صنعاء نيوز - 
‬نفس الوجوه تتكرر بنفس الملابس مع تغيير طفيف في‮ ‬مسببات طلب المال ليستمر مسلسل الكسب الوفير‮ ..

الثلاثاء, 13-أغسطس-2013
صنعاء نيوز /استطلاع/نجلاء ‬الشيباني - -


‬نفس الوجوه تتكرر بنفس الملابس مع تغيير طفيف في‮ ‬مسببات طلب المال ليستمر مسلسل الكسب الوفير‮ .. ‬هذا ما‮ ‬يجعل الكثير من المواطنين‮ ‬يفضلون الصمت كتعليل بسيط لواقع المتسولين في‮ ‬بلادنا ولخوفهم من ظلم أصحاب الحاجة الحقيقية‮.‬
التسول حاجة أم مهنة واقع صعب‮ ‬يفرضه علينا أولئك الذين‮ ‬يتخذون من التسول مهنة وطريقة‮ ‬يسيرة لكسب لقمة العيش مظللين بأعمالهم تلك على المحتاجين حقا للمساعدة‮ .. ‬غير أن الأسوأ من كل ذلك أعدادهم الكبيرة في‮ ‬الجولات والشوارع مما‮ ‬يعكس صورة تشوه البلد أمام الأجانب‮
برغم صحته الجيدة وحركته المستمرة‮ ‬يجد علاء نفسه بالتسول في‮ ‬إحدى جولات العاصمة صنعاء تحديدا في‮ ‬شارع حدة حاملا في‮ ‬يده قطعة من القماش ليمسح بها زجاج السيارات مسحة خفيفة ثم‮ ‬يتوجه إلى السائق ليطلب منه أن‮ ‬يساعده في‮ ‬قيمة الغداء لكونه جائع لم‮ ‬يأكل منذ الصباح بهذه الطريقة‮ ‬يكسب علاء المال لتجده بعد ساعات حاملا بيده قارورة ببسي‮ ‬وفمه مليء بالقات ليعود بعد المقيل لمزاولة نفس العمل‮ (‬التسول‮) ‬وهذا هو حاله منذ سنوات برغم قدرته على العمل وممارسة مهنة أخرى في‮ ‬أحد المصانع أو مع أحد المقاولين وغيرها من الأعمال التي‮ ‬تؤهله قوة بنيته على مزاولتها‮.‬
تسول بالجملة
‮❊ ‬يجلس مبخوت الذي‮ ‬ينتمي‮ ‬لفئة المهمشين على رصيف الجولة فوق كرتون ومتكئ على حجر ليتناول القات مرتاحاً‮ ‬بعد أن‮ ‬يوزع الأدوار على زوجاته الثلاث وأبنائه في‮ ‬الجولات والمولات القريبة بعد أن‮ ‬يصل في‮ ‬ساعة مبكرة في‮ ‬باص لينزل أفراد أسرته ليتناولوا وجبة الإفطار ويستعدون لبداية‮ ‬يوم عمل طويل وبرغم تمتعه بصحة جيدة هو وزوجاته وبعض أبنائه الكبار الذين باستطاعتهم كما‮ ‬يعلم الجميع أن‮ ‬يعملوا كباقي‮ ‬أقرانهم في‮ ‬تنظيف العاصمة ومع وجوده هو وزوجاته وثلاثة من أبنائه الكبار‮ ‬يستطيع مبخوت الحصول على مبلغ‮ ‬لا بأس به‮ ‬يوميا ليتمكن من خلاله العيش بكرامة إلا أنه كما‮ ‬يبدو‮ ‬يفضل أن‮ ‬يزاول أفراد أسرته مهنة التسول ويبقى هو على ناصية الطريق‮ ‬يراقب عن قرب كيفية عمل عائلته في‮ ‬الجولة‮.‬
أمد‮ ‬يدي‮ ‬لحاجتي‮ ‬للمال ولانعدام العمل هذا ما تقوله أنيسة ‮51 ‬عاما متنقلة من جولة إلى أخرى ولا تخرج من نطاق حدة وتقول أن في‮ ‬هذه الأماكن أناسا‮ ‬يقدمون العون بصورة أفضل من‮ ‬غيرهم‮ .. ‬أنيسة القي‮ ‬القبض عليها ثلاث مرات من قبل مكافحة التسول ولكنها تخرج بضمان أهل الخير على حد قولها لتعود في‮ ‬اليوم التالي‮ ‬للتسول وهي‮ ‬ليس لديها خيار آخر لمساعدة والدتها وأخواتها الذين‮ ‬يسكنون في‮ ‬دكان صغير بـ(‮6) ‬آلاف ريال شهريا في‮ ‬مسيك كل ما تحصل عليه في‮ ‬اليوم الواحد لا‮ ‬يتجاوز ‮005 ‬ريال ليست أنيسة فقط من تزاول هذه المهنة وإنما شقيقتها الأصغر منها أيضاً‮ ‬والتي‮ ‬تتسول بحي‮ ‬التحرير طيلة فترة النهار لتتقابلان سوية بعد العشاء للتوجه إلى البيت‮.‬
تحرش
‮❊ ‬لم‮ ‬يكن موت أمها وألم فراقها نهاية المطاف وإنما كان الباب الذي‮ ‬فتح عليها سيل المصاعب ابتسام متسولة في‮ ‬إحدى جولات العاصمة صنعاء منذ أكثر من أربعة أعوام بعد وفاة والدتها التي‮ ‬كانت تعمل كفراشة في‮ ‬إحدى الشركات الخاصة وهي‮ ‬في‮ ‬سن العاشرة أو الحادية عشرة على حد قولها لتجد ابتسام نفسها وحيدة ملتزمة بمواجهة قسوة العيش فبعد أن بحثت كثيرا عن مكان تعمل فيه لتأكل وتشرب فقط دون أية فائدة قررت أن تذهب للعمل كمتسولة في‮ ‬إحدى الجولات عملا بنصيحة صديقتها التي‮ ‬تعيش هي‮ ‬الأخرى واقعا مشابها لما تعيشه ابتسام البالغة من العمر ‮61 ‬عاما وما زالت تعمل في‮ ‬نفس المكان وهي‮ ‬تحمد الله وتشكره على ما هي‮ ‬عليه ولكنها تأمل بأن تعمل في‮ ‬مكان لا‮ ‬يخدش فيه شرفها من قبل أصحاب السيارات الذين‮ ‬يبادر الكثير منهم إلى لمس‮ ‬يدها بمجرد أن‮ ‬يعطيها المال وآخرون‮ ‬يقومون بما هو أسوأ مستغلين حاجتها للمال وعدم وجود من‮ ‬يقدم لها الحماية وهذا‮ ‬يدفعها إلى تقاسم ما تحصل عليه مع من‮ ‬يحميها أثناء قيامها بالتسول من زملاء المهنة‮.‬
لم أتعود أن أمد‮ ‬يدي‮ ‬لأحد هذا ما قالته لي‮ ‬امرأة عجوز لا تقوى على الوقوف لساعات طويلة في‮ ‬الشوارع بعد أن تشاهدها تحمل في‮ ‬يدها علبة لبان تبيع منه للسيارات المتوقفة في‮ ‬الإشارة منها تحصل على قوت‮ ‬يومها وأولادها الصغار من خلال ما تجنيه من ربح في‮ ‬نهاية اليوم‮.. ‬الحاجة عايشة تحصل بعد كل علبة تبيعها في‮ ‬اليوم على ربح لا‮ ‬يتجاوز‮ (004) ‬ريال لا‮ ‬غير وتقول متعجبة من واقع الحال الجميع‮ ‬ينظر إليّ‮ ‬وإلى كبر سني‮ ‬دون أية شفقة والقليل النادر منهم هو من‮ ‬يرفض أن‮ ‬يأخذ باقي‮ ‬المبلغ‮ ‬الذي‮ ‬يعطيني‮ ‬ولو كنت اتسول كباقي‮ ‬النساء لحصلت على عائد مادي‮ ‬كبير‮ ‬يمكنني‮ ‬وأولادي‮ ‬من أكل ثلاث وجبات كباقي‮ ‬الخلق‮.‬
ولدت معاقاً
‮❊ ‬ولدت معاقا وسأبقى كذلك بهذه الكلمات المليئة بالانكسار والحزن بدأ نايف سرد حكايته المؤلمة فبعد وفاة والده وهو في‮ ‬سن العاشرة ليلحق بوالدته التي‮ ‬توفيت قبل أن‮ ‬يراها في‮ ‬غرفة صغيرة بحي‮ ‬الصافية ليتركاه وحيدا مع فراش نوم قديم كان‮ ‬يجمعهما قرر نايف أن‮ ‬يعتمد على نفسه لكسب لقمة العيش ولكن كيف؟
صمد نايف لعدة أشهر معتمدا على كسرات الخبز التي‮ ‬كان جيرانه‮ ‬يقدمونها له قبل أن‮ ‬يتخلوا عنه هم أيضا ويتركوه برغم سنه الذي‮ ‬وصل آنذاك إلى الحادية عشرة عاما لم‮ ‬يفق نايف من صدمته حتى توالت عليه المصائب والصعاب صاحب الغرفة هو الآخر قسى قلبه وقام بطرده ليجد ذو الحادية عشر ربيعا نفسه مرميا في‮ ‬الشارع ليبدأ بعدها مسلسل التسول من أصحاب المطاعم التي‮ ‬كان‮ ‬يجلس بجانبها حتى خروج الزبائن وفراغ‮ ‬المطعم ليقدم إليه أحد العاملين هناك بقايا الطعام ليسد به جوعه وكغيره من المحتاجين كان الرصيف فراشه ليتجرع برودة الشتاء وحر الصيف‮ ‬يبلغ‮ ‬نايف اليوم ‮02 ‬عاما ومازال‮ ‬ينظر إلى أيادي‮ ‬الناس ويأكل بقايا الطعام ليعيش‮.‬
وداعا للرحمة
‮❊ ‬بيت الله هو المكان المناسب والأنسب للحصول على المساعدة هذا ما تعتقده أم رباب وتؤمن به بعد أن ذهب زوجها إلى السعودية منذ خمسة أعوام ولم‮ ‬يعد تاركا خلفه أم رباب لتحمل مسؤولية تربية أبنائه منذ تلك اللحظة وهي‮ ‬تجلس أمام باب المسجد منتظرة ما‮ ‬يعطيه لها أهل الخير الذين قلت نفقاتهم عليها في‮ ‬الآونة الأخيرة ولكنها اليوم مع حلول شهر رمضان متفائلة كثيراً،‮ ‬فالمتصدقون كثر وتقول‮: ‬كان زمان الناس‮ ‬يرحموني‮ ‬أنا وبنتي‮ ‬وولداي‮ ‬ولكن هذه الأيام راحت الرحمة منهم لم تخف أم رباب قلقها وخوفها من الأيام القادمة بعد شهر رمضان المبارك وهي‮ ‬تدعو ربها باستمرار أن ترق قلوب المحسنين والخارجين من المسجد عليها‮.‬
‮❊ (‬الشحت أرحم‮) ‬هذا ما قالته خيرية بعد أن طرقت كل أبواب الجمعيات الخيرية وفاعلي‮ ‬الخير ولكن دون جدوى فلم تجد بعدها سوى الشارع كخيار أخير لتوفر من خلاله لقمة العيش لها ولزوجها المصاب بالسرطان ولولديها الصغيرين‮ .. ‬خيرية تعاني‮ ‬الأمرين ولا تكف عن طلب المساعة من حين إلى آخر لتحصل على بعض المال أو الخبز أو أي‮ ‬شيء‮ ‬يقدمه أهل الخير من شأنها أن‮ ‬يسد حالة الجوع والمرض الذي‮ ‬تعيشه منذ إصابة زوجها بالسرطان‮.‬
ليست هدفاً‮ ‬ولا‮ ‬غاية
‮❊ ‬الطفل أحمد البالغ‮ ‬من العمر ‮01 ‬سنوات أخرجه والده من المدرسة ليتسول في‮ ‬الجولات لمساعدته في‮ ‬مصاريف البيت فوالده‮ ‬يعمل كعامل بناء مع أحد المقاولين ويكاد‮ ‬يوفر إيجار المنزل‮ .. ‬وطلب من أحمد مساعدته لتوفير الطعام والشراب لإخوانه ووالدته لم‮ ‬يجد أحمد خيارا فلجأ إلى الشارع للتسول ليعطي‮ ‬ما‮ ‬يحصده طوال اليوم لوالدته التي‮ ‬تتولى مصاريف المنزل‮ .. ‬قال أحمد باكياً‮ ‬لا أريد أن أبقى متسولاً‮ ‬أريد العودة لمدرستي‮ ‬وأصدقائي‮ ‬في‮ ‬مدرسة عمار بن‮ ‬ياسر أرجوكم ساعدوني‮ .. ‬فهل من فاعل خير ليلبي‮ ‬نداء أحمد ويساعده للعودة للمدرسة ليصبح معلما كما‮ ‬يتمنى ووالده لا حول له ولا قوة‮.‬
‮❊ ‬إبراهيم ومحمد وعلي‮ ‬وعبدالسلام أطفال لا تتجاوز أعمارهم ‮41 ‬عاما‮ ‬يجمعهم السكن الواحد والمنطقة الواحدة أتوا من بني‮ ‬حشيش ليعملوا في‮ ‬المدينة وتوفير لقمة العيش لأسرهم‮ .. ‬لكن عند وصولهم صنعاء لم‮ ‬يجدوا ما كانوا‮ ‬يصبون إليه فالأعمال لم تكن فاردة‮ ‬يدها لهم وقفوا عاجزين أمام هذه الحياة والورطة كما‮ ‬يقولون فلم‮ ‬يجدوا أمامهم سوى اللجوء للتسول لتوفير المال الذي‮ ‬يبحثون عنه وإرساله لأسرهم بقليل من الكلمات الرحيمة واستعطاف الناس وبإلحاح شديد في‮ ‬بعض الأحيان‮ ‬يحصلون على المال‮ .. ‬فالتسول لم‮ ‬يكن‮ ‬غايتهم من البداية ولا هدفا لهم لكنهم اليوم‮ ‬يجدونه طريقا سهلا لكسب‮ ‬يومي‮ ‬يخرجون إليه منذ الصباح الباكر ويعودون إلى مسكنهم في‮ ‬المساء وهكذا‮ ‬يومياً‮ ‬يتقاسمون مصاريف الطعام والشراب والإيجار في‮ ‬نهاية الشهر وهكذا‮ ‬يعيشون‮.‬
تمت طباعة الخبر في: الثلاثاء, 30-أبريل-2024 الساعة: 07:03 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-22899.htm