shopify site analytics
أسماء الأسد؟ وما إمكانية التعافي منه؟ - بلينكن: لسنا حزينين لوفاة رئيسي - المدمرة "يو إس إس كارني" الأمريكية تعود إلى امريكا - القدوة يكتب: مجلس الأمن الدولي وحماية الشعب الفلسطيني - إيران.. ضربة استراتيجية لنظام ولاية الفقيه! - هانم داود تكتب : قلق الامتحانات - مجلس جامعة إب يعقد إجتماعه الرابع للعام الجامعي ١٤٤٥هجري - الوحدة اليمنية وحدة الشعب،،!! - الدكتور عصدة يكتب: اليمن المنحوس والانفاق المظلمة - الدكتور الجوفي يكتب : اليوم الوطني 22 مايو -
ابحث عن:



صنعاء نيوز - د. طارق ليساوي
 
سبق وأشرنا في أكثر من مقال  أن الصين قادرة على تحويل الأزمات إلى فرص، و قد نجحت مؤخرا في السيطرة على “فيروس كورونا المستجد”

السبت, 14-مارس-2020
صنعاء نيوز/ د. طارق ليساوي -


سبق وأشرنا في أكثر من مقال أن الصين قادرة على تحويل الأزمات إلى فرص، و قد نجحت مؤخرا في السيطرة على “فيروس كورونا المستجد”، و خرجت من عنق الزجاجة، و تجاوزت –إلى حدما- أزمة في غاية الخطورة ، وقد لعب الحزب الشيوعي الصيني “Zhongguo gongchandang” والذي يهيمن بشكل منفرد على السلطة السياسة في الصين منذ 1949 إلى حدود اليوم، دورا محوريا في إدارة الأزمة، و الحد من تداعياتها الصحية و الاجتماعية و الاقتصادية، فمع تفشي الوباء في مدينة “ووهان” و باقي المدن تم اتخاذ قرار الحجر و عزل مدن بأكملها، ووقف حركة الأشخاص و نشر القوات العمومية لتزويد السكان بالمؤن والأدوية، و الحرص على إنفاذ القانون بصرامة لمنع انتقال العدوى، و تبين أن هذا التوجه كان صائبا، لأنه مكن البلاد من السيطرة على المرض، كما تم تبني ذات الأسلوب في إيطاليا التي تفشى بها الوباء، فنجاح الصين في تطويق الوباء مؤشر على أن الإجراءات المتخذة من قبل الصين و باقي البلدان مفيدة و فعالة في الحد من تفشي الوباء…
مبدئيا، لايسعنا إلا الإعراب عن تضامننا مع كافة شعوب العالم في هذه المحنة، فالبشرية يتهددها خطر داهم بغض النظر عن الدين أو العرق، وفي مثل هذه الظروف لابد من دعم جهود التضامن الفردي والشعبي و الدولي، و ينبغي تجاوز الخلافات و تغليب منطق التعاون، وفي هذا السياق ينبغي إدانة “الشماتة” من المرض أو البلدان التي أصابها الوباء، فالجميع مهدد بهذا الخطر أو الجائحة على حد تعبير “منظمة الصحة العالمية”، فالخلافات السياسية و الأيديولوجية ينبغي تجاوزها في مثل هذه الظروف، لأن لها أثارا سلبية على نفسية الشعوب المتضررة، و لاطائل منها لأن المرض قدر الله…و أوجه كلامي تحديدا إلى بعض “المثقفين” العرب الذين يرون بأن الوباء انتقام من الله، فهذا منطق معوج لأن المسلمين عبر العصور أصيبوا بأوبئة فتاكة، و في عهد الصحابة و هم من شهد الرسول الكريم بخيرتهم، و قد توفى منهم صحابة أجلاء بوباء “الطاعون”
كأمين الأمة و أحد العشرة المبشرين بالجنة “أبو عبيدة الجراح” الذي توفى إثر إصابته بمرض طاعون عمواس الشهير في السنة الثامنة عشرة للهجرة عن عمرٍ يناهز ثمانية وخمسين عاماً، و هو الذي أمسك رسول الله صلى الله عليه وسلم بيمينه وقال عنه: «إن لكل أمة أمينا وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجرّاح».. وهو الذي أرسله النبي في غزوة ذات السلاسل مددا ل”عمرو بن العاص”، وجعله أميرا على جيش فيه أبوبكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما، لذلك فإن المرض و الأوبئة ليست بالضرورة عقابا للعصاة كما يدعي البعض..
و بالقدر نفسه، ينبغي عدم التضخيم من المرض و خلق حالة هلع منه، لأن القلق و الخوف يضعف مناعة بعض الأشخاص، و خاصة المصابين بأمراض مزمنة كالضغط و السكري، أو بعض الأمراض الأخرى كالسرطان..و ينبغي اتباع نصائح الخبراء و الابتعاد عن الخزعبلات، فإلى حدود الساعة لم يتوصل العلم لعلاج للمرض، و الحل الأمثل الوقاية من العدوى، و العناية بالنظافة و إتباع نظام غدائي طبيعي، و مطهي جيدا مع الاستعانة ببعض المكملات الغدائية، و الابتعاد عن المصبرات و المنتجات الغدائية المتضمنة لمواد حافظة، لأنها تضعف المناعة و لا تقويها، و في حالة الإصابة بالفيروس ينبغي تقوية مناعة الجسم لمواجهة الفيروس، و هذه أهم الخلاصات التي توصل إليها الصينيون…
مع العلم أن حالات الوفاة بفيروس “كورونا المستجد” تبقى أقل بكثير من عدد الوفيات بأمراض أخرى، و لعل أبرزها “الإيدز” و” السرطان” و “السكري” و “الضغط”…و على الرغم من خطورة هذه الأمراض، فلم نلاحظ حملة وطنية أو دولية لمواجهة “وباء السرطان” الذي يرهق كاهل المرضى و الأسر ماديا و معنويا، خاصة في بلداننا العربية التي تفتقد لبنية صحية فعالة..و على العموم نتمنى لكل المرضى الشفاء العاجل و أن يخرج الجميع من الأزمة الراهنة بسلام..
و بالعودة إلى الصين فإن الحزب الشيوعي الصيني لعب دورا محوريا في عملية التحديث السياسي و الاقتصادي للصين خاصة بعد 1978، و على خلاف كثير من الملاحظين الذين يعتقدون بأن انطلاق الإصلاحات الاقتصادية في الصين، والتحول نحو اقتصاد تتحكم فيه أكثر آلية السوق و الحرية الاقتصادية، قد جعل الحزب الشيوعي يلعب دورا هامشيا على مسرح السياسة و الاقتصاد في الصين… غير أن الواقع عكس ذلك، فالحزب/ الدولة لازال يتحكم في الاقتصاد كما يتحكم في المجتمع و هو ما أظهرته أزمة فيروس كورونا المستجد، فالحزب الشيوعي و الدولة الصينية، فاعلين أساسيين في المجتمع، فهما منبع صنع القرار السياسي والاقتصادي و الاجتماعي، كما أنهما يلعبان دورا محوريا في صياغة وتنفيذ التحولات الماكرو اقتصادية – اجتماعية في الصين..
وما يثير الانتباه في التجربة السياسية للصين، هو أن البلاد شهدت تحت سيطرة الحزب الواحد إصلاحات مؤسسية و سياسية، حاولت المزج بين محاسن الليبرالية الاقتصادية وبين القيم الآسيوية في الحكم والأطر الماركسية اللينية، فالحزب الشيوعي الذي كان متمسكا بفكرة الراديكالية السياسية طوال الفترة الماوية، تمكن من تطويع الاشتراكية المحافظة، وجعل منها “جسر عبور” لتبني إصلاحات ذات نزعة ليبرالية “بمفردات اشتراكية”.
وبالرغم من أن الدولة تخلت عن السيطرة الكاملة على الاقتصاد، وفتحت المجال لفاعلين غير دولاتيين، إلا أنها لازالت تلعب دورا مهما في مجال المراقبة والإشراف، كما تم الانتقال من النزعة الجمعية والتي تشكل أس الاشتراكية المحافظة إلى النزعة الفردية التي تشكل أس الليبرالية، دون أن تفقد الدولة سيطرتها على المجتمع…
فالدستور الصيني لازال يعتبر أن المهمة الأساسية التي تواجه “..الأمة الصينية..تحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني والتوجيهات الماركسية- اللينينية وأفكار “ماو تسى تونغ” ونظرية “دنغ شياو بينغ” والفكر الهام للتمثيلات الثلاثة، هي مواصلة الالتزام بدكتاتورية الشعب الديمقراطية والطريق إلى الاشتراكية، والمثابرة على الإصلاح والانفتاح على العالم الخارجي، وتحسين المؤسسات الاشتراكية ، وتطوير اقتصاد السوق الاشتراكي وتطوير السياسة الديمقراطية الاشتراكية وتحسين النظام القانوني الاشتراكي ، و تحديث الصناعة في البلاد، والزراعة، والدفاع الوطني و العلوم والتكنولوجيا ، وتعزيز التنمية المتناغمة ، لتحويل الصين إلى دولة اشتراكية مزدهرة وقوية وديمقراطية ومتقدمة.
إننا أمام “مفارقات” تعترض وجهتنا في تحليل الواقع السياسي في الصين، فهو واقع هجين، فالسياسات المطبقة تحمل في طياتها نزعة ليبرالية لكن بلون اشتراكي، وإذا ما حاولنا توصيف التجربة السياسية الصينية سنجد بأنها تجربة حاولت الابتعاد عن المحافظة الاشتراكية، والاقتراب من اليسار الليبرالي إنها “الدولة الكينصينية ” .
وسميتها بهذا الاسم الهجين “الكينصينية”، لأن الإصلاحات التي تبنتها الدولة الصينية منذ1978، تقترب _إلى حدما _ من النموذج الكينزي للاقتصاد المتطور Keynesian Model of Developing Economy ، والذي يدعو إلى تقوية دور الدولة في توجيه الاقتصاد الوطني، وتوظيف أدوات السياسة المالية لتحفيز النمو الاقتصادي، وان لا تتخلى الدولة عن كل أدوارها لصالح السوق، وهو توجه صائب فالأزمات المتتالية تتطلب بيروقراطية قوية و فعالة للحد من الأثار المدمرة للسوق و العولمة خاصة في ظل عولمة الأوبئة و الأزمات ..
فالدولة الصينية عملت على مواجهة التحديات التي واجهتها منذ 1978 بتبني أسلوب فريد في اللامركزية بين البيروقراطية المركزية والبيروقراطية المحلية، والواقع، أن نمط إدارة شؤون البلاد يصعب فصله عن الخصوصية الديموغرافية والجغرافية والتاريخية والثقافية للصين، فالحجم الكبير لديموغرافية وجغرافية الصين، جعل من اللازم تفتيت المشاكل وإحالتها للبيروقراطية المحلية، التي تتولى تدبير الشأن المحلي، وتعمل على توفير السلع العامة…
وهو نفس الأسلوب الذي تم تبنيه في الحقبة الإمبراطورية، فالمركز كان دائما يحرص على الابتعاد قدر الإمكان عن التدخل في الشؤون المحلية، وعمل على إعطاء الحكام المحليين صلاحيات واسعة… لذلك، فإن فهم حاضر الصين يمر ببوابة ماضيها…و الله غالب على أمره و لكن أكثر الناس لا يعلمون…
أكاديمي متخصص في الاقتصاد الصيني و الشرق آسيوي.. أستاذ العلوم السياسية و السياسات العامة
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد

ملخصات تغذية الموقع
جميع حقوق النشر محفوظة 2009 - (صنعاء نيوز)