صنعاء نيوز - ذهبت وكوكبة كبيرة حزينة إلى قرية المرحوم زميلنا محمد العصَّار لنودّعه الوداع الأخير، وتسابق كل الزملاء على أن يكونوا في التالبي في وداع زميلهم، في الطريق وقد بدأ المطر يرحمنا به رب السماء

الجمعة, 27-أبريل-2012
صنعاء نيوز /عبدالرحمن بجَّاش - -

ذهبت وكوكبة كبيرة حزينة إلى قرية المرحوم زميلنا محمد العصَّار لنودّعه الوداع الأخير، وتسابق كل الزملاء على أن يكونوا في التالبي في وداع زميلهم، في الطريق وقد بدأ المطر يرحمنا به رب السماء والأرض، ولحظة اخضرار النفس قال رفيق الطريق : لو كنتم وأهله دفنتموه في صنعاء، قلت : لا، أجمل شيء أن ينهي الإنسان مشوار الحياة بالعودة إلى نقطة البداية، هي لحظة علو مكثفة، لها معانٍ كثيرة، فأن تحتضنك تربة قريتك بمعنى من المعاني فقد بادلتها الحنو بالحنو، أن يخرج الإنسان من المدينة الصاخبة حيث زحمة كل شيء، فأنت تهب نفسك وحواسك وبالذات عينيك بعض الفرصة لترى جديداً من جديد!!
للأسف الشديد، إلى بيت الكوماني لا ترى سوى العبث في أبشع صوره، يا اللَّه كيف ندمر الحياة بأيدينا، حُفر تشوّه وجه الطريق، لا إشارات مرورية، لا ترى صورة جميلة باستثناء القرى التي لا تزال صامدة في أعالي الجبال، وإنسان يحاول أن يتمسك بالحياة، وإن قتلته حركة مرورية تذبح الطمأنينة من الوريد إلى الوريد!!
سور الصين العظيم، قُل سور العبث العظيم يقابلك في قاع جهران متحدياً كل كتاباتنا وكل أقلامنا، وأن لا تهز الدنيا يوميات عَلَم اليمن الدكتور عبدالعزيز المقالح، فقل هو الموت ينتصر على الحياة، فقلم بحجمه، بل حرف واحد في بلد يعي معنى الكلمة يهز حكومات ويطيح برؤوس فاسدة كثيرة هي هنا، مرت اليوميات وكتابات لآخرين كثر مرور الكرام، وبقي السور العابث!!
وحين تصل ذمار قل هي الفوضى عنوان الطريق والشارع وما شاء لك فقل!! قل كل ما تريد ولن يبهرك حتى سور جامعتها الذي لا تدري هل لضرورة علمية كان أم لمجرد التباهي، ما الذي قدمته جامعاتنا حتى اللحظة غير التفقيس؟ لا شيء!! قال الأستاذ عباس الديلمي، وقد حدّثته صباحاً عن ذمار : كانت أنظف مدينة، قلت : ذلك أيام الهولنديين.
حين تعتلي الطريق الترابية ووسط رذاذ المطر تتلفت يميناً وشمالاً تتمنى ألا يصل الأسفلت قريباً إلى تلك الربى، فسيقتل العبث الذي قتل كل شيء براءة الأرض والإنسان والبُلك الذي تبنى به بيوت مشوهة ما هو إلا بداية، لا تزال الثيران والحمير تحرث الأرض، ولا يزال الإنسان الأصلي موجوداً، سيقتلهما الأسفلت قريباً!!
التالبي على مرتفع يطل على وادٍ أخضر، قلت : هنا السر في إبداع العصَّار كاتباً، فأن تفتح عين طفولتك على وادٍ كذلك فتظل نفسك مخضرة طوال أيام حياتها، برغم حزن التالبي على ابنها إلا أنها استقبلتنا بكرم الإنسان الأصيل وعبارات الاعتذار عن تقصير لم نلحظه، بل عشنا لحظات كريمة في قلب القرية التي استعادت ابنها، عدنا عصراً، كان المطر يحاول أن يمطر قلوبنا، لكن الحُفر المغمورة بالمياه عملت بكل ما تستطيع على تشويه الصورة مرة أخرى... رحم اللَّه العصَّار.
تمت طباعة الخبر في: الثلاثاء, 14-مايو-2024 الساعة: 07:07 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-14459.htm