shopify site analytics
نجوى كرم تثير الجدل بـ"رؤيتها" - بيع هاتف آيفون من الجيل الأول بأكثر من 130 ألف دولار! - فريق جامعة ذمار يحقق فوزاً جديداً في كرة القدم - الخميسي يكتب: مات ساجداً ..! - رئيس وزراء إيرلندا يفاجئ بايدن بدعم صريح للقضية الفلسطينية - يأمر بالبدء بالزحف الى الاقصى رسالة صوتية لقائد هيئة أركان الكتائب في غزة - 4 أسئلة عن اسرائيل يجب على اللاجئ العربي إلى ألمانيا الإجابة عنها - دخول سفينتين حربيتين روسيتين البحر الأحمر - نظرة على الدورة الخامسة والخمسون لمجلس حقوق الإنسان - القدوة يكتب: حرب الإبادة الجماعية والأزمات الداخلية الإسرائيلية -
ابحث عن:



الأحد, 13-مارس-2011
صنعاء نيوز فهمي شراب * -


"البؤساء" لفيكتور هوجو، الذي يُسجن سنين عديدة ويطارد طوال عمره بسبب رغيف خبز، ومارتن لوثر كنج، ونيلسون مانديلا، واوليفر تويست المتشبث بامل الحياة برغم شحوبه وفقره منذ مولده، ومطاردة اقسى ظروف الحياة له، وانطونيوس الذي يحاول التغلب على عقبات ومراوغات شايلوك اليهودي في رواية البندقية لشكسبير، وذلك بعيدا عن ما الفناه وضجرناه من كلمات السياسة الباردة، و النظريات الكلاسيكية،، والتحليلات المجردة، فما اجمل الخروج عن النص احيانا ! و ما اجمل البساطة في الوصف! وما اصدق سرد ما هو قائم بلا مبالغة وتكلف!

وكقدر مكتوب مع الاجال، وحرية تقتضيها نظرية التسيير والتخيير، يولد الفلسطيني – اذا كان محظوظا، و لم يكن ضحية اهمال مستشفى حكومي او طبيب حديث التخرج بعيادة خاصة -- باكيا كما الاخرين من اقرانه المواليد، تسرق منه الطفولة في عز عمر الطفولة، يعصر رحيق شبابه في فترة وجيزة سريعة خاطفة، لا يتمكن من تحقيق واحد من عشرة اهداف كان رسمها في مخيلته، وبعد ذلك اما ان يكمل تعليمه ليصطدم بصخرة البطالة واليأس، واما يدور في رحى الدنيا غير مستقر لا يلوي على شيء سوى قتل نفسه تفكيرا في توفير لقمة العيش باي طعم كانت، والبقاء بجانب ذريته محاولا تعويض ما لم يحصل عليه في ابنه ولكن دون جدوى في كثير من الاحيان...

وفي المرحلة العمرية الاخيرة التي تسبق اليقين بشهور او قد تمتد لسنين قلائل، لا يجد المريض في مرضه الدواء اللازم ولا الرعاية الصحية الكافية حتى ليتمنى المرء انتهاء الاجل، ليكتب في نهاية المطاف في شهادة وفاته " شهيد الحصار"، وهكذا دورة حياة كاملة شهدناها في قطاع غزة..

لو بدأنا المشهد من اخر فصل، نبدأ بجيل قد كسى وجهه اثار انتفاضة اولى، تم تعطيل رحلته التعليمية في الخارج والداخل، عندما كان الاحتلال يساومه بان يكون متعاونا معهم اي عميل لهم ويكمل دراسته واما يمنعوه من السفر ويدرج اسمه ضمن القائمة السوداء !! وغيبت في السجون معظم طلائعه الشبابية والاطر الفعالة وتم اعتقال معظم قياداته النشطة، اضافة الى اغتيالات للثوار والمفكرين و للطلاب الناجحين والنوابغ في الخارج من قبل الموساد. وبشرحي للظروف القاسية التي مر بها جيل هذا الفصل اتمنى ان لا يفهم المار على اسطر هذا المقال بانني لست مع الانتفاضات والمقاومة ضد الدولة الصهيونية. هنا استعرض فقط نزيف شعب لم يجد يد عون صادقة من بني جلدته و اشقائه الاقربون ومن بني يعرب بشكل عام، الا من بعض محاولات ذر الرماد في العيون ليرمى بنا كلقمة صائغة بين انياب بني الاصفر وابناء العم سام ليساوموننا بين لقمة العيش المغمسة بشروط الرباعية او القاء ما علينا من ملابس والاستعداد لرقصة الموت على ترانيم الرحيل الاخير وهدير الحروب.

حتى فترة السلام التي عاشها الشعب الفلسطيني بعيد توقيع اتفاقية اوسلو فقد كانت فترة سلام زائف ومضيعة للوقت، واعتبرها اخطر علينا من الحرب المفتوحة، حيث لم يتم انشاء معايير دولة ولا حتى مجتمع، فقد كانت قبائل تأكل قبائل واسماك قرش كبيرة تأكل باقي الاسماك الاصغر، واجهزة امنية تتربص باجهزة امنية اخرى، تتصارع على المغانم وثروات ليس عليها وكيل امين، وقد كانت فرصة لزراعة العملاء ذوي ربطات العنق الجميلة، ووضعهم في ارقى المناصب المختلفة وفرصة لاستقدام عناصر دخيلة على المجتمع الفلسطيني وثقافته وقيمه، عناصر تتقاطع في اهدافها مع الاسف و الدولة الصهيونية.

وتدخل علينا كامواج تسونامي المفاجئة انتفاضة ثانية، يعربد فيها اصحاب الدولة الصهيونية حتى لا يتركوا اسرة الا وقتلوا فردا فيها او اكثر، او اعتقلوا عنصرا منها، او اطلقوا عمدا النار على احدهم حتى وهو مطروح ارضا معصوب العينين وملك يديهم، متسببين في اصابات خطيرة لا يكون اهون من تحمل الامها الا الموت متأثرا بالجراح.

تمتد جراح الفلسطيني المكلوم عبر الفضاء العربي كله، وتطوف عليه شبهات واتهامات شتى، ويمسي كجرم في فضاءات المخابرات العربية، ويحجز دون سبب في المطارات ويصبح منا العالقون في الداخل والعالقون في الخارج كما هو الان ولحتى كتابة هذه الكلمات،، ولا يستطيعون العالقون في الخارج العودة لاهليهم في غزة الا بالحصول على تأشيرة من السفارة المصرية التي تتواجد في البلد المقيم فيه الفلسطيني وقد تعطيه او قد تتأخر او قد لا تعطيه !! فهذا هو مصيره المعلق بجرة قلم او باهمال موظف او المنتظر والمرتهن مستقبله بتغيير دولة اخرى سياستها العامة !! ويتم قهره واذلاله ويمنع من السفر ويقفل عليه المعبر والمنفذ الوحيد مع الحدود المصرية لتكون مؤامرة مكتملة الفصول والاركان.

ولا اذيع سرا عندما اقول انني اعتبر نفسي اقل الناس معاناة رغم انني فقدت جدتي من طرف والدتي " محفوظة شراب" قبل ثلاث سنوات وقد كانت تحتاج لرعاية صحية في الخارج ولم تتمكن من التنقل والسفر بسبب اغلاقات المعبر المتكرر، وقد فقدت جدتي من طرف والدي " انيسة عاشور" في اثناء الثورة المصرية الاخيرة والتي شهدت ايضا اغلاق تام للمعابر. فرحمهن الله جميعا ورحم الله والدي ايضا الذي سقط شهيدا عام 2002 في يوم الجمعة المباركة، اثر عملية اغتيال صهيونية اسرائيلية مجرمة. وكل ذنبه انه فلسطيني مسلم، عربي، سني، شافعي، مقاوما للاحتلال، يسكن مع اسرته في قيزان النجار بالقرب من مستوطنة ميراج الغربية، رافضا ترك بيته والهرب الى مكان اخر اكثر امنا، ورحم الله المهندس البطل علاء اسامة شراب ابن عمتي ورفيق دربي الذي اختاره الله عام 1996 في احداث نتساريم، ليسقط شهيدا وفي يده حجر، ليسبق ويكون في انتظار خاله خميس شراب في جناته العلا باذن الله، وليس ذلك على الله ببعيد، واكتب هذه الكلمات ويداخلني شعور بانني سامشي اليهم عما قريب!



يحاول الفلسطيني ان يشتري كرامة بدفع عمره مهاجرا كلاجئ في اي دولة غربية متقدمة حتى يحصل على الجنسية التي تمكنه من ان يعثر على لقمة عيش كريمة لا يحصل عليها في موطنه ومسقط رأسه، وليكون انسانا حرا يسافر بحرية ويكون مضمون الحقوق، غير ممتهن في انسانيته كحال المواطن العربي الذي يداس باحذية رجال النظام في وضح النهار. ويعتبرالفلسطيني ايضا ضحية انانية تجار ومستثمرين جشعين اتخذوا السلطة وسيلة للوصول لرأس المال الفاسد والمفسد، حيث تدفع هذه الظروف القاسية بالخريجين والشباب الطموح الى رحلة البحث المضني عن وظيفة في الخارج مغمسة بعرق الذل،، ليتعرضوا بعد قليل لمسلسل حزين اسمه "الاولويات في الوظائف لابناء البلد"، ليعودوا فيما بعد بخفي حنين محملين بحمل ثقيل من الحزن والالم والحسرة والبكاء على سنوات الغربة التي اطفأت شموع اعمارهم.

وليعذرني القارئ ان انا احرقت مراحل او اسقطت سهوا بعض المحطات، او نسيت تفاصيل كثيرة مختلف انواعها، فادرك ان هذا قليل من كثير وغيض من فيض، ولست اعلم، فقد اكون مصابا بالزهايمر وانا في منتصف الثلاثون!! فلا عجب، فانا ايضا ضحية الظروف القاسية التي يمر بها الفلسطيني. فقد تعرضت مرارا للضرب والتعذيب على ايد الجنود الصهاينة في الانتفاضة الاولى والثانية واعتقلوني نهاية الانتفاضة الاولى واطلقوا سراحي بعد ان اضاعوا على عام في الثانوية العامة لاضطر فيما بعد لاعادتها من جديد.



والان نحن في فلسطين لا نملك مقومات صمود، فقد حرمنا ابسط حقوقنا وتكالب علينا الاعداء من الداخل ومن الخارج، وقد سحقت سياسات الانظمة بتعقيداتها وتشبثها بالنص دون الروح الاسس التي تقوم عليها الحياة في فلسطين وشعبها المتناثر والمشتظي كاشلاء الجسد المتطاير في كل زاوية من زوايا العالم الفسيح، وتراجعنا في كل شيء بحسب مقياس" الايمان يزيد وينقص" وتورطنا في مستنقع التنافس الغير شريف على سلطة خادعة لا تحكم مضمون حروفها الاربعة، وتنازعنا، وفشلنا، وذهب ريحنا،، ولا ادري كم نحتاج من الوقت لكي نصبح شعب منضبط على ايقاع قيم راسخة محكم التنظيم؟ لا ادري كم من الوقت نحتاج لنصبح كأقرب جار لنا، كشعب مصر الرائع الذي اخذ المتظاهرون فيه ينظفون ويكنسون الشوارع بعد ان اضرموا النيران وقلبوا عاليها سافلها من اجل تغيير النظام؟ واخذ عبد الرحمن وعمر وعلي ومحمد يحرسون الكنائس والمتاحف من اي شر مستطير ومن اي بائس همجي متهور؟ واخذ يوسف وحنا وبطرس يحرسون المساجد والمكتبات اثناء انشغال شباب المسلمين في صلاتهم ؟؟

للاسف، الشعب الفلسطيني خسر على جبهتين : لقد ضحى في نضاله ضد الدولة الصهيونية وسالت دمائه دون رجال سلطته ( الا من رحم ربي من القيادات المتقدمة الملتصقة بجماهيرها) في كل شبر على التراب الفلسطيني من جهة، وكان فعلا متقدما على قياداته،،، وقد رزق من جهة اخرى بقيادات فلسطينية فاسدة مفسدة، ذهبت بفضل انانيتها واستئثارها بالحكم بمواطن قوته وعزته وكرامته واخذت منه مقومات صموده ، وجرأت العدو على استباحة الدم الفلسطيني الحر ، وساهمت في انقسامه الاخير الذي اساء لتاريخ فلسطين، كما وأساء ايضا باطالة امده للاخوان العرب جميعا الذين يتحملوا جزءا غير يسير من وزر الانقسام. هذه هي الصورة، انها صورة "ابيض واسود" ولكن معانيها تنطق بما لا تستطعه الملونة.
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد

ملخصات تغذية الموقع
جميع حقوق النشر محفوظة 2009 - (صنعاء نيوز)