صنعاء نيوز - صنعاء نيوز

الإثنين, 17-سبتمبر-2012
صنعاء نيوز كتبه : * فائز سالم بن عمرو -

كان رئيس الاتحاد السوفيتي ليونيد بريجنيف يكره كثيرا رئيس جهاز المخابرات الروسية " الكي بي جي " ، لكنه لم يستطع إزاحته رئيسه لتغلغل الجهاز الاستخباراتي في إدارة الدولة والحزب الشوعي . وذات يوم اتصل برئيس الاستخبارات " الكي بي جي " بصوت منزعج مخبرا إياه ؛ بأنه أضاع ساعته الذهبية الثمينة المرصعة بالجواهر المهداة له من ملك إيران الشاه ، وبعد ساعات عاود الرئيس الاتصال ، فاخبره رئيس الاستخبارات بحماسة وفخر بأنهم اكتشفوا المؤامرة كلها وفككوا خطوطها ، وتم القبض على زعيم العصابة الذي اعترف بسرقة الساعة ، وكان يعتزم زرع جهاز تنصت متطور لمراقبة رأس الدولة ، واخبر الرئيس بان العمل جار على قدم وساق لمطارد باقي أعضاء الشبكة في كل ربوع الاتحاد السوفيتي . فشكرهم الرئيس على جهودهم ، واخبر رئيس الاستخبارات بأنه أراد ان يعتذر له عن سوء الفهم ، وبأنه وجد ساعته الثمينة التي لم تغادر جيب معطفه الدافئ . ولم تمر ساعات حتى أعلن رئيس الاستخبارات استقالته .

إذا أُسقطت هذه القصة على أجهزة الأمن في الدول العربية ستجدها تنطبق تماما على ثقافة الأجهزة الأمنية القائمة على شعار اعترف المتهم بجريرته الغاشمة ، ويتم هذا الاعتراف طبعا بممارسة العنف والتعذيب وانتهاك أدمية الإنسان وحقوقه . أجهزة أمنية متعددة وترتدي أزياء متضاربة ومنوعة في اليمن السعيد ، قلما تنبأت بحادثة أو اكتشفت جريمة أو عالجت واقع امني أو اجتماعي . شرطة سكتنديار البريطانية يبلغ تعدادها ستين ألفا ، وتحبط ما بين ستة إلى سبع مليون جريمة في السنة . لا يعرف عديد وعديد الأجهزة الأمنية في اليمن إلا الله عالم الإسرار ، فكم من الجرائم تكتشفها أجهزتنا المبجلة ؟! .

تذكرنا قصة الاستخبارات الروسية بما تردده وسائل الإعلام في غمار الحملات والاعتداءات على السفارات الأمريكية في دول الربيع العربي ، وفي بعضها تم رفع علم القاعدة الأسود . العجيب والمثير للسخرية والضحك تصريح رئيس الوزراء المصري هشام قنديل بان حكومته اكتشفت مؤامرة مدفوعة الثمن لتحريض الشباب لحرق السفارة الأمريكية في مصر ، وأردفت وسائل الإعلام عن قيادة ليبيا الجديدة بأنهم أعلنوا بخفر واعتزاز عن تحديد هوية خمسين شخصا وراء الاعتداء على السفارة وقتل السفير ومرافقيه ، وان اختلفت جهة الجاني ، فالبعض ألبس التهمة بالقاعدة ، وآخرون اتهموا نظام القذافي ومناصريه .

التساؤل كيف استطاعت هذه الدول وأجهزتها الأمنية التي مرّت بهزات كبيرة سببها تداعيات الربيع العربي ، وأثرت على أدائها وكفأتها ان تصل بهذه السرعة الخرافية والفكية إلى المتهم وتحديد هويته ودوافعه السياسية والاجتماعية ؟ ، هل هو على طريقة اعترف المتهم ، وأقرَّ بجريمته ؟! ؛ علما بان هذه الأجهزة الطر زانية الخارقة إلى الآن لم تكتشف كثير من الجرائم الكبرى مثل حادثة بور سعيد في مصر التي ذهب ضحيتها عشرات الأبرياء ، وكذلك مقتل العميد عبد الفتاح يونس العبيدي في ليبيا .

والملاحظ بان المعادلة القديمة الجديدة للأجهزة الأمنية ، وثقافة التعامل مع الجرائم والأحداث ، والتي تسارع بالاعتراف وإلقاء القبض على الجاني ، ولو كانت الجريمة معقدة وصعبة ، وطبعا يتم هذا الإجراء إذا كان المستهدف هدفا أجنبيا أو مصلحة أمريكية أو سائحا غربيا ، أما إذا كانت الجريمة والحادثة تعرض لها مواطن عربي مسحوق ، فان التخريجة الإعلامية تكون كالآتي : تم تشكيل لجنة للتحقيق ومحاسبة الجاني ، ويعقبها سكوت إعلامي وسبات امني ، فمئات آلاف القضايا محبوسة في سجلات الأجهزة الأمنية ، وكثيرا منها سيسقط بالتقادم . والذاكرة الشعبية متعودة على النسيان والتناسي .
تمت طباعة الخبر في: الثلاثاء, 07-مايو-2024 الساعة: 10:59 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-16672.htm