صنعاء نيوز -
لفت انتباه المراقبين الغربيين تهديد المسؤول الشرعى فى تنظيم (قاعدة الجهاد فى جزيرة العرب) اليمني حارث النظاري، فرنسا بهجمات جديدة فى شريط فيديو تم بثه الجمعة.
وفي التهديد المذكور يؤكد النظاري مسؤولية شبكة (القاعدة) التي يتزعمها أيمن الظواهري عن ما اصطلح على تسميته (غزوة باريس)، وكان النظاري أكد في وقت سابق بيعته للظواهري مندداً بإعلان أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم (داعش) للخلافة الإسلامية.
وتهديد النظاري الذي ورد بصوته على شريط فيديو ووزعته شبكة (الملاحم) القاعدية، يؤكد تورط القاعدة في الهجوم الدموي على مجلة (شارلي ايبدو) الفرنسية الساخرة، حيث كان أحد الشقيقين اللذين نفذا المجزرة وهو شريف كواشي ابلغ قناة تلفزيونية فرنسية قبل مقتله أن تنظيم قاعدة الجهاد فى اليمن قام بتمويله وأرسله للقيام بذلك.
كما أكدت مصادر أميركية وأوروبية قريبة من التحقيقات في الهجوم على مقر مجلة (شارلي إبدو الفرنسية) أن سعيد كواشي (34 عاماً) كان زار اليمن في العام2011 للتدرب مع متشددين تابعين لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب وهو احد أنشط اذرع القاعدة.
وفي الشريط قال النظاري مهدداً: "أيها الفرنسيون أولى بكم أن تكفوا عدوانكم عن المسلمين لعلكم تحييون فى إيمان وإن أبيتم إلا الحرب فأبشروا، فوالله لن تنعموا بالأمن ما دمتم تحاربون الله ورسوله والمؤمنين".
ضرب الرقاب
وأضاف أن "فرنسا اليوم من أئمة الكفر تسب الأنبياء وتطغى فى الدين ولا رادع لها إلا ما حكم الله فيها فضرب الرقاب، أيها الفرنسيون إلى متى تحاربون الله ورسوله إن تسلموا فهو خير لكم".
وإلى ذلك، فإن حارث النظاري كان أحد اعضاء التجمع اليمني للاصلاح الذي يتزعمه عبدالمجيد الزنداني وعمل مسؤولاً لاستقطاب المراهقين الى التجمع الإخواني.
وكان ظهور النظاري وهو خريج جامعة الايمان الزندانية، في مدينة القطن اليمنية مع القيادي القاعدي أبو حمزة الزنجباري عقباقتحام (القاعدة) للمدينة في آب (أغسطس) 2014 أثار موجة من ردود الأفعال.
و تناول عدد من النشطاء اليمنيين في مواقع التواصل الاجتماعي الصورة بالنقد الموجه لحزب الإصلاح "الذراع السياسي للاخوان في اليمن". وهم اتهموا حزب الإصلاح بأنه مصنع للعناصر الارهابية، التي تقاتل في صفوف القاعدة.
وأشار البعض أن تلك الصورة، مجرد دليل واحد من عشرات الأدلة، على ما بشر به رئيس حزب الإصلاح محمد اليدومي، عن (دواعش) يمنية، ظهرت في الأسابيع الأخيرة في مناطق يمنية منها حوطة شبام بوادي حضرموت.
كما رأى آخرون أن انضمام النظاري للقاعدة سلوك شخصي، لا علاقة له بالجانب التنظيمي للإصلاحي، غير أنهم ذكّروا بأن "البدايات الأولى لعناصر القاعدة انهم كانوا ناشطين في تجمع الإصلاح أو طلاب في جامعة الايمان التي يرأسها القيادي المتشدد في تجمع الإصلاح عبد المجيد الزنداني".
مهاجمة داعش
ولتأكيد بيعته وتبوأه منصباً قيادياً في صفوف قاعدة جزيرة العرب (انصار الشريعة)، كان حارث النظاري وجه انتقادات لأبي بكر البغدادي حين نصب نفسه خليفة للمسلمين واعتبر الأمر "غير شرعي حيث أنه لم يتم استشارة أهل الحل والعقد كما أن خلافته ليست شاملة علي عموم المسلمين بل علي جماعته فقط".
ففي 22 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014 اتهم تنظيمُ أنصار الشريعة في اليمن، تنظيمَ الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، بشقّ صفوف المجاهدين في العالم الإسلامي، وتصدير الفتنة إلى بلاد شتى، بعد تنصيب أبو بكر البغدادي خليفةً للمسلمين.
وجدد حارث النظاري، في بيان كانت نقلته مؤسسةُ "الملاحم الجهادية" ونشرته بيعة "أنصار الشريعة" تنظيمَ القاعدة في جزيرة العرب لأيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة، الذي له بيعة منعقدة للملا محمد عمر أمير حركة طالبان.
ودعا تنظيمَ (داعش) إلى التراجع عن فتاواه التي ألزمت بقية الفصائل الجهادية ببيعة "البغدادي"، قائلًا: إن "الدولة فاجأت الجميع بقراراتها الفردية".
واعتبر النظاري أن السياسة الشرعية التي يتبعها "البغدادي" وشرعيوه تخالفُ شرعَ الله، وسنّةَ رسوله، رغم إطرائه على "البغدادي" بوصفه بـ"الشيخ الجليل"، وإطلاق اسم "الدولة الإسلامية" دون سبقها بـ"تنظيم".
ولم يُخف "النظاري" تجنّب "أنصار الشريعة" الحديثَ عن الاقتتال المستمر بين "جبهة النصرة" وتنظيم "الدولة"، مؤكدًا عدم اصطفاف "قاعدة اليمن" إلى جانب أي طرف في سوريا على حساب الآخر.
بطلان خلافة البغدادي
وأوضح النظاري منتقدًا تنظيمَ "داعش"، أن التنظيم دأب في الفترة الماضية على الطعن في "أنصار الشريعة"، واتهامهم بالانحراف وتغيير المنهج، معلقًا: "اتهموا قاعدة الجهاد بالانحراف وتغيير المنهج وصفحنا عنهم، لكنهم عادوا بفتوى تُلزم الأمةَ ببيعة الخليفة، وألغوا شرعية كل الجماعات الإسلامية الجهادية والدعوية".
واعتبر النظاري أن خلافة "البغدادي"، لم تستوف الشروط المطلوبة من دفع العدو الصائل، وتوفير الحماية للمسلمين، وغيرها من الشروط، كما أكد أن إعلان التمدد في بلدان ليس لهم سلطة عليها، كمصر، وليبيا، واليمن، والجزائر هو مخالف للشرع، ومن شأنه خلق فتنة كبيرة بين المجاهدين في تلك البلدان.
واستشهد النظاري على بطلان بيعة "البغدادي" بمقولة الخليفة الثاني عمر بن الخطاب "من بايع رجلًا عن غير مشورة من المسلمين فلا يبايع هو ولا الذي بايعه"، مبينًا أن مجلس شورى تنظيم "الدولة" لم يستشر أحدًا من أهل الحل والعقد في بلاد المسلمين، ولم يشاوروا أي عالم يُشهد له بالخير بين المسلمين، ولا حتى قيادات الجماعات الجهادية والإسلامية بشكل عام، على حد قوله.
ووجّه النظاري رسالةً إلى جنود تنظيم "الدولة" وأنصاره، قائلًا: "العيش في منهاج الخلافة هو أسمى أمانينا، ولا نعارض تنصيب خليفة، لكن نسعى لتطبيق شروطه"، ودعا جنودَ "داعش" للإنكار على قياداتهم وشرعييهم الذين تسببوا بإراقة الكثير من الدماء.
كما حذّر "النظاري" المقاتلين في شتى الفصائل المجاهدة من خطورة الانتقال من بيعة إلى أخرى قائلًا: إن "الانتقال بين البيعات دون موجب شرعي" يقلل من أهميتها ويؤدي إلى تحقيرها.
علاقات مع العولقي
ويشار إلى أن النظاري لم يكن يخف علاقاته مع القاعدي اليمني أنور العولقي الذي كانت قتلته غارة أميركية في أيلول (سبتمر) 2011، واعترف في عديد من المحاضرات والخطب انه التقاه لمرات عديدة منذ تفجيرات أيلول (سبتمبر) 2001.
وقال إن أول مرة التقاه فيها كان بعد تلك التفجيرات وذلك خلال مؤتمر إسلامي جمع مجموعة من الدعاة، والمعلمين وشباب الصحوة الإسلامية.وأشار النظاري إلى أن كلمات العولقي في المؤتمر كانت مهمة حول أهمية وأساليب الدعوة إلى الله.
وقال ان (الشيخ) العولقي كان "لا يتكلم بأسلوب المنظر الأكاديمي، ولكن بأسلوب شخص عايش الدعوة وخبر أساليبها من خلال الممارسة والحكمة. ولذلك، هذا ما كان له تأثير على الجمهور وجعلهم يعجبون بشخصيته".
ويضيف النظاري ان العولقي كان غادر اليمن وعاد بعد ذلك بسنوات وعندها أصبحت علاقتي به أشد من ذي قبل "فقد كنا جيرانا ونصلي في نفس المسجد (مسجد الأنصار). وكان أحيانا يلقي خطب الجمعة وأحيانا أقوم أنا بذلك. بعد ذلك، بني مسجد المؤمنين جوار منزله فإعتاد على الصلاة هناك وإلقاء خطب الجمعة فيه. كما كان يدعوني لإلقاء المحاضرات والخطاب في ذلك المسجد".
ويتابع أن العولقي كان مهتما بالعلوم الدينية والنفس والحياة والكون وانه قرأ تفسير القرآن العظيم لإبن كثير، وفي ظلال القرآن لسيد قطب، كما انه طلب علم الحديث وكانت إحدى أسفاره للإستماع لصحيح البخاري.
واشار إلى أنه عطي إجازة في الرواية عن مصادر المذهب الشافعي، كما انه تلقى الفقه على أيدي العلماء الشافعية وأعطي إجارة في الفقه الشافعي "كما اشتركت معه في طلب العلم من بعض العلماء، خصوصا في الفقه".
وقال ان العولقي كان يحب القراءة وأحب قراءة كتب تهذيب النفس، وبالتحديد مدارج السالكين، وزاد المعاد لإبن القيم وظل يتفكر فيها، وقرأ مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام إبن تيمية، وكثيرا ما كان ينظر إلى شرح السير للسرخسي ومصارع الأشواق لإبن النحاس.
واشار الى ان العولقي كان قرأ البداية والنهاية لإبن كثير وكتاب التاريخ الذي كتبه ابن الأثير واستفاد من التاريخ الإسلامي لمحمود شاكر. كما قرأ معظم كتب التاريخ للصلابي وكان له عليها بعض الملاحظات. كما انه قرأ الكثير من المؤلفات الإنكليزية حول التاريخ خصوصا حول الصليبيين، وكان يقارن بين الروايات من التاريخ الإسلامي والغربي بخصوص أحداث المعارك، وأعداد الجنود، وأسماء القادة والنتيجة.
كما ان النظاري تحدث عن سجنه مع العولقي في اليمن، وتواصلهما داخل السجن، وصولا الى اعتقال العولقي من جانب الاميركيين واستجوابه ثم محاولة اغتياله للمرة الأولى ومقتله في الغارة الأميركية التي تم تنفيذها في أيلول (سبتمبر) 2011، والنظاري في حديثه "يتمنى لو أنه قضى مع العولقي شهيداً ليفوز فوزاً عظيماً !". |