صنعاء نيوز/صالح عوض -

أحمد السعدوني من يعرف هذا الاسم؟؟ القليلون ..!!انه أبو عنتر قائد الأشبال الفلسطيني الذي لازالت نكهة بيارات يبنا تفوح من عبق كلماته الفلسطينية الرطبة الطرية ..أبوعنتر من طلائع حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح تنظيم الجزائر .. لم يخلع زيه العسكري إلى آخر لحظات عمره ..دوما كان متقدا حيوية وتفان.. من بحة صوته الحر كان الشعر يتدفق يمجد الفتح والمقاومة وفلسطين..كانت كلماته هي نبض العاصفة التي انطلقت ذات يوم تقلع جذور المشروع الصهيوني وتزيح العوائق أمام كتائب الفتح المبين ..فلاحا أصيلا تراه فتتحسس وجدانك وفعلك أين أنت من الوطن وطن الجميع وأين أنت من الشعب كل الشعب..

كان يدرك كما كل طلائع الثورة المجيدة أن العدو يراهن على الزمن للقضاء على الوطن الفلسطيني وكان العدو يجاهر بان الكبار من الفلسطينيين سيموتون وان الصغار سينسون ومن هنا كانت الغيرة الوطنية تتلبس القائد الكبير أبوعنتر ليصبح كتلة من ثورة لا تهدأ ..يجمع أبناء الفلسطينيين في المهاجر في مخيمات للمقاومة بلبنان يتعايشون معا ينشدون لفلسطين أهازيج النصر يتدربون على السلاح وسيلتهم للعودة .. يعرفهم تاريخ فلسطين ويحفظّهم خريطتها الجميلة كاملة غير منقوصة..كانت مفردات أبوعنتر تتمحور حول المخيم وخيم اللجوء والبندقية والعاصفة والجراح والثورة والجعبة والمارتين والفتح والعودة والبيارة والنصر ..وكلما امتد أبوعنتر في العمر كانت كلماته تزداد يقينا وتتأجج ثورة..رأيته قبل عام في إحدى شوارع خان يونس أخذني في عناق طويل كادت دموعه تفر من عينيه وهو المتفائل دوما ..قال لي بحسرة وألم شديدين : هكذا يا شيخ ننتهي إلى إخوة يتصارعون ويتقاتلون قبل أن يصلوا إلى الحلم..كان الانقسام بالنسبة لأبي عنتر انقسام الروح وتمزق الجسد الواحد ..لم يحتمل هذا الثوري العنيد الذي قضى عمره كله يربي أبناء الفلسطينيين على وحدة الوطن ووحدة الشعب أن يرى الوطن مقسما والحلم موزعا ومسحوقا تحت حراب الإخوة المتنازعين ..لم يفقد يقينه بان الجميع الفلسطيني واحد في نكبته وفي مصيره ولم يفقده عمق الجرح نقاء صوته.
احمد السعدوني اختفى وراء اسم أبوعنتر لا ادري لم؟ مع أن اسم احمد السعدوني موح بأعمق الذكريات في الحس الفلسطيني ..فعائلة السعدوني المهجرة من يبنا إلى مخيم خان يونس قدمت في عام 1956 العديد من أبنائها في مجزرة خان يونس الشهيرة..إلا أن احمد السعدوني أراد أن لا ينتمي إلى المجزرة بل إلى عنترة المنتصر عزيز الجانب .
أبوعنتر أراد أن يعود إلى الجزائر التي أحب لعله يرمم انكسار الروح في بلد نحبه ويحبنا ويرحم ضعفنا وينتشي بمقاومتنا .. جهز أمره إلى أين يا أبوعنتر ؟؟ إلى الجزائر فهناك ناس نحبهم ويحبوننا وهم صادقون في حبهم لنا ..انطلقت رحلته من خان يونس إلى المعبر اللعنة وبعد محاولات عديدة وانتظار في الحافلة والمرور على إجراءات تمتهن الإنسان وكرامته كان أبوعنتر يتذكر كل تفاصيل حياته كيف كان ينتقل بالأشبال من وادي لوادي ومن تل إلى تل وهو يهتف بهم "فوق التل تحت التل اسأل عنا مين تندل" ..كان الرجل يعتصر ألما ..ولكنه يسابق الزمن عله يصل إلى الجزائر حيث التكوين الأول له في الفتح والعاصفة والأشبال ..أسرعت به السيارة إلى مطار القاهرة ولكن الموت كان أسرع إليه ..فاضت روحه الطاهرة إلى بارئها في مطار القاهرة ..فليعد الجثمان إلى موطنه وليبكيه أشبال فلسطين ورجالها فليبكوا رجلا فلسطينيا صميما مجبولا بالوطن والشعب ..رحم الله أبوعنتر احمد السعدوني..رحم الله من كان ذكر فلسطين لا يغيب عن لسانه رحم الله رجلا نذر نفسه لإسقاط المشروع الصهيوني..اللواء احمد السعدوني شهيدا هذا ما تبقى منه في ذاكرة الأجيال القادمة ..لا..بل يتبقى منه روحه السابحة في سماء الوجود الفلسطيني إشارة مرور للنصر وليبنا حبيبته..رحم الله الشهيد ولنا من بعده جميل العزاء.