shopify site analytics
بوتين يفوز بانتخابات الرئاسة - معارك ضارية بين فصائل الانتقالي في عدن - خارجية صنعاء تستهجن إدانة مجلس الأمن الدولي للعمليات اليمنية - العبودي يكتب: اِستثمار السكن ليس لفقراء العراق - منيغ يكتب: لقضايا بقايا في موريتانيا (2 من 5) - القدوة يكتب: النظام الدولي يفقد مصداقيته أمام دموية حرب غزة - نظرة أولية للدراما اليمنية والعربية في رمضان - الصناعة تدشن حملة للرقابة على الأسعار - أصيب بنوبة صرع.. إلغاء مباراة بالدوري الأرجنتيني بعد انهيار لاعب - فلسطين تحمِّل إسرائيل مسؤولية حياة الموجدين بمجمع الشفاء الطبي -
ابحث عن:



صنعاء نيوز - 
اسمي نهى، أعمل أخصائية نفسية واجتماعية، ولي خبرة تتجاوز العشرين عاما في مجال الاستشارات النفسية والاجتماعية، واعمل مع طاقم

الإثنين, 01-مارس-2021
صنعاء نيوز/ قصة: هايل علي المذابي -


اسمي نهى، أعمل أخصائية نفسية واجتماعية، ولي خبرة تتجاوز العشرين عاما في مجال الاستشارات النفسية والاجتماعية، واعمل مع طاقم من الأخصائيين في مركز لتقديم الخدمات الصحية والاجتماعية بكافة أنواعها منذ قرابة إثنا عشر عاما، وطوال سنوات عملي لم يبعث شيء فيّ الرغبة في الحديث عنه، كحالة غريبة، أو شيء غير مألوف، مثلما حدث معي صباح هذا اليوم، ولعله بالتأكيد ما دفعني لكتابة هذا التقديم ونشر هذه الأوراق..
كنت جالسة صباح هذا اليوم بمكتبي في المركز، كما جرت العادة، استقبل الحالات بشكل مباشر، واستقبل الاتصالات، واصغي لها ثم أقدم لها الاستشارة المناسبة، وأثناء ذلك، وبينما كنت منهمكة بكتابة مسودة أولية لنقاط إرشادية حيوية حول كيفية التصدي نفسياً لتداعيات جائحة كورونا، وحول طريقة الاستعداد للتعامل مع الحجر الصحي المنزلي، الذي تفرضه هذه الجائحة، وأساليب التكيف مع الحجر، بناءً على تكليف من إدارة المركز، وبناءً على خبرتي التي أعتد بها وقراءتي حول هذا بكثرة في مصادر عديدة ومتنوعة، وبرغم ذلك فقد أصبت بحيرة كبيرة في إنتقاء التعليمات الجوهرية والمفيدة التي بالفعل فيها نفع للناس، وأثناء ذلك سمعت طرقات بعقل الأصابع على باب مكتبي، كانت طرقات مهذبة وخفيفة، لولا أن انهماكي في صياغة المسودة لم يسمح لي بأكثر من قول تفضل لطارق الباب.
بعد لحظات دخلت عليّ سيدة أربعينية، محتشمة جداً في ملبسها، وعلى آثارها يظهر وقار كبير ورزانة، ألقت التحية عليّ فرددت عليها التحية وأمرتها التفضل بالجلوس.
قالت لي بعد أن التقطت انفاسها قليلاً، اسمي أصيلة، وكنت في سفر دام عشر سنوات، لكنني عدت في القريب، وقد جئت لأقدم من خلالك للناس تجربتي مع الحجر الصحي، وقد وضعت فيه بمجرد أن وطئت قدمي أرض المطار، ومكثت في غرفة مربعة الأركان، لمدة أربعة عشر يوماً كلها خوف ورجاء، لقد تمت ولادتي من جديد، أما تلك السنوات التي قضيتها في الغربة فقد كانت مليئة بالغفلة والنسيان والبعد عن الله، وكنت أعتقد أنني قد لا أنجو بعد أربعة عشر يوماً لزمت فيها ذلك الحجر، كنت أتوقع نتيجة إيجابية تؤكد اصابتي بالفايروس، ولذلك حرصت على كتابة يومياتي في الحجر الصحي على هذه الأوراق كآخر ما يمكن أن أتركه من أيامي المتبقية في هذه الحياة؛ هذه اليوميات تحكي تفاصيل صحوتي من الغفلة، ونواياي ان أنا مُنحت فرصة ثانية، وما أكرم السماء معي فقد نجوت بالفعل، وها أنذا أمامكِ..
وضعت أصيلة أوراقها على مكتبي ثم رجتني أن أطّلع عليها، وإن وجدت فيها ما ينفع الناس فلأنشرها ثم غادرت أصيلة بدون أن أحرك ساكنا أو أقوم بأي اعتراض، فكلماتها هزت أركان قلبي، وتشوقت وكنت على لهفة لقراءة ما بتلك الأوراق وها أنذا أضعها بين أيديكم ليقيني أن بها أفضل وصف حيوي لما كنت أود قوله في تلك الارشادات والتعليمات التي كنت بصدد إعدادها والتحضير لها..

اليوم الأول (١)
الأحد ٧/٤/٢٠٢٠
دخلت غرفة الحجر الصحي في المشفى التي خُصصت لإقامتي فيها لمدة أربعة عشر يوماً، كانت الساعة تشير إلى الرابعة عصرا، تفحصت أثاثها جيداً، كانت رائحة مواد التعقيم الصحية تفوح من كل شيء، بعد أن أغلقت الباب ونزعت الكمامة من على وجهي، وخلعت القفازات المطاطية من كفيّ، وخلعت أحذيتي، فكرت ألا أفعل شيء آخر غير أن أرتمي على السرير، كنت مرهقة جداً من السفر، ومن اجراءات المطار؛ تركت الحقائب كما هي ولمحت قبل أن أضع رأسي على وسادة السرير كتاب القرآن وسجادة الصلاة على طاولة المرآة المقابلة للسرير.
نمت كجثة.
شاهدت في المنام حلما، لم يَدُر فيه أي حديث، شاهدت طفلة وأيادٍ بيضاء مشعة من غير سوء، بعضها يثبت الطفلة وبعضها يشق صدرها، كانت الطفلة تقاوم تلك الأيادي وتصرخ في بداية الأمر، ثم سكنت، واستسلمت، وفي آنية مشعة بالضوء أخرجت الأيادي البيضاء مضغة سوداء من صدر الطفلة، كأنها قلبها، كانت سوداء كالفحم، ووضعتها في الآنية، مضى بعد ذلك وقت يسير حتى أصبحت المضغة السوداء داخل الآنية جوهرة بيضاء مشعة التقطتها الأيادي البيضاء ذاتها ووضعتها مجددا في صدر الطفلة، كانت هذه الأخيرة وكأنها جثة لا تحرك ساكنا أو كمن تم تخديره لإجراء عملية جراحية، لم أتبين صحوها أو أي شيء آخر، لقد انتهى الحلم..

اليوم الثاني (٢)
الإثنين ٨/٤/٢٠٢٠م
لا منأى لمن تتظاهر بأنها عاقلة مثلي، بأن تتشبث بأقوى مافيها "عقلها" وعقلي ضخم ومدهش، كان يدهش كل اساتذتي، لكنه كان مائلا مثل برج بيزا، ومصيره أن يسقط، نعم سيسقط، هذه معرفة أكيدة وحتمية، يعرفها الذكاء النقي "قلبي"..
ولولا هذه القوة العقلية لما تهيأ لي السفر للعيش خارج الوطن وفعل ما لا يقوى على فعله الرجال، لكني كنت غافلة دائمًا..
اليوم فتحت حقائبي وأخرجت كل وسائل الترفيه التي اعتقدت أنها ستعينني على وحدتي وسط هذه الزوايا الاربع، آي بود، جهاز اللابتوب، هواتفي الآيفون والأندرويد، آي باد وجهاز البلاستيشن..
في لحظة خاطفة شعرت بحزن كبير في أعماقي، الوحدة تعمق الشعور بالحزن، تذكرت الطفلة التي رأيتها في الحلم.
ماذا يمكن أن يكون تفسير ذلك الحلم؟ سألت نفسي..
لم أجد أي إجابة سوى التفكير في الانتظار لتخبرني الأيام القادمة. إنه نوع من الاستسلام للقدر وتعبير الرؤى بالأيام.
انشغلت طيلة اليوم بالتنقل من جهاز إلى جهاز حتى سئمت، في العاشرة مساء خلدت إلى الفراش.
في نومتي شاهدت ذات الرؤيا التي شاهدتها في اليوم السابق!؟.

اليوم الثالث (٣)
الثلاثاء ٩/٤/٢٠٢٠م
الرابعة فجراً، صوت المئذنة قريب جداً من المستشفى، وصوت شعائر صلاة الفجر يملئ الآفاق..
استيقظت ومكثت ساكنة في الفراش، اصغي لحديث الوجود، وزلزلني صوت قارئ القرآن "ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله" ثم "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله، إن الله يغفر الذنوب جميعاً"..
في ذات اللحظة تذكرت تلك الطفلة في الحلم..
نظرت في بهو الغرفة لم أجد شيئاً مهما أتأمله ويستحق وقوف النظر عليه إلا ذلك المصحف وتلك السجادة.
أقلقتني فكرة أخرى في نفس الوقت، قلت: ماذا لو كنت مصابة بالفايروس، هل سأموت؟ وكيف لي أن أموت وأنا على هذه الحال؟ ومن ذا سيصلح ما أفسدته طيلة هذه السنوات من علاقتي بخالق الكون؟!.
كنت أفعل المعاصي وفي قلبي أمل أني سأصلح ما أفسده قبل أن أموت. كان تفكيرا غبيا أحمقا، هل يجب أن أستيقظ الآن وأدرك نفسي!؟
شعرت بالذنب وأمضيت بقية اليوم في المحكمة، الشعور بالذنب نوع من أنواع التحول، تحول ذهني إلى قاعة محاكمة، قضاة ومدعين ودفاع ومحامٍ وشرطة ونيابة وشهود ولائحة إتهام ومتهم هو أنا.

اليوم الرابع (٤)
الأربعاء ١٠/٤/٢٠٢٠م
قد يخطئ من يعتقد أنني عندما أتحدث عن معاصي ارتكبتها في حياتي أنني كنت مجرمة أو أنني تجرأت وتجاوزت حدود القيم والأعراف والعادات والتقاليد الاجتماعية التي نشأت عليها، أو انتهكت مبادئ الشرف التي هي زينة الفتاة وفخرها في الدول العربية، كلا، الأمر أبسط بكثير، أكبر ذنب اقترفته كان يخصني أنا فقط، وأعتبره سلوكا شخصياً، مثلا كنت أقطع الصلاة وأتجاهل صوت الآذان ولا أغلق صوت الأغنية أثناء سماع المؤذن، كنت أتهرب من سماع القرآن، كنت لا أصوم رمضان بعذر وبدون عذر، هذه كل ذنوبي ومعاصي التي أطلب من الله غفرانها لي وأرجو أن أصنع من الأفعال الطيبة ما يعوض تقصيري ذاك وعصياني..
اليوم نويت أن أصلي جميع الفروض، ونويت قراءة ما تيسر من القرآن.
تدهشني آية أفسر بها حالي: "ومن يعرض عن ذكري فإن له معيشةً ضنكا، ونحشره يوم القيامة أعمى...".

اليوم الخامس (٥)
الخميس ١١/٤/٢٠٢٠م

اليوم تخليت عن الأكل، لم استطع التكيف مع هذا الاكل الذي يقدم لي هنا، باعتبارات صحية، وبحثت عن فكرة أجدى وأكثر نفعا، بحثت عن موضوع الصيام في شبكة الإنترنت في كل الديانات ووجدت أن بوذا بالصيام تعلم كيف يعيش، وصام موسى أربعين يوما قبل أن يستلم الوصايا من الرب، وصام عيسى أربعين ليلة قبل أن يتمكن من مقاومة وساوس الشيطان.. الصيام جنة المسلم..
فكرت ملياً في كل هذا وقلت لنفسي لن اتغلب على الوساوس ولن أتعلم الإلتزام إذا لم استطع تعلم الصيام واثبت وأداوم عليه. من جهة أقضي ما عليّ مما فاتني وأخفف الحمل عني، لعل الله يتقبل ذلك ومن جهة أعيش حياة جديدة تماماً من الوساوس التي تأتي بها امتلاء المعدة، أريد أن أكسب لياقة روحية أعيش حالة من النرفانية طيلة هذه الأيام الباقية لي فإن نجوت كان درسا لي احفظه ولا أنساه وان لم انجوا سألت الله أن يقبل مني ويغفر لي ويرحم ضعفي وقلة حيلتي.
لقد فات موعد البدء في الصيام لهذا اليوم ولتكن بدايتي من الغد..

اليوم السادس (٦)
الجمعة ١٢/٤/٢٠٢٠م

لم أنم ليلة البارحة، فقد انتظرت الفجر، وأمضيت الليل في قراءة القرآن، ثم تسحرت بنية الصيام، وصليت الفجر وشعرت بشعاع ينفذ من صدري ليضيء أرجاء الغرفة، هذه الطمأنينة و السكينة كنت أبحث عنها طيلة عقد من الزمن لولا أني لم أجدها في أي شيء مما رأيته في حياتي تلك التي عشتها ..
نمت بعد ذلك، و في المنام رأيت ذلك الحلم " الطفلة التي يغسل قلبها في اناء من النور"، تنهض بعد أن يصبح قلبها مضيئا كجوهرة ، نهضت فكان نور قلبها يضيء أينما ولى وجهها، وحيثما ذهبت..
استيقظت على الظهيرة فصليت الظهر، وجلست أقرأ القرآن حتى صلاة العصر، ثم صليت و عدت لقراءة القرآن حتى المغرب، أفطرت بحبات التمر وشربت كوبا من الماء، وكنت أشعر أنني ولدت من جديد بما أفعله، وبعد صلاة العشاء قررت أن يكون لي برنامج غني ومثمر أمضي فيه وقتي حتى العاشرة، فبدأت أطّلع على مواقع الأديان المقارنة وأستفيد من تجربتي السابقة في بلاد المسيحيين وما عرفته من صفاتهم، وأعمالهم، و قارنت بين الكنيسة والمسجد، ثم وجدت خبراً آلمني كثيراً وهو عن بلوغ عدد الملحدين في الوطن العربي حدا لا يمكن تصديقه، خمسة وثمانون مليون ملحد حسب إحصاءات مواقع التواصل الاجتماعي، والعدد قابل للزيادة، وقررت أن أجعل هذا الموضوع تفرغا للقراءة فيه في اليومين القادمين أشبعه بحثا تفكيرا وتحليلا..
في العاشرة نمت بنية أن أستيقظ في الثانية بعد منتصف الليل لأصلي قياما، وأدرس القرآن حتى يحين وقت السحور، وبعده الصلاة والنوم ...

اليوم السابع (٧)
السبت ١٣/٤/٢٠٢٠م

نهضت في وقت الظهيرة، و تذكرت أن من الواجب عليّ صلة الرحم، فذلك مما يقع فيه الكثير من الناس من الكبائر، ورغم هذه القطيعه التي بدأت منذ عشر سنوات فقد تذكرت قول الأولين " العود أحمد" أي الفضل لمن يكون عودته أولا إلى صلة أقاربه و أحبابه، أخرجت دفترا قديما أحتفظ فيه بأرقام هواتف من قطعتهم ذات يوم، لسبب، و بدون سبب، سيما بعض الانشغال، و بدأت اضيفهم واحدا تلو الآخر إلى هاتفي، واتصل بتلك الأرقام، فوجدت أن بعضهم نسيوني فذكرتهم بي، ووجدت بعضهم لم ينسى و عاتبني، وبعضهم كان قد مات كما أخبروني أقاربه، وهكذا أمضيت وقتي حتى موعد النوم العاشرة مساءً...!!

اليوم الثامن (٨)
الأحد ١٤/٤/٢٠٢٠م
بعد أن هدأ الشعور بالذنب في دواخلي بإصلاح الكثير مما أفسده الغياب الذي قضيته بعيدة عن الوطن، وبعيدة عن الله، وبعيدة عن الأقارب والأصدقاء، قررت اليوم أن أفسح الطريق لبعض الأفكار المفيدة في هذه الأوراق وفكرت في أن أتحدث اليوم في تحليل أسباب شيوع ظاهرة الألحاد كثيراً في أوساط الشباب شرقا وغربا والتي كنت قد عزمت على التفرغ لها منذ يومين..
وقمت بتحرير مقال في مذكرتي بعنوان:
لماذا يلحدون!؟
"إن الإتساع التأويلي في ما يحمله النص الديني يفرض إتساعا في معاني الخير التي يحملها المعنى ويوجب أن تحمل عليه، لكن غسيل المعرفة للنصوص الدينية يجعل المعنى يتسع في اتجاه الشر، ولكن ليس لأنه قابلٌ لهذا، حتى لو توافق قليلا مع هذا التصور أو هذا الإتجاه في التأويل، ولكن لإن رغبات الإنسان الذي يقوم بالتأويل، وشهواته أو حتى طبيعته الأخلاقية، هي ما تفرض على معنى النص أن يسير في هذا الإتجاه ويحمل على هذا الوجه تلبيةً لها.
وهنا لا تختلف المعرفة السوداء في المؤسسة الدينية عن الشكلين الرئيسيين لغسيل المعرفة، ففي الشكل الثاني يتم غسيل المعرفة في المؤسسة الدينية حين يتم تصريف المعرفة الدينية النظيفة المأخوذة من مضانها الأصيلة واستخدامها في تبرير القتل والإرهاب والتحريض على ذلك أو توظيفها في إيصال رسائل ليس لها علاقة بالدين ومنها المسائل الشخصية على سبيل المثال توظيف النصوص الدينية آيات وأحاديث وظائف غير أخلاقية نظرا لاتساع اللفظ واتساع المعنى أيضا وكذلك تصبح هذه المعرفة النظيفة معرفة سوداء حين تستخدم في المنابر لإيصال رسائل ليس لها علاقة بالدين وإنما بغرض إيصال رسائل معينة لأشخاص وقد ورد مثل هذا الكثير في مواضع كثيرة من قصص التاريخ الإسلامي.
لكن المسألة الأخطر حيث تصبح فيها المعرفة الدينية النظيفة معرفة سوداء قاتمة حين يستخدم النص الديني في تبرير القتل والتخريب والعمليات الإرهابية لإن الضرر هنا لم يعد مقتصرا على صاحب الفعل فقط بل إنه يصور المعرفة الدينية النظيفة في نظر العالم على انها معرفة قذرة سوداء تحرض على التخريب والموت والقتل والإرهاب وأن هذا الدين ومن يعتنقونه هم جميعا نمط واحد من الأشخاص غير المتحضرين المتعصبين والمجرمين.
ولعل أوضح الأمثلة على ما بلغته المؤسسات الدينية من الوحل والمعرفة القذرة والسوداء التي أصبحت سمة بارزة لها هو ان آخر الإحصائيات تشير إلى أن عدد الملحدين في الوطن العربي قد وصل إلى 85 مليون ملحد وهذا العدد قابل للزيادة بالضرورة كل يوم، ولا يختلف الامر عن الغرب كثيرا فثمة مؤسسات خاصة بالملحدين اخذت تتوسع بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة كما ان هناك مطالبات على نطاقات واسعة بقوانين أكثر مرونة من اجل حرية الملحدين في طرح آرائهم والحفاظ على سلامتهم مما قد يهددهم من المتعصبين والمتطرفين. وكما يبدو فإن هذا نتيجة طبيعية للانحراف الملحوظ نحو المعرفة القذرة في مؤسسات الدين خصوصا حين تبرر الإرهاب وتصدر فتوى التكفير وتبيح أرواح أهل الفكر أو تعتقلهم لمجرد اشتباه بلا يقين وأسباب في نفس هذا الاتجاه كثيرة.
إن النصوص الدينية بكل أنواعها وفي كل الديانات كانت غايتها الحفاظ على التوازن في المكونات البنيوية في المجتمعات، حتى يكون هناك تكافؤ بين الفضيلة والرذيلة، بين الجدوى واللاجدوى، بين المبنى والمعنى، لكن هذه الغايات تضاءلت كثيرا وتشوهت معالمها بسبب فساد المؤسسات الدينية وسيرها على غير هدى بعيدا جدا عن هذه الغاية.

اليوم التاسع
الإثنين ١٥/٤/٢٠٢٠م

أمضيت اليوم بأكمله في محاولة إدراك رسالة كورونا التي يوجهها للعالم ووضعت سؤالا افتراضيا:
ماذا قال كورونا للعالم؟
وخلصت إلى أنه يعيد العالم إلى مربع الإنسانية الأول، إنه يردد مقولة نبي الله في فتحه المبين، فتح مكة، بطريقة لا يفهمها إلا الراسخون في العلم:
"يا بني آدم إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء كلكم لآدم وآدم من تراب....... إلخ ثم يعيد درس المساواة الذي نسيه أبناء آدم ويقول:
"ومن دخل داره فهو آمن"

اليوم العاشر (١٠)
الثلاثاء ١٦/٤/٢٠٢٠م

اليوم أطفأت القناديل، وتخليت عن الضوء، واستسلمت لنوبة للتأمل غشتني، أغمضت عيني، وانسربت إلى دواخلي، ففي الباطن، فقط، نجد السعادة، ونجد الحكمة، وأمضيت الكثير من الوقت الذي لم أشعر به، ووجدت ضالتي من الحكمة، هناك، في الأصقاع البعيدة في أعماقي:
الحق مثل الشمس، يسطع في أرض ويغرب في أرض، و مثل البحر في مد وجزر، يظهر حينا فيزول به الباطل، ويختفي حينا فيسود الباطل. فالصراع بينهما سرمدي لا يزول.
استيقظت وقلت أخيرا بعد عقد من الزمن، لقد غرب الباطل في قلبي وسطع الحق.

اليوم الحادي عشر (١١)
الأربعاء ١٧/٤/٢٠٢٠م
لا شيء مميز في هذا اليوم سوى فرحتي بالاتصال بالله، بإقامة الصلوات وعبادته، وقراءة القرآن من الغسق حتى الغروب.

اليوم الثاني عشر (١٢)
الخميس ١٨/٤/٢٠٢٠م

استهوتني ذات حكاية وأرقتني فكراً مُذ قرأتها في فزّة صباي ..،فتىً جميلٌ يافعٌ فارسٌ يُبعث برسالة إلى قومٍ يدينون بالولاء لمُرسلها " الملك"، ولطول الطريق ووعورتها يُصيب الفتى نصب السفر، وينال منه التعب فتسوقه الأقدار ليحل ضيفاً لدى رجُلٍ كريمٌ لهُ بنات، ألفين في الفتى صفات من تحلم به كل فتاة بعلاً لها ، فجعلن يتهافتن على خدمته وراحته وما فتئن يتهامسن عنه ويتغامزن ولكن على غفلةٍ من أبيهن ، وحين أخذ الفتى يحكي قصته لوالدهن والرسالة التي همّ إيصالها على عاتقه، كنّ يسترقن السمع خلسةً ويتلصصن من وراء حجاب وانتابتهن رغبة فضول عارمة لمعرفة ما بتلك الرسالة وما سبب أهميتها ، فتركنهُ حتى خلد إلى سُباته وفتحنها، وكانت المفاجأة أن أدركن بها حتف الفتى ...!!؟
أشفقن على حاله، وأسفن كثيراً، وأدركن إذ أدركن أنّها مكيدة دبرها " الملك"، ولفرط حيرتهن حيال الأمر اضطررن إلى البحث عن طريقة ينقذن بها الفتى واستثنين أن يعرف الأمر فأمانته وأخلاقه وولاؤه وإخلاصه يستحيل وذلك ..!!
لقد كنّ كفقير وجد جوهرةً بجانب قصر الأمير فأشفق أن يتركها خشية إملاقهِ وفقره وخاف أن يأخذها خشية الأمير ..!!
استثنين تغيير الرسالة فهي موشومة بختم الملك، وبعد تفكير مستفيض أهتدين إلى أن يُضِفن حرفاً إلى كلمات الرسالة غيّر مضمونها تماماً وكُتِبَ بهِ عمرٌ جديدٌ للفتى ..!!
ذلك الحرف الذي صنع قدراً جديداً للفتى وغير مضمون الرسالة، هو التغيير الذي يحلم به ويتمناه وينتظرهُ الكثير من البشر بيد أنهم لا يُدركون ذلك..،
هذا الحرف الذي جعلني أتغير هو فايروس كورونا فقط .. اليوم أدركت هذا جيداً..
لا شيء أكثر فعلته اليوم سوى تذكر هذه القصة والانغماس في حالي.

اليوم الثالث عشر (١٣)
الجمعة ١٩/٤/٢٠٢٠م

اليوم أبلغوني أن غداً سيكون يوم الفحص الخاص بالإصابة بالفايروس وعلي أن أقلق لو كانت نتيجة الفحص إيجابية، فكيف سأعوض تلك السنوات من الغفلة والضياع بعيدا عن الله ومحبته، لكن لا بأس إنني أثق في كرمه ولطفه لتكن نجاتي هي الفرصة الثانية التي أولد بها من جديد.. سأصلي هذه الليلة وكلّي دعاء ورجاء .. يارب
يارب حسن الخاتمة.
"إلهي ما سألت سواك عونا
فحسبي العون من رب قدير
إلهي ما سألت سواك هديا
فحسبي الهدي من رب بصير
إذا لم استعن بك يا إلهي
فمن عوني سواك ومن مجيري".

اليوم الرابع عشر (١٤)
السبت ٢٠/٤/٢٠٢٠م

الإنسان هو ابن الدهشة الأولى.. دهشة الضوء، يتبعها، يبقى أسيراً لها..
كان الكون سديماً حتى اندهش بنور الله، و تهجى أبجديات الفجر من نوره الذي لا ينطفئ..
لذلك مازال السديم من عبيد نوره.. أسيراً لحكمته، يتبع الفجر القادم من ضياءه حتى لا يمسي من الضآلين..

اليوم ولدت من جديد..

آنست نورا!.
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد

ملخصات تغذية الموقع
جميع حقوق النشر محفوظة 2009 - (صنعاء نيوز)