صنعاء نيوزاستطلاع/ نبيل علي -
احذروا الخطر.. الأسلاك الكهربائية في متناول الأيدي


* حركة خاطئة في غفلة عابرة تصنع الفاجعة.
* الأطفال والعمال أبرز ضحايا الأسلاك المكشوفة.


أصبحت أسلاك وكابلات الكهرباء والضغط العالي المكشوفة التي تمر بالقرب من نوافذ وشرفات المنازل وعلى ارتفاع قريب من مواقع عمل مختلفة وغيرها، تشكل خطراً وكابوساً يؤرق المواطنين الذين يعيشون تحت رحمتها خوفاً على حياتهم أو حياة ذويهم وبالذات الأطفال وغير المدركين للخطر القريب منهم.
في هذا التحقيق نحاول أن نوضح خطر هذه المشكلة وكيف يمكن أن تتحول خدمة وفائدة الكهرباء إلى خطر على الأرواح والحياة..
خطر محدق
عبدالله حميد السيد فني كهرباء يتحدث عن ذلك بالقول: الأسلاك وكابلات الضغط العالي الكهربائية المكشوفة التي تمر من قرب نوافذ وشرفات المنازل بقدر الخدمة التي تقدمها صارت تمثل كابوساً كبيراً لأرباب الأسر وساكني هذه المنازل وخوفهم من ذلك يتعاظم أكثر على الأطفال والذين لا يدركون مدى الخطر والأذى الذي سيلحق بهم إذا هم لمسوا الأسلاك أو الكابلات وهي تنقل التيار الكهربائي.. ويزداد الخوف أكثر على الأطفال في ظل غياب الأشخاص الكبار وأرباب الأسر وانصرافهم للعمل أو مشاغل الحياة.
وليس هذا فحسب بل يمتد الخطر إلى أبعد من ذلك فمثل هذه الأسلاك والكابلات الكهربائية المكشوفة التي تمر قرب نوافذ وشرفات المنازل، توجد أخرى تمر من فوق بوابات المحلات أو الجدران القريبة من فوق البوابات وغيرها من هذه الأسلاك والكابلات تشكل خطراً كبيراً على حياة وأرواح من يعيشون قربها.
حوادث أليمة
برهان الصهيبي يقول إنه ما زال يتذكر وبألم شديد ما تعرض له أحد زملائه أثناء عملهم في أمانة العاصمة عندما قام زميله دون علمهم، بأخذ قضيب حديدي وحاول رفع كابل كهربائي كان يمر من فوق مكان عملهم قرب أحد المنازل، ليتمكن وايت الماء من الدخول إلى حوش المنزل وأضاف:
انتبه أحد زملائه المتواجدين في مكان العمل لما يقوم به زميلهم فصاح به ولكن الخطر كان أقرب من التحذير، حيث كان القضيب الحديدي الذي يحمله زميلهم قد لامس الكابل الكهربائي ووصل التيار الكهربائي إليه ولكن عمره كان ما يزال فيه بقية فلم يمت إلا أنه أصيب بعاهات كبيرة تمثلت في تقرح عضلات اليدين والرجلين وتشرخي وتحطم العظام وانتهى به الحال معاقاً.
عبدالولي حسان ما زال يعاني ويتألم لفقدان طفله ذي الثلاثة أعوام حسام والذي لم يتبق منه سوى جسد متفحم جراء مد يديه وملامسة سلك كهربائي يمر أمام شرفة منزلهم، في غفلة من والديه وإخوانه الذين يعون خطر الكهرباء وملامسة السلك الذي يمر أمام شرفة منزلهم.
تحطم يديها
وفي محافظة إب تناقلت القنوات الفضائية ووسائل الإعلام حصول حادثة مماثلة مع فتاة عمرها سبع سنوات مع فارق أن الفتاة كتبت لها النجاة مع تحطم يديها، وتلخصت الحادثة بأن كابل للضغط العالي يمر من فوق سطح منزل الفتاة التي صعدت للسطح في غفلة من أهلها واللعب ثم مدت يديها للتعلق أو لمس الكابلاً الذي كان يمر فيه التيار الكهربائي والمتدلي قريباً من السطح وبمجرد لمسها الكابل صعقتها الكهرباء مسببة تحطم يديها، ولشدة الصعقة صرخت وهو ما نبه الأهل لإنقاذها لكنها فقدت يديها.
وفي حادثة أخرى كان عبدالملك حاتم ? رحمه الله ? يساعد والده في محل تجاري في محافظة عدن وفي إحدى الأيام هطل مطر خفيف فخرج عبدالملك لينعم بنسمة هواء باردة، فاتكأ على عمود معدني أمام المحل يحمل سلكاً ممتداً من الخط الرئيسي، ولأن السلك مكشوف ومربوط مباشرة على العمود ومع تساقط قطرات المطر ووجود التيار الكهربائي صعقت الكهرباء عبدالملك فصرخ ولم يستطع الإفلات وهب والده والجيران لنجدته دون جدوى وسقط جثة هامدة رحمه الله.
عاجزون عن الإنقاذ
الزميل عصام الحميدي ذكر لي أن زميله محمد قائد ? رحمه الله ? كان يقود قلاب نقل في تعز وفي إحدى الأيام أوصل (زفة - نيس) إلى موقع عمل في وادي القاضي وأثناء تفريغ الحمولة في المكان المحدد للتفريغ والذي يمر فوقه كابل كهربائي كان محمد يقوم برفع مؤخرة القلاب شعر بهزة فحاول الخروج برأسه والجزء الأعلى من جسده من النافذة لمعرفة ما يحدث فصعقته الكهرباء وحينها صرخ وجاء العمال لنجدته لكنهم لم يستطيعوا فعل شيء له لأن القلاب كان قد تكهرب ووقفوا عاجزين عن إنقاذه وهم ينظرون إليه وهو يلفظ أنفاسه مصعوقاً بالكهرباء.
القائمة طويلة
قائمة ضحايا كابلات الكهرباء المشكوفة تطول كثيراً وهم من الأطفال ومن الشباب وكبار السن على حد سواء وفي أكثر من موقع وكثير ما لا ينفع الحذر والوعي وبالذات أثناء العمل في مواقع تكون الأسلاك والكابلات الكهربائية المكشوفة قريبة من تحرك العمال والأشخاص ورافعي الأثقال خاصة الموصلة للكهرباء مثل رافعي حديد التسليح وخلاطات الخرسانات التقليدية ومعدي ومجهزي السقالات المعدنية وسائقي قلابات النيسة والكري وغيرهم.
ونحن هنا لسنا بصدد إثارة المواجع والمشاعر والأحاسيس الإنسانية بقدر ما نود التحفيز والدعوة الجادة والصادقة لإيجاد الحل اللازم للسيطرة على إتساع نطاق خطر ومآسي هذه الظاهرة التي صارت تؤرق الكثير.. وتزهق الأرواح وتسبب العاهات والإعاقات وتضاعف من أعباء المواطنين بمختلف مشاربهم.
إضافة إلى تناول ذلك بعيداً عن الإشارة إلى طرف ما أو أكثر من طرف وتحميله المسئولية الكاملة أو ما شابه، فالكل يعرف مقدار المسئولية التي يتحملها وكذلك إسهامه في صنع هذه المشكلة الخطيرة وما يتوجب عليه فعله للحد من آثارها المأساوية وتفاقم أخطارها أكثر فأكثر.
إسهام المواطن
الأخ عبدالله قاسم مهدي يقول: ما يجب أن يسهم فيه المواطن في هذا المجال هو الالتزام بالبناء وفق المخططات الرسمية وعدم الخروج على الإطار والمكان والمساحة المحددة في المخططات الرسمية وكذلك عدم البناء والارتفاع بدون تراخيص رسمية لتجنب مسار واتجاهات سير أسلاك وكابلات الكهرباء.
الأخ أحمد مطهر العزي يوضح بأن دور المواطن في إيجاد الحلول لهذه المشكلة إضافة إلى ما ذكره الأخ عبدالله قاسم يتمثل في التواصل مع المجالس المحلية كل في حدود نطاقه الجغرافي وإبلاغهم عن وجود أسلاك وكابلات كهربائية قريبة من متناول العامة وخطر ذلك على حياتهم وضرورة تواصلهم مع جهات الاختصاص لإيجاد الحل المناسب لهذه المشكلة، وكذلك الإبلاغ عن الأشخاص المخالفين أو الذين لا يلتزمون بالبناء بموجب تراخيص ومخططات رسمية وأيضاً الإبلاغ عن حالات الربط والتوصيل للتيار الكهربائي غير السليم والربط بواسطة أسلاك وكابلات كهربائية مقطعة ومهترئة، وقبل هذا نصح المواطن المخالف ومحاولة إقناعه بخطورة ما يفعل.
يضيف: إذا لم يتجاوب المواطن ويتم إبلاغ المجلس المحلي وإذا لم يبدي تفاعلاً أو طنش يتم إبلاغ جهات الاختصاص الحكومية وإذا هي الأخرى تقاعست حيال ذلك وهو ما قد يستبعد يتم اللجوء إلى وسائل الإعلام وتصعيد الموقف إعلامياً على مستوى واسع وإذا لزم اللجوء إلى القضاء لأن الخطر الناجم عن ذلك قبل أن يكون خطراً على المخالف هو خطر على العامة وهذا أقل ما يمكن أن يفعله الإنسان المؤمن بضرورة سلامة الأرواح وإيقاف الخطأ أو التجاوز في مراحله الأولى، فكل إنسان مسئول أمام الله على سلامة الأرواح وحياة الآخرين أياً كان موقعه في المجتمع والوطن الذي يعيش فيه، كما أن العرف الإنساني يحتم عليه ذلك.
التعريف بالمخاطر
الأخ سند صالح العبسي يرى أن هذه المشكلة ليست بالبسيطة التي يجب غض الطرف عنها بل إنها مشكلة يزداد خطرها ويطلب من وسائل الإعلام تبني حملة صحفية وتوعوية مكثفة وشاملة للتعريف بمخاطرها وأضرارها على الفرد والمجتمع وممتلكاته وعلى خدمة الكهرباء وجودتها وكذلك المظهر العام وحركة الشارع والأعمال المختلفة وعائدات الكهرباء التي تذهب لتوفير الوظائف وتسليم الرواتب والإسهام في البناء والتطوير التنموي والخدمي الشامل والقيام بتحرك جاد وفعال من قبل الجهات المختصة وتعاون المواطنين والتشاور بين الجانبين لبحث وإيجاد الحلول المناسبة بالتدرج لمعالجة هذه المشكلة وتقليصها شيئاً فشيئاً حتى يتم القضاء عليها مع مرور الوقت.