صنعاء نيوز - صنعاء نيوز

الأربعاء, 11-يوليو-2012
صنعاء نيوز/عبدالرحمن بجاش - -
- ليس الأهم أن القمامة تملأ الشوارع، ليس الأهم أننا نمر بجانبها وقد أغلقنا «مناخرنا» بالكلينكس، ليس الأهم أننا نتأفف لحال كهذا، وحتى ليس الأهم أننا لا نمد أيدينا لإزاحة كيس من أكياسها جانباً!! بل ربما ليس مهماً أن يُزاد الراتب عبدالرحمن بجاش -
.. ليس الأهم أن القمامة تملأ الشوارع، ليس الأهم أننا نمر بجانبها وقد أغلقنا «مناخرنا» بالكلينكس، ليس الأهم أننا نتأفف لحال كهذا، وحتى ليس الأهم أننا لا نمد أيدينا لإزاحة كيس من أكياسها جانباً!! بل ربما ليس مهماً أن يُزاد الراتب لعمال النظافة أو مَنْ نطلق عليهم «الأخدام»، ولا يهم أن نستحدث لهم أجوراً إضافية، أهم المهم في نظري أن نصحح النظرة المجتمعية التي تحكم علاقتنا بهم، ونرفع ظلم نظرتنا المتعالية لهم، وأن يدرك المتأففون أن لولا هؤلاء لتحولنا إلى مجرد «جيف»، لأننا لم نعد ذلكم البشر العملي الذي يرفع مخلفاته.
وانظر - فقط - إلى دواوين القات وما نخلّفه!! وإلى ما نتركه من متافل وعجين وسليط وأشياء تبدو لنا فلا تسوءنا، وكأن لا علاقة لنا بالعبث من أصله!! وإن أردنا فليمر بن عمر على واحدة من قاعات الأفراح والعزاء وليقل لنا ما نحن عليه، باعتبار أننا لم نعد نصدّق إلاَّ بن عمر!! ويا ليته يمر على ميدان السبعين ويهدد بالبند السابع لينقذنا وينقذ المرور من عنت المتعنتين!! ويا ليت لو أن بن عمر يضغط في سبيل قانون يعدل حياة هؤلاء، فتقر لهم الأمم المتحدة بدل مخاطر وكيس حليب لكل واحد اتقاء السموم جرّاء المواد الكيماوية التي نرمي بها، أما مخلفات المستشفيات فلا يتحمل آثارها إلاَّ هؤلاء الطيبون، الذين يتأفف منهم أصحاب الصوالين المبرقعة والمموهة والمعكّسة!!
لا بد - والأمر كذلك - أن نعتبرها فرصة ونعيد لهؤلاء اعتبارهم ونعتبرهم أهم فئة في المجتمع، ونسن التشريعات التي تحمي حياتهم وتوفر لهم السكن اللائق والأجر المتناسب مع جهدهم وطبيعته، وأن نعدل من سلوكنا الاستهلاكي حتى لا نظل نملأ البراميل بمخلفات تزيد الطين بلَّة، بيئياً، وليس بالضرورة أن نحمّل الحكومة الآن، والبلد في ظرف استثنائي، كل المسؤولية في توفير كل المطلوب.
الآن الأمر يتعلق بالمجتمع أولاً، هل أحس بهؤلاء الناس والشوارع تغوص بالقمائم؟ هل يدرك حجم جهدهم ومعاناتهم؟ هل نعلم مقدار ما يلاقون من إهانات حالات ازدراء ينتجها تجاههم أصحاب نظريات الازدراء؟
يجدر بنا أن نعيد النظر في كل منظومة التعالي والسلوك العفن الذي نمارسه تجاه هؤلاء الذين «يلفلفونا» كل لحظة في ظروف عمل قاسية لا تتوفر فيها أبسط مقومات العمل إنسانياً ولا وظيفياً، ولا بأس أن نذكّر بأن عامل النظافة في البلدان المتقدمة يحظى بأفضل ظروف عمل ومعيشة وينظر إليهم المجتمع نظرة متوازنة قوامها الاحترام والتقدير.
وبأية حال فديننا الحنيف إذا فهمناه لا يفرّق بين وبين إلاَّ بالتقوى، ونحن نقول بحسن العمل، فهؤلاء أفضل مليون مرة من أي فاسد أو عابث أو متعالٍ، فجهدهم وعَرَقهم أفضل ألف مرة من عطور وخمول كثيرين، بل كثيرين جداً.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 16-مايو-2024 الساعة: 08:34 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-15638.htm