الجمعة, 07-ديسمبر-2012
صنعاء نيوز - 
يُشكل الأعتراف الدولي بفلسطين "دولة مراقب غير عضو" بكل المقاييس الدولية والإسرائيلية والفلسطينية علامة فارقة في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرئيلي صنعاءنيوز/ د. سليم محمد الزعنون. -


يُشكل الأعتراف الدولي بفلسطين "دولة مراقب غير عضو" بكل المقاييس الدولية والإسرائيلية والفلسطينية علامة فارقة في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرئيلي؛ نظراً لما يترتب عليه من أبعاد سياسية وقانونية ذات دلالات هامة. وعلى قدر سعادة الفلسطينين بالانتصار السياسي؛ على قدر حجم وثقل التداعيات المنتظرة لما بعد الاعتراف؛ فالتحديات أمامهم كبيرة واستراتيجية؛ في ضوء استمرار الاحتلال.

فإسرائيل لم تفك ارتباطها بغزة بالمعنى الاستراتيجي الشامل وما زالت تسيطر براً وبحراً وجواً؛ كذلك الأمر بالنسبة للقدس الشرقية والضفة الغربية؛ فالمدينة المقدسة تتهددها عمليات التهويد والضفة يبتلعها جدار الفصل العنصري، اضافة إلى تهويد الأغوار على امتداد نهر الأردن، والسيطرة على مصادر المياه، وملف جدارالفصل، ناهيك عن ملف المستوطنات، الذي يُجمعون هناك في إسرائيل على ضرورة ضم "تكتلات المستوطنات" إلى السيادة الإسرائيلية؛ والملف الأكبر هو ملف إقامة الدولة الفلسطينية على امتداد أراضي الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة، إلى جانب معركة توحيد جناحي غزة والضفة.

تحتاج هذه التحديات الاستراتيجية إلى برامج استراتيجية وجهود كبيرة لمواجهتها وتفكيكها؛ يأتي في مقدمتها تعزيز وتكريس الوحدة الوطنية الداخلية، والعمل على بناء جبهة عربية وإسلامية؛ والاسراع في الانضمام للاتفاقيات والمعاهدات الدولية؛ لمواجهة قضيىة توسيع المستوطنات وتحسين وضعية الأسرى؛ والعمل على صياغة مشروع الدستور الفلسطيني ليتناسب مع وضعية الدولة.

إن اتفاقية "منتيفيديو" لعام 1933 حددت معايير الدولة بأحد أهم الركائز وهي وجوب أن تكون حكومة الدولة فاعلة وواحدة؛ كما أن الحدود يجب أن تكون محددة، ويحاول الإسرائيليون اليوم إقناع دول العالم عبر إرسال رسائل للطعن في القرار بأن التصويت باطل لأن فلسطين مجزأة لحكومتين واحدة في الضفة وأخرى في غزة. ووفقاً لهذا المنظور أضحت المصالحة الفلسطينية التزام وواجب على الفلسطينين؛ خاصةً بعد أن حظي المشروع الفلسطيني بإجماع الخريطة السياسية الفلسطينية، فجمبع الفصائل التقت وتوحدت خلف التوجه الفلسطيني، في إطار اعتباره معركة سياسية هامة على الجبهة الدولية، والمطلوب بعد هذا الانجاز السياسي مواصلة خطوات المصالحة وتعزيز وتكريس الوحدة الفلسطينية على نحو إستراتيجي، في إطار خطة وبرامج سياسية وإعلامية مشتركة، ترتقي إلى مستوى الطموح الفلسطيني، وإلى مستوى التحدي والتصدي للاحتلال.

وقفت الدول العربية والاسلامية بدون استثناء موقف الداعم والمساند للخطوة الفلسطينية؛ ولكن في هذا السياق فإن الاعتراف الدولي بفلسطين غير كافي إن استمر حبراً على ورق رغم أبعاده السياسية والقانونية؛ نظراً لذلك على الفلسطينين أن يعملوا جاهدين على بناء جبهة عربية وإسلامية عريضة تتحمل مسؤولياتها التاريخية والسياسية والأخلاقية، والعمل على توظيف كل طاقاتها وأدواتها في إطار المعركة الدبلوماسية؛ لدعم وترسيخ سلطة الدولة الفلسطينية.

يجب الاسراع في الانضمام للاتفاقيات والمعاهدات الدولية؛ لمواجهة قضيىة توسيع المستوطنات وتحسين وضعية الأسرى؛ إن الممارسة العلملية لإسرائيل رداً على قرار الاعتراف بفلسطين جاءت فوراً، بخطة استيطان تشمل بناء 3000 وحدة استيطانية في المنطقة المسماة "اي"، التي من شأنها أن تقطع التواصل الجغرافي والسكاني بين المدن الفلسطينية على نحو أشد وأعمق مما هو قائم اليوم؛ نظراً لذلك يجب الإسراع في الانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية لتفعيل بند المكمة الخاص بأن إجراءات نقل سكان"المستوطنين" إلى الأراضي المحتلة يرقى إلى جريمة الحرب.

وعلى الجانب الأخر استخدمت إسرائيل على الدوام مصطلحات من قبيل "مخرب، إرهابي" في وصفها للأسرى الفلسطينيين، نظرا لغياب الاعتراف بفلسطين كدولة في الأمم المتحدة، مما جعلها غير ملتزمة بالمواثيق واتفاقيات جنيف رغم أن الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية عام 2004، الذي أكد انطباق ميثاق جنيف الرابع على الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس؛ أما الآن وبعد حصول فلسطين على دولة بصفة مراقب تستطيع أن تصبح متعاقداً سامياً في ميثاق جنيف الرابع؛ وتشير المادة 49/1 من الميثاق إلى أن عدم معاملة الأسرى وفقا لمواثيق جنيف يرقى إلى جريمة حرب، في هذا السياق على الفلسطينين ثكثيف الجهود للبدء في العمل من أجل وضع الأسرى قانونيا على المستوى الدولي، عبر تطبيق الاتفاقيات الدولية والانضمام للنظام الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية يعتبر أمر ملح وضروري، لأنه يشكل الحماية الدولية والإنسانية والقانونية للأسرى، ويجب أن تستخدم أدوات القانون الدولي لحماية الأسرى.

يتطلب الاعتراف بدولة فلسطين ضرورة عمل مشروع الدستور الفلسطيني، نظراً لأن فلسطين أصبحت دولة ولا بد لها من دستور، وكون السكرتير العام للأمم المتحدة أصدار مرسوماً لتغيير كل ما يتعلق بعبارة فلسطين إلى دولة فلسطين؛ يتوجب إصدار مرسوم رئاسي لتغيير كل مسميات فلسطين، إلى دولة فلسطين.

الفلسطينيون الآن في وضع أفضل لتوظيف المؤسسات والأدوات التي منحها القانون الدولي من أجل حماية حقوقهم، ويتوجب عدم التواني والتمهل في اتخاذ الخطوات اللازمة لتفعيل كل هذه الأدوات والمؤسسات.
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 29-مارس-2024 الساعة: 02:35 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-18021.htm