صنعاء نيوز/ م/ يحيى القحطاني. -
تم تسجيل 58 حالة وفاة بإنفلونزا الخنازير وإصابة 180 آخرين، فضﻻ عن الحاﻻت الغير المسجلة، ممن يصابون أو يموتون في بيوتهم، هذه اﻹحصائيات التي حصلنا عليها، لعدد المتوفيين وعدد المصابين، بمرض إنفلونزاء الخنازير "H1N1" إضافة إلى مئات المتوفيين أو المصابيين بمرضى حمى الضنك وداء الكلب، ومرضى الكوليرا، ومرضى الفشل الكلوي، وجرحى الحرب..
هذه اﻷعداد المأهولة من اليمنيين المتوفيين، تبين لنا بما ﻻ يدع مجال للشك، تفشيا خطيرا وغير مسبوق في اليمن، لتلك اﻷمراض واﻷوبئة، في مجتمع يعاني من مشاكل كثيرة، على رأسها الحرب والحصار، منذ ما يزيد عن خمسة أعوام، وكذلك اﻷمية الصحية، والوضع المادي، بسبب إنقطاع الرواتب..
هذه العوامل تعيق سرعة اﻹسعاف والعﻻج لليمنيين، فأصبحت إنفلونزاء الخنازير جائحة تهدد المواطن اليمني، يجب على الحكومة، والمنظمات الدولية واﻹنسانية، العمل على حماية اليمنيين من هذا الوباء الخطير، كون اليمن محاصر من دول العدوان، ويقع تحت الفصل السابع، حسب قرارات مجلس اﻷمن الدولي..
وهكذا اليمنيون مكتوب عليهم، الموت وقلة الراحة، من المهد إلى اللحد، يعيشون معذبين ومقهورين، في سجن كبير يدعى الوطن، ويعيشون في المنفى وهم داخل اليمن، يعيشون غرباء في صحراء داحس و الغبراء، عمليات الإنتحار منتشرة بشكل مخيف، الناس يقتلون أبنائهم وبناتهم، بسبب اﻷمراض، والفقر، والجوع، وإنقطاع الخدمات والمرتبات..
كل ذلك بسبب الفساد الذي انتشر في اليمن كالجرثومة الخبيثة، وجعلوة ثقافة ومعلومة، وسلطة خبيثة يوظفها خفافيش الظﻻم، المتحكمين على رقاب الناس، لخدمة أغراضهم الخاصة، فدمروا البﻻد ونهبوا العباد، وضيعوا العدالة، وغيبوا القانون، وادخلوا اليمن في حلقة مفرغة، أزمات سياسية دائمة، إنفلونزاء الخنازير، إنفلونزاء الفساد، إنفلونزاء الطائفية والمناطقية، إنفلونزاء العمالة واﻹرتزاق، إنفلونزاء المنظمات الدولية، إنفلونزاء مشاريع البنك الدولي، إنفلونزاء التهريب والغش التجاري..
وتستمر السنيين العجاف على اليمنيين، وأحولهم تسير من سيئ إلى أسوء، والتطور والتقدم لديهم، هو إستفحال الفساد المالي واﻹداري، في كل مفاصل الدولة، حتى في النقابات ومنظمات المجتمع المدني لم تسلم منه، فساد في الساسة واﻹدارة، فساد في التجارة، فساد في التعليم والصحة، فساد في اﻹخﻻق..
ولذلك فهناك أسئلة تجرنا إلى البحث، عن أسباب المشاكل التي تواجهنا كيمنيين يوميا، ولم نجد لها حلول منذ عشرات السنين وإلى يومنا هذا، لماذا اليمنيون ﻻ يعيشون كما يعيش بقية أهل اﻷرض؟، ولماذا اليمنيون يسيرون إلى الخلف وﻻ يعرفون طريق اﻷمام؟، لماذا على اليمنيون أن يعيشون حياة القاع وﻻ يعرفون اﻷحﻻم السعيدة؟، لماذا على اليمنيون أن يعيشون في الظﻻم وغيرهم يعيشون في النور؟، لماذا نسمح للصوص أن يسرقون تعبنا؟، لماذا يهرب رأس المال الوطني من اليمن؟، لماذا يهاجر اﻷﻻف من المهندسين واﻷطباء ودكاترة الجامعات إلى خارج اليمن؟؟..
وبرأيي أن كل أسباب ذلك، هواء السرقة العامة للثروة الوطنية، وتحويل الخدمات من الفئات التي هي بأمس الحاجة إليها، إلى جماعات المصالح، الذين أحتكروا كل مفاصل الحياة العامة في اليمن، وخربوا اﻹقتصاد ونهبوا المال العام والخاص، وصار الفساد واﻹفساد بواحا وشبه علني، مع سكوت سياسي وسلطوي ونقابي غير واضح، فأصبح فساد متنمر يتخفى، تحت أقنعة مختلفة ومتلبسة، تعرفها الطبقة السياسية الحاكمة، ويعرفها الفاسدون، مما جعل اليمن في المرتبة اﻷولى، في الفساد على مستوى العالم..
ولذلك فإن التصدي للفساد يقتضي، ضرورة اﻹقدام على إصﻻحات، مالية، وإدارية، وسياسية جذرية، ونظاما قضائيا مستقﻻ، ومجتمع مدنيا قويا، مع تطبيق نظام محاسبي صارم وعادل، واﻹهتمام بتقارير اﻷجهزة الرقابية، وتقديم المتورطين في قضايا الفساد للمحاكمة العاجله، وتفريغ دوائر في المحاكم للنظر في هذه القضايا وسرعة البت فيها. والله من وراء القصد...!!!