shopify site analytics
المبعوث الأمريكي الخاص لليمن، تيم ليندركينغ - وزير النقل يؤكد جهوزية مطار صنعاء الدولي لتفويج ضيوف الرحمن - ضباط وجنود من لواء المظليين الإسرائيلي يرفضون أوامر الاستعداد لعملية رفح - عشرات القتلى والجرحى جراء قصف الطيران الإسرائيلي لمدينة رفح - إلى الداخلية وبرلمان العراق الابطال، لاشُلت أياديكم… - هل أصبح الرجال يرفضون فكرة الزواج - عمومية الحاضرين توافق على تزكية القاضي خالد هويدي - حكومة الاحتلال تنقل تكتيك حرب غزة للضفة الغربية - صداقات العالم الافتراضي وتأثيرها على الواقع..! - الدكتور قاسم لبوزة ومحافظي المحافظات الجنوبية يتفقدون المراكز الصيفية بمديرية ثلا -
ابحث عن:



صنعاء نيوز -  لابد من خيال حقل لإخافة الطيور و الغربان و جعلها تصرف النظر عن مخططاتها للاقتراب من الأرض و إلحاق الضرر بالمحصول. أما خيال حقلنا نحن فحكايته حكاية، لا بل حكايته رواية.

الثلاثاء, 21-يونيو-2011
صنعاءنيوز/ سلوى يحيى الارياني -


لابد من خيال حقل لإخافة الطيور و الغربان و جعلها تصرف النظر عن مخططاتها للاقتراب من الأرض و إلحاق الضرر بالمحصول. أما خيال حقلنا نحن فحكايته حكاية، لا بل حكايته رواية. أتصدقون إنا من صنعناه بأيدينا؟ أي والله، أتينا بعصا طويل ليكون قامة، ثم عصا أقصر، ربطناه في النصف العلوي ليكون الذراعين. بعد ذلك أحضرنا كيس قماشي بني اللون و حشوناه بالأوراق،المناديل، القش فكونا الرأس ثم رسمنا دائرتين سوداوين ليكونا العينين و فم في جانبية نابين ليرسل رسالة للطيور أن تحترس لأن خيال الحقل هذا يمني و شرس. لم نضع على رأسه قبعة كما جرت العادة بل لففنا رأسه بشال فبدا كالعمامة. ثم ألبسناه ثوب أبيض فضفاض لتدخل في ثناياه الريح و يتطاير و كأنه رجل يحرس الأرض و يخيف الأعداء من الطيور فلا تقترب. الرجال في الحقل يلبسون هكذا في بلادنا. أما نحن أصحاب الأرض، فكنا ولا زلنا و سنظل نحب الأرض حباً جما، نرعاها كثيراً. نحرص عليها بشدة .نعتني بها بأصابعنا الحانية كأنها طفل صغير، نسقيها بالماء النقي الوفير. نكسب منها رزقنا عندما يأتي موسم الحصاد، فنجمعه و نحمله فوق ظهور سياراتنا القديمة الصدئة و نتجه إلى المدينة فنبيعه. ثم نشتري بالمال لأطفالنا لعباً لنفرحهم ونشتري العلاج و بعض الضروريات،و نسائنا ننتقي لهن بحب الزينة و الثياب. فكما تعرفون لا يكتف المرء منا بالمأكل و المشرب و إلا تساوي هو و حيوانات الغاب. كان للحصاد طعم يشبه طعم الفوز في أطراف ألسنتنا. غير أن خيال حقلنا تغير. صار مثير للشك، مريب. صار يقطب جبينه و يزأر كالأسد في وجوهنا نحن، و يتبسم ببلاده و عته للغريب. لاحظنا أيضاً أن المحصول في مواسم الحصاد صار يقل بشكل مضطرد .تفحصنا ما نحمله فوق سياراتنا فوجدنا التفاح و العنب ملئ بالثقوب من نقر الطيور. أنخفض سعره بشكل فادح،لم نعد نرجع من المدينة محملين بالهدايا ولا حتى الضرورات،بل صرنا نأكل بحزن ما تلف من مزروعاتنا أو نتأمل باستسلام و قلة حيلة طوابير النمل ترفعه فوق ظهورها إلى مخابئها ليكون قوتها لموسم الشتاء القادم. أدركنا بوضوح أن في الأمر" مشكلة" . لدينا أرض ونحن نزرعها فلماذا يتناقص العائد المالي من بيعها؟ شخصنا أكثر من مشكلة تشخيص سليم و فيما بعد قررنا العثور على حل. الآن هيا بنا نفكر: هل المشكلة: إنا لم نعد نحصل على العائد المادي السابق في موسم بيع المحصول؟ هل المشكلة: إن المحصول بتنا نحصده في كميات أقل ومعظمه تالف عديم الجودة؟ أم ترى المشكلة في حقيقتها: هي أن خيال الحقل شوهد يتجاذب الحديث و يتغامز مع الغربان مما يوحي بالتآمر مع من نعلم أنهم أعداء؟ أما المشكلة الأولى فهي نتيجة للمشكلة و ليست المشكلة الأساسية. أما المشكلة الثانية فهي من ما ترتب على المشكلة و ليس المشكلة نفسها. إذن، المشكلة تكمن في أن خيال الحقل ما عاد يخيف الغربان الغازية بل تواطأ مع الغربان وسمح لها أن تقف على كتفيه، أشترك معها في علاقة قائمة على الانتفاع المتبادل على حساب المحصول و مصلحتنا نحن. أما ألان و قد حددنا المشكلة بوضوح و بشكل صحيح ، علينا أن ننتقل "للحل" و الحل في كل زمان و مكان هو المعضلة. اجتمعنا كلنا، كبارنا و شبابنا و نسائنا بل أن حتى أطفالنا الصغار صمموا على الحضور ،فقد كانوا غاضبين لأنهم ما عادوا يحصلون على هداياهم و لعبهم. تناقشنا و تحاورنا . هل الحل هو طرد خيال الحقل الخائن لأمانة الحراسة و اختيار خيال حقل جديد؟ هل الحل ضرب الغربان و الطيور بالرصاص؟ هل الحل اقتلاع المحصول التالف الذي صارت العناكب تسرح و تمرح فوق أوراقه و زراعة مزروعات جديدة؟ تعددت الاقتراحات ، اختلفت الحلول و كل فرد يصرح بأنه على صواب وأن الآخرون هم من لا يفقهون.

مثلاً قلت أنا:- خيال الحقل مظلة،دعم أساسي لنا. صحيح إنا من يزرع الأرض، يسقيها، يحصد محصولها و يبعه لكن بحراسته هو يكون عملنا أسهل و أكثر أماناً لأننا ننعم بالطمأنينة و السكينة. بدون الأمان سنكون مثل الذي يقود دراجة و يسرع في قيادتها ليصل بسرعة إلى هدفه، غير انه من فرط السرعة لا يدرك أن عجلاتها فيها ثقوب أحدثها الشعور بالخطر و القلق و عدم الاطمئنان، فيستنفذ جهده، طاقته أثناء القيادة دون أن يصل. لأن الدراجة لا يمكن لها أن تمضي إلى الأمام و عجلاتها مثقوبة، لن يصل إلى هدفه مهما قادها و مهما أسرع. الأجدر أن يصلح العجلات بادئ ذي بدء. أجابتني فتاه من أصحاب الأرض:- أما أنا فلا أرى أي حل ممكن ما دام خيال الحقل واقفاً فوق أرضنا و حوله خدامه من الغربان أما هو فعصا ليس إلا، و بسهولة نستطيع إخراجه من أرضنا أو تكسيره. أجابها شاب من أصحاب الأرض:- لكن الغربان ستقاوم. و توقعي ثأر مريع منها لأننا بطردنا لخيال الحقل نكون قد بددنا ُملكها. هذا إن لم تكن ستهاجمنا في جموع و تقتلنا قبل أن نحقق تكسير خيال الحقل.

قفزت عجوز شمطاء، تلف رأسها المحنى فصار أحمر،بشال أيضاً لونه أحمر ،و بفم خال من الأسنان قالت:- إذن فليلقي شاب منكم و ليس أنا - فأنا عجوز و لا أستطيع فعل ذلك- بقنبلة لتفجر خيال الحقل و جميع من حوله من الطيور و الغربان! غضب الكل من هذا المقترح، لم يوافقها أحد، كانت عجوز متسلطة تريد أن تفرض رأيها على الكل.بل أنها لا تعي نتائج ما تتفوه به بفمها ذاك الخالي من الأسنان . أجابتها شابة من أصحاب الأرض:- أي قنابل و أي كلام مجنون؟؟ ألا تدركين إن القنبلة لن تنتقي خيال الحقل و الغربان لتفجيرهم بل ستفجر في شظاياها الأرض و تشتعل النيران في المحصول و سنحترق نحن جميعاً. لا ،هذه الفكرة ملغية، لسنا مجرمين و لا نحن عصابة. مطت فمها العجوز معبرة عن امتعاضها. هتف شاب:- لا بل و الأدهى ، أن خيال الحقل قد لا ينكسر و قد يعود! عند سماع ذلك خاف صغارنا جميعا و اخفوا رؤوسهم خلف كفوفهم بهلع .ظهر بعضهم اختبأ خلف ظهور أمهاتهم. نهض شاب يهتف:- لا، ليس تحطيم خيال الحقل هو الحل.و لا قتل الغربان، و لا استبدال المحصول التالف ببذور جديدة هو الحل.الحل هو طرد خيال الحقل من أرضنا، فهو لم يحرسها فلما يبقى؟ و نقوم نحن بحراسة أرضنا بأنفسنا و بالتناوب، و البقية تزرع و تسقي و تحصد،هذا هو الصحيح! قالت العجوز المتصابية التي ترتدي الشال الأحمر:- إذا حدث ذلك،أنا مستعدة لختم عمري المديد و أنا معروفة بالرأي السديد و أقوم بالحراسة بنفسي.أما أنتم فسوف تتنازعون فيما بينكم. ستتبادلون التهم بالتقصير. عند ظهور خطأ سوف يشير كل منكم إلى أخاه ليحمله المسئولية. بل ستشككون في إخلاص نواياكم و ذممكم. قاطعها الشباب من أصحاب الأرض:- لا، لن نفعل! صممت هي قائلة:- بل أجزم إنكم فاعلون! قالت فتاة :- إذن ما الحل؟ نريد تحسين جودة المحصول لكي يأتي علينا بمال أكثر. فننعم بالحياة و نسكن البيوت عوضا عن أكواخنا و يتعلم صغارنا بدلا من حصرهم باللعب. لا أرى حل سوى في تكسير خيال الحقل! أجابتها أخرى:- بما أن تكسير خيال الحقل طريق محفوف بالمخاطر ، لما لا نحاوره و نقايضه أن يرحل هو و غربانه عنا و بالمقابل لا نمسه بأذى. غضب رجل من أصحاب الأرض من هذا الكلام فقال:- أي كلام خيالي هذا؟ رأس خيال الحقل نحن صنعناه. أنسيتم؟ بداخله أوراق و مناديل و قش فكيف تحاور من هكذا رأسه؟ قلت له أنا :- الأهم هو أن لا نقولب أنفسنا في قالب حل واحد فإذا لم ننجزه خسرنا و إذا تمسكنا به و استعصى علينا، خنقنا. الحل ليس كلام ُمنزل. الحلول تتغير، ُتعدل، ُيضاف إليها، ُتلغى بعض أجزاءها، و قد ُتلغى أو ُتؤجل. من يعاني من الأرق ليس الحل أن يقتلع عينيه، بل ليفكر في حلول تصله للنوم. طال النقاش كثيراً ومللنا من الحوار ملل شديد، فقد كان للأسف عقيم. تفرقنا بعدها كلاٍ إلى كوخه. كان منا مثل كل شعوب الأرض أذكياء و أغبياء و الخبثاء. فبعد عودتنا جميعاً بقي البعض و أرجح، أنهم الأغبياء منا، ليرقعوا ثوب الخيال، يعيدون رسم الفم الشرس بقلم جديد. علقوا على صدر خيال الحقل نبال و زودوه بالحصى لكي تسهل له رمي الغربان الغازية بالحصى و منعها من إلحاق الضرر بالمحصول. كان أولئك الناس من الفئة الغبية ،الذين أرادوا منح خيال الحقل فرصة أخيرة وصفوها بالذهبية، لم يستوعبوا أنهم و إن زودوا الخيال بالنبال و الحصى فانه ليس بضارب الغربان بالحصى. الغربان أمست تقف على كتفيه، توشوش في إذنيه. فكيف من صادق الغربان يعاديها؟ كيف من شرب من الكأس يضع السم فيه؟ كيف من سرق يقطع أيدي اللصوص؟ ما أن أكملوا تعليق النبال ،و استداروا ليعودوا إلى ديارهم. فإذا بزخات أفقية من الحصى تهاجمهم من الخلف فتصيب ظهورهم. انبطحوا جميعاً أرضاً و هم يصرخون من شدة الوجع. بعد توقف القصف قاموا يتبادلون نظرات الذهول، من هاجمنا؟ أهو خيال الحقل الذي بأيدينا صنعناه أم الغربان التي بأفواهنا الساكتة سكتنا لها؟ أم أشخاص منا؟؟ كنا جميعا في حاله ذهول تامة و تجمدنا حيث كنا، ترقباً و جوعاً و هلعاً. اجتمعنا مرة أخرى لمناقشة الهجوم،اقترح البعض حلول و حلول. أنجبت الحلول،حلول تفصيلية وليدة الحلول. خلقت الحلول مناصرين و معارضين لها. أكوام من الحلول ، سيول منها، يا ربي سيول. حلول شفوية ، مكتوبة، سرية و علنية. صار للحلول ملوك و رعية. نقاشات حول الهجوم. ضعنا في تفاصيله حتى نسينا ما الأصل في القضية.صار لقراراتنا رؤوس و ذيول، تشتتنا نناصر و نعارض و نناطح و خيال الحقل- بسلامته - يصول و يجول.أدخلتنا الأحداث الفرعية، و حلول الأحداث الفرعية في زهايمر. فقدت الأرض كل الأهمية، و صار الهجوم هو محور القضية و كلنا حوله ندور! بل أن خيال الحقل أصبح يبرح مكانه و رأيناه بأعيننا يأمر غربانه أن تلق بقنابل صوب أكواخنا. رأيناها تصوب رشاشاته صوب صدور المارة و تقتلهم بأسلحته الجبارة. يا الله، من خلقتهم أنت جل جلالك كيف هو قاتلهم؟ تسيل دماء أصحاب الأرض أنهار، و يجلس في مزاج عالي يصطاد من أنهاره. يا لجرم القتل ما أسوءة بل انه "فعل" في منتهى الحقارة! فجأة سمعنا دوي انفجار مهول، رأينا أشلاء تتطاير و تحط أرضاً، قطعاً من خشب، ريش أسود، ثمار تفاح و عنب، ور ق أخضر. رأينا العجوز بشعرها المحمر واقفة تتفرج على من نفذوا أوامرها بالتفجير، معتقده لأنها عجوز و تفكيرها أحدب الظهر أنها قامت بالحل المريح السليم، أما نحن فمنذ ذلك الحين و نحن نغسل الأرض من بقايا التفجير و نلتقط الشظايا، نحاول إعادة زراعة البقايا و لو بدون ماء،لا بأس سننتظر المطر،لكنا لم ننجز أي أفضل. خيال الحقل ربما يعاد تجبيره، و قد يعود. أنستنا العجوز هدفنا الأصلي، ما عدنا نذكر المحصول، أمسينا نضمد جروح الحال الراهن، و نجدف لنواصل في بحر من قيح، لزج، راكد، فهل ما أردناه هو، هذه المشاهد؟هل تعود- و لو - أيامنا السابقة؟ ذلك رجع بعيد. دعوة للتفكير في حل للوضع الراهن.
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد

ملخصات تغذية الموقع
جميع حقوق النشر محفوظة 2009 - (صنعاء نيوز)