shopify site analytics
عملاق الدوري الإنجليزي يستقر على التعاقد مع صلاح بعد أزمته مع كلوب - سلاح روسي جديد "فريد ومرعب" - قيادي يمني يعرض استضافة صنعاء للمكتب السياسي لحركة حماس - طريقة مبتكرة لجعل البطاريات أرخص وأكثر كفاءة - تفاقم الاوضاع في عدن والمحافطات الجنوبية - القدوة يكتب: حرب غزة تكشف زيف الاحتلال وعنصريته - النجف من الترقيع إلى الاستراتيجية! - وقفة احتجاجية بذمار تضامنا مع فلسطين - الصحافيـون اليمنيون في مرمـى الإستهدافات قتلاً وسجناً وترهيباً .. - الإبتزاز الإلكتروني: تهديد حقيقي للمجتمعات العربية -
ابحث عن:



صنعاء نيوز - لا أدري إن كانت من سخريات القدر أم من مفارقاته اللافتة للنظر، والموجبة للتفكر والتدبر..أن يعيش اليمن اليوم أزمة خانقة وطاحنة،

الخميس, 21-يوليو-2011
صنعاء نيوز إبراهيم الحكيم -
لا أدري إن كانت من سخريات القدر أم من مفارقاته اللافتة للنظر، والموجبة للتفكر والتدبر..أن يعيش اليمن اليوم أزمة خانقة وطاحنة، تشبه أزمته نفسها قبل 33 عاماً، على مختلف المستويات والصُعد، وتكاد تتطابق مع الحاصل اليوم، في الظروف، والأطراف، والوسائل والأدوات، والأهداف والغايات، وفي بعديها الخارجي الداخلي أيضاً.
لكني أعلم يقيناً،أن الماضي ليس من سقط المتاع، وحضور قصصه في القرآن الكريم، تأكيد لأهمية الماضي في فهم الحاضر وبنائه، وتشكيل المستقبل ومساره، بالاتعاظ من أخطاء الماضي والبناء على إيجابياته.. وأن السبب الأبرز لتكرر الأخطاء في حياة المجتمع هو جهل أجياله بأخطاء أسلافه، وهذا بالضبط ما تلحظ مظاهره ماثلة بقوة اليوم محلياً.
تلحظ أن الشباب وهم الذين يتصدرون أو يُصدرون شكلاً لا مضموناً،واجهة الأزمة التي تعيشها بلادنا منذ ستة أشهر.. لا يعرفون -أو لا يُراد لهم أن يعرفوا- ماضي أطراف هذه الأزمة.. وتدرك أن عدم درايتهم بالمسار السياسي لبلادهم ومنعطفاته الطاحنة والعصيبة؛ سهلت تحويل ساحاتهم -مع الأسف- من «ساحات تغيير» إلى «ساحات تغرير».
ولو أن الشباب في هذه الساحات والذين لا تزيد أعمار جلّهم عن 25 عاماً؛ كانوا يعلمون أو يلمون بملامح المشهد السياسي لبلادهم قبل 33 عاماً؛ لأدركوا من تلقاء أنفسهم ودون إيحاء من أحد، أنهم ومطالبهم المشروعة بالتغيير، صاروا أدوات بريئة تستغلها أطراف وقوى غير نزيهة، تعيد إنتاج نفسها اليوم، وتتخذهم جسراً للوصول للسلطة.
لا يعرف جل الشباب في الساحات، أن اليمن قبل 33 عاماً، كان لا يزال يعاني تداعيات تغيير رأسي كبير في بنية المجتمع، بدا جذرياً وشاملاً،إنما لا يوازيه تغيير أفقي في الوعي، ويواجه تحديات جسيمة مع ما خلفته الثورة (26 سبتمبر و14 أكتوبر) من فراغ بنيوي لمؤسسات الدولة، وانعدام للسيادة، وافتقاد للآليات السلمية لتشكيل السلطة.
ولا يعرفون أن تزامن هذا الفراغ مع احتدام الصراع الدولي المحموم قبل 33 عاماً لفرض الهيمنة على المنطقة،بين المعسكر الشرقي الاشتراكي،بزعامة الاتحاد السوفيتي والمعسكر الغربي الليبرالي بزعامة الولايات المتحدة؛قد أحال اليمن ساحة للصراعات بين تيارات وتنظيمات فكرية وسياسية،يجمعها: انفصام الهوية، وتعصب الرأي، وتطرف الرؤية، وعنف الوسيلة.
وقد يعلم بعض الشباب بحجم الصراعات الدولية قبل 33 عاماً،لكنه قد لا يلم بانعكاساته وتأثير قواه الإقليمية بالمنطقة على اليمن،في انشطاره سياسياً إلى دولتين متصادمتين،وتغذية نزاعاته الداخلية، بين التيارات والتنظيمات:اليسارية الاشتراكية، واليمينية الأصولية المتطرفة،بجانب القوى البالية: الإقطاعية البرجوازية، والمشيخية القبلية، والعنصرية السلالية.
ولعل الشباب لا يعلمون ما سببته تلك الصراعات السياسية والفكرية الطاحنة،من:انفلات أداري وأمني تام، واضطراب وتوتر سياسي عام، واختناق اقتصادي وخدمي جام،ودورات عنف وتصفيات دموية جماعية لكل ذي رأي معارض،تجاوزت الإطاحة بثمانية رؤساء لليمن الجمهوري في الشمال والجنوب خلال 20 عاماً، في 4 انقلابات عسكرية بيضاء و4 انقلابات حمراء دموية.
وربما يفاجأ الشباب بمعرفة أن «التغيير» الذي يمثل واجهة وربما عنوان الأزمة الراهنة، كان أيضاً عنوان أزمة اليمن الطاحنة قبل 33 عاماً،وظل هو «الشعار» أو القاسم المشترك لجميع أطراف الأزمة؛ وإن اختلفت صياغاته،تبعاً لاختلاف مفهوم كل طرف للتغيير وغاياته، وتباعاً اختلاف رؤيته لمساراته وأولوياته، ومنظوره لأدوات أو وسائل إحداث هذا التغيير في المجتمع.
كذلك قد لا يعلم الشباب أن أدوات صراعات السلطة قبل 33 عاماً، هي نفسها اليوم، بدءاً من عدم الاعتراف بالآخر ومحاولة إقصائه وإزاحته بالقوة، ومروراً بسعي كل طرف لفرض نفسه باستخدام العنف، ودعاية الترويع عبر النشرات والمنشورات والإذاعات المتنقلة والموجات القصيرة (FM)، والنهب والتقطع للطرقات، والتخريب للممتلكات والتفجير للسيارات والمقرات.
بل أن أدوات قوى صراعات السلطة قبل 33 عاماً، في شمال الوطن وجنوبه على حد سواء، شملت أيضاً: زرع الألغام في الطرقات والحقول، وتسميم آبار المياه، ومداهمة المنازل، واختطاف المعارضين، واعتقال المناوئين، وتهديد غير المناصرين، والاغتيالات والتصفيات الجسدية، علاوة على المواجهات المسلحة بمختلف أنواع الأسلحة الفتاكة والمدمرة.
وقد يغيب عن وعي الشباب أن تلك الصراعات السياسية العنيفة والدامية ودورات الاغتيالات والتصفيات وحمامات الدماء التي طالت الشخصيات الفكرية والأدبية والدينية والاجتماعية وكل من تصادمت آراؤه مع تلك التيارات الفكرية والسياسية المتطرفة، والنُظم الشمولية الحاكمة في شمال وجنوب اليمن،كان يمكن أن تستمر لولا التحولات التي تلت 17 يوليو 1978م.
كان صعود أول رئيس لليمن بالانتخاب من مجلس الشعب التأسيسي في شمال اليمن، بداية تحول سياسي، عززه التوجه نحو التقريب بين مختلف التيارات الفكرية والتنظيمات السياسية السرية، عبر الحوار، وصولاً للاشتراك في صياغة ما عٌرف بـ «الميثاق الوطني» وتأسيس حزب جامع للجميع أسمي بـ «المؤتمر الشعبي العام»، ليبدأ الاستقرار السياسي.
وتؤكد المعطيات بما فيها شهادات سابقة لقوى وأطراف الأزمة،أن تبني الرئيس علي عبد الله صالح نهج الحوار لاستيعاب الاختلافات ومعالجة الخلافات؛ قد شهد بدايات عهد الانفتاح التدريجي على الرأي والرأي الآخر، والمشاركة الشعبية في صنع القرار عبر انتخابات المجالس البلديات، والجمعيات التعاونية، ونصف أعضاء مجلس الشورى، مُمهداً للتحول الديمقراطي.
كما لا تغفل نفس الشهادات الموثقة، الدور الكبير للرئيس علي عبد الله صالح في تفعيل وتيرة حوارات إعادة تحقيق الوحدة بين شطري البلاد، والاتفاق على اتخاذ النظام الديمقراطي التعددي التنافسي،نظاماً للدولة اليمنية الموحدة، وما شهدته هذه الدولة منذ 1990م من تدرج تصاعدي لتطبيقات أدوات النظام الديمقراطي، تشريعياً ومؤسسياً وانتخابياً،..الخ.
وقد استطاع هذا التوجه المنفتح على الحوار قطع شوط كبير في تجسيد حكم الشعب لنفسه،بمشاركته في اختيار من يحكمه اختياراً حراً ومباشراً عبر انتخابات تنافسية تعددية:محلية،وبرلمانية،ورئاسية. ونجح في طي صفحة دورات العنف وصراعات السلطة والانقلابات العسكرية والاغتيالات السياسية، وتحقيق الاستقرار السياسي، وما تأتى إنجازه على الصعيد التنموي.
بيد أن الأزمة الراهنة،تجسد مدى الضيق بهذا التوجه من الأطراف نفسها:الأصولية المتشددة، والحزبية المتطرفة، والمشيخية المتسلطة، والبرجوازية الجشعة،التي قادت وأوقدت الصراعات السياسية على السلطة لحقبة ما قبل 17 يوليو 1978م، فبدأت تعيد إنتاج نفسها، عبر إنكارها للآخر، ونزعتها للعنف في فرض نفسها ورؤيتها الأحادية،وسعيها لاغتصاب السلطة بالقوة.
وإذا كان من دلالات تُقرأ لهذه العودة لما قبل الديمقراطية وإعادة أطراف الأزمة اليمنية (القديمة) إنتاج نفسها وأدواتها، فإنها:فشل هذه الأطراف في تغيير نفسها والتحرر من ثقافة ظروف نشأتها الشمولية وفكرها الاقصائي، وخطابها التخويني للآخر، والتحريضي على العنف، وفي استيعاب متغيرات العصر، وفي التكيف مع قواعد الديمقراطية وتجسيد احترامها قولاً وعملاً.
هذا ما تتجلى شواهده بوضوح في المشهد السياسي المحلي الراهن، وتطرف أطرافه وصلف مواقفها، ورفضها الحوار، والقواعد الدستورية، وسعيها للانقضاض على السلطة عبر الانقلاب على نتائج الانتخابات التنافسية الحرة والشرعية الدستورية لمؤسسات الدولة وسلطاتها الثلاث،وبنفس أدواتها القديمة،مع فارق وحيد هو التدثر بالشباب والتذرع بالتغيير.
ومع الإقرار بحقيقة أن اليمن يحتاج التغيير بشدة، إلا أنها ليست حاجة جديدة بالمرة،بل قديمة متجددة، بطبيعة سنة الحياة الإنسانية المفطورة على التغير والتطور. وقد سعى اليمن للتغيير في كل مرحلة من مراحل تاريخه، ولكن الفرق.. «الاختلاف» ظل في مفهوم هذا التغيير ووجهته أو مساراته، مثلما ظل «الخلاف» متمحوراً في أدوات إحداثه وأولوياته.
وقد ظلت الفروق بين خيارات هاتين المسألتين:وجهة التغيير ومساراته، وأدوات التغيير وأولوياته..ومسافات اقترابها أو ابتعادها من منطق الممكن، ومدى مراعاتها أو مجافاتها الواقع؛ هي العامل الحاسم بنهاية المطاف لكل مرحلة ومنعطف، والقاصم لمقدرات البلاد وتطلعات العباد في أكثر هذه المراحل والمنعطفات، تبعاً لغلبة الشطط أو التقوقع في الطموح.. والله المستعان.
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد

ملخصات تغذية الموقع
جميع حقوق النشر محفوظة 2009 - (صنعاء نيوز)