صنعاء نيوز - عجلة التغيير التي تدور بدون قضاء تدور في الفضاء. وبدون قضاء فعال نزيه عادل لا يمكن أن تستقيم دولة ولا قانون ولا مجتمع ولا مواطن.

الأربعاء, 21-مارس-2012
صنعاء نيوز /نبيل حيدر -
عجلة التغيير التي تدور بدون قضاء تدور في الفضاء. وبدون قضاء فعال نزيه عادل لا يمكن أن تستقيم دولة ولا قانون ولا مجتمع ولا مواطن. هذه الأيام تحديدا نحن أحوج إلى أقسام طوارئ في المحاكم والنيابات حيث الاشتغال على قضايا الأمن وقضايا الفساد بأنواعه قائم على وتر وساق غير أن قضاتنا - حفظهم الله - أضربوا وشلوا حركة المحاكم وأضافوا على جنون الأوضاع تخضيبا أعمى بالإضراب والآن هناك تهديد بالتوجه لإغلاق أبواب المحاكم وبداخل أكمام قميص الإضراب تعطيل أدى إلى اكتظاظ أقسام الشرطة بمحجوزين على ذمة قضايا ينتظرون تحقيقات النيابات التي ترفض العمل.
> القضاة يرفعون مطالب عديدة وبغض النظر عن صالحهم من الفاسد ووجوب تعليق الفاسد من أذنه لأن فساد القاضي ليس كأي فساد وهو للأسف ما لا يقولونه فإن تلك المطالب في عمومها هي مطالب عامة وشعبية. فمن من عقلاء الناس وبسطائهم لا يريد قضاء مستقلا؟ ومن من المواطنين لا يريد للقاضي أن يحيا في بحبوحة من العيش (منغنغ)؟. السواد الغالب من خلق الله يريدون القاضي قوياً مرفوع المستوى حتى لا يحكم وهو عطشان أو جوعان أو غضبان أو (مزنوق)، وحتى لا ينظرفي قضية وشيطانه يدق في عقله طبول تحويل قضايا إلى البيت وجعل المتخاصمين زبون منزلي دائم بعيدا عن رواق المحكمة وزقاق إدارة القلم التي عندما تكتب للمواطن حكما تخرجه بعد (يا شاهدين اشهدوا) وكأنها عملية تصنيع صاروخ نووي. وما أكثر الاختلالات في القضاء التي يتمنى كل سوي أن تختفي ولكنها لن تختفي بإنكارها أو بشن حملة إضراب لتصحيح أوضاعها دون أن يكون هناك مشروع متكامل يناقش ضمن نقاشات وحوارات إعادة التنظيم لشكل نظام الحكم برمته. فالإضراب لا يتضرر منه سوى المواطن الذي يعاني من سياط التطويل في المحاكم عند النظر في القضايا فكان الإضراب سوطا إضافيا.
> ما اعتقده ويعتقده كثيرون أن تصحيح الجدار المنهار للقضاء مطلب شعبي بامتياز وليس مطلبا (قاضوياً) وأن التصحيح المراد منه صياغة جديدة لسلطة القضائية لن يأتي بإضراب أبوابه مشرعة، وأمر السلطة القضائية استقلالا وإدارة وامكانات أمر يدرس ضمن دراسة منظومة النظام السياسي للبلد، وعلى القضاة أن يضغطوا باتجاه ذلك مع الاستمرار في تأدية مهامهم لا أن يلجأوا إلى تعطيل القضاء والذهاب ساعة أو ساعتين في الأسبوع لالتقاط صورة أمام بوابة محكمة للتأكيد على أنهم مستمرون في الإضراب ثم الذهاب إلى البيوت للمقيل والنوم. على القضاة أن يسلكوا درب النضال المدني بعدم التوقف عن مراعاة مصالح الناس وحقوقهم ومظالمهم وعليهم ألا يتناسوا أن القضاء أجر وأجرة وألا يتخندقوا عند الثانية وينسوا الأولى.
> وإذا كان رافعو المطالب يؤمنون حقا وصدقا ويقينا بالتغيير فالطمع - ولن أقول المنطق - يجعلنا نترقب أن يكونوا أنموذجا ناصعا للتغيير بإيثار وكفاح واستمرار في العطاء ومراعاة مصالح الناس ومراعاة أن هذه الآونة تحتاج إلى وجودهم في محاكمهم أكثر من أي وقت مضى، هذه الأيام نحتاج إلى تكريس أهمية اللجوء إلى القانون والقضاء لا شيء آخر.
> ثمة مسؤولية كبيرة تقع على من ارتضى أن يكون حكماً بين الخصوم وإذا صار خصماً فعليه أن يكون وازناً غير مخل بواجب المسؤولية وأن يراعي أن كثير ممن يقفون على أبواب المحاكم ينتظرون فصلا في قضاياهم هم مواطنون بسطاء يؤمنون بالمدنية والقانون والقضاء وإلا كانوا ذهبوا نحو محاكم المشائخ حيث يجلس الشيخ في عرينه وعلى يمينه صاحب القضاء وهو قاض باع نفسه لسلطة الشيخ وجلس بين يديه ينتظر الرزق المقسوم بإحالة قضية إليه حكم فيها جناب الشيخ.
وإذا أراد القضاة التغيير فينبغي عليهم المساعدة على التغيير بالعودة إلى تأدية واجباتهم وفي نفس الوقت برمجة فعاليات للتأكيد على مطالبهم بدون استخدام سياسة أضرب الوطاف يفهم الحمار، ويكفي المواطن ما تجرعه من بقائه في منصب (الوطاف) فقد أنهكه بلابل وأشجان وأرجو ألا يكثر القضاة من التهديد بإغلاق المحاكم لأن الإنسان والحيوان سيكونان ضحايا بسبب البديل المشيخي.
تمت طباعة الخبر في: السبت, 25-مايو-2024 الساعة: 01:40 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-13671.htm