الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:
برز اسم الضابط في جيش الاحتلال الإسرائيليّ، أفينوعام إيموناه (42 عامًا) في العناوين، إثر إعلانه استقالته من الجيش، بعد أنْ تبينّ له أنّه لن يحصل على الترقية التي أرادها. يبدو اسم عائلته إيموناه، وهي تعني بالعربيّة إيمان، كأنّه منحه إياه مُخرِجٌ يميل إلى الرمزية الفاضحة.
هذا الضابط، وهو من سُكّان مدينة (كتسرين) في هضبة الجولان العربيّة السوريّة المُحتلّة، متزوّج وأب لسبعةٍ، هذا الضابط المحبوب من أتباع رئيس الوزراء الإسرائيليّ السابِق، بنيامين نتنياهو والمستوطنين، لا ينقصه الإيمان، وهو الذي أعلن خلال عدوان “الرصاص المصبوب” في أواخر العام 2007 على قطاع غزّة أنّ ما يقوم به في ساحة المعركة ينجح بفضل “المعجزات” التي تدلل على الرعاية الربانية، وفي ختام الحرب، حصلت الكتيبة التي كان يقودها على وسام البطولة.
ووفقًا للمُحلِّل الإسرائيليّ، روغل ألفر بصحيفة (هآرتس) العبريّة، فإنّ “أتباع نتنياهو يُشيرون إلى أنّ سبب إغلاق الطريق أمام هذا الضابط إلى هيئة الأركان العامة يعود إلى مؤامرة يسارية ضد آرائه اليمينية، وإلى إيمانه الديني الحاد، فهو لا يحرس الحرم الإبراهيمي فقط، بل يلتقط الصور وهو يصلي بداخله أيضًا، الذي لم يخبئه يومًا”.
وتابع المحلل:”بهدف توصيل الصورة إلى المجتمع لأي ضابط خسر، تمّ نشر فيديوهات على شبكات التواصل الاجتماعي من بطولته، أحدها تمّ تصويره في يوم الدخول إلى غزة خلال “الرصاص المصبوب”، ويبدو فيه إيموناه وهو يخطب في جنوده. ومع ابتسامه غريبة لا تفارقه، قال لهم بما معناه أنّه “لن يكون من الجيّد الليلة أنْ تكون عربيًا”، وردوا عليه بالضحكات والتصفير والتصفيق. مؤكّدًا “سترونهم يهربون طوال الوقت”، كمن يطرح رؤية توراتية، وأضاف، بفخر: “اقتلوهم وهم هاربون”.
ولفت المحلل إلى أنّ “هذا لم يُقَل بسبب الجو العام”، لقد كانت أوامر، والأوامر يجب تطبيقها، جنوده صفقوا مرة أُخرى، نعم أيها القائد، سيقتلونهم وهم يهربون. ثم أمرهم “ابتسموا”، متابعًا أنّه “يجب الاستمتاع بهذا”. وأوصاهم “حاولوا”، ملوحًا بيده تجاههم للتأكيد، “حاولوا الاستمتاع بذلك”.
وشدّدّ المحلل، المعروف بآرائه اليساريّة والتقدّمية، شدّدّ على أنّه “من الممتع القتل بملابس الجيش الإسرائيلي. صحيح، القتل. يحاولون الاستمتاع بذلك. يقومون به بابتسامة. الحرب بالنسبة للضابط إيموناه، هي عملية ترفع المعنويات وتُفرح قلب الإنسان. عليه أنْ يقول هذا للكثيرين من الجنود الذين خرجوا من ساحة المعركة بأزمات نفسية عميقة، يعانون ويتألمون، ويحملون معهم آثار ما بعد الصدمة طوال الحياة، بدرجات مختلفة. الحرب هي جهنم. لكن أوامره تشير إلى أنّ الحديث يدور عن ساحة صيد بط”، كما قال.
عُلاوةً على ما جاء أعلاه، لفت المحلل الذي نقلت مؤسسة الدراسات الفلسطينيّة مقاله إلى العربيّة، لفت إلى أنّ “الدافع لدى إيموناه هو ابتسموا، اقتلوا، واستمتعوا. ومن المعروف أنّ الحرب تُدار استنادًا إلى قوانين الحرب الدولية التي تدعو إلى الالتزام بنسبة معينة أساسية من العدل والإنسانية والاحترام، ومن دون ذلك، لا يعود الموت شرعيًا ويتحول إلى قتل”، على حدّ تعبيره.
وأضاف المحلل:”هذه القوانين تقرّ، بوضوح، أنّه وفي اللحظة التي يضع الجندي فيها سلاحه جانبًا ويستسلم، قتله ممنوع، وكذلك يُمنَع اللحاق به إلى أبعد من مسافة معقولة. كل خرق لهذه القواعد، التي تحدد السلوك المعقول، يُعَد جرائم حرب”، كما أوضح.
المحلل ألفر مضى قائلاً:”مقولة “اقتلوهم وهم يهربون” هي أوامر بالقتل. مَن عليهم أنْ يقتلوا؟ العرب. بغضّ النظر مَنْ هم من دون تفريق. وهذا عندما قال “من الليلة، لن يكون من الجيد أنْ تكون عربيًا”، كل عربي. وماذا عن الجنود الإسرائيليين الهاربين؟ هل من المسموح أيضًا إطلاق النار عليهم من الخلف؟”.
ونبّه المُحلل إلى أنّه “في مقالة نشرها الضابط إيموناه عام 2015 في المجلة العسكرية “معراخوت” التابعة للجيش الإسرائيليّ، تحت عنوان “قيادة القائد في ساحة الحرب”، أطلق على “ابتسموا – اقتلوا – استمتعوا” صفة “كلمات مشجعة”. وماذا يحدث إذا مات جنوده؟ على القائد أنْ يوضح لجنوده أنّ “هناك ما يشرعن الثمن الكبير، وسيكون ضروريًا، وأيضًا أنّه “لمصلحتنا جاء الدور علينا للمشاركة في هذه المهمة السامية”، على حدّ تعبير المُحلّل، الذي خلُص إلى القول إنّه لم يعد كافيًا القول إنّه من الممتع الموت من أجل أرضنا، بل يجب القول إنّه يجب أنْ نموت من أجل أرضنا، مع ابتسامة على وجوهنا، على حدّ توصيفه.