الجمعة, 14-أكتوبر-2011
صنعاء نيوز - (توكل كرمان إن أرادت أن تغير اليمن فعليها أن تغير حزب الإصلاح ..) هذا ما قالته لي إحدى صديقاتي الفلنديات الناشطات على مواقع التواصل الإجتماعي حين تحدثنا عن توكل كرمان قبل مجزرة رئاسة الوزراء .. صنعاءنيوز/ نسيم حمود: -


(توكل كرمان إن أرادت أن تغير اليمن فعليها أن تغير حزب الإصلاح ..) هذا ما قالته لي إحدى صديقاتي الفلنديات الناشطات على مواقع التواصل الإجتماعي حين تحدثنا عن توكل كرمان قبل مجزرة رئاسة الوزراء .. وصديقتي معجبة جدا بتوكل كرمان وقبلها نوارة نجم ..وسألتني حينها صديقتي إن كنت أعلم بقيادة توكل كرمان لأي مسيرة نسائية خاصة بحزبها في أي شأن من الشؤون ..أم أنها تتعالى على النساء المحافظات لتقدم نفسها بطريقة أخرى؟ حينها لم أستطع الرد ..لكنني أعتقد اليوم أن العلاقة بين أول عربية مسلمة وبين نساء حزبها هي علاقة غير مستقرة أو غير واضحة..
إن عدنا لموضوعنا اليوم وهو جائزة نوبل فالواضح أبدا أنه لم تكن هذه الجائزة بداية لتحقيق طموح ..بل نهاية نضال بأدوات معينة ومطامح متشابكة ..وبداية نضال ذا أبعاد أخلاقية وقد يصبح من أعظم المسؤليات التاريخية..
طبعا أثار فوز الرائعة والمناضلة كرمان الكثير من الجدل داخل أطر محددة كالنخب المثقفة في اليمن أولا والعالم العربي ثانيا .. والبعض ممن أغاضه حصول توكل على أعظم جائزة في العالم حاول الدفع بإتجاه إتهام تسيييس الجائزة وخدمتها لأجندة ..ويمكن لأي شخص جدلا أن يرد بأنه لو كانت الجائزة مسيسة لما فازت بها إمرأة تتبنى ثورة ضد نظام حليف للأمريكان ..وتنتمي لتيار سياسي إسلامي..وهذا بالبعد عن نظرية المؤامرة التي تريد القول أن هناك محاولة لتمييع التيارات الإسلامية للقبول بنزعات نضالية نسوية .
وأنا هنا أريد مناقشة الموضوع بحيادية وموضوعية لأن الموضوع يهمني كفتاة يمنية ترغب في رؤية دور أقوى وأوضح للمرأة اليمنية ..خاصة بعد الثورة ..
البعض يرجع فوز كرمان بالجائزة إلى دورها البارز في إذكاء الثورة منذ منتصف يناير الماضي .. وهذا ربما غير صحيح إذا أخذنا بالإعتبار أن دور توكل جاء مكملا لأدوار أحزاب عريقة كانت قد بدأت برنامج تصعيدي يتجه للثورة ..لكنه برتم بطيئ يفتقد للمغامرة ..وليس النضال السياسي وحده كافيا لتقدير العالم للمرأة ولعلنا نتذكر (ويني مانديلا) والتي ناضلت مع زوجها وتعرضت لأبشع الممارسات لكن ذلك لم يشفع لها حين بدأت تتجه للفردية الذاتية ثم أنحدرت أخلاقيا وماليا بعد أن كانت أم الأفارقة ...كانت السيدة مانديلا مرشحة لنيل نوبل ..لكنها إستعجلت على المغانم ..وبالتالي كان الطريق الأسرع للإنحدار ..
وليس التعرض للأذى من النظام وحده كافيا فلقد تصدرت صورة 'عائشة الأفغانية' مجلة 'تايم' الأميركية، وهي صورة لوجه جميل هادئ الملامح لكنه مجدوع الأنف، جدع زوجها أنفها وأذنيها انتقاماً منها بأمر قضاء 'طالباني' عقاباً لها على الفرار من منزل الزوجية بسبب سوء معاملة عائلة زوجها، وقامت عائشة بأدوار كبيرة لتعرية نظام طالبان وتوعية نساء أفغانستان ولو على حساب مظهرها كإمرأة .. لكن ذلك لم يكن كافيا ..

- سفيتلانا غانوشكينا (69 عاما) التي أسست مع اندريي سخاروف منظمة "ميموريال" الروسية غير الحكومية في العام 1989 لاحصاء جرائم النظام السوفياتي وتخليد ذكرى ضحايا القمع لكنها سرعان ما تحولت الى مدافعة عن حقوق الانسان خصوصا في الشيشان.
و لا تزال ناشطة وتساعد اللاجئين والمهاجرين من الجمهوريات السوفياتية السابقة قبل ان تساهم في تأسيس "ميموريال"...قامت بأدوار توكل في الجعاشن لكن بشكل أقوى .. لكن ذك ليس كافيا ...
- الافغانية سيما سمر (54 عاما) مناضلة في مجال حقوق المرأة تحدت تهديدات عدة بالقتل في بلادها تترأس اليوم اللجنة الافغانية المستقلة لحقوق الانسان, أول منظمة تحقق في انتهاكات حقوق الانسان في البلاد, لكنها اشتهرت خصوصا لدى تأسيسها في العام 1989 منظمة شهداء غير الحكومية التي تتولى ادارة مستشفيات وعيادات ومدارس وملاجىء للنساء في أفغانستان وباكستان, ثم كوزيرة في الحكومة الافغانية...كانت مرشحة لنيل الجائزة وكان من الممكن أن يحقق فوزها بالجائزة شيئ للمرأة الأفغانية وبالتالي للأمريكان المتبنين لها ..لكن ذلك لم يتم ... الكثيرون إعتقدوا فوز تونسية أو مصرية ..ساهمن في صناعة الثورات ..لكن توكل دخلت على الخط فجأة ..
يعتبر بعض المهتمون الأجانب أن خلفية توكل الإسلامية وأنتسابها لتيار إسلامي محافظ ونضالها داخله لتغيير الصورة النمطية للمرأة الإسلامية وأدوارها التي لاقت قمعا كبيرا من النظام والمجتمع وتيار داخل حزبها .. وجمعها بين واجباتها الأسرية وأدوارها النضالية ودورها العظيم في توعية المجتمع في بقضايا تهم المرأة وخاصة قضية زواج الصغيرات ونجاحها مع بعض الحقوقيين في حزبها بإقناع شريحة كبيرة داخل هذا الحزب ... إلى جانب الأسباب الأخرى التي يعرفها الجميع مثل ( الجعاشن – الشجاعة الصحافية – الأنشطة الحقوقية التي أثبتت مصداقية في الخارج والداخل – دورها في الثورة اليمنية ) ...هو أهم أسباب حصولها على جائزة نوبل ...وأنا فعلا أرجح هذا السبب وموضوعيته ..
- يحاول البعض التلميح إلى نزعة توكل كرمان الفردية للحصول على الأضواء وإظهار الثورة اليمنية كمنجز شخصي لها ..ويعمق ذلك بعض التصريحات الأخيرة في قنوات مثل الجزيرة حين تحدثت قبل يومين وبعد الإعلان عن فوزها بالجائزة عن المجلس الرئاسي التي شكلته هي بصورة شبه فردية ..مع إعتقادي أنا أنها لم تكن أبدا خطوة فردية ..بل تمت بالتشاور مع أطراف كثيرة ومنها المعارضة ...
- كما يلمح البعض غمزا لحزب الإصلاح وهو حزبها أن توكل تهيئ نفسها لإعلان حزب جديد بعد نجاح الثورة بعد أن شعرت بأن تجمع الإصلاح يعرقل طموحاتها الشخصية , وبدفع قوي من زوجها الطموح و يعد مشروع الحزب المحامي خالد الأنسي ..وهو يبدوا رجلا ذكيا يعرف ما يريد ... طبعا أنا لا أعتقد أبدا بصحة هذه التخرصات أو التوقعات وأعتقد أن من يسرب لنا هذه المعلومات هم مجموعة داخل الإصلاح من التيار المتشدد والذي يرغب بالتخلص من مشاغبات هذه الثائرة ..أو أن المسرب هو تيار سلطوي أو ليبرالي متطرف يريد أن يعزل مابين توكل وحزبها ..
كما أنه لا بد أن تكون توكل من الذكاء بحيث تدرك أن تأسيس أي حزب سياسي لن يكون فكرة عملية في واقع سياسي له أرضية حزبية عريقة .. ولاء الجماهير فيه للتنظيمات والدليل هنا هو المصري عبدالمنعم أبو الفتوح حين إستقل بالقرار خارج إطار إجماع القوى الثورية وهو من هو في شعبيته ..لكنه في ظرف أسبوع إنتهى سياسيا حين أراد ذلك التنظيم القوي عزله ..
كما أنه لا يمكن التعويل أبدا على جمهور عاطفي يهتف بإسم توكل اليوم .. وهو كالرمال المتحركة ليس له أرضية صلبة للوقوف عليها , ومن مشاكل هذا الجمهور الحب السريع والكره الأسرع ولابد أن ذاكرة توكل حديدية بعد مجزرة رئاسة الوزراء فقد تنكر لها حتى أصدقاؤها الليبراليون .. والحصول على جائزة نوبل ليس كافيا لإنتزاع جمهور منظم من أحزابه .. فرابين رغم أنه كان بطلا لشعب إسرائيل وحصل على نوبل ..لكنه عول كثيرا على ذلك ثم كانت النتيجة أن تحرك الجميع ضده وترك للمتطرفين ليقتلوه ..
توكل كرمان يمكن أن تمثل مشروعا تغييريا مهما وصادقا وهذا ما أؤمن به وأدافع عنه دوما لكن هناك أخطار تحدق بتاريخها النضالي ويمكنها أن تتسبب في نهاية غير مشرفة لجان دارك اليمن وأم الثورة اليمنية ...
ومن الأخطار عليها :
- زوجها رغم أنه يبدوا رجلا رائعا حين يشجع زوجته على أن تكون إحدى أنشط نساء العالم .. وتقتحم مجالات كان من الصعب على المرأة العربية المحافظة أن تقتحمها ..إلا أن كثيرا ممن تواصلت به حتى من محبيها مقتنعون أن له دور كبيرا أيضا في الدفع بها للتصادم مع كل التيارات المعارضة وحتى مع الحقوقيين .. ويرجعون ذلك لعقليته التجارية أو الإستثمارية التي ترغب في الإستفادة ماديا من كل الأنشطة والأحداث..
- أخوها الشاعر طارق ..ويقال أنه شاعر ومن نفس التيار الإسلامي ..لكنني تابعته في الفيس بوك ووجدت النزعة الفردية طاغية على تفكيره ..والهجوم على القوى الثورية الاخرى خاصة المشترك وبالذات حزبه ..وكأن الصراع بين أل كرمان والإصلاح ... كذلك يمكن ملاحظة ذلك في تقارير صفاء كرمان (أختها ) على الجزيرة والتي تدفع دوما في إتجاه وجود خلاف بين المعارضة اليمنية ..وبالتحديد بين الشباب وبين المشترك .. و إظهار أن المشترك هو العائق أمام الشباب لحسم الثورة ..
ومن التيارات التي قد تحارب توكل وبعضها قد بدأ فعلا ثلاثة تيارات ..
1- تيار متطرف داخل حزبها وهو قليل جدا لكن أثره ظهر في اللجنة التنظيمية وفي القطاع النسوي لتجمع الإصلاح بحكم أن بعض أفراده يسيطرون على شؤون تنظيمية في تجمع الإصلاح وخاصة أمانة العاصمة .. ويحاول هذا التيار أن يحرق شخصية توكل داخل حزبها وقد تبنى ذلك بشكل واضح بعد مسيرة رئاسة الوزراء , لكن من الواضح أن هذا التيار قد بدأ يتلاشى داخل الإصلاح ..ولن يعود للواجهة إلا إذا حصل على مبررات من الجناح المعتدل والذي من أركانه توكل وذلك عبر إستفزاز مشاعر الإصلاحيين عبر إستعدائهم أو محاولة التقليل أو التشكيك في أدوارهم ...ولا أظن توكل تخطئ أو تستدرج لذلك بعد حصولها على نوبل .. ويقال أن جناحا تعتقد توكل أنه يميل للملياردير حميد الأحمر وأغلبيته من إعلاميوا الإصلاح .. وهذا مالم نشهده أو نجد عليه دليلا خلال بحثنا ..حتى عندما تعرضت للهجوم بعد مجزرة رئاسة الوزراء ..إلا من حالات فردية ..ولاحظنا حينها أن إعلام الإصلاح وقناة سهيل لم يحملا إلا النظام المسؤلية ..حتى في الفيس بوك كان النقد فردي من أشخاص ..رأيتهم على الفيس اليوم يظهرون فرحا شديدا لفوزها بنوبل ...ولم تتوقف سهيل حتى اللحظة عن التغني بتوكل ..
2- تيار علماني متطرف ..وهو تيار يشعر أن توكل كرمان تهدد القيم التي يعتمد عليها في تقديم وتسويق نفسه للخارج , وأن حصول إمرأة من تيار إسلامي محافظ على إهتمام العالم ونيل الثقة المحلية يقضى على جزء من الدور الذي يعتقدون أنهم يجيدونه , ويظهر للعالم والمنظمات الدولية أن تيارا جديدا يمكنه إلى جانب المعتدلون من الليبراليين واليسار أن يحقق شيئ للمرأة العربية ..
3- التيار الثالث هو تيار محب ومغالي في تصنيم الأشخاص .. بعض أفراد هذا التيار محب ومؤمن بدور توكل العظيم في ترسيخ القيم الثورية والحقوقية ..ولا يعتقد أو يشك في ذكاءها ولذلك فحين تتصرف توكل بنزق معين نظرا للحالة الثورية التي تتبنا المصادمة فيها ..وحين تعرف توكل أنها أخطأت فإنها لا تتراجع بشكل واضح وتظل مدافعة عن خطأها وربما ألقت اللائمة على خصوم سياسيون ينبغي أن يكونوا حلفاؤها ..المهم ألا يفقد هذا التيار الثقة بها .. وهناك أيضا مجموعت كبيرة تحاول إقحام توكل في صراعات وهو تيار مدفوع ..إما من السلطة أو الأمن ومهمته القضاء على وحدة الثوار ...
أخيرا ...اليوم أضع يدي على قلبي منتظرة اللحظة الحاسمة التي تثبت توكل كرمان أنها أم الثورة اليمنية والأكثر حرصا على توحد كل قوى الثورة , دون الإلتفات إلى لحظات الإنتقام أو لحظات التطلع الشخصي الطامح بأجندة خاصة ..وهذا ما أنا متأكدة من تحققه على يد ملهمتي وحبيبتي توكل كرمان ...
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 09-مايو-2024 الساعة: 05:28 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-11046.htm