shopify site analytics
انعقاد المجلس الأكاديمي السابع بجامعة ذمار - القدوة يكتب: الإبادة والانتهاكات الخطيرة بحق الإعلام الفلسطيني - فضيحة: الانتقالي الجنوبي يصرف 1000 ريال سعودي لكل مشارك - الفنان الفلسطيني سانت ليفانت يكشف عن أغنيته "قلبي ماني ناسي - قضم الأظافر عند الأطفال - نجدد عهدنا في يوم شهادة زعيمنا..! - رزمة واحدة من القرارات والقوانين - فلسطين، خنجرٌ في الظهرِ ولكن بدموع التماسيحِ لأجلهِ! - اعادة فتح التحقيق في مقتل شكري غانم رئيس وزراء ليبيا السابق - التحديات والفرص في ندوة علمية بجامعة ذمار -
ابحث عن:



صنعاء نيوز -  لقد ثبت على مر العصور أن الكلمات التي ترتاد الطريق وتقود إلى التطور والتقدم لا تكون متسخة ولا وقحة 
- وسائل الإعلام نجحت في اختراق حواجز المنع لكنها فتحت الباب لبعض من لا يحسنون استخدام أدواتها الفنية والإعلامية
- د . عادل الشجاع: 
- وسائل الإعلام العربية ركزت على إصلاح الحاكم دون المحكوم وهذا سبب الخطاب العدائي والمتدني 
- الشيخ محمد العامري:

الثلاثاء, 24-مايو-2011
صنعاء نيوزتحقيق / محمد محمد ابراهيم -

الخطاب السياسي والثقافي لدى الشباب .. تدنٍ مؤلم رغم سعة أدوات الرقي!

- - لقد ثبت على مر العصور أن الكلمات التي ترتاد الطريق وتقود إلى التطور والتقدم لا تكون متسخة ولا وقحة
- وسائل الإعلام نجحت في اختراق حواجز المنع لكنها فتحت الباب لبعض من لا يحسنون استخدام أدواتها الفنية والإعلامية
- د . عادل الشجاع:
- وسائل الإعلام العربية ركزت على إصلاح الحاكم دون المحكوم وهذا سبب الخطاب العدائي والمتدني
- الشيخ محمد العامري:
- الأحزاب لم تنهض بدورها في تثقيف الشباب سياسياً وثقافياً واجتماعياً واستغلتهم كأدوات لا عقول..
سنان العجي:
على الشباب أن يدرك أن التغيير الذي ننشده جميعاً هو للأفضل وبخطاب يرقى لمستوى ثقافة اليمني الأصيل
باحثو الاتصال والإعلام:
- مواقع التواصل الاجتماعي عززت تدني مستوى الخطاب بين الشباب ورمت حبالها في التكوين القيمي
(كأنك وحدك يا شعب / من يرفع الكلمات على كتف الصدق / يأبى لها أن تخون /وأن تتدنس بالزيف والابتذالْ ./باطلٌ كل ما زوروه /وما زيفوه/وما أطلقوا من شعارات باسمك يا شعب / يا مصدر الحب والحق / والاعتدالْ..) لم أجد ما أبدأ به سطور هذا التحقيق الصحفي أرقى وأكثر تعبيرا من هذه التأملات التي كتبها شاعر ومثقف اليمن الكبير الأستاذ الدكتور عبد العزيز المقالح في خاتمة مقال له نشر في صحيفة «الثورة» في 3مايو 2011م تحت عنوان «انحطاط الخطاب السياسي العربي» والذي فند فيه راهن تدني الخطاب السياسي والثقافي بين الشباب العربي .. وما أصعب أن تجرنا ضمنياً سياقات المقالة الرائعة والمنصفة بلا مواربة بل والدقيقة في توصيف معضلة الأمة إلى إسقاط ذلك على واقعنا كيمنيين نمر بأزمة اختلاف الرؤى والاحتقان السياسي الذي يعصف بأمن البلد وهو ما لفت انتباهي وانتباه الكثيرين إلى الوقوف حيرة وتساؤلا عن السبيل الأمثل للارتقاء بواقع الخطاب السياسي والثقافي بين الشباب ولما يعزز قيم التسامح والتعايش بين أبناء الوطن الواحد.. السؤال الأهم هو ما أسباب تدني الخطاب السياسي لدى الشباب ؟ ماذا تضيف الأحزاب للشباب على صعيد الرقي بلغتهم وخطابهم السياسي والثقافي؟

> الاختلاف بمفهومه العام سنة الله في الأرض ولا ينكر ذلك أحد لكن ما الذي يميز اختلاف الأمم واتفاقها؟ تذهب المراجع التاريخية والفكرية ذات النصاعة والإيجابية الحقيقية في سجل التاريخ إلى أن لغة التخاطب والحوار هي محك ومرتكزٌ مهمٌ في حياة الأمم المختلفة والمتفقة وحتى المتصارعة، وهي حجر الزاوية في مسيرة السلام الإنساني الذي حوله تمحورت الشرائع السماوية والموضوعة أممياً عبر العصور.. وفي الأعم الأغلب تقاس مستويات الحضارات باللغة ومستوى الخطاب وان اختلفت الوسائل.. فإذا كانت اللغة راقية ومقاربة لقيم الجمال والإيجاب الذي يجد الإنسان فيها نفسه الكائن الذي كرمه الله بالعقل الذي يُخاطب من خلاله، تكون هي المدخل الأنجع والأداة الفاعلة في إرساء السلام، وعلى النقيض من ذلك كلما تدنت مستويات اللغة ونحت منحىً يجد الإنسان ذاته فيها مخاطباً بما لا يمثل مقامه المقدر على سائر الكائنات فإنه يتحول إلى متوحش ويقتتل مع ابن جلدته وأخيه ولم تكن فتنة جرم أول قتل في الدنيا إلا ناتجة عن .. خطاب شيطاني وجد أحد أبني آدم نفسه أدنى مكانة من أخيه..
اليمـن.. طلائعية الأمم
> بعيداً عن الفلسفة والمنطق الإيجابي المؤصل لأهمية الرقي في خطاب الأمم ولغتها التي تتعاطى مع العقل الانساني لا مع العاطفة الانفعالية خارج العقل.. فنحن بصدد التطرق لأعتى موجة تعصف بشباب اليمن الذين وجدوا أنفسهم فرقاً وأحزاباً (في كل الأحزاب دون استثناء) منجرين وراء خطاب عدائي لا يرقى بمستوى طبيعة وثقافة اليمنيين المشهود لها في الكتاب والسنة بالحكمة والمكانة المتقدمة في تراتب الأمم الحضارية والطلائعية ذات الألباب الفطنة والأحاسيس الرفيعة التي من شأنها كسب قيم السلام والتعايش الإنساني بين الأمم على مر العصور (أتاكم أهل اليمن هم أرق قلوباً وألين أفئدة) صدق رسول الله صلى عليه وسلم.
هذا الاستشهاد الذي سيظل فخر كل عربي أصله اليمن لفت إليه المثقف اليمني النائب سنان العجي - عضو مجلس النواب - حين طرحنا عليه سؤالاً عن أسباب تدني لغة وخطاب الشباب سياسياً واجتماعياً وثقافياً.. حيث تطرق باستفاضة عن الواقع الذي صار عليه شباب اليمن "عماد الحاضر وكل المستقبل" باعثاً الأمل بإفاقة عاجلة لبعض الشباب الذين استغلوا على حين غفلـة - وجدوا أنفسهم عن طيبة وحماس وولاء وطني- في بوتقة اللغة والألفاظ القاسية ولغة الجفا والهبوط التي لا تعبر عن جواهرهم والخطاب العدائي الذي لا يشز إلا في صفوف أبناء الوطن الواحد والجسد الواحد وحتى بين الأخ وأخيه..
يقول الأستاذ/سنان العجي : أنا أرى في حقيقة الأمر أن الشباب اليمني الطيب والغيور على وطنه والمتحمس والمتطلع إلى مستقبل أفضل ويمن أفضل.. أُستغل من قبل أُناسٍ ليس لهم من تفكير المستقبل سوى تنفيذ أجندة خاصة لا تعبر عن الهم العام للوطن ووجد الشباب أنفسهم في أدنى مستويات لغة التخاطب والتحاور والتعبير عن التطلعات المنشودة.. ولكني وكل العقلاء على ثقة تامة أن هؤلاء الشباب سيدركون وينتبهون لهذا الاستغلال ويدركون أيضاً أن التغيير الذي ننشده جميعاً والذي هو سنة كونية لا ينكرها أحد لا يكون للأسوء وانما يكون للأفضل ويكون بلغة مقبولة خطاب يرقى لمستوى ثقافة اليمني المشهود لها كما أشرنا.. اما بهذه اللغة الموجعة والخطاب السياسي الذي لا يعزز إلا الفرقة والشقاق.. ولا أعتقد أنهم -أي الشباب- يؤملون في ذلك خيراً للوطن وللأمة والدليل على ذلك القاعدة الشريعة العظيمة التي تقول :"درء المفاسد خير من جلب المصالح".
وأضاف العجي: كل ما نتمناه من الشباب الذين لا نشكك في حبهم وولائهم للوطن ان يعوا أنه لا يمكن تغيير المنكر بمنكرٍ أضر وعليهم أن يفتخروا وأن نفتخر جميعاً أننا يمنيون وأننا الشعب الذي ذكره الله في كتابه الكريم وأنزل باسم مملكة سبأ (اليمن) سورة في القرآن الكريم.. ونحن من أشار إلينا الرسول صلى الله عليه وسلم .. ونحن نريد أن نترجم هذا فعليا في تعاملنا وتعاطينا مع الأزمات التي تحيط باليمن وتمر بالوطن.. أما بالنسبة لمطالب الشباب الحقوقية ومطالبهم في التغيير السلمي ومكافحة الفساد وإيجاد فرص العمل لا يقف أحد في هذا البلد ضد هذه المطالب وعلى رأسهم فخامة رئيس الجمهورية لم يتهاون في هذه المطالب بل قدم المبادرات بالتغيير السلمي والتداول السلمي للسلطة وفق الدستور اليمني القائم في مجمله على الديمقراطية وحقوق الإنسان والتعددية السياسية ووجه الحكومةعلى وجه الخصوص بمعالجة أوضاع الشباب..
جوهر المشكلة
> في برنامجه التحاوري بين أكثر من طرف " ظلال الأحداث" على قناة السعيدة يتميز الإعلامي والصحفي الشيخ محمد العامري بحيادية الطرح وأداء رسالة مهنية ضمنية مفادها "لكل منا قناعاته في الحياة.. لكن في اللغة متسع بأن نعبر عن هذه القناعات بما يليق بنا".. كما يتميز بلغته المقنعة والراقية في أسألته وهذا ما أراه وكثير ممن يتابعون هذا البرنامج وهو الأمر الذي جعلني أتواصل معه لاستطلاع رأيه حول أسباب تدني الخطاب السياسي والثقافي لدى الشباب فكان توصيف الشيخ محمد دقيق ونابع من خبرته في جمع أكثر من ضد على طاولة حوار تلفزيوني مفتوح حيث قال : من أبرز عوامل تدني مستوى لغة التخاطب والتحاور لدى الشباب بمختلف اتجاهاتهم الحزبية والسياسية على الساحة اليمنية ضعف الأدوات السياسية لدى هؤلاء الشباب والناتج عن ضعف خبرتهم السياسية لقِصَرِ العمر.. إضافة إلى الممارسات السيئة التي تمارسها الأحزاب على الشباب وبدل أن من تضع برامج ناجحة ومجدية لتثقيفهم سياسياً وثقافياً واجتماعياً تسعى لتناسي أوتغافل هذه البرامج ليتسنى لهذه الأحزاب استغلالهم كأدوات لاعقول..
وأكد الشيخ والإعلامي محمد العامري أن الأسباب لا تقف عند هذا الحد بل تتعدى إلى ما هو أبعد في الجانب السياسي فالضعف العام للعملية السياسية لا زال يتزايد بشكل مستمر ليس في اليمن فحسب بل في المنطقة العربية وخصوصا الدول التي فيها أحزاب حيث ان السياسة لا تتعاطى مع المفاهيم السياسية إلا في حدود المصلحة الحزبية والإيدلوجية متناسية البعد الوطني والقومي.. الأمرُّ من هذا بروز الشيخوخة السياسية في الأحزاب من خلال وجوه وأعلام قياداتها فلا نرى شاباً مثلاً في قيادة حزب من الأحزاب.. وانحصرت الثقافة القيادية في الأحزاب على لزوم أن يكون كبير السن محدودب الظهر والنظارات المكبرة وغيرها من ملامح الصورة المحصور عليها قيادات الأحزاب في واقعنا.
انعكاس للواقع العربي
> وفي توصيف بالغ الدقة للانحطاط الذي وصله الخطاب السياسي العربي قال الشاعر والمثقف والأديب اليمني الكبير الدكتور عبدالعزيز المقالح في مقالٍ له نشر سابقاً - تمت الاشارة إليه في المقدمة -:"لم يكن الابتذال الذي وصل إليه الخطاب السياسي العربي في الآونة الأخيـرة جديداً ولا مفاجأة غير متوقعة، فقد سبقته مراحل من الإعداد والانحدار هيأت له وساعدت على انتشاره.. وكانت البداية مع الصراعات المؤسفة التي دارت بين الأنظمة العربية والهجوم الإعلامي غير الرشيد وغير الحصين الذي شاع واستخدم من الألفاظ والكلمات الجارحة ما لم يكن محتملاً ، وما لبث هذا الخطاب أن تحول تدريجياً ليكون بين الأنظمة ومعارضيها وارتفع سقفه بمرور الأيام إلى أن تحول من اختلاف في الرأي والرأي الآخر إلى حالة من الشتم والشتم الآخر، ثم خرج هذا الأسلوب من دائرة السياسة إلى دائرة الحياة العامة فأصبح لغة شريرة يستخدمها الصغار والكبار في حالة نادرة من الانفلات وجلد الذات والآخر ، تحت مبررات ومسميات لا علاقة لها بحياة الناس وما يعانونه من بؤس وتدهور مستمر في مستويات المعيشة .
وعن امتداد واستساغة هذا التدني في مستوى التخاطب قال الدكتور المقالح: وفي مثل هذه الأجواء الكريهة، أجواء المشاحنات والمماحكات تكوّن جمهور واسع من المشجعين والمفتونين بقراءة المزيد من الألفاظ البذيئة والكلمات الخارجة عن نطاق المتعارف عليه في الخلافات أياً كان نوعها سياسياً أو ثقافياً.. وبدأ المختلفون ، أو بالأصح المتصارعون يستخدمون الألفاظ الكبيرة والجائرة ويتنافسون في اشتقاق صيغ وتعابير يعافها الذوق السليم وتتنـزه عنها الأخلاق الفاضلة، ولأن هذا الجمهور الواسع من المشجعين قد استساغ هذا اللون من التعبير بالصوت والصورة فقد بدأ ينفر تماماً من كل خطاب مقروء أو مسموع لا يسف أو يهبط إلى هذه المستنقعات ولا يداعب الشر الكامن في بعض النفوس التي اعتادت خطاباً متشنجاً لا يضيف رؤية تنفع الناس وتذهب بهم نحو المستقبل المنشود.
وتأكيداً لأهمية الإرتقاء بالخطاب السياسي والثقافي وتحديداً لغة التحاور قال الدكتور المقالح: لقد ثبت على مر العصور أن الكلمات التي ترتاد الطريق وتقود إلى التطور والتقدم لا تكون متسخة ولا وقحة . وكان على أي كاتب في الشأن السياسي أن يحرص على كلماته وأن يغسلها من المبالغة والعنف قبل أن يضعها على الورق لكي تصل إلى قلوب الناس ، كما أن على الكلمات نفسها أن تقول كل شيء بإيمان مجرد من الهوى وأن تكون مع الحرية والعدل والمساواة دون أن تنـزلق في الخطاب الهابط . ولا يساورني شك في أن نظافة القلوب تعكس نفسها في نظافة الكلمات التي تصدر عنها . والكلمات المتشنجة المتسخة الصادرة عن هذا الطرف السياسي أو ذاك لا تستطيع أن تشق طريقها إلى قلوب الناس أو أن تعمل على بناء شيء جميل ، وأقصى ما تستطيعه أنها تزيد من دائرة الأعداء لقائليها والمستخدمين لها ، فضلاً عما تقوم به من إضعاف حجة الطرف الذي تناهشه أو تختلف معه .
اليمن.. أكثر تدنياً
> تلك كانت بداية موجة الانحدار في مستويات لغة الخطاب السياسي والثقافي من الدول العربية التي بدأت فيها عاصفة التغيير لتنتقل هذه الرياح من بلد لآخر حاملة معها مزيج جديد من تلويث اللغة وانحطاطها رغم الأفق الواسع لرقي اللغة الذي يجعل من الخطاب السياسي والثقافي رسالة قادرة على إقناع الآخر برأي وقناعة صاحب الخطاب أيًّا كان ذلك معارضاً أو مؤيداً مع أو ضد.. هذا ما أشار إليه الدكتور/عادل الشجاع أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء مؤكداً انما هو حاصل في الساحة اليمنية أكثر من ما هو في الساحة العربية نظراً لاختلال المكون الثقافي اليمني وفق تراجع تراكمي أفرز هذا المكون بضعفه الراهن.. ويأتي الواقع العربي ليضيف على ذلك سمة وصبغة التقليد في توجيه مسار هذا الإختلال..
ودعى الدكتور عادل الشجاع الشباب اليمني في كل الأطياف أن يحكموا العقل وأن لا يتبنوا خطاباً من شأنه تأجيج صراعات الماضي لأن صراعات الماضي ليست صراعاتهم وأن يقرأوا صراعات بلادهم في الحقب السابقة ليس لنقلها للحاضر أو المستقبل بل للاستفادة من أسبابها وإشاعة ثقافة التسامح والسلام الاجتماعي لأن اليمن لم تعد تتحمل أي نوعٍ من الحروب والدماء.. وأن يتبنوا خطاباً راقياً يعبر عن قناعاتهم أياً كانت وفق احترام الآخـر واحترام بل والاعتراف بحقه في الراي والقناعات.
مرآة لثقافة متدنية
> إعلامياً أضحى من الصعب بل من النادر الحصول على قيادات إعلامية محنكة على الصعيد المهني تسير بخطى قويمة وخادمة لبث ثقافة الحوار بين الشباب بلغة راقية وكفيلة بالوصول إلى عقول الناس لا إلى عواطفهم ومكامن انفعالاتهم.. خلصت إلى هذا الكلام المحبط وأنا أتابع القنوات الفضائية المحلية والعربية بمختلف مسمياتها واتجاهاتها.. داعي الإحباط هنا لا يكمن في أن هذا الإعلامي أو ذاك يقف معارضاً أو مؤيداً مع أو ضد، بل يكمن كل الإحباط في هبوط مستوى اللغة الصادرة عنه والمعبرة عن موقفه أو اتجاهه صوب تضليل الحقيقة وإشاعة الفتنة وتوجيه اهتمام الفرقاء ضد بعضهم لاستنهاض كل صور العنف تدريجيا ابتداءً بالخطاب الإعلامي ومروراً بكشف بواطن النوايا زيفاً لإثارة الأحقاد من خلال تحليلات إعلامية تسعى لتأجيج العداوة بين الناس وأوطانهم.
إشارة لهذا الدور السيئ الذي يمارسه الإعلام خارج أخلاق المهنية والشرف الصحفي يقول الاستاذ سنان العجي أتمنى من الشباب وأدعوهم إلى الإرتقاء بمستوى التعاطي مع ما تقتضيه مصلحة الوطن الذي هو أكبر من الأشخاص والأحزاب وأن لا ينجروا وراء ما يروجه الإعلام الخارجي من بث العداوة والفتنة التي تروج لها قناة الجزيرة التي بان لكل الناس سقوطها المهني في الزيف والكذب ومحاولة تأجيج الفتن.. وجميعنا يثق تماماً ان شبابنا اليمني لا يشرفهم ما يقوله الإعلام الخارجي خصوصاً قناة الجزيرة عن مجتمعنا ورموزنا الوطنية في وطننا اليمني الحبيب كما أنني على ثقة من أن الشباب وان قد وصلوا إلى درجة مسفة من الألفاظ الجارحة والعدائية سيعودون إلى العقل وليس العيب أن نخطئ وانما العيب في التمادي في الخطأ.. خصوصاً وهم يرون الإعلام الخارجي الذي يريد زرع الفتنة في اليمن كيف ينكشف يوماً بعد يوم .. كما أنني أشكر هنا القامات الكبيرة التي انتصرت للمهنة الإعلامية وهم الدكتور فيصل القاسم والاستاذ الكبير غسان بن جدو والمذيعة لونا الشبل الذين استقالوا عن الجزيرة جراء الممارسات المهنية غير المسؤولة والتي تستهدف زرع الفتنة في الوطن العربي.
ويؤكد الدكتورعادل الشجاع في هذا الإطار أن الإعلام العربي - للأسف الشديد - أجج الصراعات وأوجد القطيعة بين الحكام وشعوبهم وبالتالي أوجد فجوة داخل المجتمعات العربية وبين كياناتها أفرزت العنف في الذي نراه اليوم يتصاعد في أكثر من بلد والتي تحولت إلى صراعات طائفية كما هو حاصل في العراق ومصر وإلى صراعات قبلية كما هو حادث في اليمن وليبيا .. يضاف إلى ذلك ظهور التيارات الدينية التي تحرض ضد وحدة المجتمعات العربية وتريد أن تؤسس للثقافة الأحادية وغياب مشروع ثقافي في الوطن العربي وتحديدا في اليمن وكان سبب ذلك الاهتمام بما من شأنه إصلاح الحاكم دون المحكوم.
بينما يشير الشيخ محمد العامري في إطار دور الإعلام في تدني مستوى الخطاب والثقافي لدى الشباب أن الواقع الإعلامي الذي اتسم بالضعف تجاه تعزيز الخطاب الثقافي عجز في الاسهام بإحداث نقلة نوعية من الخطاب المتقدم والراقي وانحرف نحو ترديد لغة الشارع معظم الأحيان ولم يركز في إبراز الشباب الذين لديهم قدرة عالية في الطرح المنطقي واللغة القويمة الكفيلة بالاقناع. وهذا ناتج أيضا عن الضعف التعليمي المتخصص.. فتصور أن العلوم السياسية لا زالت أقساماً في كليات التجارة وهذه الأقسام قائمة على منهجية قديمة وعتيقة تدرس منهجية حمو رابي في الحكم والخطاب السياسي وهذا لا يلبي متغيرات الحاضر ومستجداته.
التواصل التفاعلي
> في الفضائيات المفتوحة ومواقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك وتويتر واليوتيب وغيره من الوسائط الإعلامية التفاعلية برزت بجلاء ثقافة مقززة من الكراهية والألفاظ النابية والخروج المقيت عن لغة العقلاء وغياب الوجوه المحنكة في لغة الإعلام وتحولت هذه الوسائط إلى ساحات لاستعراض ما يملك مرتادوا بعض هذه الوسائط من ألفاظ قاسية واستفزازية لمشاعر من يتمتعون بوقار اللغة ورقي الخطاب السياسي والفكري والثقافي وحب الخير والوئام بين فئات المجتمع بمختلف مشاربهم وعقائدهم وأقلياتهم.
هذه المظاهر التي اتسم بها الواقع الراهن لطفرة الإعلام في الوطن العربي بصفة عامة وفي اليمن بصفة خاصة حسب الباحث والمختص الاجتماعي عقيل الحدائي -معيد في جامعة ذمار- ليس سوى مجرد انعكاس واضح للسقوط المهني والقيمي لدى هذه الوسائط فيما يتعلق بالتنشئة السياسية والثقافية والفكرية وانحرافها عن أداء رسالة التنوير والتحرر والتكوين الجماهيري وهو الذي خلق هذا التراكم الكئيب من قُصر الرؤى وحَصْر الشباب في بوتقة الكراهية والتناحر وأشعل في المجتمع حرائق الإحباط وعدم التفاؤل بأي قادم.. وهذا ما نلاحظه في القنوات الفضائية وفي مواقع التواصل الاجتماعي ففي الفيسبوك -مثلاً- لم أجد أنا وغيري رسالة قيمة تعبر عن نضج سياسي حواري إلا ما ندر ، فمعظم ما نلاحظه مما ينشر على صفحات هذه الوسائط، هو راسائل تتفاوت بين التفضيلات السيئة من دعوات لمزيدٍ من الكراهية والتفرقة وعدم احترام وقبول رأي الآخر أيا كان وفي مختلف جوانب الحياة سياسيا وثقافيا وفكريا وعقائديا، والمؤسف في مجتمعنا اليمني هو أننا نلاحظ أنه وصل بعض الشباب إلى إثارة المناطقية والجهوية والقبلية وهذا لا يقود إلى الوعي كما يزعم البعض بل يزيدنا تخلفاً فالعالم استغل هذه الوسائط استغلالاً أفضل في نشر العلم والمعرفة والارتقاء بمستويات الخطاب السياسية والفكرية وغرس وتوسيع قيم التعايش الإنساني.
سجالات سلبية
> ما نلاحظه في الشأن اليمني هو بروز فضائيات جديدة ومواقع الكترونية وتواصلية زادت الطين بلة وأخذت معها الشباب واستطاعت أن - للأسف الشديد- أن تجر القنوات المعروفة بتمسكها إلى سجالات تحكمه لغة غير راقية من خلال فتح التواصل المفتوح وأشرطة رسائل (sms) فاتحة الباب لكل ذي رأي دون مراعاة أو القدرة على التحكم بسياقات اللغة آداب التخاطب.. ومن خلال صفحات الفيسبوك للجمهور اليمني تشعر تماماً أن لغة الشارع التي لا تراعي اعتبارات قيمية في الأعم الغالب قد انتقلت لساحات الحوار الفيسبوكي دون اكتراث لما ستهدمه من دعائم ثقافة المجتمع ومعظم مرتادي الفيسبوك هم ممن يشيعون هذه اللغة -باستثناء النخبة اليمنية المعروفة برقي الخطاب التي وجدت نفسها في معمعة هذه المواقع التواصلية- الأكثر أثراً في النفس من تدني مستويات التنشئة السياسية والثقافية هو احساسنا بفقدان جوهر القيم الفنية والأخلاقية للمادة المنشورة صورةً وخبراً وتعليقاً.. وهذا الفارق الشاسع بين الوسائط الإعلامية الحالية ووسائل الإعلام في الستينيات والخمسينيات التي كانت تعتمد على المسرح والسينماء والصحافة والراديوا ودورها الكبير في النهوض بالعقل العربي وتهذيب لغة الخطاب تحت مفاهيم الحرية.
وعن هذا التصاعد غير المتوقع في المكونات والأدوات الإعلامية والثقافية والتفاعلية ودورها في توسيع دائرة هذا الخطاب المتدني قال الدكتور عبد العزيز المقالح في مقاله المشار إليه سابقاً: (وما يضاعف من تصاعد هذه البلية اتساع وسائل الإيصال وتعددها، فبعد الصحيفة والراديو والتلفزيون فوجئ العالم بالصحافة الالكترونية التي أطلقت العنان لقول كل ما يخطر وما لا يخطر على بال . وبقدر ما حققته من نجاح في اختراق حواجز المنع فقد فتحت الباب على مصراعيه لبعض من لا يحسنون استخدام هذه الأداة العلمية والفنية والإعلامية في "فبركة" الأخبار وقراءة الأحداث بشكل مغلوط ، ودخلت في مجال لا أخلاقي يقوم على العبث بصور الأشخاص " وضع رؤوس الناس على جثث الحيوانات ، وجثث الحيوانات على رؤوس الناس" على حد صورة خيالية للشاعر الراحل صلاح عبد الصبور الذي لم يعرف من حسن حظه هذا النوع من وسائل التوصيل الإعلامي، وقد جعلني أحد الأصدقاء المتابعين لما ينشر من نماذج مبتذلة في هذه الصحافة أشعر بالتقزز والغثيان مما وصلت إليه بعض المواقع غير المحترمة من إسفاف وهبوط ، "وردح" متبادل بالصور والصور المضادة!!
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد

ملخصات تغذية الموقع
جميع حقوق النشر محفوظة 2009 - (صنعاء نيوز)