكل الإحداث التي كانت تمر يوميا أثناء الحصار ,


6-القوات الجوية ودورها المميز
لقد لعبت القوات الجوية بطياريها وملاحيها دورا مميزا في الدفاع عن صنعاء من خلال الضرب المركز على مواقع العدو أو من خلال الإنزال الجوي الذي كان بمثابة الغذى اليومي فلقد كلف كثيرا من الجهد والعناء وأيضا من الضحية ليس للعاصمة ولكن لبعض المحافظات مثل حجة المحاصرة وغيرها من المناطق الأخرى
ملاحظات حول كتاب حصار صنعاء :
في الصفحة 34 من كتاب حصار صنعاء الصادر عن مركز الدراسات والبحوث اليمني . ذكر بعض الأخوان أنني كنت في تعز قائد للمقاومة الشعبية ، لكن الصحيح أني كنت في صنعاء في سلاح المدرعات واستدعيت لتدريب قطاعين الطلاب والعمال في المقاومة ، ومسئول عليهم مسئولية تامة في التدريب والحراسة وغيرها .
وعملت بعد ذلك نائب رئيس العمليات في المقاومة حيث كان قائدها العميد غالب الشرعي رحمه الله والملازم عبده قاسم الحبشي نائب له ورئيس العمليات رحمه الله.
وكنت عضو القيادة العسكرية في عملية توزيع الحراسة ، و التدريب ، وأن المعلومات التي أدلى بها الأخ / محمد صالح الكميم كانت خاطئة لم يعرف أنه كنا معاً في سلاح واحد وأنه كان ضمن قيادة المقاومة الشعبية.
هناك أقول تضاربت الأقوال من بداية ونهاية الحصار .. لكن الحصار كان أكثر من سبعين يوما ، ومن حيث تبة النهدين فقد أفادت بعض المصادر أن هناك قوات استرجعت النهدين غير الأمن المركزي )) أقول أن منطقة النهدين تم استعادتها من قبل قوات الأمن المركزي والمقاومة الشعبية ولم تتدخل أي قوة أخرى .
بشأن المدفع الذي أحتل من منطقة الجرداء .. كانت الكلية الحربية هي المخططة واستعانت بقوة من الصاعقة والمظلات .. أما المدفع الآخر الذي كان يضرب على لواء النصر فقد دمر عن طريق قواتنا في اللواء حيث تم ضربه مباشرة وتم تدميره . هذا مأتم تذكره في هذه ألمقدمه هناك مذكرات مفصلة تم شرحها في الكتاب .




القيادة العليا للمقاومة الشعبية
تشكلت المقاومة الشعبية من :

القيادة العسكرية القيادة المدنية
1ـ غالب الشرعي 1- الأستاذ / عمر الجاوي
2ـ محمد صالح الكميم 2- الأستاذ / يحي الشامي
3 ـمحمد القربى 3 - محمد دغيش
4ـ ناصر السعيد 4- عبدا لحميد حنيبر
5ـ محسن الجبري 5- عبده سلام.
6ـ عبدا لإله سلام 6- علي محمد زيد .
7ـ يحي بيدر 7- صالح ألسلامي
8ـ محمد علي عبدا لله 8- يحي الشاري
9عبدا لرحمن الحداد 9- عبد الله جباري
10ـ نعمان المسعودي 10 ـ أمين ألنزيلي 11ـ عبده قاسم الحبشي 11ـ علي مهدي الشنواح
12- مالك الإرياني 12- سيف أحمد حيدر.
13_حمد الكدادي 13 ـ عبد علي عثمان
14 _ فتح الاسودي

قيادة الحديدة قيادة تعز
1 /ملازم- محمد عبد السلام منصور. 1- سعيد الجناحي ومن العسكريين
2 ملازم /علي إسماعيل عبد الله. 2 الملازم/ عبد الهادي قائد الصوفي
3 عبد الرزاق مقبل 4 محمد عمر 3 – الملازم /احمد محمد غانم
4- وعدد من القادة العسكريين والمدنيين الذين لااعرف أسمائهم .

الأحداث في اليمن
- أحداث 67 في اليمن.
خروج القوات المصرية
بداية الحصار
سقوط الجبال الشرقية. الطويل وغيره من الجبال المتاخمة
سقوط الجبال الغربية ظفار عيبان وعصر
إغلاق طريق الحديدة
إغلاق طريق تعز وسقوط منطقة حزيز والنهدين .
جلاء القوات البريطانية من الشطر الجنوبي 30 نوفمبر 67.
انقلاب 5 نوفمبر ضد حكومة السلال.
القوات المدافعة على صنعاء هي :
القوات البرية مدرعات مدفعية مشاة صاعقة مظلات قوات الأمن أمن مركزي المقاومة الشعبية القوات الشعبية والقوات الجوية
شهد عام 67 أحداثا عظيمة وجسيمة سواء في القطر اليمني أو في الوطن العربي أو العالم وكانت لهذه الأحداث التي وقعت اثر سلبي علينا فلقد تكالبت علينا كثير من الدول التي لم تعترف باليمن .


بداية الحصار ..الانفجار الأول
كان الوقت متأخرا من أمسية إحدى ليالي بداية الحصار نوفمبر 1967م حيث يسود مدينة صنعاء هدوء حذر .. وشمس تشرين الثاني .. أصبحت على وشك الغروب .. كنت أرى الناس يهرعون إلى منازلهم بسرعة جنونية والشمس لا زالت عالقة عند الجهة الغربية والمغيب يشكل ألوان الطيف من بين السحب الركامية الأخبار تتناقل عن قطع طريق الحديدة وأن الملكية ستدخل اليوم أو غداً إلى صنعاء - غابت الشمس خلف الجبال تودع جبال عصر وعيبان .. نظرت إليها كانت باردة كبرودة الجو الشتوي القادم إلى صنعاء وفي لمحة بصر سمعت دوي انفجار كان قوياً.. السيارات اختفت من شوارع المدينة .. الناس يهرعون عائدين إلى منازلهم قال أحدهم : لقد قطعت الطريق المؤدية إلى تعز وإلى الحديدة .. الأخبار غير سارة .. وشمس تشرين تحجب رؤيتها خلف جبال عصر بدأ الليل يسدل ردائه، والبرد يرسل نفحاته الباردة، رجل يبلغ من العمر السبعينات.. يتوكأ على عصاه رحت أجره إلى أحد الجهات الأخرى ورجل مهرول في الشارع قال وهو يلهث : طريق ألحديده قطعت .قال الرجل العجوز : طريق الحديدة قطعت ؟ ماذا أسمع يا أبني الملكيين عائدين إلى صنعاء وأنهم سيدخلونها اليوم أو غداً ، وأنهم على مشارف صنعاء ، القوات المصرية انسحبت ولم يبق أي جندي .
قلت: لا لن يدخلوها أبدأ.. وسكت رحت أجر الرجل إلى مكان في شارع علي عبد المغني أخذ نفسا قبل أن يقول شيئا .. بعد أن ظل الشارع خالياً إلا من بعض السيارات التي كانت تمرق الشارع بسرعة جنونية.
قلت: إلى أين ذاهب ؟
قال : إلى بستان السلطان .. هل لك أشيئا محددة في هذه الساعة تبحث عليه..قال : كنت أبحث عن ولدي الذي ألتحق بالمقاومة الشعبية وأنه قد أخذ سلاح للدفاع عن الثورة الجمهورية.
قلت : المسافة قريبة .كلنا فداءً للثورة والجمهورية، أخذته مسرعاً.. ورحت أعدو الشارع حتى أصل إلى مهمتي التي وكلت بها. حيث أن المعلومات التي وصلتنا توحي أن هناك شيئا ما قد يحصل هذا المساء أخذته ورحت اقطع الشارع.. كنت أتلفت يميناً ويساراً وأنا قلقا جداً حيث أن الجبل الطويل قد سقط بيد الملكيين وأن هناك خطرا يقترب من العاصمة.. قطعت الشارع وأنا أقود العجوز .
بدأ الظلام يدب .. كانت خطوات الرجل بطيئة جداً .. قال: لن يدخلوها ابدأ كما عملوا في ثورة الوزير 48 سنبذل كل غالي.. وسكت .. أوصلته إلى منزله .. ورحت أعدو الشارع عائدا إلى المعسكر، حيث كنت أعمل في الكتيبة الثانية مدرع والمرابطة في تبة رسلان عدت الى مدرسة المدرعات حيث كان المبيت في المدرسة .. في المساء كان الضرب قد بدأ كل الضباط غادروا المدرسة أوجدت لي وللأخ عبد الكافي مكانا نقي أنفسنا من الضرب لانعرف على أي مكان الضرب الظلام دامس . . في الصباح عرفنا كل شي . غادرنا المدرسة نحمل مهمة جديدة وصلت المعسكر أتحسس الأخبار ، وجدت الكتيبة على أتم الاستعداد للذهاب إلى منطقة أرحب وما حولها ..
الحلقة الثانية .. أغلق الحصار
أغلق الحصار على مدينة صنعاء تماماً ومن كل الاتجاهات كل مكان مغلقا حتى المطار أصبح مهدداً بالضرب في أي وقت وحين أعطيت التعليمات للقوات الجوية للإقلاع والذهاب إلى الحديدة لاتخاذ قاعدة لها هناك ، أصبحت أي طائرة تقترب من مطار صنعاء مهددة بالضرب ، وكان لا بد من استعمال مكان غير مطار الرحبة لان المطار كان مفتوحا ومهددا من الجهة الشرقية والشمالية وتم استعمال مطار الجراف مؤقتاً ، الطيار القباطي رحمه الله كان إحدى الطيارين الذين استطاعوا النزول به ، مكث قليلاً وافرغ حمولة ورحل ، بدأ الناس يحسبون لهذا الحصار ألف حساب ، اختفت بعض المواد الغذائية رغم أنها كانت متوفرة ، وبدأ القلق يسري على الناس وبدأ الرحيل من صنعاء
1967م زمن ماء
.. المكان .. المطار الجنوبي الساعة الخامسة بعد الظهر .. الجو بارد جداً .. والطائرة الجاثمة في صدر المكان قد تضطر للإقلاع، نظرت نحو نقم الأشم وجدته صامداً وعيبان كان يرضخ لنيران الأعداء والمنطقة الجنوبية ومنطقة النهدين أيضاً، بدأت الشمس تودعنا كما استقبلناها لم تتغير لكن الزمن هو الذي تغير.. هنا يبدأ التفكير عن الحصار كنت أنظر إلى النهدين.. كان المدفع اللعين يرسل قذائفه النارية علينا .. وعلى حي الإذاعة .. فتحت الراديو الصغير كان صوت المذيع يقول : هنا صنعاء وتعز إذاعة الجمهورية العربية اليمنية . نحن فداك يا صنعاء. أغنية عربية يمنية من الصميم . وبدأ الليل بكل ما فيه يفك رموزه و يرسل أهات على صنعاء.. بدأ المغيب وتبدأ طلقات الرشاشات تدوي.. وقذائف المدافع .. وأزيز الرصاص .. كل هذا حوّل الليل إلى نهار .. كنت أرى صنعاء .. من إضاءة قذائف الهون (الكاشفة) تشكل قوس قزح ليلي .. ويتوقف الضرب قليلاً.. ليعود أنشط وأقوى وأعنف .. كان الشعور بمثابة الفرحة التي تخلق السرور .كم هي جميلة تلك الأيام.. الجندي والمواطن شعار هم واحد ( الجمهورية أو الموت )
اخترت ضمن العاملين في المقاومة أخذت سيارتي .. ورجعت إلى مقر عملي أجهز خدمات اليوم في حراسة العاصمة بدأ الشباب في التجمع.. الطلاب.المدرسين. .. العمال.. الحرفيين.. كل القطاعات من المواطنين الساكنين بالعاصمة .. كل واحد حاملاً سلاحه الشيكي في يده .. بجانب الجندي .. في موقعه ... لم تسمع سوى تلك الصيحات .. من القلوب .. لتهتف للجمهورية والثورة .. كان القمر يطل من على نقم يرسل ضيائه على صنعاء التي تنام هادئة في صدور جبالها.. لم أسمع سوى طلقات الرصاص وقذائف المدافع .. تتصاعد حدتها .
قال : أحد الأخوان : الهجوم على النهدين ..
قلت : هل شاهدت الضرب ..
قال : نعم ..
تباب النهدين كانت أقوى من كل المؤامرات سقط عليها الشهداء من الوحدات المركزية ، كان الجندي صلاح يقول : الجمهورية أو الموت ظل يردها لكل الناس وهو يأخذ آخر نفس له ، كان ماسكاً سلاحه حتى آخر لحظة من حياته .

الحلقة الثالثة
حي الإذاعة
الزمن 1967م ؟؟ الساعة السابعة صباحاً .
بدأت الشمس ترسل خيوطها الذهبية .. على صنعاء الصمود والتحدي زاد الضرب بقوة على الإذاعة .. كان المهندسون العاملون بها لا لايهابون الموت ، والمذيعون .. والمساعدون.. والعاملون.. كل واحد لديه القدرة للتصدي لأي طاري حمل السلاح .. السهر.. العمل.. النشاط . لم يعرفوا طعم الراحة كان المهندس بجانب الطالب والجندي بجانب الموظف كلهم همة ونشاط قال لي المهندس محمد الشعبي .. الآن يضرب للصبح لا نبالي .. ظل الشباب يعملون لا يبالون، كان ذلك عندما جاءني أمراً بالتحرك مع مجموعة من المقاومة الشعبية إلى حي الإذاعة للحراسة وتجهيز أكياس الرمل حول محولات الإذاعة.. كل فرد منا يعمل بهمة ونشاط . الحياة واحدة والموت واحد ، أكمل العمل بوضع أكياس الرمل على المحركات ..يستمر ضرب المدفع ، كان قائد المقاومة العميد / غالب الشرعي يحمل أكياس الرمل ليضعها .. حول المحول وإذا بالقذائف تنهال على مبنى الإذاعة.. لإسكات صوت الثورة والجمهورية لكن التصميم كان أقوى والعمل في حي الإذاعة مستمر ويرتفع صوت الثورة عالياً هنا صنعاء.
موقع أخر :
حان وقت الرحيل إلى المواقع الأمامية ، عيبان ، نقم ، الأزرقين . تحركت مجموعات إلى تلك المواقع وأخرى إلى أماكن بعيدة مثل سواد حزيز .. الجبل الطويل .. برش .. عصر .. لا بد من تفقد الحراسة في المناطق البعيدة.. ولا بد من زيارة الأفراد المرابطين في المطار الجنوبي ، كان الليل قد أسدل رداءه ، عدنا إلى الداخل وتركنا المقاتلين من الأمن والمدرعات والمدفعية وانطلقنا إلى المقاتلين المرابطين في المنطقة الشمالية انطلقت السيارة بسرعة جنونية إلى المطار الشمالي الرحبة ونحن نسير بالسيارة حذرين بخطوات وإذا بجندي يقول :
قف .. اطفي النور..
من ...؟
أنا..
أرفع يديك ..؟
كلمة السر .. بندقية + طلقة أعطيته كلمة السر ..
من ؟
تفضل يافندم ..
كيف الحال يا وحش ..
حديد يافندم..
أي خدمة ؟
شكراً .. كل شي على مايرام .
كانت الضحكة لا تفارق شفتاه . وهو يحمل سلاحه وانطلقنا بكل همة ونشاط بعد أن تفقدنا مواقعنا في المنطقة الشمالية وأكملنا مهمتنا ، وعدنا إلى مقر المقاومة الشعبية لإكمال مهمة اليوم مع الزملاء كانت الساعة تقترب من العاشرة مساء ، الجو بارد جداً ، والخدمات جاهزة للحراسة الثانية ، الهدوء يخيم على العاصمة ما عدا بعض الطلقات الفردية المتفرقة خلف التلال ، رحت أتفقد الخدمات ماذا ينقصهم كانوا كلهم عزم وإصرار على مواصلة النضال.
قال أحد الجنود من قوات الأمن المرابطين عند البوابة الجنوبية ..
تحية من الإذاعة إلى الأهل والأصدقاء ..
قلت : حاضر
قال : ليس الأغنية لي وحدي .. وإنما لكل المقاتلين هنا وهناك .. للجمهورية للثورة.. كل جندي يقف مدافعاً عن الثورة السبتمبرية وأهدافها كان يده على الزناد ( كانت السيارة تسير بسرعة .. عدت إلى منزلي بعد إكمال مهمتي لأكتب بقية مذكراتي .. ليوم جديد..


الحلقة الرابعة
الزمن : أواخر شهر ديسمبر .. الساعة الخامسة صباحاً .
المكان : مصنع الغزل والنسيج ..
انطلقت في حوالي الساعة الخامسة والنصف مع سيارتي .. إلى مصنع الغزل والنسيج .. كانت صنعاء لا تزال نائمة .. لم يطلع النهار بعد .. وليلة حافلة بالانتصارات .. بدأت الطيور تصحو من أعشاشها بعد ليلة من النوم المتقطع .. في أول البكور، كان الجو باردا جداً، يشدو طرباً إلى الأرض .. ورائحتها.. الجو صحو ما عدا من قطرات الندى المتساقطة، بعد قليل ستبدأ الوردية الأولى في مصنع الغزل والنسيج .. كل العمال والعاملات يستعدون إلى أعمالهم .. باب شعوب خال من المارة .. بعد يوم من عناء الحصار .. أخذ بعض المجموعات من الطريق إلى المصنع رجال ونساء. القوة ، الشباب، العظمة، المتجددة، الانتصار ، كل ذلك من أجل سبتمبر الذي يتمثل في وجه كل الناس من العطاء الذي لا ينفذ.. كان الشباب كلهم حيوية ونشاط من أجل العمل ومن أجل بقاء مكسب من مكاسب الثورة.
وصلت المصنع .. آن الأوان للتدريب على السلاح .. بدأت المرأة في مصنع الغزل تحمل السلاح وتعمل باليد الأخرى تتدرب على كل الحركات العسكرية لحماية مكسب من مكاسب الثورة . (حملت البندقية بيد والعمل باليد الأخرى )
كانت هناك , بلقيس , وأروى , وسيده , وعائشة , وفاطمة وغيرهن يحملين سلاح المقاومة .
قسمت المجموعات إلى فترات فترة عمل وفترة تدريب .. بدأت الشمس ترسل خيوطها الذهبية على صنعاء .. من نقم الأشم .. والعاصمة أكثر صموداً وأكثر قدرة وقوة . الضباب لا يزال يخيم على الجبل الطويل شمالا.. وعلى أجزاء من عيبان وأجزاء من صنعاء وبعض الأحياء المجاورة ..
خرجت الطيور من أعشاشها تبحث عن رزق يوم جديد في حياة جديدة ..الحراسة اليوم على عمال الصيانة .. هكذا ينص البرنامج .. يستعدون للخدمة .. وكلهم حيوية ونشاط .. يحملون السلاح .. ويتجهون صوب البوابة الرئيسية .. وتتحرك المكنة .. لتعلو أدخنة المصنع في يوم جديد .. في الإنتاج لهذا البلد القادر على العطاء .. حانت الفترة الثانية .. لا حاجة إلى ( الكبابيت ) .. الشمس جميلة ودافئة .. التعليم على ضرب البندقية + الاشتباك .. وتقوم المرأة في عملها حاملة السلاح .. ولأول مرة في تاريخ اليمن تكون بنت اليمن بنت بلقيس وأروى .. حامية وحارسة لمكاسب الثورة .. كما هي اليوم حاملة مشعل العلم والمعرفة وحارسه لمكاسب الثورة.. قالت لي العاملة (فاطمة ) نحن هنا فداء للثورة .
نسمع أول انفجارا، ويطلق المدفع قذائفه على مصنع الغزل والنسيج.. لتهدءا عجلات العمل.. لكن الإرادة والعزيمة كانت أقوى من كل المؤامرات .. وتتفرق المجموعات .. لترصد مكان المدفع.. ومجموعات أخرى في الملاجئ .. كلهم عزيمة وإرادة ، يزداد الضرب على مدرسة المظلات الصمود.. يتوقف الضرب على المصنع ، خرجت من مصنع الغزل والنسيج وأنا أحمل في نفسي حبا واحتراما زائدا للمرأة العاملة ولكل العاملين في مصنع الغزل والنسيج ..
الحلقة الخامسة
هذا اليوم يوم جديد، والقمر في عمر خمس عشر.. ظهر من خلف جبل نقم .. استدعاني أحد الأخوان للذهاب إلى قمة برش كان هناك لواء النصر هذا الاسم المعبر عن أسمه ، اتجهنا إلى الموقع كنا حريصين للوصول إلى الموقع في اقرب وقت . لم نصل سبب انفجار لغم في منطقة ظهر الحمار لم يصب أحد بأذى.. إرادة الله، عدنا لتجهيز الحراسة في العاصمة صنعاء قال لي أحد الأخوان : كم في التاريخ اليوم ؟ قلت له: يوم من الأيام لا أعرف كم من الزمن. قال : بل .. اليوم آخر أيام شهر نوفمبر 1967م اليوم أخر جندي بريطاني يرحل من جنوب اليمن بعد ساعات ستعيش عدن في استقلال كامل، قال ألا ترى أن الحصار قد صار له 15يوماً.
قلت هل تحسب الأيام .
قال: أضع كل يوم في قائمة . وأسجل حدث اليوم وأماكن الضرب والشهداء و اعمل جدولا زمنيا للحصار.
تركته ورحت أتجول حول المدينة أرتب خدماتها.. وفي أحد الأحياء استدعاني الشهيد عبده قاسم الحبيشي
قال : أين أنت ؟ قلت كنت في طريق نقم ، لم نوفق في الطلوع بسبب انفجار لغم في ظهر الحمار، ماذا تريد ؟ الحراسة على ما يرام ، تم ترتيب خدمات المؤسسات , والكهرباء , والإذاعة،
قال : الكهرباء قد تأخذ قسط من الراحة بسبب عدم كفاية الوقود هل علمت ووزعت المواد الغذائية على كافة المواطنين ؟ قلت : نعم ، وبكل هدوء لوح بيده .. ورحت أغدو الشارع بمهمة جديدة
الحلقة السادسة
بداية عام جديد .
الساعة الحادية عشر .. لم يبق للعام المنصرم ساعة واحدة .
شيئا جميل .. كنت أجول بالسيارة أتأمل أنقضاء العام كان الأفق يغطي المنطقة ويتسلل الصمت علينا ويظهر جزءا من القمر من خلف جبال نقم ، كل العالم سيحتفل بالعام الجديد ستدق الساعة معلنة ميلاد عام جديد ونحن نحتفل بمرور خمسة وأربعين يوما على الحصار كنت أفكر في اليوم وغداً .. لكن حياة الوطن كانت أغلى من كل شيء بدأ القمر يتوسط مدينة صنعاء كم هو وديع ووداعته في سر جماله الفتان ، أجلس في أحد أركان المدينة يدخدخني البرد القارص الكانون .. جلست أسمع أخبار اليوم بالراديو تأخر الليل ، كنت أقلب زر الراديو. . وبسرعة جنونية أوقفتني أغنية من إذاعة تقول سكن الليل كانت فيروز تغني لم أحس بالبرد.. كنت أفكر بيوم جديد لهذا الغضب الجارف ولكن سرعان ما سرقني الوقت وتدق الساعة معلنة ميلاد يوم جديد من عام 1968م.
الحلقة السابعة .
سيارة الشئون العامة ..
هذا اليوم تجاهلت تاريخه أو ربما لا أتذكره من الفرح .. أو نسيته تماما لكن المكان لم أنساه . صنعاء ميدان التحرير ، كان يوحي لي لسبب واحد هو الصوت الذي كان ينطلق من مكبرات الصوت .. من مبنى إدارة الشئون العامة والتوجيه المعنوي .. لم أتذكر .. لم أعرف السبب ..
هل هي فرحة .. أم عدم فهم ،
بدأت السيارة بالخروج إلى ميدان التحرير لم أسمع سوى سيارة الشئون العامة البالغة من العمر 53 سنة ( من الحرب العالمية الأولى ) أو قد تزيد قليلاً، شهد لها التاريخ كانت تبث من مكبرات الصوت أغاني وأناشيد وطنية ، والجماهير خلفها تهتف.. يا جماهيرنا يا حرة .. المعارك مستمرة . نحن فداك يا صنعاء .
وكانت الجماهير تجري ورائها .. وفي الأمام .. سيارة عليها مدفع عيار 86 صنع أمريكي ..
قال لي الأخ نعمان المسعودي .. هذا المدفع الذي كان يضرب على صنعاء أفراد من الكلية الحربية والصاعقة والمظلات .. استولوا عليه من دار الحيد ..
ويزداد حماس الجماهير ، وتطوف السيارة في صنعاء .. معلنة انتصار جديد للثورة
وتهتف باسم الجمهورية أو الموت .. كنت لا أرى السيارة بل الجماهير عليها كتل كتل من اللحم البشري لحم على لحم.. عبارات تنطلق منهم.. حماس.. قوة إرادة وتزداد الجماهير فرحة عندما عرفت أن هذا المدفع هو الذي كان يطلق داناته على صنعاء ، فرحة ليس كفرحتها فرحة وتتناقل الجماهير خبر الاستيلاء على المدفع لتهب من كل مكان .
السيارة لم تترك حي من الأحياء القديمة للعاصمة الادخلته ، وكانت السيارة إذا أصابها خلل أو توقفت ترى الجماهير تدع السيارة إلى الأمام .
الشمس تتوسط كبد السماء .. ترسل أشعتها .. فرحة ليس كمثلها فرحة ..
أعلام الجمهورية ترفرف ليوم من الانتصار، وتعود الجماهير لمنازلها ،وتعود سيارة الشئون العامة إلى مقرها .. بعد يوم قضته في جولة جديدة حول صنعاء ..
( بقية هذه السيارة لا تزال موجودة في بوابة الشئون العامة صنعاء أذا لم تزل )

الحلقة الثامنة.
على الإنسي وصالح علي .. في التوجيه المعنوي :

الأخ نعمان المسعودي سيكون هذا اليوم في برش مع الفنان على الإنسي وزيد حمود عيسى ( الملقب صالح علي )
تحد ثت مع أخي علي الإنسي .. تحياتنا إلى لواء النصر والمدفعية في خشم البكرة .. ونقل تحيات كل فرد من أفراد ألمقاومة إليهم .. يشد رحيله إلى جبل برش للترفيه واخذ تحيات وسلام الأفراد المرابطين هناك..
قال : السيارة بحاجة إلى بترول لتتابع المسيرة تم تموين السيارة وانطلق الموكب .. كنت أرى صنعاء حافلة بالانتصارات .. الأطفال اليوم فرحين .. وتنام صنعاء .. في ذلك اليوم هادئة بدون إزعاج إلا من بعض الطلقات المتفرقة من اتجاهات مختلفة
ويقبل الليل وحديث صنعاء حول المدفع .. والأبطال الذين قاموا بالاستيلاء عليه من أفراد الكلية الحربية والصاعقة والمظلات .. وتزداد العزيمة والإصرار .. على مواصلة الدفاع عن صنعاء حتى الموت وهنا تكمن العظمة والخلود .. لكل شهيد ضحى .. و كل مواطن قدم حياة في سبيل بقاء سبتمبر وأهدافه ولكن هل من جديد ؟
لقد أستبدل الخوف بالشجاعة .. ورسمنا طريق النصر بالدماء .. ليوم جديد من الحصار
يوم جديد ، ليعود طاقم الشئون العامة إلى صنعاء بعد أن اطربوا قواتنا هناك وسجلوا تحيات أفراد القوات المسلحة لأهلهم وذويهم .
الحلقة التاسعة
عبده قاسم الحبيشي ..
6/فبراير 1968م
أقبل نحوي مصطحباً جندياً يحمل بندقية شيكي .. قال : وبكل هدوء .. اليوم سنكون في عيبان .. كل فرد من أفراد المقاومة يستعد للذهاب إلى هناك .. لم أخذ أو أعطي شيئا .. لكن عرفت أن جبل عيبان سيتم استرجاعه بعد أن سقط بيد الملكيين ، جهزت كل الأفراد واستعدينا إلى الرحيل .. مهمتكم أخذ الذخائر والماء للقوات المتقدمة عبر الجبال والتلال .. أنا في المقدمة .. نفذ المهمة .. تركت كل شيء ورحت أحرك بقية الأفراد الذين سيكون في صحبتي عند الجبل . وتغيب الشمس لتودعنا على جبال عصر والنبي شعيب وعيبان وظفار .. ونرتقب ساعة الصفر .. أتحرك نحو عصر .. الساعة العاشرة مساءً .. الوقت من ذهب .. وتمر الساعة يبطئ .. لم أعرف لماذا ؟ كان قلبي يدق كدقات الساعة التي في معصمي .. وتمر الساعات الطوال وتحدد ساعة الصفر من قبل قائد الحملة .. وتبدأ أول طلقة نحو الجبل .. وتتوالى الطلقات .. من كل الاتجاهات .. وتزحف القوة .. نحو التلال المؤدية إلى الجبل ، كان قائد الحملة النقيب /الشهيد عبدا لرقيب عبدا لوهاب رئيس الأركان في حينه .. ويسقط أول شهيد أنه الشهيد الملازم / أحمد فضل في أول ساعات الهجوم الأولى ، ويسقط شهيد أخر وينضم إلى قافلة الشهداء .. الشعاع يطل من على نقم .. تشع الأضواء .. تكون قواتنا في سطح الجبل .. وتبدأ عملية الهجوم من كل القطاعات .. يجب إيصال الماء والذخائر إلى قواتنا المتقدمة ويبدأ شق الطرق مع أول طلوع الشمس يكون عيبان في نصر جديد ليعانق نقم الأشم .. كان قائد الحملة يعطي التعليمات لقواتنا المهاجمة أول بأول وتراه في الأمام يتقدم المهاجمين المنتشرين في كل مكان .
قال لي : أحد الأخوان : الجو بارد جداً لكن هل شعرت به .. قلت لا .. وأنت قال : مع هذه الصيحات المدوية هل ستحس بشيء .. رحت أبحث عن الملازم أول / عبده قاسم الحبيشي .. لكن لم أجده .. أنه هناك في المقدمة .. قلت : مالي لم أزوره ، لأسأله ماذا يطلبون منا هل ينقصهم شيء .. أخذت كل ما يوجد لدينا من المواد التي يحتاج لها المقاتلون وغدوت ابحث عنه كان أفراد المقاومة من الطلاب والموظفين يحملون الماء والذخائر على ظهورهم .. وهناك قضينا يوماً كاملاً مع جنودنا في عيبان وظفار .. قال لي أحد الزملاء : لابد من الزحف هناك إلى الأمام .. وتأتي ليلة أخرى من الليالي الشتوية القارصة مع جنودنا البواسل في عيبان .. كانت الرياح شديدة والبرد قارص .. والخيام التي صرفت لنا من نوع النايلون في تلك الليلة جاءت الرياح وجرفتها إلى حدة ، وبيت زبطان ، كانت هناك ذرات من المطر ، مع الرياح القوية .. قال أحدهم : (بعد الختام يا رجال ) أهي أحسن منا .. ونعيش في يوم ممطر وبارد لكن رغم هذا واصلنا مسيرتنا إلى حده .. وينفرج عن صنعاء .. يوم من الحصار ويوم جديد من الانتصار ..
كان الشيخ أحمد عبد ربه العواضي قد وصل منطقة المنار و متنه عن طريق الحديدة مع قبائله والجنود الذين معه
وتركت الجبل والزملاء هناك والعودة إلى المدينة ، أجهز خدمات الحراسة واتجهت إلى موقع جديد وتخرج صنعاء رجالها ونسوانها هاتفين مليء الحناجر للقوات المسلحة والأمن والقوات الشعبية .. لتعاهد الله ثم الوطن على النصر أو الموت في نصر جديد . مهمتنا القادمة ستكون على الوجه الجنوبي لمطاردة بقية المرتزقة .

الحلقة العاشرة
( رمضان كريم )
بدأ شهر رمضان يحل علينا جو يبشر بالخير والبركة وبدأ الناس للخروج لشراء احتياجاتهم الموجودة في العاصمة مر يوم من شهر رمضان لا نحتاج هذه المرة إلى مدفع الإفطار والسحور .. الإفطار على صوت المدفع والإمساك على صوت المدفع الذي يضرب على صنعاء في بداية يوم ونهاية يوم .. ويبدأ الدوام من العاشرة صباحاً إلى الثالثة بعد الظهر في الدوائر الحكومية ، البنوك والشركات ، و أصحاب الأعمال الحرة .. الناس يستعدون لهذا الشهر الكريم .. لأن الحياة بهذا الشهر تحتاج إلى كل شيء .. من الألف إلى الياء.. ترى باب السباح والناس يتجمعون لشراء حاجاتهم .. نسوا الحصار وتناسوا المدفع ، والأيام التي مرت من الحصار .. وفي لحظة يدوي انفجار في المنطقة الجنوبية على حي القصر الجمهوري انتبه الناس قالوا ما هذا ؟ هل المدفع للإفطار قد غير وقته ألم ينته المدفع الذي كان يضرب على صنعاء منذ فترة ، وإذا بالدانة الأخرى تقع في المكان نفسه .. تختفي الناس بعد أن قضوا حاجياتهم .. ويزداد الضرب على الحي الجمهوري ، ثم يعود على حي آخر .. لكن الناس تعودوا على ذلك .. هذه المرة كان المدفع لا يفرق بين حي وآخر.. لقد أصابه الفزع تجاه الانتصارات المتكررة .. والصمود لأبطال القوات المسلحة والأمن والقوات الشعبية من الرجال والنساء .. ويضرب مدفع الإفطار ليعلن ميلاد شهر كريم من حصار صنعاء.. وتتوقف الحركة ساعة الإفطار ليعود الناس من جديد يتحدثون عن المدفع .. الذي يضرب إلى الاتجاه الجنوبي. لابد من تفتيش المنطقة وتمشيطها، ولابد من قيام عملية استطلاع هذه الليلة في الاتجاه الغربي ، تم تمشيط المنطقة كاملة . ولقد أتضح أن المدفع لا وجود له في هذه المنطقة وأن الضرب من أماكن بعيدة .. إما من منطقة بيت بوس أو بيت زبطان لأنه لا يعرف اتجاه إطلاقه ، وأين الهدف .. أصبح الضرب عشوائي ..؟ لقد فقد أعصابه .. وتعيش صنعاء حياة جديدة من أيام رمضان المبارك .. وأيام جديدة من الحصار لا نبالي بضرب المدافع ولا بالحصار.. إن الأبطال الذين سقطوا في حصار السبعين كانوا أقوى من المدافع وأزيز الرصاص.. لأن هدفهم الوحيد هو الدفاع عن الثورة والجمهورية ومكاسبها الخالدة ..
الحلقةالحاديه عشر ..
الطيار علي سعد الربيعي
كان الحصار قد أحكم أبوابه على صنعاء لم يكن هناك منفذ حتى الجو أصبح لا يؤتمن ، بدأت السحابة السوداء تخيم على كل فرد .. وذلك لأن الأجواء أصبحت معرضة للضرب .. يتساءلون الناس عن المواد الغذائية ، الكهرباء .. لكن كانت العزيمة والإرادة , قويتين .. كل فرد يزداد عزيمة وقوة .. رغم الحصار المطوق.
المكان .. مطار الرحبة ..
يصاحبنا في هذه الرحلة الشهيد الطيار ( علي سعد الربيعي )
حلق الطيار بطائرته بين جبل نقم والجبل الطويل بين بني حشيش باتجاه المطار الشمالي ( الرحبة ) حيث كان شبه محاصراً.. لكن الحصار لم يكن قد أحكم على المطار.. تمكن الطيار من إصابة بعض الأماكن الذي كان يتواجد بها فلول المرتزقة وأصيبت طائرته وسقط بمظلته استشهد في حينه لينضم إلى قافلة الشهداء .. كنت في حينه في مطار الرحبة والضرب من كل الاتجاهات .. لكن رجال المدفعية والأمن المرابطين في المنطقة كانوا هم الحامين لهذه المنطقة،
كان شعارهم المدفعية في كل مكان ، ويخيم الظلام على مدينة صنعاء ليضم شهيد جديد إلى قافلة الشهداء .. بعد يوم يضاف إلى الحصار ، كنت وأنا عائد أدون في مخيلتي أحداث اليوم .. لكن طلقة جاءت من منطقة النهدين أيقظت تفكيري .. جعلتني أنظر إلى الساعة .. أجدها الساعة الرابعة عصراً .. أسرعت نحو المدينة التي تنام تحت نقم الأشم كطفل يحضن أمه احمل معي مشاعل وحب الجنود .. ويسدل الليل ردائه ليرحل يوم تتجلى فيه عظمة الشموخ والتحدي.
الوقت من ذهب .. لابد من التحرك نحو عيبان .. لمعرفة ماذا سيتم في حينه .. وإذا بالمدفع يضرب من خلف تلال النهدين .. من أين هذا الضرب والمدفع قد انتهى كان المدفع يربض في بيت زبطان وبيت بوس .. وتتحرك القوات عبر ظفار الأشم من حدة .. وتم الاستيلاء على المدفع .. كنا جميعاً .. كان الأخ الصحفي محمد الزرقة يسجل أحداث هذا اليوم . قال لي .. أعطني هذه القذيفة الصغيرة تذكارا لي ، أعطيته واحتفظت بأخرى ولازالت معي .
تركت الموقع وعدت إلى صنعاء .

الحلقة الثانية عشر
بيت القاضي الشماحي
كنت أسكن في حي القصر الجمهوري هذا هو المكان منزل الأخ عبدا لله المقحفي ، الزمان 19 يناير 68م خرجت صباحاً بعد يوم من أيام الحصار ، ذهبت مترجلاً ابحث عن مكان للإفطار الساعة التاسعة صباحاً مكاني المفضل مطعم الطليعة .. هذا المطعم الذي بذل صاحبه كل مايملك من مال خدمة للزبائن وإذا بي أتجه نحو شارع جمال .. دخلت من الجانب المؤدي إلى القصر الجمهوري المكان الآن بيت القاضي الشماحي رأيت ما لم يكن في الحسبان ، أناس متجمهرون يصيحون أن لغماً تحت حوش القاضي الشماحي ، كان الفتيل لازال مشتعلاً .. أخذت جردلا من الماء من المطعم المجاور وأسرعت اطفي الفتيل .. لم أتمكن من نزعها أخبرت صاحب المطعم أن يراقب المكان جيداً عسى أن من وضع ذلك أن يعود إلى مكان الحادث للتمكن من العملية ، أبلغت الأخ / مدير الأمن المقدم / عبد الواحد السياغي وأخذت أحد الأخوان للذهاب إلى سلاح المهندسين لأخذ مهندس ألغام .. ذهبت مسرعاً نحو سلاح المهندسين .. وعدت مع مهندس ألغام ..
كان الناس يتجمعون بجانب المنزل وإذا بأحد الأخوة من الأمن يقول لي : ما هذا ؟ قلت : مادة متفجرة قال المهندس : أن الفتيل قد أطفئ وكل شيء على ما يرام لقد تم إبطال التفجير
واتضح أن المادة التي كانت في حوش القاضي الشماحي عبارة عن مادة تي . إن تي . تركب بأصبع ديناميت لنسف المنازل .
هل عرف مرتكب الحادث ؟
لم يعرف بعد ..
قال أحد الأخوان المواطنين .. إن هناك موتر سيكل يتردد على هذا المكان عدة مرات ..
عندما رأى الناس متجمهرين لم يعد بعد ..
قلت : ما لون الموتر السيكل قال : شيكي أحمر ..( علماً أن جميع الموتر سيكل في تلك الفترة نوع واحد وهو صنع شيكي )
أمر الأخ عبد الواحد السياغي بحجز جميع الموتر سيكل .
وإذا بإدارة المرور تحجز الموترات كاملاً .. لكن دون جدوى لم يعرف الشخص مرتكب الحادث .. انتهى الحادث بسلام .
وبعد ذلك اتجهت إلى صوب عملي لتجهيز عمل اليوم ، بدأ الأفراد بالتجمع من طلاب وعمال وموظفين لأخذ الساعة المقرره لهم للتدريب على السلاح والقنابل اليدوية ، فكل ما انتهت مجموعة جاءت الأخرى وبحسب البرنامج المعد ..
الحلقة الثالثة عشر
يوم العيد
.. ينتهي شهر رمضان المبارك .. ليحل علينا عيد الفطر.. عدت إلى منزلي حوالي الساعة الرابعة صباحاً متعب منهك القوى ..
نمت .. لم أشعر بالوقت أبداً .. إذا بالمدافع تضرب من كل مكان .. صديقي الذي أسكن أنا وهو .. قال : لي .. كل عام وأنت بخير ..اليوم هو عيد الفطر المبارك .. كان ذلك حوالي التاسعة صباحاً قلت هل المدفع عاود للضرب ، قال لي : عيد سعيد ، قمت وجهزنا أنفسنا للذهاب للتهنئة بالعيد في مقر المقاومة ، لا حاجة أن أخذ الملابس الجديدة .. أيضاً لا حاجة إلى الذبيحة ما وجدناه أكلناه وقلت له كل عام وأنتم بخير خرجت رأيت الناس كعادتهم، تراهم سعداء في هذا اليوم .. المعايدة في كل مكان .. كانت التحية والتهنية هي الكعك والحلويات إذا وجدت ..
الأطفال .. تراهم سعداء بسعادة هذا اليوم .. كل واحد يطلب أن تمر علينا هذه الأزمة بسلام لكن ليس على كرامتنا .. وتعيش صنعاء الصامدة ، الطموح والتحدي يوماً سعيداً رغم ضرب المدافع وأزيز الرصاص .. لتودع شهر الصوم .. .. ويحل علينا عيد مليء بالسعادة والهناء .. لينهار العدو ويتخلى من بعض مواقعه بعد أن عجز عن احتلال ظفار وعيبان .
أصبح الناس لا يبالون بأي شيء يحصل عليهم بعد مرور هذه الفترة من الحصار كرامتهم وعزتهم ومجدهم ثورتهم وجمهوريتهم أغلى من المال والنفس ، ونودع يوما من أيام العيد .
وتغيب الشمس.. تطلق المدافع قذائفها من كل مكان بشرى بقدوم العيد السعيد .. أشعلت النيران وتزداد العزيمة والقوة والعظمة والمجد لسبتمبر الخالد .. ويشعل الجنود شعلة النصر من على كل قمة ووادي وسهل وجبل ، ليبدى مسيرة النضال والتضحية والفداء ليوم جديد حامل في طياته مشاعر وآهات وحياة شعب أراد لنفسه الحياة ..
ويطلع الصباح بقدوم يوم جديد مشرق بالأمل المتجدد .. وليكتب التاريخ صفحات مشرقة لكل شهيد ضحى للوطن .. ويسجل المجد لأبطال القوات المسلحة والأمن والقوات الشعبية والمقاومة الشعبية ولكل طفل وامرأة .. أعطت لهذا الوطن كل غالي ونفيس .
وتزداد صنعاء الصمود والتحدي قوة على قوة .. على طريق النصر .. كان الأطفال يمرون في الشوارع لا يهمهم أي شيء .. وتعيش صنعاء يوماً جديداً من الحصار .
الحلقة الرابعة عشر
الطيار محمد الديلمي
الزمن : الساعة السادسة صباحاً هذا اليوم سجل تاريخه في سجل القوات الجوية أولاً ثم في سجل الثورة والجمهورية ، أخذت نفسي مسرعاً حيث سأكون ضمن القوة التي تتجمع عند منطقة حزيز هناك سيكون التجمع والزحف على طريق تعز ، جمعت أفراد المقاومة واتجهنا صوب المنطقة حيث ستقوم قواتنا الجوية بالضرب على فلول المرتزقة في المنطقة ، نحن سنقوم بمساعدة القوات المتجمعة هناك وإمدادهم بالماء والذخيرة وما يحتاجون جائنا نبأ سقوط طائرة في منطقة حروة جنوب وشمال صنعاء حيث قامت مجموعة من القوات الجوية بقصف فلول المرتزقة هناك حيث أصيبت إحدى الطائرات كانت طائرة الطيار محمد الديلمي . سقط بالمظلة كان حياً ، قال : احد الجنود : شاهدناه جميعاً ، قلت : ومن هو ، قال : الطيار محمد الديلمي ..
لقد عرفته عملاقاً داخل القاعدة في العاصمة صنعاء كان شامخاً قوياً عملاقاً .. وصلنا المنطقة حاولنا الدخول لإنقاذه ، لا فائدة .. كانت قوات العدو أقرب إليه منا حملوه إلى الداخل وتوقف الضرب حيث خفنا عليه من تراشق النيران في حينه قواتنا كانت قليلة عبارة عن طقم ودبابة ومدفعية تضرب من خلفنا وأسلحة متوسطة وخفيفة يملكها الأفراد المقاتلون ، أما الصواريخ فكانت بعيدة عنا ، يأتي خبر استشهاده حيث قتلوه لأنه لم يدلي بأي سر من أسرارنا في المعركة كان أقوى من الطعنات والطلقات التي واجهها ، وكان الشهيد طيار / محمد الديلمي مثالاً يقتدي به ، تحدثت عنه صنعاء بل كل اليمن وسجل التاريخ صفحات من نور لهذا البطل الذي كان القدوة والقوة ، وفي حينه قامت قواتنا المسلحة تساعدها المدفعية والصواريخ بالقصف المركز على القمم المتاخمة لبلاد الروس حيث أعطيت إشارة الهجوم لفتح طريق صنعاء تعز الذي كان مغلقاً أكثر من 70 يوماً .
الحلقة الخامسة عشر
الأطباء الصينيون
في خضم الأحداث وقوافل الشهداء والدماء .. قل العلاج في المستشفيات وكثر المصابون من جراء القصف المدفعي ، كل البعثات الطبية والدبلوماسية العربية والأجنبية الموجودة في صنعاء ..قد غادروا العاصمة .. ما عداء بعثة واحدة هي البعثة الطبية الصينية كل فرد لا ينكر ذلك .. أطبائنا في تلك الفترة غير كافيين ولامقتدرين .. فالظروف التي مرت بها الثورة ظروف حرب وعلينا أن نقف جميعاً صفاً واحداً أمام أعداء ثورة ، لا بد من تدريب بعض الطلاب والطالبات والمواطنين للقيام بالإسعافات الأولية ،
قامت البعثة الطبية الصينية بخير قيام .. واتخذت لها مقراً في المستشفى العسكري فأنخرط الشباب في سلك التمريض كهدف سامي من أهداف الثورة .. وعاشت صنعاء الصامدة .. تتحدى كل المؤامرات سواء كانت الداخلية أو الخارجية وتم تدريب الشباب على الإسعافات الأولية في المواقع والمدينة ، وكانت البعثة الطبية الصينية .. هي الوحيدة التي ثبتت في العاصمة وتبقى البعثة الصينية أياماً مع الحصار .. تتنقل بين المستشفيات لعلاج الجرحى والمصابين ، وكانت لا تبخل بالطلب في أي وقت ، ليلاً أو نهاراً .. قال لي وهو ينظر إلى رجله المصابة .. هؤلاء هم ملائكة الرحمة وهو ينظر إلى رجله المصابة انه الزميل محمد طارش ..
وتعيش صنعاء لا تبالي بقصف المدافع.. أو بسقوط شهيد..
بدأت المواد العلاجية تقل .. لابد من توزيع الكميات العلاجية بطرق صحيحة لا حاجة إلى التبذير فنحن بحاجة إلى حبة أسبرو .
وتأخذ شركة الطيران مهمة صعبة في ظروف قاهرة .. مع قواتنا الجوية لنقل العلاجات وبعض المواد الضرورية من بعض المدن اليمنية .. كان كل طيار يكتب على صدره شهيد الواجب .
حتى المواد المشتعلة نقلت بواسطة الطيران ، مثل البترول والجاز ..
وتتحرك قوة جوية لتأمين نزول الطيران .. لا بد من احتلال بعض التلال في الوجه الشرقي .. وتنفيذ المهمة ..
وتزداد القوة والهمة في وجه الحصار .. بعد توفير الغذاء ووجود الأطباء والعلاجات الأولية ..

الحلقة االسادسه عشر
شهيد الشئون العامة …
بدأ الناس يشترون حاجياتهم اللازمة بعد توفير الغذاء والمواد الأخرى مثل الجاز وغيره من الأشيئا التي تم توفيرها .. المدافع التي كانت تضرب من خلف التلال إلى المطار الشمالي أسكتتها قواتنا وكانت لها بالمرصاد .. وتحقق انتصاراً جديداً نحو الشرق .. حيث تم الاستيلاء على بعض جبال بني حشيش لتامين العاصمة وتخرج صحيفة الثورة بثوب جديد تحمل العناوين البارزة في انتصار جديد لقواتنا المسلحة والأمن والقوات الشعبية والمقاومة الشعبية وأيضا صحيفة الجمهورية في تعز .. أخرج من مقر عملي .. لأجد الأخ /الرائد نعمان المسعودي .. وبجانبه محفة .. كانت المحفة مغطاة بشال قلت هذا شال الرائد يحيى الكبسي .. أسرعت .. لم أتكلم .. قال الأخ نعمان هذا الشهيد أحمد سالم المعمري .. كنت لا أعرفه جيداً فتحت الشال .. كان الشهيد كما هو لم يتغير.
كنت أظن أن الأخ يحيى الكبسي هو الذي على المحفة نقلناه إلى المستشفى الجمهوري تم واريناه الثرى في مقبرة الشهداء ليكون شهيداً جديداً من شهداء الثورة والجمهورية .. وهكذا قدمت الشئون العامة .. شهيداً من أبنائها .. لقد أعطت الكلمة حلاوتها . قلت للأخ نعمان : لم يكن به إصابة كان سليماً تماماً كيف حدث هذا . قال : كنت في خشم البكرة أنا وفرقة التوجيه المعنوي نغطى أحداث الانتصارات.. وإذا بطلقة من خلف الدشمة ، سقط في وقتها الشهيد كنت أظن أنها مفجر قنبلة انفجرت في حيينها .. وإذا بالملازم أحمد سالم .. يسقط على الأرض .. وفي لحظة سقط الشهيد .. لم يكن به قطرة دم .. عدنا بعدها حاملين معنا الشهيد .. قال: هذه هي الطلقة حيث أن الطلقة اخترقت جدار القلب.. كانت عيار رشاش متوسط .. بعد أن أوريناه الثرى عدت لتجهيز خدمات اليوم .. وبدأت تتراشق النيران .. حول العاصمة .. ليرحل يوم من أيام الحصار .. لكن صنعاء ظلت صامدة قوية كقوة أبنائها المرابطين في كل قمة لا تبخل في تقديم العطاء دائماً من أبنائها .

الحلقة السابعة عشرة ..
هجوم مكثف
أسدل الليل بعد يوم من حرارة الشمس والهدوء المخيم على صنعاء .. بدأ الناس يتسائلون عن عدم ضرب المدفع هذا المساء على صنعاء .. ربما خلصت عليه الذخيرة .. ربما الخبير المرتزق أخذ إجازة بعد الانتصارات المتكررة لقواتنا المسلحة ، وتغيب الشمس لترحل عنا وتعود الطيور الباقية إلى أعشاشها .. خرجت كعادتي في إعداد الحراسة الليلة ..
الطلاب اليوم في باب اليمن وشعوب .. العمال عليهم شارع علي عبد المغني والموظفين عليهم شارع جمال.. الحرفيون عليهم القاع .. المواطنون عليهم الصافية والكهرباء..
الساعة الآن الحادية عشرة مساءً .. البرد لازال يزحف على صنعاء برد قارص وحصار كاتم على النفس .. وفي لحظة تدوي الطلقات على عيبان، ومن كل جهة .. قلنا : هذا هجوم على عيبان ..
إشارة من عيبان .. الموقف متأزم يجب محاصرة النيران من الجهة الغربية على رجال المدفعية المرابطين على سفح جبل عصر إصدار التعليمات لرجال المدفعية لعمل غلالات ثابتة .
.. وتؤدي المدفعية مهامها بنجاح .. ومدفع الهون يطلق قذائفه المضيئة لتحدد المهام الثاني لرجال المدفعية لضرب الهدف.
ويقف نقم على أتم الاستعداد لمساعدة عيبان ، اللواء العاشر مع قائدهم طاهر الشهاري تولوا الدفاع عن المنطقة ..
الساعة الآن الثانية بعد منتصف الليل مازال الضرب مستمراً نحو اللواء العاشر المرابط في عصر وهو اللواء الذي ضرب به المثل حيث كانوا أفراداً صغار سناً .. إلا شارة... كيف الموقف الآن ؟) أحسن) جرح العريف مصلح من قوة اللواْء العاشر يجب إسعافه .. هل من أخبار ؟ لا شيء .. وعدت إلى منزلي ..
جلست أراقب الضرب من على المنزل الساكن فيه .. ويهدى الضرب قليلاً .. قليلاً .. ويزداد أحياناً .. ويخيم السكون بعد ليلة من التراشق، لم يبق سوى بعض الطلقات الكاشفة ( للتفتيش ) يجب تبديل الخدمات من أفراد المقاومة.. والذهاب إلى النوم لأخذ راحة ليوم جديد.. لكن النوم قد استعصى ويشعشع الصباح معلناً بداية يوم جديد وخرجنا بعد أن كسر الهجوم عن عيبان ، زرنا اللواء العاشر وأفراد المدفعية المرابطين هناك وعدنا إلى مقرنا ..
هذه هي
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد

ملخصات تغذية الموقع
جميع حقوق النشر محفوظة 2009 - (صنعاء نيوز)